1. المحور الثاني : التسوية الودبة لمنازعات الصفقات العمومية

1.2. القسم الثاني: الطعن الاداري في منازعات الصفقات العمومية

    وضع المشرع الجزائري مجموعة من الضمانات القانونية التي تكفل حماية الطرف المتعاقد من التجاوزات الواقعة في حقه، عن طريق آليات تعمل على تسوية مختلف الخلافات الطارئة أثناء عملية إبرام الصفقة العمومية. وفي هذا الصدد كرس قانون الصفقات العمومية حق ممارسة الطعن في قرارات المصلحة المتعاقدة، وهذا من خلال نص المادة 82 جاعلا منه حلا داخليا حتى لا يصل النزاع إلى القضاء.

أولا/ماهية الطعنالإداري في مجال الصفقات العمومية :

نصت المادة  82/1 من قانون الصفقات العمومية 15/247: "زيادة على حقوق الطعن المنصوص عليها في التشريع المعمول به،يمكن للمتعهد الذي يحتج على المنح المؤقت للصفقة أو إلغاءه، أو إعلان عدم جدوي،أو إلغاء الإجراء في إطار طلب العروض، أو إجراء التراضي بعد الاستشارة أن يرفع طعنا لدى لجنة الصفقات المختصة"

    -إن الطعن الذي قصدته المادة 82 من المرسوم 15/247 ليس بالطعن القضائي، وإنما هو طعن موجه إلى لجنة الصفقات العمومية المختصة، التي ماهي إلا جهة إدارية مخولة بنظر الطعون المقدمة لها في حدود اختصاصاتها. وعليه فإن الطعن المقصودهناما هو إلا الطعن الإداري الذي يمكن تعريفه على أنه:

  "طلب أو شكوى مرفوعة من طرف متظلم إلى السلطة الإدارية المختصة لفض خلاف أو نزاع عن عمل قانوني أو مادي للإدارة."[1]

فهل هذا يعني أنه هو نفسه النظم الإداري المنصوص عليه في قانون الإجراءات المدنية والإدارية في المادة 830 ق إ م إ؟

الإجابة على هذا التساؤل تقتضى تحديد الطبيعة القانونية للطعن الإداري المنصوص عليه في قانون الصفقات العمومية.

1-       الطبيعة القانونية للطعن وفق قانون الصفقات العمومية:

    إن الطعن الإداري المنصوص عليه بموجب المادة 82 من قانون الصفقات العمومية ليس هو نفسه الطعن الإداري المنصوص عليه في م 830 من قانون الإجراءات المدنية و الإدارية،لأنه لو كان الأمر كذلك لما وردت عبارة "زيادة على حقوق الطعن المنصوص عليها في التشريع المعمول به" والمقصود به ما تضمنه قانون الإجراءات المدنية والإدارية. أي يمكن إجراء هذا الطعن المنصوص عليه في قانون خاص هو قانون الصفقات العمومية إلى جانب الطعن المنصوص عليه في القانون العام أو هو قانون الإجراءات المدنية والإدارية.

     - من جهة أخرى الطعن المنصوص عليه في المادة 82 من قانون الصفقات العمومية يخص نوعين من القرارات فقط: "قرار المنح المؤقت أو إلغاءه"و"قرار إعلان عدم الجدوى أو إلغاءه" في إطار طلب العروض أو التراضي بعد الاستشارة.أما التظلم المنصوص عليه في قانون الإجراءات المدنية والإدارية فهو مفتوح على كل القراراتالإدارية التي قد يتضرر منها المتعامل مع الإدارة.

    -ومن جهة ثالثة الجهة الفاصلة في الطعن والآجال المحددة له تختلف عن بعضها البعض، باعتبار أن الجهة المختصة بنظر التظلمات وفق قانون الإجراءات المدنية والإدارية هي الجهة المصدرة للقرار،في حين أن الجهة المختصة بنظر الطعن في قانون الصفقات العمومية هي لجنة خاصة من حيث تشكيلتها ومهامها وفقا لما جاء في المواد من 171 إلى 175 من المرسوم الرئاسي 15/247 ،ويتم عرض الطعن والفصل فيه وفق الآجال المنصوص عليها في المادة 82 ،التي تختلف عن القواعد العامة التي جاء بها قانون الإجراءات المدنية والإدارية بنص المادة 890، رغم أن إجراء الطعن الإداري سواء وفق قانون المدنية والإدارية أوفق قانون الصفقات العمومية هو إجراء جوازي وليس إجباري باعتبار أن نص المادة 830 بدأت بعبارة "يجوز..." كما أن المادة 82 من قانون الصفقات وردت بعبارة "....يمكن...." الأمر الذي يفيد الجواز وليس الإجبار.

