1. النموذج الحيوي

1.2. نظريات مواضع المستقبلات لمواد العقاقير والمخدرات في الدماغ: " Receptor Sites Theories "

ترتبط هذه النظريات بما أحرزته البحوث من تقدم في اكتشاف مواقع مستقبلات مشتقات الأفيون الطبيعي  Sites Receptor Opiateفي الجهاز العصبي وما يحدث نتيجة لذلك من تغيرات كيميائية فيه. فقد أظهرت بعض الدراسات التي أجريت في كل من السويد والولايات المتحدة في عام  1972أن المواد المخدرة ترتبط بأماكن معينة على أسطح الخلية العصبية، وتعرف هذه المواضع على سطح الخلية أو جدراها باسم" مواضيع الارتباط "أو أماكن الاستقبالSite Receptor ان السؤال: لماذا توجد في خلايا الأعصاب أماكن لاستقبال المواد المخدرة؟ هذا السؤال دفع بفرقة من الباحثين في جامعة " أبردين" بسكوتلندا، في فصل مادة من مخ الخنزير تشبه الأفيون من حيث التركيب الكيميائي، وقد سميت هذه المادة أنكيفالين  Enkephalinوقد تم فصل هذه المادة من دم الإنسان، واتضح أن مخ الإنسان يقوم بإفرازها بمقادير صغيرة. كما توصل فريق "أبردين" من استخلاص مادة الاندورفينEndorphin وهي من أهم الهرمونات التي يفرزها الجسم عن طريق الغدة النخامية وخلايا الدماغ، حيث يقوم الغدة النخامية والدماغ بإفراز الأندروفين في العديد من المواقف المختلفة، وهو يعتبر من أقوى المسكنات الطبيعية للألم التي يفرزها الجسم من تلقاء نفسه، عند التعرض لبعض المواقف التي يحتاج الجسم فيها للمسكن الطبيعي، وقد أطلق أحد الباحثين اسم ” قناع الغبطة ” على هرمون الأندروفين، نظرا لأن إفراز الجسم له يمنح شعورا بالراحة، والسعادة، والاسترخاء.

وعلى الرغم من أن الوظيفة الحقيقية لهاتين المادتين (أنكيفالين واندورفين) غير محددة بالتدقيق، إلا أنه يعتقد أنهما تؤثران في مراكز الألم والسرور والعواطف-المخ- تأثيرا مشابها للنتائج المتمخضة عن تعاطي الأفيون. وقد أثبتت التجارب أن تعاطي المواد المخدرات يؤدي إلى انخفاض نسبة مادتي أنكيفالين واندورفين في الجسم، وعلى ذلك فقد وضع " سعيد محمد الحفار" الفرضية التالية لتفسير الإدمان: يفرز جسم الإنسان من مراكز متخصصة مادتي " انكيفالين والاندورفين" بمقادير معينة وفقا لحاجة البدن، ولكن الإفراز يكون بمقادير محددة، وتقوم هاتان المادتان بتسكين الالآم بشكل طبيعي، كما تؤثران في مراكز العواطف في المخ، بما يضمن توازن الشعور ولكن عند تعاطي مادة مخدرة، وخاصة إذا كانت من عائلة الأفيون فإن إفراز المادتين المذكورتين يقل وينخفض كثيرا عن معدله الطبيعي نتيجة وجود بديل، ومع استمرار تعاطي المادة المخدرة، يتضاءل المعدل الطبيعي لإفراز هاتين المادتين الطبيعيتين تدريجيا، إلى أن ينعدم انعداما كليا . ونظرا لانعدام الإفراز الطبيعي لمادتي  Endorphinو  Enkephalinفإن الجسم يعتمد اعتمادا مطلقا على المادة المخدرة المتعاطات، فتلك إذن هي حالة الإدمان، التي تجعل من المادة المخدرة ضرورة حياة، فإن ظهور أعراض الانسحاب مؤشر على صحة الفرضية القائلة بأن الجسم لم يعد يعتمد على مشتقات الأفيون الطبيعي وهذا راجع لعدم قدرة الجسم على إفراز هذه المواد واعتماده على الأفيونات الآتية من الخارج.