1. UEالتكتل الاقتصادي الاوربي

يعتبر الاتحاد الاروبي  من اكبر التكتلات الاقتصادية في العالم واكثرها اكتمالا من حيث البنى والهياكل التكاملية، ومن حيث الاستمرار في استكمال المسيرة التكاملية . حيث ظهرت الحاجة الملحة له بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية وما خلفته من دمار اقتصادي لأوروبا ولقد حققت المجموعة الاقتصادية الأوروبية على وجه التحديد درجة عالية من التكامل، وهو تكامل استراتيجي استطاع أن يذيب كل صراع ويزيل كل التباس، تكامل بفكرة تجسيد منظمة أوروبية للتعاون الاقتصادي ليثمر بإنشاء سوق مشتركة دون حواجز جمركية ومن ثم الوصول إلى ما يعرف بالاتحاد الاقتصادي الأوروبي اتحاد اكتمل بالمرور من العملة الوطنية إلى العملة الأوروبية الموحدة .

بداية نشاة الاتحاد:

لقد كانت أولى محاولات التوجه إلى الوحدة في سنة 1947 حين تم توقيع اتفاقية تأسيس الاتحاد الاقتصادي وكان يشمل ثلاث دول أوروبية هي: هولندا، بلجيكا ولكسمبورغ، وفي عام 1949 ،( Benelux (البينولكس تم تكوين المنظمة الأوروبية للتعاون الاقتصادي على اثر مشروع مارشال وضمت تلك ال 17 دولة أوروبية ، و تكونت النواة الأولى للوحدة الأوروبية حينما  قام وزير خارجية فرنسا مسيو شومان عام 1950 بإقامة اتحاد الفحم والصلب مع ألمانيا الغربية مع دعوة دول أخرى للانضمام. فلاشك في أهمية كل من الفحم والصلب للصناعة عامة ولصناعة الأسلحة خاصة، ومن ثم فإن مثل هذا الاتحاد لا يمثل جانبا اقتصاديا فقط بل سياسياكذلك، كما أن اتفاق فرنسا مع ألمانيا- العدو اللدود لها- يدل على رغبة فرنسا في فرض قدر من السيادة والرقابة على الصناعة الألمانية. ولقد استجابت دول البنلكس وكذلك ايطاليا للانضمام لهذا الاتحاد وذلك على عكس بريطانيا التي لم تتحمس للانضمام
وتم توقيع اتفاقية الفحم والحديد ُECSC عام 1951 حيث تضمنت إلغاء التعريفة ونظام الحصص فيما يتعلق بالتجارة بين الدول الأعضاء في الحديد الخام والفحم والكوك والصلب وفرضت تعريفة خارجية واحدة على وارداتها من الدول الأخرى.
ويمكن القول إن مشروع شومان قد استطاع أن يضع بداية حقيقية للتعايش الألماني –الفرنسي بعد صراع استمر سنوات وعقود، وذلك عن طريق إزالة بعض الهواجس الألمانية من أمام الفرنسيين، بوضع صناعة الفحم والصلب في ألمانيا، وهي أساس الصناعات العسكرية، تحت وصاية دولية.
وكان للنجاح الذي حققته اتفاقية باريس الأثر الايجابي للدفع بمسيرة الاتحاد الأوروبي نحو الأحسن، ما أدى بالأوروبيين لتوقيع اتفاقية جديدة بتاريخ 25-03-1957بمدينة روما الايطالية، دخلت حيز التنفيذ في بداية1958.
نصت هذه الاتفاقية أساسا على إنشاء المجموعة الاقتصادية الأوروبية المجموعة الأوروبية للطاقة الذرية، بهدف إنشاء سوق أوروبية مشتركة.  وتعتبر هذه السوق الأوروبية المشتركة أعلى مراحل التعاون والاندماج الاقتصادي التي شهدتها أوروبا .
 وإن تأسيس الجماعة الاقتصادية الأوروبية (EEC)في عام 1958 يمكن اعتبارها أكثر التطورات أهمية فيما يتعلق بالتجارة الدولية بعد الحرب العالمية الثانية. والتي تكونت في الأساس من ستة دول هي: ألمانيا الغربية وفرنسا وإيطاليا وبلجيكا ولوكسمبورج.
