المحور التاني الاليات الودية لتسوية منازعات الصفقات العمومية

Site: Plateforme pédagogique de l'Université Sétif2
Cours: منازعات الصفقات العمومية
Livre: المحور التاني الاليات الودية لتسوية منازعات الصفقات العمومية
Imprimé par: Visiteur anonyme
Date: Monday 6 May 2024, 16:28

Description

سنتناول في هذا المحور آليات التسوية الودية لمنازعات الصفقات العمومية نتطرق من خلالها إلى مختلف الآليات الودية التي نص عليها تنظيم الصفقات العمومية أو قانون الإجراءات المدنية و الإدارية  كالتفاوض المباشر و التحكيم و الطعن الإداري و الصلح و الوساطة

1. المحور الثاني : التسوية الودبة لمنازعات الصفقات العمومية

      إن اللجوء إلى القضاء ليس هو الطريق الوحيد لحل كل منازعات أشخاص القانون العام،ذلك أن التطور الحاصل في القانون الإداري طور وسائل وإجراءات ووسائل بديلة لتسوية النزاعات وحلها خارج الدعوى القضائية،توفيرا للجهد والوقت وتقليصا لحجمها في المستقبل خاصة، وأن القضاء بطئ بطبيعته حتى في أرقي دول العالم.فأغلب الدول تعاني من طول عمر النزاع بسبب ثقل الإجراءات وكثرة الطعون التي رسمها القانون ،وغالبا ما ينجر عنهذا تراكم القضايا أمام المحاكم، و شعور المتقاضي بعدم الأمان لدور القضاء.

     وأمام الأهمية البالغة التي تكتسيها الصفقات العمومية، وأثرها البالغ في تطوير الاقتصاد،من خلال تنفيذ البرامج والخطط الاستثمارية،وتفاديا للعراقيل التي تحول دون تنفيذها بسبب وقوع منازعات بشأنها قد تتسبب في تأخير تنفيذها، و من ذلك إلى تعطيل عجلة التنمية، تدخل المشرع الجزائري بالبحث عن آليات وحلول لتسوية هذه المنازعات،تعتبر بمثابة حلول بديلة للحل القضائي، نص عليها قانون الإجراءات المدنية والإدارية 08/09 المؤرخ في 25 فيفري 2008، الذي يعتبر القاعدة العامة والأصل. كما تدخل قانون الصفقات العمومية 15/247و خصص قسما كاملا بعنوان "التسوية الودية للنزاعات" يحتوي على ثلاث مواد 153،154،155.

حيث جاء في نص المادة 153 "تسوى النزاعات التي تطرأ عن تنفيذ الصفقة في إطار الأحكام التشريعية والتنظيمية المعمول بها.

يجب على المصلحة المتعاقدة دون المساس بتطبيق أحكام الفقرة أعلاه، أن تبحث عن حل ودي للنزاعات التي تطرأ عند تنفيذ صفقاتها كلما سمح هذا الحل بما يأتي:

  • إيجاد التوازن للتكاليف المترتبة على كل طرف في الطرفين.
  • التوصل إلى أسرع إنجاز لموضوع الصفقة.
  • الحصول على تسوية نهائية أسرع وبأقل تكلفة."

    كما قدم قانون الصفقات العمومية 15/247 طريقا آخر لتسوية منازعاتها، من خلال الطعن أمام اللجان المختصة ،زيادة على حق الطعن المنصوص عليه في قانون الإجراءات المدنية والإدارية وذلك في نص المادة 82.

وتم الاعتراف أخيرا ب"التحكيم" كآلية فعالة في تسوية المنازعات الإدارية عموما، ومنازعات الصفقات العمومية على وجه الخصوص، بعد أن كان يتخذ موفقا معارضا لإعمال هذه الآلية لمدة طويلة من الزمن، وذلك من خلال إفراد مواد له في قانون الإجراءات المدنية والإدارية في المواد من 976 و975 ،1006 إلى 1061 أين سمح بتطبيق هذه الآلية على منازعات الصفقات العمومية بنص المادة 1006 في فقرتها الأخيرة.و عليه سنتطرق إلى الحل الودي للنزاع ثم عرض النزاع على لجنة التسوية الودية كما سنتناول الطعن الإداري الذي يتم أمام لجان خاصة لننتهي في الأخيرإلى الطرق المنصوص عليها في قانون الإجراءات المدنية و الإدارية و هي التحكيم الوساطة و الصلح.

1.1. القسم الاول : الحل الودي للنزاع

     تبنى المشرع الجزائري مبدأ الحسم الودي لمنازعات الصفقات العمومية في مرحلة التنفيذ، حتى يمكن أطراف النزاع من إيجاد حل يناسبهم من جهة، ويضمناستلام المشروع في آجاله من جهة أخرى. حيث نص بموجب المادة 153/2 من  المرسوم 15/ 247:

" يجب على المصلحة المتعاقدة دون المساس بتطبيق أحكام الفقرة أعلاه،أن تبحث عن حل ودي للنزاعات التي تطرأ عند تنفيذ صفقاتها كلما سمح الحل بما يأتي:

  • إيجاد التوازن للتكاليف المترتبة على كل طرف من الطرفين.
  • التوصل إلى أسرع إنجاز موضوع الصفقة.
  • الحصول على تسوية نهائية أسرع وبأقل تكلفة".

ثم أضاف لاحقا في المادة نفسها فقرة 3 أنه "في حال عدم أتفاق الطرفين يعرض النزاع أمام لجنة التسوية الودية للنزاعات المختصة". وعليه يمكن القول أن التسوية الودية تتم على مرحلتين:

  • التفاوض المباشر مع المصلحة المتعاقدة.
  • عرض النزاع على اللجنة التسوية الودية.( انظر المخطط التوضيحي-2- في الملحق)

اولا/التفاوض المباشر:

باستقراء هذه المادة153 سالفة الذكر وتحليلها تستنج أن المشرع الجزائري أسس طريقة جديدة لتسوية هذا النوع من المنازعات (منازعات الصفقات العمومية) تتمثل في التفاوض المباشر،وأضفى عليها صيغة الوجوب من جانب المصلحة المتعاقدة متى تعلق الأمر بتنفيذ صفقة عمومية في الحالات الثلاث فقط التي تم النص عليها. و بمفهوم المخالفة لا نجد أي مجال للتفاوض إذا خرج الأمر عن تلك الحالات الثلاث ،كعدم احترام المتعاقد لطريقة الإنجاز،عدم إتباع الطرق التقنية المتفق عليها..... وغيرها. لذا سنتولى شرح هذه الحالات الثلاث كالآتي:

 

الحالة الأولى:إيجاد التوازن في تحمل التكاليف بين الطرفين المتعاقدين.

يقصد بالتوازن في تحمل التكاليف التوازن المالي الناشئ بين الطرفين المتعاقدين في الصفقة العمومية ،الذي قد يتعرض إلى الاختلال عند مرحلة التنفيذ لظروف ما،عادة ما تجعل المتعاقد يتحمل أعباء أكثر من تلك التي تم الاتفاق عليها في العقد. واللجوء للقضاء قصد إعادة هذا التوازن من شأنه أن يرهقه ماديا ويطيل في أجل تنفيذ الصفقة ، لذا يجب على المصلحة المتعاقدة أن تأخذ بعين الاعتبار هذه الظروف الجديدة وتتفهمها، وتنصف المتعامل المتعاقد بأن تتحمل جزء من هذه التكاليف،وبهذا تكون قد حسمت النزاع وديا.[1]

الحالة الثانية :التوصل إلى إنجاز أسرع لموضوع الصفقة

أكد المشرع الجزائري على العامل الزمني وأهميته في تنفيذ الصفقة العمومية، ما يجعل التسوية الودية هي الحل الأمثل والأسرع لحسم النزاع في مرحلة التنفيذ مقارنة بالحل القضائي، الذي لا بد أن يستغل الإجراءات القانونية بآجالها.

الحالة الثالثة: الحصول على تسوية نهائية في وقت أسرع وبأقل تكلفة

أكد المشرع الجزائري من خلال هذه الحالة أن تكون التسوية الودية لا بد أن تعطي حل نهائيا للنزاع الناشئ في مرحلة التنفيذ ،وقرنت فكرة التوصل إلى هذا الحل النهائي بعامل الزمن سالف الذكر من جهة،وقله التكلفة التي من شأنها تحقيق هذه التسوية الودية.

وتجدر الإشارة هنا أن المادة 153/4 أو جبت على المصلحة المتعاقدة ضرورة أن تضمن دفتر الشروط اللجوء لإجراء التسوية الودية للنزاعات قبل كل مقاضاة أمام العدالة.