2-       نطاق الطعن الإداري في مادة الصفقات العمومية وفق المرسوم 15/247

حصرت المادة 82/1من المرسوم الرئاسي 15/247 حق اللجوء إلى الطعن أمام لجان الصفقات العمومية المختصة في قرارين اثنين:

  • قرار المنح المؤقت أو إلغاء.
  • قرار عدم الجدوى أو إلغاء.

سواء تعلق الأمر بإجراء طلب العروض أو التراضي بعد الاستشارة.

-ا -المنح المؤقت للصفقة أو إلغاءه:

يعرف المنح المؤقت للصفقة بأنه إجراء إعلامي، بموجبه تخطر الإدارة المتعاقدة المتعهدين والجمهور باختيارها المؤقت وغير النهائي لمتعاقد ما، نظرا لحصوله على أعلى تنقيط فيما يخص العرضين المالي والتقني.[2]

ومن المعلوم أن لجنة فتح الأظرفة وتقييم العروض لا تتمتع بصلاحية اتخاذ القرار النهائي المتعلق بالصفقة باعتبار أنها هيئة رقابة إدارية فقط،وإنما يعود للمصلحة المتعاقدة وحدها قرار الإرساء المؤقت للصفقة على أحد المتعهدين المقبولين من طرف اللجنة.[3].كما يمكن إلغاء إجراء طلب العروض وجوبيا عندما يتعلق الأمر بالصالح العام بالاستغناء عن الإجراء نهائيا قبل البت فيه ،وذلك بسبب ظهور مستجدات تغير من احتياجات المصلحة المتعاقدة.[4]

وأكد المشرع الجزائري أنه في حالة الطعن في المنح المؤقت ،لا يمكن أن يعرض مشروع الصفقة على لجنة الصفقات المختصة لدراسة إلا بعد انقضاء أجل 30 يوما ،ابتداء من تاريخ نشر الإعلان المنح المؤقت للصفقة.وعليه لا يصبح قرار المنح المؤقت نهائيا بمجرد انقضاء فترة الطعون في حالة عدم تقديم أي طعن،أو بمجرد إصدار اللجنة المختصة لرأيها سلبا في الطعون المقدمة لها.

ب-عدم الجدوى من الصفقة أو إلغاءه:

إعلان عدم الجدوى من إجراء الصفقة العمومية منصوص عليه في المادة 40/2.

ثانيا/اللجان المختصة بنظر الطعون:

    خول قانون الصفقات العمومية سلطة البت في الطعون الإدارية إلى لجان مختصة مدرجة على المستوى المحلي والمركزي، تعتبر هذه الوظيفة نوعا من الرقابة الإدارية الخارجية. والملاحظ أن المشرع الجزائري إعتمد عدد من هذه اللجان المختلفة من حيث التكوينوالاختصاص، وأعاد تنظيمها بموجب المواد من 165 إلى 190 من المرسوم الرئاسي 15/247،حيث يمكن تقسيمها وفق هذا المرسوم الأخير على إلى:

1/لجان الصفقات العمومية غير المركزية:

وتشمل نوعين من اللجان،اللجان المحلية واللجان الخاصة بالمؤسسات العمومية والهيكل غير الممركز:

أ‌-       اللجان المحلية:

وهي لجان محدثة على المستوى المحلي تتولى دراسة الطعون المرفوعة لها بسبب صفقة مبرمة في حدود إختصاصها وهي على نوعين:

  • اللجنة الولائية للصفقات العمومية المنصوص عليها في المادة 173 من قانون الصفقات العمومية.
  • اللجنة البلدية للصفقات العمومية المنصوص عليها في المادة174من قانون الصفقات العمومية.