ويمكن اعتبار اتفاقية الفحم والصلب التي وقعت في باريس عام 1951 ، والاتفاقيتين اللتين وقعتا في روما عام1957 تشكلان حجر الزاوية للجماعة الأوروبية. وفي عام 1967 تم دمج الجماعة الاقتصادية الأوروبية مع جماعةالفحم والفولاذ الأوروبية
 وإيراتوم في منظمة أوروبية واحدة تحت اسم الجماعة الأوروبيةEC
وفي عام 1968 قامت الجماعة الأوروبية بإنجاز إقامة إتحاد جمركي بين أعضائها تم بمقتضاه تطبيق تعريفة جمركية موحدة على المستوردات الخارجية، وإلغاء جميع أنواع الضرائب والعوائق أمام التجارة بين الدول الأعضاء وإزالة كافة القيود على حركة العمل ورأس المال وتبني سياسة مشتركة في مجال الزراعة والنقل. وزاد عدد أعضاء الجماعة الأوروبية من 6أعضاء في عام 1957 إلى 15 عضوا في عام 1995 . حيث انضمت عام 1973 إلى الجماعة الأوروبية كل من الدانمرك، وايرلندا، والمملكة المتحدة، وانضمت اليونان في عام 1981 ، وكذلك إسبانيا والبرتغال في عام 1986 ، وتلتهما النمسا وفنلندا والسويد في عام 1995 ، وفي عام2004 قامت بالانضمام إلى الاتحاد الأوروبي عشر دول من دول أوروبا الشرقية والتي كانت سابقا أعضاء في المنظومة الاشتراكية ليصبح عدد أعضاء الإتحاد الأوروبي 25 عضوا.

أغراض الجماعة الاقتصادية الأوروبية
لقد وقعت معاهدة روما " لدعم التطور المنسجم للنشاط الاقتصادي داخل الجماعة، والتوسع المستمر والتوازن، وتحقيق المزيد من الاستقرار، والتحسن الراسخ في المستويات المعيشية، والعلاقات الأوثق بين الدول الأعضاء". أما وسائل تحقيق هذه الأغراض فهي خلق "سوق مشتركة"، والتقارب التدريجي للسياسات الاقتصادية (مادة 2 من المعاهدة)، وبعبارة أدق (مادة 3) ما يلي:
 إزالة الرسوم الجمركية بين الدول الأعضاء، وكذلك القيود الكمية على الواردات والصادرات من السلع، وكل الإجراءات الأخرى المساوية لها في التأثير، وكل العوائق التي تحول دون الحركة المتحررة للأشخاص والسلع ورأس المال.
 إقامة تعريفة جمركية مشتركة تجاه الدول غير الأعضاء.
 التقارب بين تشريعات الدول الأعضاء إلى الحد الذي يستلزمه الأمر لكي تمارس السوق المشتركة وظائفها.
 تنسيق السياسات الاقتصادية، بما في ذلك السياسة المالية (لعلاج الاختلالات في موازين المدفوعات)،
وخطر السياسات التي تشمل حركة المنافسة، وافتتاح سياسات مشتركة للزراعة والنقل والتجارة الخارجية.
 إخراج صندوق اجتماعي أوروبي إلى حيز الوجود من أجل تحسين إمكانيات العمالة والارتفاع بالمستوى المعيشي.
 إقامة بنك استثمار أوروبي لدعم النمو الاقتصادي.
 ارتباط الدول والمناطق الأخرى فيما وراء البحار بغرض توسيع حجم التجارة والإسهام في التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
استكمال مسيرة الوحدة الاقتصادية الاقتصادية الاروبية:

النظام النقدي الاروبي
ورغبة من الدول الأوروبية في تحقيق مزيد من الاندماج الاقتصادي بينها فقد قررت هذه الدول إنشاء اتحاد نقدي بينها، وذلك لاستكمال جوانب الوحدة الاقتصادية والتوصل إلى آلية للتنسيق بين السياسات المالية والنقدية في هذه الدول وتحقيق درجة عالية من الاستقرار النقدي، وزيادة قدرة هذه الدول على مواجهة الاضطرابات التي يمكن أن تتعرض لها أسواقها النقدية والمالية بسبب تغيرات أسعار الصرف.