وعليه فإن المشرع نص صراحة على ضرورة تبني الحل الودي، إذا كان يرمي إلى تحقيق الأهداف المنصوص عليها في المادة 153/2 ،شرط أن لا يمس اللجوء إليه بالأحكام التشريعية والتنظيمية المعمول بها.

ثانيا/عرض النزاع على لجنة التسوية الودية:

    في حال عدم التوصل إلى حل للنزاع القائم أثناء تنفيذ الصفقة العمومية بين المصلحة المتعاقدة والمتعامل وفق أسلوب التفاوض المباشر.عندها يحال النزاع أمام لجنة التسوية الودية المختصة،حسب طبيعة الصفقة المبرمة، التي يتعين عليها أن تبحث في العناصر القانونية والوقائع قصد إيجاد حل ودي ومنصف.ونصت المادة 154/2و3 على نوعين من هاته اللجان:

 

أ‌-     لجنة التسوية الودية للنزاعات في الوزارة والهيئة العمومية:

     يتم إنشاءها لدى كل وزارة ومسؤول هيئة عمومية، تتولى مهمة تسوية النزاعات الناجمة عن تنفيذ الصفقات العمومية التي تبرمها الهيئة العمومية والمؤسسات العمومية الوطنية التابعة لها.[2]

ب‌-    لجنة التسوية الودية للنزاعات في الولاية:

يتم إنشاءها على مستوى الولاية، وتعمل على تسوية منازعات تنفيذ الصفقات العمومية التي تبرمها

  • الجماعات الإقليمية(الولاية والبلدية)[3]
  • منازعات تنفيذ الصفقات العمومية التي تبرمها المؤسسات العمومية والمصالح غير الممركزة المحلية التابعة للجماعات الإقليمية.
  • منازعات تنفيذ الصفقات العمومية التي تبرمها المصالح غير الممركزة للدولة.

        تخضع عملية التسوية الودية لإجراءات خاصة، تبدأ من خلال عرض الطرف الشاكي (الذي قد يكون هو المصلحة المتعاقدة أو المتعامل المتعاقد) للنزاع أمام اللجنة المختصة، بأن يوجه إلى أمانة اللجنة تقريرا مفصلا مرفقا بكل وثيقة ثبوتية برسالة موصى عليها مع وصل استلام، ثم تستدعى أمام رئيسي اللجنة بنفس الطريقة لإعطاء رأيها في النزاع في أجل 10 أيام من تاريخ مراستلها كأقصى حد.

يتعين على اللجنة المختصة أن تصدر رأيها المبرر في النزاع بعد دراسته في أجل 30 يوما كأقصى، حد من تاريخ جواب الطرف الخصم، ويبلغ هذا الرأي لطرفي النزاع ،ثم يبقي على المصلحة المتعاقدة أن تبلغ قرارها إلى المتعامل المتعاقد،وسلطة ضبط الصفقات العمومية وتفويضات المرفق العام، وللجنة التسوية الودية في أجل أقصاه 08 أيام من تاريخ تبليغها برسالة موصى عليها مع وصل استلام.[4]

من خلال هذا الطرح يتبين لدينا أن لجنة التسوية الودية يمكنها أن تلعب دور فعال في تسوية منازعات تنفيذ الصفقات العمومية، بما يقلل الحاجة إلى اللجوء إلى القضاء، إلا أن رأيها يبقي مجرد رأي استشاري، مادام القرار في النزاع سيعود للمصلحة المتعاقدة بقبول هذا الرأي أو رفضه.



[1]-خاصة و أن المادتين136 و 137 من المرسوم الرئاسي 15/247 تبيح صراحة للمصلحة المتعاقدة حق إعادة النظر قيأسعار الصفقة وقفا للظروف المستجدة

[2]- وتتشكل هذه اللجنة من: ممثل عن الوزير أو مسؤول الهيئة العمومية (رئيسا)،ممثل عن المصلحة المتعاقدة،ممثل عن الوزارة المعنية بموضوع النزاع ممثل عن المديرية العامة للمحاسبة كما جاء في المادة 154/2 من المرسوم 15/247 سالف الذكر.

[3]- جاءت تشكيلةهذه اللجنة كما يلي: ممثل عن الوالي رئيسا،ممثل عن المصلحة المتعاقدة،ممثل عن المديرية التقنية للولاية المعنية بموضوع النزاع، ممثل عن العون العمومي المكلف كما وردت بنص المادة 154/3 من المرسوم 15/247 سالف الذكر

[4]- وقد ورد تفصيل هذه الإجراءات والآجال القانونية اللازمة لعرض المتعامل المتعاقد والمصلحة المتعاقدة النزاع على اللجنة في نص المادة 155 من المرسوم الرئاسي 15/247 سالف الذكر.

1.2. القسم الثاني: الطعن الاداري في منازعات الصفقات العمومية

    وضع المشرع الجزائري مجموعة من الضمانات القانونية التي تكفل حماية الطرف المتعاقد من التجاوزات الواقعة في حقه، عن طريق آليات تعمل على تسوية مختلف الخلافات الطارئة أثناء عملية إبرام الصفقة العمومية. وفي هذا الصدد كرس قانون الصفقات العمومية حق ممارسة الطعن في قرارات المصلحة المتعاقدة، وهذا من خلال نص المادة 82 جاعلا منه حلا داخليا حتى لا يصل النزاع إلى القضاء.

أولا/ماهية الطعنالإداري في مجال الصفقات العمومية :

نصت المادة  82/1 من قانون الصفقات العمومية 15/247: "زيادة على حقوق الطعن المنصوص عليها في التشريع المعمول به،يمكن للمتعهد الذي يحتج على المنح المؤقت للصفقة أو إلغاءه، أو إعلان عدم جدوي،أو إلغاء الإجراء في إطار طلب العروض، أو إجراء التراضي بعد الاستشارة أن يرفع طعنا لدى لجنة الصفقات المختصة"

    -إن الطعن الذي قصدته المادة 82 من المرسوم 15/247 ليس بالطعن القضائي، وإنما هو طعن موجه إلى لجنة الصفقات العمومية المختصة، التي ماهي إلا جهة إدارية مخولة بنظر الطعون المقدمة لها في حدود اختصاصاتها. وعليه فإن الطعن المقصودهناما هو إلا الطعن الإداري الذي يمكن تعريفه على أنه:

  "طلب أو شكوى مرفوعة من طرف متظلم إلى السلطة الإدارية المختصة لفض خلاف أو نزاع عن عمل قانوني أو مادي للإدارة."[1]

فهل هذا يعني أنه هو نفسه النظم الإداري المنصوص عليه في قانون الإجراءات المدنية والإدارية في المادة 830 ق إ م إ؟

الإجابة على هذا التساؤل تقتضى تحديد الطبيعة القانونية للطعن الإداري المنصوص عليه في قانون الصفقات العمومية.

1-       الطبيعة القانونية للطعن وفق قانون الصفقات العمومية:

    إن الطعن الإداري المنصوص عليه بموجب المادة 82 من قانون الصفقات العمومية ليس هو نفسه الطعن الإداري المنصوص عليه في م 830 من قانون الإجراءات المدنية و الإدارية،لأنه لو كان الأمر كذلك لما وردت عبارة "زيادة على حقوق الطعن المنصوص عليها في التشريع المعمول به" والمقصود به ما تضمنه قانون الإجراءات المدنية والإدارية. أي يمكن إجراء هذا الطعن المنصوص عليه في قانون خاص هو قانون الصفقات العمومية إلى جانب الطعن المنصوص عليه في القانون العام أو هو قانون الإجراءات المدنية والإدارية.

     - من جهة أخرى الطعن المنصوص عليه في المادة 82 من قانون الصفقات العمومية يخص نوعين من القرارات فقط: "قرار المنح المؤقت أو إلغاءه"و"قرار إعلان عدم الجدوى أو إلغاءه" في إطار طلب العروض أو التراضي بعد الاستشارة.أما التظلم المنصوص عليه في قانون الإجراءات المدنية والإدارية فهو مفتوح على كل القراراتالإدارية التي قد يتضرر منها المتعامل مع الإدارة.