ب-  اللجان الخاصة بالمؤسسات العمومية والهيكل غير الممركز:

وفيها فرق المشرع الجزائري بني المؤسسات العمومية الوطنية وتلك المحلية وعلى هذا الأساسي قسمت إلى قسمين:

  • لجنة الصفقات للمؤسسة العمومية الوطنية والهيكل غير الممركز للمؤسسة العمومية الوطنية ذات الطابع الإداري المنصوص عليها في المادة 172من قانون الصفقات العمومية.
  • لجنة الصفقات للمؤسسة العمومية المحلية والهيكل غير الممركز للمؤسسة العمومية الوطنية ذات الطابع الإداري المنصوص عليها في المادة175من قانون الصفقات العمومية.

ج/ اللجان المركزية:

وهي لجان محدثة على المستوى المركزي تختص بنظر الطعون المرفوعة لديها بسبب صفقة عمومية من طبيعة مركزية ،حيث تنقسم هذه اللجان حسب اختصاصاتها غلى نوعين:

  • اللجنة الجهوية للصفقات العمومية ونصت عليها المادة 171من قانون الصفقات العمومية.
  • اللجنة القطاعية للصفقات العمومية ونصت عليها المادة 185من قانون الصفقات العمومية.

ما يمكن قوله في الأخير أن هذه اللجان عرفت تطورا تبعا للمراسيم المتلاحقة المنظمة للصفقات العمومية،فبعد أن كانت بموجب المرسوم الرئاسي 02/250[5]عبارة عن لجنة واحدة ،تحال أمامها كل منازعات الصفقات العمومية على مستوى التراب الوطني وفي كل القطاعات، وهو ما يسجل مركزية شديدة في التنظيم .إلا أن المراسيم المتعاقبة، وصولا إلى المرسوم 15/247 شتت هذه المركزية،بحسب طبيعة واختصاص كل لجنة،وهو ما أدى إلى تقاسم الأعباء والرقابة وتنسيق الجهود.

ثالثا/- إجراءات الطعن الإداري أمام لجان الصفقات العمومية المختصة:

إن اللجوء إلى الطعن أمام لجان الصفقات العمومية المختصة قصد تسوية النزاع القائم بين المصلحة المتعاقدة والمتعامل المتعاقد، يدعونا إلى القول أن هذه اللجان لا تتحرك في هذا الإطار من تلقاء نفسها، بل لابد من إخطارها عن طريق المتعهد المعنى الذي قدم عطاءه واحتج على اختيار المصلحة المتعاقدة، أو بسبب إعلانها عدم الجدوى أو الإلغاء في الحالتين،إذ كنا بصدد إجراء مسابقة أو طلب عروض محدود[6].

 

1-     إجراءات تمكين المتعامل المتعاقد من الطعن من طرف المصلحة المتعاقدة:

أعطى المشرع الجزائري من خلال قانون الصفقات العمومية للمتعامل المتعاقد مجموعة من الضمانات التي يتعين على المصلحة المتعاقدة الالتزام بها لتمكين المتعامل المتعاقد من تقديم طعنه في أحسن الظروف، تتمثل هذه الضمانات التي جاءت في شكل إجراءات على التوالي كما يلي:

أ‌-        على المصلحة المتعاقدة أن تبلغ في إعلان المنح المؤقت للصفقة عن نتائج تقييم العروض التقنية والمالية عن الحائز على الصفقة مؤقتا مع البيانات اللازمة المتعلقة به.

ب‌-يتعين على المصلحة المتعاقدة أن تدعو في إعلان المنح المؤقت المرشحين والمتعهدين الراغبين في الإطلاع على النتائج المفصلة للتقييم العروض التقنية والمالية،الاتصال بمصالحها في أجل أقصاه 03 أيام،يبدأ من اليوم الأول لنشر إعلان المنح المؤقت لتبليغهم كتابيا.

ت‌-على المصلحة المتعاقدة أن تعلم المتعهدين بقراراتها فيما يخص عدم الجدوى وإلغاء إجراء إبرام الصفقة أو إلغاء منحها المؤقت برسالة موصى عليها مع وصل الاستلام.

ث‌-على المصلحة المتعاقدة دعوة المتعهدين الراغبين في الإطلاع على مبررات قراراتها الاتصال بمصالحها في أجل أقصاه 03 أيام،ابتداء من تاريخ استلام الرسالة المذكورة.[7]،و يتعين عليها تبليغهم هذه النتائج كتابيا.