لقد بدأت الدول الأوروبية التفكير في إنشاء النظام النقدي الأوروبي في أواخر الستينات ففي نوفمبر 1969 تم تشكيل لجنة أوروبية بوضع خطة تفصيلية لتحقيق الوحدة النقدية بين الدول الأوروبية بصورة تدريجية، حيث قامت بتقديم تقريرها في عام 1971 ، الذي عرف بتقرير "وارنر"  . حيث أوصت بإنشاء اتحاد نقدي أوروبي على عدة مراحل تتراوح بين 7و10 سنوات واوصت اللجنة بتطبيق هامش أسعار صرف بين العملات الأوروبية يتراوح بين ± 0.6 % وقبل البدء بتطبيق توصيات اللجنة، وفي أغسطس 1971 أعلنت الولايات المتحدة الأمريكية قرارها الخطير بوقف تحويل الدولار إلى ذهب، وبسبب استفحال أزمة النظام النقدي الدولي بعد الصدمة النفطية الأولى عام 1973 ، وما أدت إليه من تراجع في أسعار المحروقات ودخول الاقتصاد العالمي في مرحلة من الركود، وكان على الأوروبيين انتظار العام 1978 ليتم الاتفاق على خلق نظام نقدي أوروبي بدأ العمل به في يوليو 1979 بإنشاء وحدة النقد الأوروبيECU
ورغم التقدم الحاصل في المجال النقدي بإدخال الايكو فإن أوروبا واصلت بحثها لتطوير نظامها النقدي لتصل أخيرا إلى الوحدة النقدية في ظل العملة الأوروبية الموحدة اليورو في السنة الأخيرة من القرن العشرين بعد أن هيئت معاهدة ما ستريخت كل الظروف الملائمة.
اتفاقية ماستريخت والتدرج للوحدة النقدية الأوروبية.
من أجل تفعيل مخطط (وارتر) ومواصلة مسيرة الوحدة النقدية الأوروبية قامت الدول أعضاء الاتحاد بإدخال بعض التعديلات على معاهدة روما، وذلك من خلال التوقيع على معاهدة جديدة  من قبل وزراء الخارجية و المالية للدول الاعضاء في المجلس الاقتصادي الأوروبيEEC الذي تأسس في عام 2.1957 في مدينة ماستريخت الهولندية في ديسمبر سنة 1991 أثناء اجتماع المجلس الأوروبي، وتم المصادقة عليها في فبراير 1992 من قبل:
بلجيكا، فرنسا، اليونان، لكسمبورغ، ايرلندا، ألمانيا، إيطاليا، البرتغال، إسبانيا، بريطانيا، هولندا، الدانمارك. من هذا التاريخ بدء الحديث الفعلي والإقرار الرسمي لأوروبا بتحقق الوحدة النقدية الأوروبية.
وتتضمن الاتفاقية تنظيم كافة مجالات الحياة تشريعيا واجتماعيا أي بمثابة دستور عمل للإتحاد مستقبلا، وهي تعديلات نهائية لمعاهدة روما التي نشأت بموجبها الجماعة الأوروبية، استهدفت معاهدة ماستريخت أهدافا اقتصادية وسياسية وأمنية وتمحورت حول المجالات التالية:
 تحقيق السوق الموحدة والقيام بسياسات مشتركة.
 القيام بأعمال مشتركة في مجال السياسة الخارجية والأمن المشترك.
 التعاون في مجالات العدالة والشرطة خدمة للأمن الداخلي.
