1. المحور الثاني : التسوية الودبة لمنازعات الصفقات العمومية

      إن اللجوء إلى القضاء ليس هو الطريق الوحيد لحل كل منازعات أشخاص القانون العام،ذلك أن التطور الحاصل في القانون الإداري طور وسائل وإجراءات ووسائل بديلة لتسوية النزاعات وحلها خارج الدعوى القضائية،توفيرا للجهد والوقت وتقليصا لحجمها في المستقبل خاصة، وأن القضاء بطئ بطبيعته حتى في أرقي دول العالم.فأغلب الدول تعاني من طول عمر النزاع بسبب ثقل الإجراءات وكثرة الطعون التي رسمها القانون ،وغالبا ما ينجر عنهذا تراكم القضايا أمام المحاكم، و شعور المتقاضي بعدم الأمان لدور القضاء.

     وأمام الأهمية البالغة التي تكتسيها الصفقات العمومية، وأثرها البالغ في تطوير الاقتصاد،من خلال تنفيذ البرامج والخطط الاستثمارية،وتفاديا للعراقيل التي تحول دون تنفيذها بسبب وقوع منازعات بشأنها قد تتسبب في تأخير تنفيذها، و من ذلك إلى تعطيل عجلة التنمية، تدخل المشرع الجزائري بالبحث عن آليات وحلول لتسوية هذه المنازعات،تعتبر بمثابة حلول بديلة للحل القضائي، نص عليها قانون الإجراءات المدنية والإدارية 08/09 المؤرخ في 25 فيفري 2008، الذي يعتبر القاعدة العامة والأصل. كما تدخل قانون الصفقات العمومية 15/247و خصص قسما كاملا بعنوان "التسوية الودية للنزاعات" يحتوي على ثلاث مواد 153،154،155.

حيث جاء في نص المادة 153 "تسوى النزاعات التي تطرأ عن تنفيذ الصفقة في إطار الأحكام التشريعية والتنظيمية المعمول بها.

يجب على المصلحة المتعاقدة دون المساس بتطبيق أحكام الفقرة أعلاه، أن تبحث عن حل ودي للنزاعات التي تطرأ عند تنفيذ صفقاتها كلما سمح هذا الحل بما يأتي:

  • إيجاد التوازن للتكاليف المترتبة على كل طرف في الطرفين.
  • التوصل إلى أسرع إنجاز لموضوع الصفقة.
  • الحصول على تسوية نهائية أسرع وبأقل تكلفة."

    كما قدم قانون الصفقات العمومية 15/247 طريقا آخر لتسوية منازعاتها، من خلال الطعن أمام اللجان المختصة ،زيادة على حق الطعن المنصوص عليه في قانون الإجراءات المدنية والإدارية وذلك في نص المادة 82.

وتم الاعتراف أخيرا ب"التحكيم" كآلية فعالة في تسوية المنازعات الإدارية عموما، ومنازعات الصفقات العمومية على وجه الخصوص، بعد أن كان يتخذ موفقا معارضا لإعمال هذه الآلية لمدة طويلة من الزمن، وذلك من خلال إفراد مواد له في قانون الإجراءات المدنية والإدارية في المواد من 976 و975 ،1006 إلى 1061 أين سمح بتطبيق هذه الآلية على منازعات الصفقات العمومية بنص المادة 1006 في فقرتها الأخيرة.و عليه سنتطرق إلى الحل الودي للنزاع ثم عرض النزاع على لجنة التسوية الودية كما سنتناول الطعن الإداري الذي يتم أمام لجان خاصة لننتهي في الأخيرإلى الطرق المنصوص عليها في قانون الإجراءات المدنية و الإدارية و هي التحكيم الوساطة و الصلح.