    -ومن جهة ثالثة الجهة الفاصلة في الطعن والآجال المحددة له تختلف عن بعضها البعض، باعتبار أن الجهة المختصة بنظر التظلمات وفق قانون الإجراءات المدنية والإدارية هي الجهة المصدرة للقرار،في حين أن الجهة المختصة بنظر الطعن في قانون الصفقات العمومية هي لجنة خاصة من حيث تشكيلتها ومهامها وفقا لما جاء في المواد من 171 إلى 175 من المرسوم الرئاسي 15/247 ،ويتم عرض الطعن والفصل فيه وفق الآجال المنصوص عليها في المادة 82 ،التي تختلف عن القواعد العامة التي جاء بها قانون الإجراءات المدنية والإدارية بنص المادة 890، رغم أن إجراء الطعن الإداري سواء وفق قانون المدنية والإدارية أوفق قانون الصفقات العمومية هو إجراء جوازي وليس إجباري باعتبار أن نص المادة 830 بدأت بعبارة "يجوز..." كما أن المادة 82 من قانون الصفقات وردت بعبارة "....يمكن...." الأمر الذي يفيد الجواز وليس الإجبار.

2-       نطاق الطعن الإداري في مادة الصفقات العمومية وفق المرسوم 15/247

حصرت المادة 82/1من المرسوم الرئاسي 15/247 حق اللجوء إلى الطعن أمام لجان الصفقات العمومية المختصة في قرارين اثنين:

  • قرار المنح المؤقت أو إلغاء.
  • قرار عدم الجدوى أو إلغاء.

سواء تعلق الأمر بإجراء طلب العروض أو التراضي بعد الاستشارة.

-ا -المنح المؤقت للصفقة أو إلغاءه:

يعرف المنح المؤقت للصفقة بأنه إجراء إعلامي، بموجبه تخطر الإدارة المتعاقدة المتعهدين والجمهور باختيارها المؤقت وغير النهائي لمتعاقد ما، نظرا لحصوله على أعلى تنقيط فيما يخص العرضين المالي والتقني.[2]

ومن المعلوم أن لجنة فتح الأظرفة وتقييم العروض لا تتمتع بصلاحية اتخاذ القرار النهائي المتعلق بالصفقة باعتبار أنها هيئة رقابة إدارية فقط،وإنما يعود للمصلحة المتعاقدة وحدها قرار الإرساء المؤقت للصفقة على أحد المتعهدين المقبولين من طرف اللجنة.[3].كما يمكن إلغاء إجراء طلب العروض وجوبيا عندما يتعلق الأمر بالصالح العام بالاستغناء عن الإجراء نهائيا قبل البت فيه ،وذلك بسبب ظهور مستجدات تغير من احتياجات المصلحة المتعاقدة.[4]

وأكد المشرع الجزائري أنه في حالة الطعن في المنح المؤقت ،لا يمكن أن يعرض مشروع الصفقة على لجنة الصفقات المختصة لدراسة إلا بعد انقضاء أجل 30 يوما ،ابتداء من تاريخ نشر الإعلان المنح المؤقت للصفقة.وعليه لا يصبح قرار المنح المؤقت نهائيا بمجرد انقضاء فترة الطعون في حالة عدم تقديم أي طعن،أو بمجرد إصدار اللجنة المختصة لرأيها سلبا في الطعون المقدمة لها.

ب-عدم الجدوى من الصفقة أو إلغاءه:

إعلان عدم الجدوى من إجراء الصفقة العمومية منصوص عليه في المادة 40/2.

ثانيا/اللجان المختصة بنظر الطعون:

    خول قانون الصفقات العمومية سلطة البت في الطعون الإدارية إلى لجان مختصة مدرجة على المستوى المحلي والمركزي، تعتبر هذه الوظيفة نوعا من الرقابة الإدارية الخارجية. والملاحظ أن المشرع الجزائري إعتمد عدد من هذه اللجان المختلفة من حيث التكوينوالاختصاص، وأعاد تنظيمها بموجب المواد من 165 إلى 190 من المرسوم الرئاسي 15/247،حيث يمكن تقسيمها وفق هذا المرسوم الأخير على إلى:

1/لجان الصفقات العمومية غير المركزية:

وتشمل نوعين من اللجان،اللجان المحلية واللجان الخاصة بالمؤسسات العمومية والهيكل غير الممركز:

أ‌-       اللجان المحلية:

وهي لجان محدثة على المستوى المحلي تتولى دراسة الطعون المرفوعة لها بسبب صفقة مبرمة في حدود إختصاصها وهي على نوعين:

  • اللجنة الولائية للصفقات العمومية المنصوص عليها في المادة 173 من قانون الصفقات العمومية.
  • اللجنة البلدية للصفقات العمومية المنصوص عليها في المادة174من قانون الصفقات العمومية.

ب-  اللجان الخاصة بالمؤسسات العمومية والهيكل غير الممركز:

وفيها فرق المشرع الجزائري بني المؤسسات العمومية الوطنية وتلك المحلية وعلى هذا الأساسي قسمت إلى قسمين:

  • لجنة الصفقات للمؤسسة العمومية الوطنية والهيكل غير الممركز للمؤسسة العمومية الوطنية ذات الطابع الإداري المنصوص عليها في المادة 172من قانون الصفقات العمومية.
  • لجنة الصفقات للمؤسسة العمومية المحلية والهيكل غير الممركز للمؤسسة العمومية الوطنية ذات الطابع الإداري المنصوص عليها في المادة175من قانون الصفقات العمومية.

ج/ اللجان المركزية:

وهي لجان محدثة على المستوى المركزي تختص بنظر الطعون المرفوعة لديها بسبب صفقة عمومية من طبيعة مركزية ،حيث تنقسم هذه اللجان حسب اختصاصاتها غلى نوعين:

  • اللجنة الجهوية للصفقات العمومية ونصت عليها المادة 171من قانون الصفقات العمومية.
  • اللجنة القطاعية للصفقات العمومية ونصت عليها المادة 185من قانون الصفقات العمومية.

ما يمكن قوله في الأخير أن هذه اللجان عرفت تطورا تبعا للمراسيم المتلاحقة المنظمة للصفقات العمومية،فبعد أن كانت بموجب المرسوم الرئاسي 02/250[5]عبارة عن لجنة واحدة ،تحال أمامها كل منازعات الصفقات العمومية على مستوى التراب الوطني وفي كل القطاعات، وهو ما يسجل مركزية شديدة في التنظيم .إلا أن المراسيم المتعاقبة، وصولا إلى المرسوم 15/247 شتت هذه المركزية،بحسب طبيعة واختصاص كل لجنة،وهو ما أدى إلى تقاسم الأعباء والرقابة وتنسيق الجهود.

ثالثا/- إجراءات الطعن الإداري أمام لجان الصفقات العمومية المختصة:

إن اللجوء إلى الطعن أمام لجان الصفقات العمومية المختصة قصد تسوية النزاع القائم بين المصلحة المتعاقدة والمتعامل المتعاقد، يدعونا إلى القول أن هذه اللجان لا تتحرك في هذا الإطار من تلقاء نفسها، بل لابد من إخطارها عن طريق المتعهد المعنى الذي قدم عطاءه واحتج على اختيار المصلحة المتعاقدة، أو بسبب إعلانها عدم الجدوى أو الإلغاء في الحالتين،إذ كنا بصدد إجراء مسابقة أو طلب عروض محدود[6].

 

1-     إجراءات تمكين المتعامل المتعاقد من الطعن من طرف المصلحة المتعاقدة:

أعطى المشرع الجزائري من خلال قانون الصفقات العمومية للمتعامل المتعاقد مجموعة من الضمانات التي يتعين على المصلحة المتعاقدة الالتزام بها لتمكين المتعامل المتعاقد من تقديم طعنه في أحسن الظروف، تتمثل هذه الضمانات التي جاءت في شكل إجراءات على التوالي كما يلي:

أ‌-        على المصلحة المتعاقدة أن تبلغ في إعلان المنح المؤقت للصفقة عن نتائج تقييم العروض التقنية والمالية عن الحائز على الصفقة مؤقتا مع البيانات اللازمة المتعلقة به.

ب‌-يتعين على المصلحة المتعاقدة أن تدعو في إعلان المنح المؤقت المرشحين والمتعهدين الراغبين في الإطلاع على النتائج المفصلة للتقييم العروض التقنية والمالية،الاتصال بمصالحها في أجل أقصاه 03 أيام،يبدأ من اليوم الأول لنشر إعلان المنح المؤقت لتبليغهم كتابيا.

ت‌-على المصلحة المتعاقدة أن تعلم المتعهدين بقراراتها فيما يخص عدم الجدوى وإلغاء إجراء إبرام الصفقة أو إلغاء منحها المؤقت برسالة موصى عليها مع وصل الاستلام.

ث‌-على المصلحة المتعاقدة دعوة المتعهدين الراغبين في الإطلاع على مبررات قراراتها الاتصال بمصالحها في أجل أقصاه 03 أيام،ابتداء من تاريخ استلام الرسالة المذكورة.[7]،و يتعين عليها تبليغهم هذه النتائج كتابيا.