ج‌-  يتعين على المصلحة المتعاقدة الإشارة إلى لجنة الصفقات المختصة بدراسة الطعن في إعلان المنح المؤقت ،حتى لا يخطأ المتعامل المتعاقد بإرسال طعنه إلى لجنة أخرى بالخطأ. وحتى في هذه الحالة تتولى هذه الأخيرة إرسال الطعن إلى اللجنة المختصة.

2-     إجراءات تقييم الطعن أمام اللجنة المختصة:

تختلف إجراءات تقديم الطعن أمام اللجنة المختصة بحسب ما إذا كنا بصدد

  • الطعن في إعلان المنح المؤقت.
  • الطعن في إلغاء الإبرام (إعلان عدم الجدوى) أو في إلغاء المنح المؤقت

ويتجسد هذا الاختلاف من حيث حساب الآجال كما يلي:

2/ا) آجال الطعن في إعلان المنح المؤقت:

وتختلف هذه الإجراءات تباعا بحسب ما إذا كنا بصدد الطعن في المنح المؤقت عموما أو الطعن في إعلان المنح المؤقت في إجراء المسابقة أو طلب العروض المحدود،بحيث حددأجل الطعن بـ 10 أيام من تاريخ الإعلان عن المنح المؤقت في الحالة الأولى[8]، ونفس الأجل أي 10 أيام لكنها تبدأ من تاريخ نهاية الإجراء في حالة الثانية. أي عندما يتعلق الطعن بإعلان المنح المؤقت في إجراء المسابقة أو طلب العروض المحدود[9].

الطعن في إعلان المنح المؤقت

 

2/ب آجال الطعن في قرار إلغاء الإبرام(عدم الجدوى) أو إلغاء المنح المؤقت:

إذا ما تعلق الأمر بالطعن في قرار الإلغاء سواء تعلق بإلغاء الصفقة (عدم الجدوى) أوالطعن في إلغاء المنح المؤقت ،وحد المشرع في أجل الطعن أمام اللجنة المختصة إبتداءا من تاريخ استلام رسالة إعلام المترشحين التي تبلغهم بالنتائج.[10]

  • الطعن في إلغاء الإبرام (عدم الجدوى) تاريخ استلام رسالة
  • الطعن في إلغاء المنح المؤقت.        الخاصة بتبليغ النتائج  10أيام  الطعن أمام
                                                                                                                  اللجنة المختصة

 

3-     أجل الفصل في الطعن من قبل اللجنة المختصة.

تأخذ لجنة الصفقات المختصة قرارها في أجل 15 يوما يبدأ حسابها إبتداءا من تاريخ انقضاء أجل ال10 أيام المذكورة سالفا الممنوحة للطعن ، تبلغ قرارها للمصلحة المتعاقدة ولصاحب الطعن.[11]



[1]-حسن مصطفى حسين، القضاء الإداري، الطبعة الثالثة، ديوان المطبوعات الجامعية، الجزائر، 1987، ص 75.

[2]- عمار بوضياف، شرح تنظيم الصفقات العمومية، الطبعة الثالثة، جسور للنشر والتوزيع، الجزائر، 2011 ،ص 180.

[3]- فاتح خلاف، مرجع سابق، ص 59.

[4]- راجع المادة 73 من المرسوم 15/247 سالف الذكر.

[5]- المرسوم الرئاسي 02/250 المؤرخ في 24 يوليو 2002 المتضمن تنظيم الصفقات العمومية ، الجريدة الرسمية( العدد 52) ،المؤرخة في 28 يوليو 2002.

2- ارجع للمادة 82 /6 من المرسوم الرئاسي 15/247 سالف الذكر.

[6]

[7]-الرسالة التي تحررها المصلحة المتعاقدة تتضمن بيانات المتعامل الحائز مؤقتا على الصفقة ورقمه الجبائي عند الاقتضاء، وكذا الرقم الجبائي للمصلحة المتعاقدة حسب ماورد في المادة 82 فقرة 2 من المرسوم 15/247 سالف الذكر.

[8]- أنظر: نص المادة 82 فقرة 3 من المرسوم 15/247 سالف الذكر.

[9]- أنظر: نص المادة 82 فقرة 7من المرسوم 15/247 سالف الذكر.

[10]- أنظر: نص المادة 82 فقرة 6من المرسوم 15/247 سالف الذكر.

