2. ذخول الاسلام إلى المنطقة

     أما عن اتصال العرب بهذه المملكة فيرجع إلى القرن التاسع الميلادي9م أي بعد تأسيسها بقرن. إن اتصال العرب بكانم أمر محقق حيث تزاوج العرب بكانم، وكثرت المصاهرات بينهم واستمرت إلى العصر الحديث فمثلا الشيخ محمد الأمين الكانمي ت1835م أبوه كانمي وأمه عربية ، ونذكر من هذه القبائل على المثال لا الحصر قبائل حزام وراشد بني بدر وأولاد سالمة ومنها من ينتسب إلى قريش ومنهم من بني هلال وبني سعد وبني فزاره.

       ولقد دخل الإسلام في هذه البلاد منذ القرن الأول الهجري ، ويرجع الفضل في ذلك إلى رحلات العلماء والتجار العرب من الشرق والغرب ، فقد كان التاجر المسلم داعية لدينه يجمع بين دعوته وتجارته، بالكلمة والسلوك وحسن الصلة بمن يتعامل معهم، فيثقون به ثقة تنفي عنه أي اتهام له بدوافع استغلالية أو شريرة. إذ كثيرا ما يحاط الأجنبي بالشك والريبة، لكن الخلق الإسلامي للتاجر المسلم، يوفر له القبول الحسن، إذ كان يلفت الأنظار بصدقه وكثرة وضوئه وانتظام أو قات صلاته وعبادته، التي يبدو فيها خاشعا يناجي ربه وخالقه، ومنظره في سجوده وسكينته يضفي عليه من المهابة والجلال ما يحرك فطرة الإفريقي الوثني، ويجذبهم إلى الإقتداء به وتقليده. وهناك روايات تقول أن الإسلام جاء على يد المالكية الذين فروا من مصر على يد الظاهر بيبرس ودخلوا في ارض كانم ونشروا التعاليم الإسلامية بها وهذا الرأي يرجحه البعض بسبب تمسك البلاد بالمذهب المالكي.

           إن معظم المصادر تميل إلى أن "محمد بن جبل بن عبد الله (1085-1097م) هو أول ملك       مسلم في كانم، وكان في وثنيته يعرف باسم "هومية جيلمة" وكان ملك كانم يتخذ لقب "ماي" وظل هذا اللقب مستعملا مع الملوك بعد إسلامهم، إلا أن هذه الأسرة المالكة اتخذت لنفسها اسم "السفية" نسبة إلى سيف بن ذي يزن العربي اليمني. تولى الحكم بعد "هومية" ابنه "دونما بن هومه"(1097-1150م) وكان هو أول من حج من ملوك الكانم، وهي ميزة اتبعها الحكام الزنوج خلال المراحل الأولى لاعتناقهم الإسلام، وكان دونما طموحا جدا دفع بحدود بلاده الشرقية إلى شواطئ النيل الوسطى، وكان له الإشراف المطلق على مسالك التجارة إلى الشمال حتى صحراء فزان، وفي أيامه تأزمت روابط الأسرة الحاكمة، وبدأ التفكك، فشبت حرب أهلية أشعلها أبناؤه، وبالرغم من ذلك كله انتصر دونما بن هومه عليهم. خلف دونما ابنه "بري الاول"(1150-1176م)، ثم تولى الحكم بعده "بكوروا"(1176-1193م) ويعرف أحيانا عبد الله بكورو، ثم جاء من  بعدها "ابنه عبد الجليل" (1194-1221م) وقد لقب هذا الحاكم باسم سلمة لشدة سواده، وكانت له غلبة على القبائل المجاورة، وفي عهده نقلت العاصمة من مدينة "منان" إلى مدينة " نجيمي" .

         خلف عبد الجليل ولده "دوناما ديباليمي"، وكان ميلا إلى المشاحنات فكثرت المنازعات والحروب في أيامه، لكنه حافظ على الحلف القائم بين مملكته وبين الحفصيين في تونس الذين وقفوا معه في منازعاته مع جيرانه من الوثنيين ، حيث قام بإعادة الإسلام الصحيح إلى البلاد ، بعد فترة من التساهل مع معتقدات الوثنيين قام بها الحكام الذين سبقوه . ومن الأعمال التي قام بها أيضا، تأسيس مدرسة إسلامية في القاهرة ونزل لسكان كانم الذين يعيشون في مصر أو يمرون بها في طريقهم إلى مكة.

حل الضعف والوهن في المملكة بعد وفاة"دونما ديباليمي" لعدة أسباب منها: انتشار الفقر في أوقات الحروب واندلاع الثورات التي يقوم بها الوثنيون  ، لكن الخطر الأكبر كان من قبائل البولالا التي بدأت تهاجم مملكة الكانم بين عامي 1387-1400م ، فاضطر الملك عمر بن إدريس إلى تغيير قاعدة بلاده إلى غربي تشاد وأقام في بلاد البرنو وأصبحت المملكة تسمى بمملكة كانم برنو.