ج‌-  يتعين على المصلحة المتعاقدة الإشارة إلى لجنة الصفقات المختصة بدراسة الطعن في إعلان المنح المؤقت ،حتى لا يخطأ المتعامل المتعاقد بإرسال طعنه إلى لجنة أخرى بالخطأ. وحتى في هذه الحالة تتولى هذه الأخيرة إرسال الطعن إلى اللجنة المختصة.

2-     إجراءات تقييم الطعن أمام اللجنة المختصة:

تختلف إجراءات تقديم الطعن أمام اللجنة المختصة بحسب ما إذا كنا بصدد

  • الطعن في إعلان المنح المؤقت.
  • الطعن في إلغاء الإبرام (إعلان عدم الجدوى) أو في إلغاء المنح المؤقت

ويتجسد هذا الاختلاف من حيث حساب الآجال كما يلي:

2/ا) آجال الطعن في إعلان المنح المؤقت:

وتختلف هذه الإجراءات تباعا بحسب ما إذا كنا بصدد الطعن في المنح المؤقت عموما أو الطعن في إعلان المنح المؤقت في إجراء المسابقة أو طلب العروض المحدود،بحيث حددأجل الطعن بـ 10 أيام من تاريخ الإعلان عن المنح المؤقت في الحالة الأولى[8]، ونفس الأجل أي 10 أيام لكنها تبدأ من تاريخ نهاية الإجراء في حالة الثانية. أي عندما يتعلق الطعن بإعلان المنح المؤقت في إجراء المسابقة أو طلب العروض المحدود[9].

الطعن في إعلان المنح المؤقت

 

2/ب آجال الطعن في قرار إلغاء الإبرام(عدم الجدوى) أو إلغاء المنح المؤقت:

إذا ما تعلق الأمر بالطعن في قرار الإلغاء سواء تعلق بإلغاء الصفقة (عدم الجدوى) أوالطعن في إلغاء المنح المؤقت ،وحد المشرع في أجل الطعن أمام اللجنة المختصة إبتداءا من تاريخ استلام رسالة إعلام المترشحين التي تبلغهم بالنتائج.[10]

  • الطعن في إلغاء الإبرام (عدم الجدوى) تاريخ استلام رسالة
  • الطعن في إلغاء المنح المؤقت.        الخاصة بتبليغ النتائج  10أيام  الطعن أمام
                                                                                                                  اللجنة المختصة

 

3-     أجل الفصل في الطعن من قبل اللجنة المختصة.

تأخذ لجنة الصفقات المختصة قرارها في أجل 15 يوما يبدأ حسابها إبتداءا من تاريخ انقضاء أجل ال10 أيام المذكورة سالفا الممنوحة للطعن ، تبلغ قرارها للمصلحة المتعاقدة ولصاحب الطعن.[11]



[1]-حسن مصطفى حسين، القضاء الإداري، الطبعة الثالثة، ديوان المطبوعات الجامعية، الجزائر، 1987، ص 75.

[2]- عمار بوضياف، شرح تنظيم الصفقات العمومية، الطبعة الثالثة، جسور للنشر والتوزيع، الجزائر، 2011 ،ص 180.

[3]- فاتح خلاف، مرجع سابق، ص 59.

[4]- راجع المادة 73 من المرسوم 15/247 سالف الذكر.

[5]- المرسوم الرئاسي 02/250 المؤرخ في 24 يوليو 2002 المتضمن تنظيم الصفقات العمومية ، الجريدة الرسمية( العدد 52) ،المؤرخة في 28 يوليو 2002.

2- ارجع للمادة 82 /6 من المرسوم الرئاسي 15/247 سالف الذكر.

[6]

[7]-الرسالة التي تحررها المصلحة المتعاقدة تتضمن بيانات المتعامل الحائز مؤقتا على الصفقة ورقمه الجبائي عند الاقتضاء، وكذا الرقم الجبائي للمصلحة المتعاقدة حسب ماورد في المادة 82 فقرة 2 من المرسوم 15/247 سالف الذكر.

[8]- أنظر: نص المادة 82 فقرة 3 من المرسوم 15/247 سالف الذكر.

[9]- أنظر: نص المادة 82 فقرة 7من المرسوم 15/247 سالف الذكر.

[10]- أنظر: نص المادة 82 فقرة 6من المرسوم 15/247 سالف الذكر.

[11]- أنظر المادة 82 فقرة 07 من المرسوم الرئاسي 15/247 سالف الذكر.

    وضع المشرع الجزائري مجموعة من الضمانات القانونية التي تكفل حماية الطرف المتعاقد من التجاوزات الواقعة في حقه، عن طريق آليات تعمل على تسوية مختلف الخلافات الطارئة أثناء عملية إبرام الصفقة العمومية. وفي هذا الصدد كرس قانون الصفقات العمومية حق ممارسة الطعن في قرارات المصلحة المتعاقدة، وهذا من خلال نص المادة 82 جاعلا منه حلا داخليا حتى لا يصل النزاع إلى القضاء.

أولا/ماهية الطعنالإداري في مجال الصفقات العمومية :

نصت المادة  82/1 من قانون الصفقات العمومية 15/247: "زيادة على حقوق الطعن المنصوص عليها في التشريع المعمول به،يمكن للمتعهد الذي يحتج على المنح المؤقت للصفقة أو إلغاءه، أو إعلان عدم جدوي،أو إلغاء الإجراء في إطار طلب العروض، أو إجراء التراضي بعد الاستشارة أن يرفع طعنا لدى لجنة الصفقات المختصة"

    -إن الطعن الذي قصدته المادة 82 من المرسوم 15/247 ليس بالطعن القضائي، وإنما هو طعن موجه إلى لجنة الصفقات العمومية المختصة، التي ماهي إلا جهة إدارية مخولة بنظر الطعون المقدمة لها في حدود اختصاصاتها. وعليه فإن الطعن المقصودهناما هو إلا الطعن الإداري الذي يمكن تعريفه على أنه:

  "طلب أو شكوى مرفوعة من طرف متظلم إلى السلطة الإدارية المختصة لفض خلاف أو نزاع عن عمل قانوني أو مادي للإدارة."[1]

فهل هذا يعني أنه هو نفسه النظم الإداري المنصوص عليه في قانون الإجراءات المدنية والإدارية في المادة 830 ق إ م إ؟

الإجابة على هذا التساؤل تقتضى تحديد الطبيعة القانونية للطعن الإداري المنصوص عليه في قانون الصفقات العمومية.

1-       الطبيعة القانونية للطعن وفق قانون الصفقات العمومية:

    إن الطعن الإداري المنصوص عليه بموجب المادة 82 من قانون الصفقات العمومية ليس هو نفسه الطعن الإداري المنصوص عليه في م 830 من قانون الإجراءات المدنية و الإدارية،لأنه لو كان الأمر كذلك لما وردت عبارة "زيادة على حقوق الطعن المنصوص عليها في التشريع المعمول به" والمقصود به ما تضمنه قانون الإجراءات المدنية والإدارية. أي يمكن إجراء هذا الطعن المنصوص عليه في قانون خاص هو قانون الصفقات العمومية إلى جانب الطعن المنصوص عليه في القانون العام أو هو قانون الإجراءات المدنية والإدارية.

     - من جهة أخرى الطعن المنصوص عليه في المادة 82 من قانون الصفقات العمومية يخص نوعين من القرارات فقط: "قرار المنح المؤقت أو إلغاءه"و"قرار إعلان عدم الجدوى أو إلغاءه" في إطار طلب العروض أو التراضي بعد الاستشارة.أما التظلم المنصوص عليه في قانون الإجراءات المدنية والإدارية فهو مفتوح على كل القراراتالإدارية التي قد يتضرر منها المتعامل مع الإدارة.

    -ومن جهة ثالثة الجهة الفاصلة في الطعن والآجال المحددة له تختلف عن بعضها البعض، باعتبار أن الجهة المختصة بنظر التظلمات وفق قانون الإجراءات المدنية والإدارية هي الجهة المصدرة للقرار،في حين أن الجهة المختصة بنظر الطعن في قانون الصفقات العمومية هي لجنة خاصة من حيث تشكيلتها ومهامها وفقا لما جاء في المواد من 171 إلى 175 من المرسوم الرئاسي 15/247 ،ويتم عرض الطعن والفصل فيه وفق الآجال المنصوص عليها في المادة 82 ،التي تختلف عن القواعد العامة التي جاء بها قانون الإجراءات المدنية والإدارية بنص المادة 890، رغم أن إجراء الطعن الإداري سواء وفق قانون المدنية والإدارية أوفق قانون الصفقات العمومية هو إجراء جوازي وليس إجباري باعتبار أن نص المادة 830 بدأت بعبارة "يجوز..." كما أن المادة 82 من قانون الصفقات وردت بعبارة "....يمكن...." الأمر الذي يفيد الجواز وليس الإجبار.