[11]- أنظر المادة 82 فقرة 07 من المرسوم الرئاسي 15/247 سالف الذكر.

    وضع المشرع الجزائري مجموعة من الضمانات القانونية التي تكفل حماية الطرف المتعاقد من التجاوزات الواقعة في حقه، عن طريق آليات تعمل على تسوية مختلف الخلافات الطارئة أثناء عملية إبرام الصفقة العمومية. وفي هذا الصدد كرس قانون الصفقات العمومية حق ممارسة الطعن في قرارات المصلحة المتعاقدة، وهذا من خلال نص المادة 82 جاعلا منه حلا داخليا حتى لا يصل النزاع إلى القضاء.

أولا/ماهية الطعنالإداري في مجال الصفقات العمومية :

نصت المادة  82/1 من قانون الصفقات العمومية 15/247: "زيادة على حقوق الطعن المنصوص عليها في التشريع المعمول به،يمكن للمتعهد الذي يحتج على المنح المؤقت للصفقة أو إلغاءه، أو إعلان عدم جدوي،أو إلغاء الإجراء في إطار طلب العروض، أو إجراء التراضي بعد الاستشارة أن يرفع طعنا لدى لجنة الصفقات المختصة"

    -إن الطعن الذي قصدته المادة 82 من المرسوم 15/247 ليس بالطعن القضائي، وإنما هو طعن موجه إلى لجنة الصفقات العمومية المختصة، التي ماهي إلا جهة إدارية مخولة بنظر الطعون المقدمة لها في حدود اختصاصاتها. وعليه فإن الطعن المقصودهناما هو إلا الطعن الإداري الذي يمكن تعريفه على أنه:

  "طلب أو شكوى مرفوعة من طرف متظلم إلى السلطة الإدارية المختصة لفض خلاف أو نزاع عن عمل قانوني أو مادي للإدارة."[1]

فهل هذا يعني أنه هو نفسه النظم الإداري المنصوص عليه في قانون الإجراءات المدنية والإدارية في المادة 830 ق إ م إ؟

الإجابة على هذا التساؤل تقتضى تحديد الطبيعة القانونية للطعن الإداري المنصوص عليه في قانون الصفقات العمومية.

1-       الطبيعة القانونية للطعن وفق قانون الصفقات العمومية:

    إن الطعن الإداري المنصوص عليه بموجب المادة 82 من قانون الصفقات العمومية ليس هو نفسه الطعن الإداري المنصوص عليه في م 830 من قانون الإجراءات المدنية و الإدارية،لأنه لو كان الأمر كذلك لما وردت عبارة "زيادة على حقوق الطعن المنصوص عليها في التشريع المعمول به" والمقصود به ما تضمنه قانون الإجراءات المدنية والإدارية. أي يمكن إجراء هذا الطعن المنصوص عليه في قانون خاص هو قانون الصفقات العمومية إلى جانب الطعن المنصوص عليه في القانون العام أو هو قانون الإجراءات المدنية والإدارية.

     - من جهة أخرى الطعن المنصوص عليه في المادة 82 من قانون الصفقات العمومية يخص نوعين من القرارات فقط: "قرار المنح المؤقت أو إلغاءه"و"قرار إعلان عدم الجدوى أو إلغاءه" في إطار طلب العروض أو التراضي بعد الاستشارة.أما التظلم المنصوص عليه في قانون الإجراءات المدنية والإدارية فهو مفتوح على كل القراراتالإدارية التي قد يتضرر منها المتعامل مع الإدارة.

    -ومن جهة ثالثة الجهة الفاصلة في الطعن والآجال المحددة له تختلف عن بعضها البعض، باعتبار أن الجهة المختصة بنظر التظلمات وفق قانون الإجراءات المدنية والإدارية هي الجهة المصدرة للقرار،في حين أن الجهة المختصة بنظر الطعن في قانون الصفقات العمومية هي لجنة خاصة من حيث تشكيلتها ومهامها وفقا لما جاء في المواد من 171 إلى 175 من المرسوم الرئاسي 15/247 ،ويتم عرض الطعن والفصل فيه وفق الآجال المنصوص عليها في المادة 82 ،التي تختلف عن القواعد العامة التي جاء بها قانون الإجراءات المدنية والإدارية بنص المادة 890، رغم أن إجراء الطعن الإداري سواء وفق قانون المدنية والإدارية أوفق قانون الصفقات العمومية هو إجراء جوازي وليس إجباري باعتبار أن نص المادة 830 بدأت بعبارة "يجوز..." كما أن المادة 82 من قانون الصفقات وردت بعبارة "....يمكن...." الأمر الذي يفيد الجواز وليس الإجبار.