إن معاهدة ماستريخت غيرت البناء الأوروبي مما استدعى تغيير اسم الجماعة الأوروبية المشتركة إلى الاتحادالأوروبي
وهنا دعت اتفاقية ماستريخت الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي إلى سرعة الاستعداد لتكوين اتحاد اقتصادي ونقدي وذلك لضمان:
 استقرار أسعار الصرف داخل الاتحاد الأوروبي
 استقرار الأسعار في دول الاتحاد الأوروبي
 تقارب أسعار الفائدة داخل دول الاتحاد الأوروبي
حددت اتفاقية ماستريخت حول الاتحاد الاقتصادي والنقدي جدول زمني لتطبيق العملة الموحدة. وتلزم الجماعة الأوروبية بأن تنشئ على ثلاثة مراحل عملة أوروبية واحدة . ففي المرحلة الاولى (1990-1993)تواصل مسيرة تحرير حركة رؤوس الاموال واتمام برنامج السوق المشتركة، وفي المرحلة الثانية (1994-1998) يتم انشاء المعهد النقدي الاروبي،ليعوض لجنة البنوك المركزية ثم في المرحلة الاخيرة 1999ايتم الاعلان عن ميلاد العملة المشتركة اليورو ، ونثبيت اسعار صرف عملات الدول المشاركة فيها والتي دخلت حيز التنفيذ في 2002.
هناك بعض الشروط أو المعايير الاقتصادية التي يجب على دول المجموعة أن تحققها حتى تستطيع المشاركة في الوحدة النقدية واعتماد اليورو كعملة نقدية موحدة، ونظرا لوجود اختلاف في مستويات الأداء الاقتصادي، فإن المؤشرات الاقتصادية الكلية سوف تختلف حتما بين الدول الأعضاء في الاتحاد، ومن ثم فإنه من غير المنطقي أن تنضم كل الدول إلى هذه المعايير دفعة واحدة، ولكنها ستبدأ بتلك التي تحقق المعايير والشروط ثم تنظم إليها باقي الدول التي سوف تحقق هذه الشروط فيما بعد. كالاستقرار في سعر الصرف، سعر الفائدة، معدل التضخم غير كبير، قلة المديونية
رغم التطور الذي حصل في مجال السياسة النقدية الاروبية، الا ان التفكير في اليورو كعملة دولية تنافس الدولار الأمريكي وتقوم بوظائف العملة الدولية يتوقف على مدى فعالية وجودة السياسات النقدية والمالية والضريبية والاقتصادية بصفة عامة المتبعة في بلاد اليورو ككل من جهة وبتحديث السوق المالية الأوروبية الموحدة بدرجة كافية حتى تتوفر فيها آليات استثمارية متنوعة ومتطورة تنافس ما هو متاح حاليا في الأسواق المالية الأمريكية والبريطانية واليابانية من جهة أخرى. وذلك يتطلب جملة من الشروط المؤدية للنجاح في لعب هذا الدور.
لقد أصبح هذا التكتل الاقتصادي في نظر العديد من الخبراء المهتمين، أكبر قوة اقتصادية وأقوى تكتل اقتصادي على مستوى العالم، بما يمثله من مساهمة في التجارة العالمية في حجم الناتج الإجمالي وعدد السكان، حيث أنه يحقق سنويا حجم تجارة خارجية يصل في المتوسط إلى حوالي 1400 مليار دولار، أي يستحوذ على أكثر من ثلث التجارة العالمية، كما يمتلك الاتحاد الأوروبي أكبر دخل قومي في العالم، ما يزيد على 7000 مليار دولار،
ويعتبر التكتل الاقتصادي الأوروبي أضخم سوق اقتصادي داخلي ب 380 مليون نسمة وبمتوسطات دخل فردي مرتفعة نسبيا، وتمثل قوة إنتاجية وعلمية وتكنولوجية ومالية واقتصادية هائلة.
يلاحظ ان التكتل الاقتصادي الاوروبي يتخذ استراتيجية هجومية تجاه الاقتصاد العالمي ويسعى بكل قوة الى أن يكون على رأس الشكل الهرمي للنظام الاقتصادي العالمي الجديد في هذا القرن ،
ويمكن ان نتلمس ذلك بوضوح من خلال أهداف هذا التكتل والتي وان كانت تركز على تقوية الهياكل والبنى الاقتصادية الا انها تنص بشكل صريح على سعي الاتحاد خلال هذا القرن للعب دوراً اكثر فاعلية في كافة اﻟﻤﺠالات الاقتصادية بل وحتى السياسية . وهذا ما يدعم فرضية الترابط بين ظاهرة تنامي التكتلات الاقتصادية وما يشهده العالم من عولمة اقتصادية على جميع الاصعدة.
<iframe width="560" height="315" src="https://www.youtube.com/embed/g6oKfU-TUvY" frameborder="0" allowfullscreen></iframe>