2-       نطاق الطعن الإداري في مادة الصفقات العمومية وفق المرسوم 15/247

حصرت المادة 82/1من المرسوم الرئاسي 15/247 حق اللجوء إلى الطعن أمام لجان الصفقات العمومية المختصة في قرارين اثنين:

  • قرار المنح المؤقت أو إلغاء.
  • قرار عدم الجدوى أو إلغاء.

سواء تعلق الأمر بإجراء طلب العروض أو التراضي بعد الاستشارة.

-ا -المنح المؤقت للصفقة أو إلغاءه:

يعرف المنح المؤقت للصفقة بأنه إجراء إعلامي، بموجبه تخطر الإدارة المتعاقدة المتعهدين والجمهور باختيارها المؤقت وغير النهائي لمتعاقد ما، نظرا لحصوله على أعلى تنقيط فيما يخص العرضين المالي والتقني.[2]

ومن المعلوم أن لجنة فتح الأظرفة وتقييم العروض لا تتمتع بصلاحية اتخاذ القرار النهائي المتعلق بالصفقة باعتبار أنها هيئة رقابة إدارية فقط،وإنما يعود للمصلحة المتعاقدة وحدها قرار الإرساء المؤقت للصفقة على أحد المتعهدين المقبولين من طرف اللجنة.[3].كما يمكن إلغاء إجراء طلب العروض وجوبيا عندما يتعلق الأمر بالصالح العام بالاستغناء عن الإجراء نهائيا قبل البت فيه ،وذلك بسبب ظهور مستجدات تغير من احتياجات المصلحة المتعاقدة.[4]

وأكد المشرع الجزائري أنه في حالة الطعن في المنح المؤقت ،لا يمكن أن يعرض مشروع الصفقة على لجنة الصفقات المختصة لدراسة إلا بعد انقضاء أجل 30 يوما ،ابتداء من تاريخ نشر الإعلان المنح المؤقت للصفقة.وعليه لا يصبح قرار المنح المؤقت نهائيا بمجرد انقضاء فترة الطعون في حالة عدم تقديم أي طعن،أو بمجرد إصدار اللجنة المختصة لرأيها سلبا في الطعون المقدمة لها.

ب-عدم الجدوى من الصفقة أو إلغاءه:

إعلان عدم الجدوى من إجراء الصفقة العمومية منصوص عليه في المادة 40/2.

ثانيا/اللجان المختصة بنظر الطعون:

    خول قانون الصفقات العمومية سلطة البت في الطعون الإدارية إلى لجان مختصة مدرجة على المستوى المحلي والمركزي، تعتبر هذه الوظيفة نوعا من الرقابة الإدارية الخارجية. والملاحظ أن المشرع الجزائري إعتمد عدد من هذه اللجان المختلفة من حيث التكوينوالاختصاص، وأعاد تنظيمها بموجب المواد من 165 إلى 190 من المرسوم الرئاسي 15/247،حيث يمكن تقسيمها وفق هذا المرسوم الأخير على إلى:

1/لجان الصفقات العمومية غير المركزية:

وتشمل نوعين من اللجان،اللجان المحلية واللجان الخاصة بالمؤسسات العمومية والهيكل غير الممركز:

أ‌-       اللجان المحلية:

وهي لجان محدثة على المستوى المحلي تتولى دراسة الطعون المرفوعة لها بسبب صفقة مبرمة في حدود إختصاصها وهي على نوعين:

  • اللجنة الولائية للصفقات العمومية المنصوص عليها في المادة 173 من قانون الصفقات العمومية.
  • اللجنة البلدية للصفقات العمومية المنصوص عليها في المادة174من قانون الصفقات العمومية.

ب-  اللجان الخاصة بالمؤسسات العمومية والهيكل غير الممركز:

وفيها فرق المشرع الجزائري بني المؤسسات العمومية الوطنية وتلك المحلية وعلى هذا الأساسي قسمت إلى قسمين:

  • لجنة الصفقات للمؤسسة العمومية الوطنية والهيكل غير الممركز للمؤسسة العمومية الوطنية ذات الطابع الإداري المنصوص عليها في المادة 172من قانون الصفقات العمومية.
  • لجنة الصفقات للمؤسسة العمومية المحلية والهيكل غير الممركز للمؤسسة العمومية الوطنية ذات الطابع الإداري المنصوص عليها في المادة175من قانون الصفقات العمومية.

ج/ اللجان المركزية:

وهي لجان محدثة على المستوى المركزي تختص بنظر الطعون المرفوعة لديها بسبب صفقة عمومية من طبيعة مركزية ،حيث تنقسم هذه اللجان حسب اختصاصاتها غلى نوعين:

  • اللجنة الجهوية للصفقات العمومية ونصت عليها المادة 171من قانون الصفقات العمومية.
  • اللجنة القطاعية للصفقات العمومية ونصت عليها المادة 185من قانون الصفقات العمومية.

ما يمكن قوله في الأخير أن هذه اللجان عرفت تطورا تبعا للمراسيم المتلاحقة المنظمة للصفقات العمومية،فبعد أن كانت بموجب المرسوم الرئاسي 02/250[5]عبارة عن لجنة واحدة ،تحال أمامها كل منازعات الصفقات العمومية على مستوى التراب الوطني وفي كل القطاعات، وهو ما يسجل مركزية شديدة في التنظيم .إلا أن المراسيم المتعاقبة، وصولا إلى المرسوم 15/247 شتت هذه المركزية،بحسب طبيعة واختصاص كل لجنة،وهو ما أدى إلى تقاسم الأعباء والرقابة وتنسيق الجهود.

ثالثا/- إجراءات الطعن الإداري أمام لجان الصفقات العمومية المختصة:

إن اللجوء إلى الطعن أمام لجان الصفقات العمومية المختصة قصد تسوية النزاع القائم بين المصلحة المتعاقدة والمتعامل المتعاقد، يدعونا إلى القول أن هذه اللجان لا تتحرك في هذا الإطار من تلقاء نفسها، بل لابد من إخطارها عن طريق المتعهد المعنى الذي قدم عطاءه واحتج على اختيار المصلحة المتعاقدة، أو بسبب إعلانها عدم الجدوى أو الإلغاء في الحالتين،إذ كنا بصدد إجراء مسابقة أو طلب عروض محدود[6].

 

1-     إجراءات تمكين المتعامل المتعاقد من الطعن من طرف المصلحة المتعاقدة:

أعطى المشرع الجزائري من خلال قانون الصفقات العمومية للمتعامل المتعاقد مجموعة من الضمانات التي يتعين على المصلحة المتعاقدة الالتزام بها لتمكين المتعامل المتعاقد من تقديم طعنه في أحسن الظروف، تتمثل هذه الضمانات التي جاءت في شكل إجراءات على التوالي كما يلي:

أ‌-        على المصلحة المتعاقدة أن تبلغ في إعلان المنح المؤقت للصفقة عن نتائج تقييم العروض التقنية والمالية عن الحائز على الصفقة مؤقتا مع البيانات اللازمة المتعلقة به.

ب‌-يتعين على المصلحة المتعاقدة أن تدعو في إعلان المنح المؤقت المرشحين والمتعهدين الراغبين في الإطلاع على النتائج المفصلة للتقييم العروض التقنية والمالية،الاتصال بمصالحها في أجل أقصاه 03 أيام،يبدأ من اليوم الأول لنشر إعلان المنح المؤقت لتبليغهم كتابيا.

ت‌-على المصلحة المتعاقدة أن تعلم المتعهدين بقراراتها فيما يخص عدم الجدوى وإلغاء إجراء إبرام الصفقة أو إلغاء منحها المؤقت برسالة موصى عليها مع وصل الاستلام.

ث‌-على المصلحة المتعاقدة دعوة المتعهدين الراغبين في الإطلاع على مبررات قراراتها الاتصال بمصالحها في أجل أقصاه 03 أيام،ابتداء من تاريخ استلام الرسالة المذكورة.[7]،و يتعين عليها تبليغهم هذه النتائج كتابيا.

ج‌-  يتعين على المصلحة المتعاقدة الإشارة إلى لجنة الصفقات المختصة بدراسة الطعن في إعلان المنح المؤقت ،حتى لا يخطأ المتعامل المتعاقد بإرسال طعنه إلى لجنة أخرى بالخطأ. وحتى في هذه الحالة تتولى هذه الأخيرة إرسال الطعن إلى اللجنة المختصة.