2-       نطاق الطعن الإداري في مادة الصفقات العمومية وفق المرسوم 15/247

حصرت المادة 82/1من المرسوم الرئاسي 15/247 حق اللجوء إلى الطعن أمام لجان الصفقات العمومية المختصة في قرارين اثنين:

  • قرار المنح المؤقت أو إلغاء.
  • قرار عدم الجدوى أو إلغاء.

سواء تعلق الأمر بإجراء طلب العروض أو التراضي بعد الاستشارة.

-ا -المنح المؤقت للصفقة أو إلغاءه:

يعرف المنح المؤقت للصفقة بأنه إجراء إعلامي، بموجبه تخطر الإدارة المتعاقدة المتعهدين والجمهور باختيارها المؤقت وغير النهائي لمتعاقد ما، نظرا لحصوله على أعلى تنقيط فيما يخص العرضين المالي والتقني.[2]

ومن المعلوم أن لجنة فتح الأظرفة وتقييم العروض لا تتمتع بصلاحية اتخاذ القرار النهائي المتعلق بالصفقة باعتبار أنها هيئة رقابة إدارية فقط،وإنما يعود للمصلحة المتعاقدة وحدها قرار الإرساء المؤقت للصفقة على أحد المتعهدين المقبولين من طرف اللجنة.[3].كما يمكن إلغاء إجراء طلب العروض وجوبيا عندما يتعلق الأمر بالصالح العام بالاستغناء عن الإجراء نهائيا قبل البت فيه ،وذلك بسبب ظهور مستجدات تغير من احتياجات المصلحة المتعاقدة.[4]

وأكد المشرع الجزائري أنه في حالة الطعن في المنح المؤقت ،لا يمكن أن يعرض مشروع الصفقة على لجنة الصفقات المختصة لدراسة إلا بعد انقضاء أجل 30 يوما ،ابتداء من تاريخ نشر الإعلان المنح المؤقت للصفقة.وعليه لا يصبح قرار المنح المؤقت نهائيا بمجرد انقضاء فترة الطعون في حالة عدم تقديم أي طعن،أو بمجرد إصدار اللجنة المختصة لرأيها سلبا في الطعون المقدمة لها.

ب-عدم الجدوى من الصفقة أو إلغاءه:

إعلان عدم الجدوى من إجراء الصفقة العمومية منصوص عليه في المادة 40/2.

ثانيا/اللجان المختصة بنظر الطعون:

    خول قانون الصفقات العمومية سلطة البت في الطعون الإدارية إلى لجان مختصة مدرجة على المستوى المحلي والمركزي، تعتبر هذه الوظيفة نوعا من الرقابة الإدارية الخارجية. والملاحظ أن المشرع الجزائري إعتمد عدد من هذه اللجان المختلفة من حيث التكوينوالاختصاص، وأعاد تنظيمها بموجب المواد من 165 إلى 190 من المرسوم الرئاسي 15/247،حيث يمكن تقسيمها وفق هذا المرسوم الأخير على إلى:

1/لجان الصفقات العمومية غير المركزية:

وتشمل نوعين من اللجان،اللجان المحلية واللجان الخاصة بالمؤسسات العمومية والهيكل غير الممركز:

أ‌-       اللجان المحلية:

وهي لجان محدثة على المستوى المحلي تتولى دراسة الطعون المرفوعة لها بسبب صفقة مبرمة في حدود إختصاصها وهي على نوعين:

  • اللجنة الولائية للصفقات العمومية المنصوص عليها في المادة 173 من قانون الصفقات العمومية.
  • اللجنة البلدية للصفقات العمومية المنصوص عليها في المادة174من قانون الصفقات العمومية.