2-     إجراءات تقييم الطعن أمام اللجنة المختصة:

تختلف إجراءات تقديم الطعن أمام اللجنة المختصة بحسب ما إذا كنا بصدد

  • الطعن في إعلان المنح المؤقت.
  • الطعن في إلغاء الإبرام (إعلان عدم الجدوى) أو في إلغاء المنح المؤقت

ويتجسد هذا الاختلاف من حيث حساب الآجال كما يلي:

2/ا) آجال الطعن في إعلان المنح المؤقت:

وتختلف هذه الإجراءات تباعا بحسب ما إذا كنا بصدد الطعن في المنح المؤقت عموما أو الطعن في إعلان المنح المؤقت في إجراء المسابقة أو طلب العروض المحدود،بحيث حددأجل الطعن بـ 10 أيام من تاريخ الإعلان عن المنح المؤقت في الحالة الأولى[8]، ونفس الأجل أي 10 أيام لكنها تبدأ من تاريخ نهاية الإجراء في حالة الثانية. أي عندما يتعلق الطعن بإعلان المنح المؤقت في إجراء المسابقة أو طلب العروض المحدود[9].

الطعن في إعلان المنح المؤقت

 

2/ب آجال الطعن في قرار إلغاء الإبرام(عدم الجدوى) أو إلغاء المنح المؤقت:

إذا ما تعلق الأمر بالطعن في قرار الإلغاء سواء تعلق بإلغاء الصفقة (عدم الجدوى) أوالطعن في إلغاء المنح المؤقت ،وحد المشرع في أجل الطعن أمام اللجنة المختصة إبتداءا من تاريخ استلام رسالة إعلام المترشحين التي تبلغهم بالنتائج.[10]

  • الطعن في إلغاء الإبرام (عدم الجدوى) تاريخ استلام رسالة
  • الطعن في إلغاء المنح المؤقت.        الخاصة بتبليغ النتائج  10أيام  الطعن أمام
                                                                                                                  اللجنة المختصة

 

3-     أجل الفصل في الطعن من قبل اللجنة المختصة.

تأخذ لجنة الصفقات المختصة قرارها في أجل 15 يوما يبدأ حسابها إبتداءا من تاريخ انقضاء أجل ال10 أيام المذكورة سالفا الممنوحة للطعن ، تبلغ قرارها للمصلحة المتعاقدة ولصاحب الطعن.[11]



[1]-حسن مصطفى حسين، القضاء الإداري، الطبعة الثالثة، ديوان المطبوعات الجامعية، الجزائر، 1987، ص 75.

[2]- عمار بوضياف، شرح تنظيم الصفقات العمومية، الطبعة الثالثة، جسور للنشر والتوزيع، الجزائر، 2011 ،ص 180.

[3]- فاتح خلاف، مرجع سابق، ص 59.

[4]- راجع المادة 73 من المرسوم 15/247 سالف الذكر.

[5]- المرسوم الرئاسي 02/250 المؤرخ في 24 يوليو 2002 المتضمن تنظيم الصفقات العمومية ، الجريدة الرسمية( العدد 52) ،المؤرخة في 28 يوليو 2002.

2- ارجع للمادة 82 /6 من المرسوم الرئاسي 15/247 سالف الذكر.

[6]

[7]-الرسالة التي تحررها المصلحة المتعاقدة تتضمن بيانات المتعامل الحائز مؤقتا على الصفقة ورقمه الجبائي عند الاقتضاء، وكذا الرقم الجبائي للمصلحة المتعاقدة حسب ماورد في المادة 82 فقرة 2 من المرسوم 15/247 سالف الذكر.

[8]- أنظر: نص المادة 82 فقرة 3 من المرسوم 15/247 سالف الذكر.

[9]- أنظر: نص المادة 82 فقرة 7من المرسوم 15/247 سالف الذكر.

[10]- أنظر: نص المادة 82 فقرة 6من المرسوم 15/247 سالف الذكر.

[11]- أنظر المادة 82 فقرة 07 من المرسوم الرئاسي 15/247 سالف الذكر.

1.3. القسم الثالث : التحكيم في منازعات الصفقات العمزمية

      يعد التحكيم نظام قانوني عرفته معظم التشريعات القديمة والحديثة على حد سواء، على أساس أنه أحد وسائل فض المنازعات على المستوى الداخلي والدولي، والذي تعدى نطاق المنازعات المدنية والتجارية والدولية،ليشمل المنازعة الإدارية، خاصة بعد تدخل الدولة وأشخاص القانون العام في الحياة الاقتصادية بعلاقات أصبحت تربطها بأشخاص القانون الخاص الوطني وحتى الأجنبي. الأمر الذي ترتب عليه ظهور فكرة التحكيم في منازعات الصفقات العمومية[1].

اولا /ماهية التحكيم في منازعات الصفقات العمومية:

     أصبح التحكيم يحتل مكانة بارزة بين بدائل تسوية المنازعات الداخلية والدولية،خاصة بعد أن سمحت التشريعات المقارنة باللجوء إليه لتسوية منازعات الصفقات العمومية.[2]ومنها المشرع الجزائري.

1-تعريف المشرع الجزائري للتحكيم:

      عرف المشرع الجزائري "التحكيم" بموجب المادة 1007 من قانون الإجراءات المدنية والإدارية بأنه:"الاتفاق الذي يلتزم بموجبه الأطراف في عقد متصل بحقوق متاحة بمفهوم المادة 1006 أعلاه لعرض النزاعات التي تثار بشأن هذا العقد على التحكيم"

     وكانت المادة 1006 قد أجازت للأشخاص المعنوية العامة اللجوء إلى التحكيم في علاقاتها الاقتصادية الدولية أوفي إطار الصفقات العمومية.كما عرفه مرة أخرى بنص المادة 1011 بأنه:"هو الاتفاق الذي يقبل الأطراف بموجبه عرض نزاع سبق نشوؤه على التحكيم"

    باستقراء المادتين 1006 و1007 من قانون الإجراءات المدنية والإدارية نستنتج أن التعريف الذي أعطاه المشرع الجزائري للتحكيم يخص التحكيم في كافة المنازعات مهما كانت طبيعتها ،وليس فقط منازعات  الصفقات العمومية على وجه الخصوص، خاصة و أن المرسوم الرئاسي 15/247 المتعلق بالصفقات العمومية وتفويضات المرفق العام، والمراسيم التي سبقته جاؤوا خالين من أي تعريف لهذا الإجراء في مجال الصفقات العمومية.بل تمت الإشارة له فقط في بعض المواد كالمادة 153 فقرة أخيرة.[3]

       لكننا نرى أن إعطاء تعريف للتحكيم في منازعات الصفقات العمومية لن يغير في تعريف التحكيم شئ، لأنه مهما طبق في منازعات عدة مهما كانت طبيعتها فإنه يظل الإجراء نفسه.

2- صور التحكيم:

     قد يتفق الأطراف على اللجوء إلى التحكيم لتسوية نزاع ذا طابع إداري قبل نشوء النزاع بينها،فيأتي في صيغة شرط في العقد الأصلي أو بالإحالة إليه،كما قد يردني صورة مشارطة تحكيم إذا تم الاتفاق عليه بعد نشأة النزاع، سواء كان النزاع دولي أو داخلي.

  1. شرط التحكيم في العقود الإدارية:

نص عليه المشرع الجزائري في المادة 1007من قانون الإجراءات المدنية و الإدارية ،ويقصد به ذلك الشرط الذي يردفي بنود العقد الذي تبرمه الدولة أو أحد الهيئات التابعة لها،والمتعامل معها،بمقتضاه يتم الاتفاق على أن ما يمكن أن ينشأ عن تفسير الصفقة أو تنفيذها من منازعات يتم الفصل فيها عن طريق التحكيم. وعلى هذا الأساس ،على الأطراف التي اتفقت على ذلك أن تمتنع على إقامة الدعوى أمام القضاء الإداري قبل أن ينظر في النزاع من قبل المحكمين.[4]

  1. اتفاق التحكيم: و هو الذي نصت عليه المادة1011من قانون الإجراءات المدنية و الإدارية ويسمى أيضا مشارطة التحكيم،التي تعني اتفاق تبرمه المصلحة المتعاقدة مع المتعاقد معها على اللجوء إلى التحكيم بصدد نزاع قائم فعلا بينها، بشأن تنفيذ أو تفسير صفقة عمومية[5]

وتجدر الإشارة أن اللجوء إلى إجراء التحكيم في منازعات الصفقات العمومية التي تكون الأشخاص المعنوية العامة أحد أطرافها يكون بمبادرة من:

  • الوزير المعني أو الوزراء المعينين عندما يكون التحكيم متعلق بالدولة.
  • الوالي أو ورئيس المجلس الشعبي البلدي على التوالي إذا كان التحكيم متعلق بالولاية والبلدية.
  • الممثل القانوني أو ممثل السلطة الوصية التي تتبعها عندما يكون التحكيم متعلق بمؤسسة عمومية ذات طابع إداري.[6]

ثانيا/ إجراءات التحكيم:

    تنقسم إجراءات التحكيم وفق قانون الإجراءات المدنية والإدارية إلى قسمين:

إجراءات التحكيم الداخلي وإجراءات التحكيم الدولي

1/إجراءات التحكيم الداخلي:

      تتوجه إرادة طرفي الصفقة العمومية إلى التحكيم الداخلي وفق ما نصت عليه المادتين 1007و1011 من قانون الإجراءات المدنية والإدارية، ويتم تعين المحكم باتفاق الطرفين، وفي حالة عدم اتفاقهم يتولى تعين المحكم أو المحكمون من قبل رئيس المحكمة التي يقع في دائرة اختصاصها إبرام العقد أو محل تنفيذه.و يتولى المحكم إنجاز التحقيق وسماع الأطراف.