ب-  اللجان الخاصة بالمؤسسات العمومية والهيكل غير الممركز:

وفيها فرق المشرع الجزائري بني المؤسسات العمومية الوطنية وتلك المحلية وعلى هذا الأساسي قسمت إلى قسمين:

  • لجنة الصفقات للمؤسسة العمومية الوطنية والهيكل غير الممركز للمؤسسة العمومية الوطنية ذات الطابع الإداري المنصوص عليها في المادة 172من قانون الصفقات العمومية.
  • لجنة الصفقات للمؤسسة العمومية المحلية والهيكل غير الممركز للمؤسسة العمومية الوطنية ذات الطابع الإداري المنصوص عليها في المادة175من قانون الصفقات العمومية.

ج/ اللجان المركزية:

وهي لجان محدثة على المستوى المركزي تختص بنظر الطعون المرفوعة لديها بسبب صفقة عمومية من طبيعة مركزية ،حيث تنقسم هذه اللجان حسب اختصاصاتها غلى نوعين:

  • اللجنة الجهوية للصفقات العمومية ونصت عليها المادة 171من قانون الصفقات العمومية.
  • اللجنة القطاعية للصفقات العمومية ونصت عليها المادة 185من قانون الصفقات العمومية.

ما يمكن قوله في الأخير أن هذه اللجان عرفت تطورا تبعا للمراسيم المتلاحقة المنظمة للصفقات العمومية،فبعد أن كانت بموجب المرسوم الرئاسي 02/250[5]عبارة عن لجنة واحدة ،تحال أمامها كل منازعات الصفقات العمومية على مستوى التراب الوطني وفي كل القطاعات، وهو ما يسجل مركزية شديدة في التنظيم .إلا أن المراسيم المتعاقبة، وصولا إلى المرسوم 15/247 شتت هذه المركزية،بحسب طبيعة واختصاص كل لجنة،وهو ما أدى إلى تقاسم الأعباء والرقابة وتنسيق الجهود.

ثالثا/- إجراءات الطعن الإداري أمام لجان الصفقات العمومية المختصة:

إن اللجوء إلى الطعن أمام لجان الصفقات العمومية المختصة قصد تسوية النزاع القائم بين المصلحة المتعاقدة والمتعامل المتعاقد، يدعونا إلى القول أن هذه اللجان لا تتحرك في هذا الإطار من تلقاء نفسها، بل لابد من إخطارها عن طريق المتعهد المعنى الذي قدم عطاءه واحتج على اختيار المصلحة المتعاقدة، أو بسبب إعلانها عدم الجدوى أو الإلغاء في الحالتين،إذ كنا بصدد إجراء مسابقة أو طلب عروض محدود[6].

 

1-     إجراءات تمكين المتعامل المتعاقد من الطعن من طرف المصلحة المتعاقدة:

أعطى المشرع الجزائري من خلال قانون الصفقات العمومية للمتعامل المتعاقد مجموعة من الضمانات التي يتعين على المصلحة المتعاقدة الالتزام بها لتمكين المتعامل المتعاقد من تقديم طعنه في أحسن الظروف، تتمثل هذه الضمانات التي جاءت في شكل إجراءات على التوالي كما يلي:

أ‌-        على المصلحة المتعاقدة أن تبلغ في إعلان المنح المؤقت للصفقة عن نتائج تقييم العروض التقنية والمالية عن الحائز على الصفقة مؤقتا مع البيانات اللازمة المتعلقة به.

ب‌-يتعين على المصلحة المتعاقدة أن تدعو في إعلان المنح المؤقت المرشحين والمتعهدين الراغبين في الإطلاع على النتائج المفصلة للتقييم العروض التقنية والمالية،الاتصال بمصالحها في أجل أقصاه 03 أيام،يبدأ من اليوم الأول لنشر إعلان المنح المؤقت لتبليغهم كتابيا.

ت‌-على المصلحة المتعاقدة أن تعلم المتعهدين بقراراتها فيما يخص عدم الجدوى وإلغاء إجراء إبرام الصفقة أو إلغاء منحها المؤقت برسالة موصى عليها مع وصل الاستلام.

ث‌-على المصلحة المتعاقدة دعوة المتعهدين الراغبين في الإطلاع على مبررات قراراتها الاتصال بمصالحها في أجل أقصاه 03 أيام،ابتداء من تاريخ استلام الرسالة المذكورة.[7]،و يتعين عليها تبليغهم هذه النتائج كتابيا.