    إذا لم يحدد الأطراف أجلا للتحكيم يتعين على المحكمين إتمام مهمتهم في ظرف 4 أشهر ابتداء من تاريخ تعينهم، أو من تاريخ إخطار المحكمة التحكيم طبقا لنص المادة1018  ق إ م إ [7]

2/إجراءات التحكيم الدولي:

    الأصل أن تعيين هيئة التحكيم يكون باتفاق طرفي الصفقة العمومية، لكن في حال ظهور وصعوبة في تعيينهم، للطرف الذي يهمه التعجيل أن يرفع الأمر إلى:

  • رئيس المحكمة التي يقع في دائرة اختصاصها التحكيم إذا كان التحكيم يجري في الجزائر.
  • رئيس محكمة الجزائر إذا كان التحكيم يجري في الخارج ، واختار الطرفيين تطبيق قواعد الإجراءات المعمول بها في الجزائر.

   وتجدر الإشارة هنا أن القانون لم يحدد مهلة للتحكيم،و بالتالي فان الأمر يعود لسلطان الإرادة. وإذا لم يمارس سلطان الإرادة خيارا فلا يكون للتحكيم الدولي مهلة[8].

-      نستنتج مما سبق أن تشكيل هيئة التحكيم يكون بموافقة الخصوم، وإذا حدث مايحول دون ذلك، فإن الجهة القضائية هي التي تقوم بالتعيين وفق مقتضيات قانون الإجراءات المدنية والإدارية.و لهيئة التحكيم الاستعانة بخبير أو أكثر.

ثالثا/حجية حكم التحكيم والطعن فيه:

- تفصل محكمة التحكيم في النزاع بحكم يودع لدى كتابة ضبط المحكمة المختصة حتى يمكن إكساؤه الصيغة التنفيذية . وهنا تنقطع علاقة هيئة التحكيم بالحكم نهائيا، إلا ما تعلق منه بالتفسير أو تصحيح الأخطاء المادية.

يتقدم من صدر الحكم لصالحه بطلب قضائي قصد الأمر بالتنفيذ بعدما اكتسى حجية الشئ المقضي فيه، إلا أنها حجية نسبية تسري على طرفي النزاع دون الغير[9].

 -أما بالنسبة للطعن في حكم التحكيم،فرق المشرع الجزائري بين التحكيم الداخلي والتحكيم الدولي:

  • في التحكيم الداخلي:

 أجاز المشرع إمكانية الطعن بالاستئناف في التحكيم الداخلي وفقا لأحكام المادة 1033.كما تكون القرارات الفاصلة في الاستئناف وحدها قابلة للطعن بالنقض.

  • ·       في التحكيم الدولي:

و نصت عليه المادة 1058 من قانون الإجراءات المدنية والإدارية، حيث لا تسري عليه أحكام الطعن في التحكيم الداخلي، ذلك أن أحكام التحكيم الدولية الصادرة في الجزائر يكون متاحا فيها طلب بالبطلان في حالات حددتها المادة 1056 على سبيل الحصر [10] ،أما الأحكام الصادرة في الخارج فلا تقبل الطعن باستثناء.

-      إمكانية استئناف القرار الصادر بالاعتراف أو برفض تنفيذ الحكم حسب المادة 1055 من قانون الإجراءات المدنية والإدارية.

-      إمكانية الطعن بالبطلان في الحكم الدولي الصادر في الجزائر في حالات المادة1056 من قانون الإجراءات المدنية والإدارية.

     في الأخير، يمكننا القول أن باب التحكيم فتح أمام منازعات الصفقات العمومية،وهو أمر تم استنتاجه من خلال الربط بين المواد 800، 975 والمادة 1006 من قانون الإجراءات المدنية والإدارية من جهة، والمادة 06 من المرسوم الرئاسي 15/247 سالف الذكر، وذلك في إطار ما قضت به المادة 153 من نفس المرسوم ،أي في حال عدم التوصل إلى حل ودي يقضي بإيجاد التوازن المالي للتكاليف المترتبة على كل طرف من الطرفين في منازعات تنفيذ الصفقات العمومية.



[1]1- يبدو واضحا  التحول النوعي الذي طرا على التشريع الجزائري  في مجال التحكيم، و بالذات بالنسبة للمنازعات التي تكون الدولة أو الولاية أو البلدية أو المؤسسات العمومية ذات الصبغة الإدارية طرفا فيها، بالانتقال من مرحلة حظر التحكيم، إلى مرحلة جواز اللجوء إليه،  أين قنن المنع القاطع باللجوء إلى التحكيم بنص المادة 442من قانون الإجراءات المدنية الملغى، و التي جاء فيها  " لا يجوز للدولة و للأشخاص الاعتباريين العموميين أن يطلبوا التحكيم انظر: فراح مناني، التحكيم طريق بديل لحل النزاعات، دار الهدى، الجزائر، 2010،ص 128و أيضا قمر عبد الوهاب،التحكيم في منازعات العقود الإدارية في القانون الجزائري، دار المعرفة، الجزائر، 2009، ص 120.

 

[2]-Ching-LangLin, L’arbitrage en matière de contentieux des contrats administratif : dans une perspective comparée, Thèse de doctorat en droit, Ecole Doctorale de science politiques, Soutenu le 30 juin 2014, p 06.

[3]-حيث جاء في المادة 153 فقرة أخيره من المرسوم الرئاسي 15/247 سالف الذكر: ".... يخضع لجوء المصالح المتعاقدة في إطار تسوية النزاعات التي تطرأ عند تنفيذ الصفقات العمومية المبرمة مع متعاملين متعاقدين أجانب إلى هيئة تحكيم دولية،بناءا على اقتراح من الوزير المعني للموافقة المسبقة أثناء اجتماع الحكومة."

[4]- طيب قبايلي، التحكيم في عقود الاستثمار بين الدول ورعايا الدول الأخرى على ضوء اتفاقية واشنطن، رسالة لنيل درجة دكتوراه تخصص قانون، كلية الحقوق والعلوم السياسية، جامعة مولود معمري،تيزي وزو 2012، ص 22.

[5]- Ching-Lang Lin, Op.Cit, p10.

[6]- أنظر نص المادة 975 من قانون الإجراءات المدنية والإداريةسالفالذكر .

[7]- أنظر نص المادة 1018 من قانون الإجراءات المدنية والإدارية سالف الذكر والتي أضافت في فقرتها الأخيرة أنه"يمكن تمديد هذا الأجل بموافقة الأطراف،وفي حالة عدم الموافقة عليه يتم التمديد وفقا لنظام التحكيم،وفي غياب ذلك يتم من طرف رئيسي المحكمة المختصة. لا يجوز عزل المحكمين خلال هذا الأجل إلا باتفاق جميع الأطراف."

[8]- أنظر المادة 1041 من قانون الإجراءات المدنية والإدارية سالف الذكر.

- أنظر المواد 116، 1031، 118 من قانون الإجراءات المدنية والإدارية سالف الذكر.             [9]

[10]- حيث جاء في نص المادة 1056 من قانون الإجراءات المدنية والإدارية سالف الذكر ما يلي: "لا يجوز استئناف الأمر القاضي بالاعتراف أو بالتنفيذ إلا في الحالات الآتية:

1- إذا فصلت محكمة التحكيم بدون اتفاقية تحكيم أو بناء على اتفاقية باطلة أو انقضاء مدة الاتفاقية.

2- إذا كان تشكيل محكمة التحكيم أو تعيين المحكم الوحيد مخالفا للقانون.

3- إذا فصلت محكمة التحكيم كما يخالف المهمة المسندة إليها.

4- إذا لم يراع مبدأ الوجاهية.

5- إذا لم تسبب محكمة التحكيم حكمها، أو إذا وجد تناقض في الأسباب.

6- إذا كان حكم التحكيم مخالفا للنظام العام الدولي".

1.4. القسم الرابع : الصلح والوساطة

     جاء في نص المادة 153 من المرسوم 15/247 المتضمن تنظيم الصفقات العمومية و تفويضات المرفق العام في فقرتها الأولى "تسوى النزاعات التي تطرأ عند تنفيذ الصفقة في إطار الأحكام التشريعية والتنظيمية المعمول بها" ما يعني أن منازعات تنفيذ الصفقات العمومية تخضع للإجراءات المقررة في قانون الإجراءات المدنية والإدارية 08/09،أي ما تضمنه هذا القانون من وسائل ودية لحل النزاعات. والتي تتمثل أساسا في الصلح والوساطة إلى جانب التحكيم والتظلم الإداري الذي سبق الإشارة إليها، لذا سنتناول في هذه الجزئية كل من الصلح والوساطة كآليات ودية لفض منازعات تنفيذ الصفقات العمومية.

اولا/إجراء الصلح:

    ورد تعريف الصلح في المادة 459 من القانون المدني بنصها:"الصلح عقد ينهي به الطرفان نزاعا قائما أو سيتوفيان به نزاعا محتملا، وذلك بأن يتنازل كل من منهما على وجه التبادل على حقه"[1]. وعليه فإن الصلح وسيلة قانونية هامة لتسوية النزاعات بطريقة وديه، وأجاز المشرع اللجوء إليه في جميع النزاعات، حيث نصت المادة 04 من ق إ م إ "يمكن للقاضي إجراء الصلح بين الأطراف أثناء سير الخصومة في أي مادة كانت" والتي من بينها المنازعات الناشئة في الصفقات العمومية .

    وكان المشرع الجزائري قد حدد الإطار القانوني للصلح إضافة للمادة 4 من ق إ م إ في موضعين من المادة 970 إلى 974 ومن المادة 990 إلى 993[2]باعتباره آلية وقائية وعلاجية قد يتم بسعي من أطراف النزاع أو من طرف القاضي (بعد موافقة الأطراف المتنازعة) ،في أي مرحلة تكون فيها الدعوى. وهو إجراء جوازي طبقا لأحكام المواد 970 و990 التي بدأت بعبارة "يجوز..."

    في حال تصالح الطرفين يحرر محضر، بذلك يوقع من طرف الخصوم والقاضي وأمين الضبط، يودع بأمانة ضبط الجهة القضائية المختصة، ونظرا لأهمية الصلح في فض المنازعات[3]فقد رفعه المشرع الجزائري إلى مصف السندات التنفيذية حسب المادة 600/8 ق إ م إ بنصها :" إن السندات التنفيذية هي..... محاضر الصلح أو الاتفاق المؤشر عليها من طرف القضاة والمودعة بأمانة الضبط"

وكذا المادة 993ق إ م إ بنصها:" تعد محضر الصلح سندا تنفيذيا لمجرد إيداعه بأمانة الضبط" وعليه فإن الصلح يؤدي إلى تسوية النزاع  وغلق الملف وانقضاء الدعوى، أماني حال عدم التوصل إليه فإن باب القضاء يبقي مفتوحا لفض النزاع.

ثانيا/الوساطة: La Médiation

    تعتبر الوساطة من الآليات القانونية الجديدة لتسوية النزاعات، تم استحداثها لما تتمتع به من مزايا ،كونها توفر الوقت والجهد والنفقات عل الخصوم،  تناولها المشرع الجزائري في قانون الإجراءات المدنية الإدارية وخصص لها 12 مادة من المادة 994 إلى 1005[4]تناول من خلالها الإطار القانوني لهذه الآلية الودية دون إعطاء تعريف لها.

يمكن تعريف الوساطة باللجوء إلى الفقه على أنها:" آلية تقوم على أساس تدخل شخص ثالث محايد في المفاوضات بين طرفين متخاصمين. حيث يعمل هذا المحايد على تقريب وجهات النظر بين الطرفين وتسهيل التواصل بينهما ومساعدتهما على إيجاد تسوية مناسبة لفض النزاع[5] ".الأصل في الوساطة أنها تتم في شكلين.

إما وساطة تعاقدية: تبني على اتفاق الأطراف في اللجوء إلى وسيط في حال ظهور و نزاع بينهما.

وساطة قضائية: وهي التي تتم بمسعى من القاضي[6].

لكن المشرع الجزائري أخد بالوساطة القضائية دون التعاقدية عملا بنص المادة 994 ق إم إ في فقرتها الأولى"يجب على القاضي عرض إجراء الوساطة على الخصوم في جميع المواد، باستثناء قضايا شؤون الأسرة والقضايا العمالية وكل ما من شأنه أن يمس بالنظام العام...." والتي لم تستثني منازعات الصفقات العمومية.

  • جعل المشرع من الوساطة إجراء وجوبي على القاضي، لكنه لا يصبح نافذا إلا بقبول الخصمين له، ويتم تعيين الوسيط الذي قد يكون شخص طبيعي أو معنوي. ويبقي القاضي متابعا لإجراءات القضية، وله سلطة واسعة في إتخاذ التدابير التي من شأنها المساهمة في حل النزاع.
  • عملية الوساطة قد تكون مطلقة تشمل كل النزاع أو جزء منه،ومدتها لا تتعدى 03 أشهر على الأكثر يمكن تجديدها مرة واحدة بطلب من الوسيط وبموافقة الخصوم[7].
  • تنهي الوساطة بطريقين:

-   دون تحقيق الهدف منها و ذلك من طرف القاضي بناءا على طلب الخصوم، أو بطلب من الوسيط نفسه، أو من تلقاء نفسه، أو بعدم التوصل لحل يرضي الطرفين لتستكمل الطريق القضائي لحل النزاع

أو بعدم التوصيل لحل يرضي الطرفين.

-   بتحقيق الهدف منها،أي بتوصل الوسيط إلى حل يرضي الطرفين، فيحرر الوسيط محضرا يوقعه هو والخصوم ويصادق عليه القاضي بموجب أمر لا يقبل أي طعن، بحيث يعد محضر الإتفاق من السندات التنفيذية.

في الأخير يمكننا القول أن كل من الصلح والوساطة هي وسائل ودية لحل النزاعات عموما ،ومنازعات الصفقات العمومية خصوصا ،كما أشارت إليه المادة 135/1ق إم إ ضمنا ،لكنها في الواقع غير مجسدة فعليا في مجال الصفقات العمومية.

من خلال هذا العرض لآليات التسوية الودية لمنازعات الصفقات العمومية يمكننا القول أن التسوية الودية لمنازعات الصفقات العمومية تمتاز بإجراءاتها السهلة والبسيطة، والتي تبحث بشكل جدي لوضع حل نهائي لهذه المنازعات بصيغة ودية رضائية ، الأمر الذي ينتج عنه اختصار للجهد والوقت والمال في تجاوز النزاع.



[1]- هذا التعريف الوارد بنص المادة 459 من القانون المدني الجزائري (الأمر75/58، المؤرخ في 26 سبتمبر 1975 المتضمن القانون المدني المعدل والمتمم)، يشمل الصلح بمسعى من الخصوم أو الصلح بالتراضي للمزيد أنظر: رشيد خلوفي، قانون المنازعات الإدارية، الجزء الثالث، ديوان المطبوعات الجامعية، الجزائر العاصمة، 2011، ص 215.

[2]- المواد 970 إلى 974 من ق إم إ وردت في الكتاب الرابع المتعلق ب "الإجراءات المتبعة أمام الجهات القضائية الإدارية". والمواد من 990 إلى 993 وردت في الكتاب الخامس المتعلق ب "الطرق البديلة لحل النزاعات".

[3]- أنظر: المواد991 و992 من قانون الإجراءات المدنية والإدارية سالف الذكر .

[4]- حذسيت كمال، الوساطة، الطرق البديلة لحل النزاعات، مجلة المحكمة العليا، عدد خاص الجزء الثاني، 2008، ص572.

[5]-بنسالم اوديجا،الوساطة كوسيلة من الوسائل البديلة لقض المنازعات،الطبعة الأولى، دار القلم، الرباط، المغرب 2012 ،ص 35

[6]- Philippe Charrier , La Prescription de la Médiation Judiciaire,Centre Max Weber , 2016 , disponible au : http://www.gip-recherche-justice.fr/wp-content/uploads/2018/01/14-33-La-prescription-de-la-m%C3%A9diation-Synth%C3%A8se.pdf .Consulter le 15/09/2017

[7]2-راجع المادة 996.ق إ م إ