ج‌-  يتعين على المصلحة المتعاقدة الإشارة إلى لجنة الصفقات المختصة بدراسة الطعن في إعلان المنح المؤقت ،حتى لا يخطأ المتعامل المتعاقد بإرسال طعنه إلى لجنة أخرى بالخطأ. وحتى في هذه الحالة تتولى هذه الأخيرة إرسال الطعن إلى اللجنة المختصة.

2-     إجراءات تقييم الطعن أمام اللجنة المختصة:

تختلف إجراءات تقديم الطعن أمام اللجنة المختصة بحسب ما إذا كنا بصدد

  • الطعن في إعلان المنح المؤقت.
  • الطعن في إلغاء الإبرام (إعلان عدم الجدوى) أو في إلغاء المنح المؤقت

ويتجسد هذا الاختلاف من حيث حساب الآجال كما يلي:

2/ا) آجال الطعن في إعلان المنح المؤقت:

وتختلف هذه الإجراءات تباعا بحسب ما إذا كنا بصدد الطعن في المنح المؤقت عموما أو الطعن في إعلان المنح المؤقت في إجراء المسابقة أو طلب العروض المحدود،بحيث حددأجل الطعن بـ 10 أيام من تاريخ الإعلان عن المنح المؤقت في الحالة الأولى[8]، ونفس الأجل أي 10 أيام لكنها تبدأ من تاريخ نهاية الإجراء في حالة الثانية. أي عندما يتعلق الطعن بإعلان المنح المؤقت في إجراء المسابقة أو طلب العروض المحدود[9].

الطعن في إعلان المنح المؤقت

 

2/ب آجال الطعن في قرار إلغاء الإبرام(عدم الجدوى) أو إلغاء المنح المؤقت:

إذا ما تعلق الأمر بالطعن في قرار الإلغاء سواء تعلق بإلغاء الصفقة (عدم الجدوى) أوالطعن في إلغاء المنح المؤقت ،وحد المشرع في أجل الطعن أمام اللجنة المختصة إبتداءا من تاريخ استلام رسالة إعلام المترشحين التي تبلغهم بالنتائج.[10]

  • الطعن في إلغاء الإبرام (عدم الجدوى) تاريخ استلام رسالة
  • الطعن في إلغاء المنح المؤقت.        الخاصة بتبليغ النتائج  10أيام  الطعن أمام
                                                                                                                  اللجنة المختصة

 

3-     أجل الفصل في الطعن من قبل اللجنة المختصة.

تأخذ لجنة الصفقات المختصة قرارها في أجل 15 يوما يبدأ حسابها إبتداءا من تاريخ انقضاء أجل ال10 أيام المذكورة سالفا الممنوحة للطعن ، تبلغ قرارها للمصلحة المتعاقدة ولصاحب الطعن.[11]



[1]-حسن مصطفى حسين، القضاء الإداري، الطبعة الثالثة، ديوان المطبوعات الجامعية، الجزائر، 1987، ص 75.

[2]- عمار بوضياف، شرح تنظيم الصفقات العمومية، الطبعة الثالثة، جسور للنشر والتوزيع، الجزائر، 2011 ،ص 180.

[3]- فاتح خلاف، مرجع سابق، ص 59.

[4]- راجع المادة 73 من المرسوم 15/247 سالف الذكر.

[5]- المرسوم الرئاسي 02/250 المؤرخ في 24 يوليو 2002 المتضمن تنظيم الصفقات العمومية ، الجريدة الرسمية( العدد 52) ،المؤرخة في 28 يوليو 2002.

2- ارجع للمادة 82 /6 من المرسوم الرئاسي 15/247 سالف الذكر.

[6]

[7]-الرسالة التي تحررها المصلحة المتعاقدة تتضمن بيانات المتعامل الحائز مؤقتا على الصفقة ورقمه الجبائي عند الاقتضاء، وكذا الرقم الجبائي للمصلحة المتعاقدة حسب ماورد في المادة 82 فقرة 2 من المرسوم 15/247 سالف الذكر.

[8]- أنظر: نص المادة 82 فقرة 3 من المرسوم 15/247 سالف الذكر.

[9]- أنظر: نص المادة 82 فقرة 7من المرسوم 15/247 سالف الذكر.

[10]- أنظر: نص المادة 82 فقرة 6من المرسوم 15/247 سالف الذكر.

[11]- أنظر المادة 82 فقرة 07 من المرسوم الرئاسي 15/247 سالف الذكر.