2. المحور الثاني: التسوية الودية لمنازعات الصفقات العمومية في مرحلة تنفيذ الصفقة

2.1. الجزء الأول: ضرورة عرض منازعات تنفيذ الصفقات العمومية على المصلحة المتعاقدة لحلها وديا

ألزمت المادة 153 من المرسوم الرئاسي 15/247، المصلحة المتعاقدة على وجوب اللجوء إلى الحل الودي للنزاعات التي تطرأ عند تنفيذ صفقاتها المتعلقة أساسا بالجوانب المالية المترتبة عن تنفيذها، وأن تبحث عن حل نهائي لها، بحيث يتعين أن تهدف من هذه التسوية:

-       إيجاد التوازن للتكاليف المترتبة على كل طرف من الطرفين: فإذا ظهرت ظروف أثناء التنفيذ أدت إلى اثقال كاهل المتعاقد المتعامل بنفقات كبيرة، فإنه يجب على المصلحة المتعاقدة أخذ تلك الظروف بعين الاعتبار، وذلك بمحاولة إعادة التوازن المالي للصفقة، بحيث تتفاوض مع المتعاقد بصورة ودية وتحاول انصافه بأن تتحمل معه جزء من تلك الأعباء.

-       التوصل إلى أسرع انجاز لموضوع الصفقة: يتعين على المصلحة المتعاقدة أن تسوي النزاعات الناشئة اثناء تنفيذ الصفقة بأسلوب ودي، وهذا حتى لا تتعطل تنفيذ المشاريع التنموية التي قد تكون النزاعات سببا في عرقلة انجازها وسيرها على وتيرة سليمة.

-       الحصول على تسوية نهائية أسرع وبأقل التكاليف: أكد المشرع على عامل الزمن لتسوية النزاع واشترط أن تكون التسوية نهائية للنزاع بحيث لا يجب أن يثار النزاع مرة أخرى.

لذلك فإنه يتعين على المصلحة المتعاقدة أن تبحث عن الحل الودي في أسرع وقت بما يكفل مواصلة تنفيذ موضوع الصفقة في آجالها المحددة في العقد[1]. كما اشترط المشرع أن تراعي المصلحة المتعاقدة عند إجرائها للصلح الإداري أو التسوية أن يكون بأقل التكاليف وأن تتجنب طول الإجراءات.

وبالإضافة إلى ذلك فإن المشرع اشترط على المصلحة المتعاقدة أن تبحث على العناصر المتعلقة بالقانون أو الوقائع لإيجاد حل ودي ومنصف، في إطار الشروط الواردة في المادة 53 وأن تتقيد باحترام أحكام التشريع والتنظيم المعمول به، لذلك فإن كل اتفاق يخالف ما جاء به التشريع أو التنظيم لحل النزاع وديا يعد باطلا وعديم الأثر.  

كما ألزم المشرع المصلحة المتعاقدة بأن تدرج التسوية الودية كشرط في دفتر الشروط ، حيث لم يكتف المشرع بإلزام المصلحة بهذه التسوية فقط وإنما جعلها شرط في الصفقة حتى تلزم المتعامل المتعاقد بإجرائها تطبيقا لقاعدة "العقد شريعة المتعاقدين".    

ملاحظة: في حالة حدوث اتفاق بين المصلحة المتعاقدة والمتعاقد المتعامل تحرر المصلحة مقررا تثبت فيه ما تم الاتفاق عليه والالتزامات الجديدة الموكلة للطرفين.

أما في حالة فشل المفاوضات أو الصلح الإداري أمام المصلحة المتعاقدة، فإنه يجوز للمتعاقد المتعامل (الجزائري) إما اللجوء إلى القضاء المختص أو اللجوء إلى لجنة التسوية الودية المختصة، فالأمر بالنسبة إليه جوازي وليس وجوبي، وهو ما يفهم من نص المادة 155 من المرسوم[2].

غير أنه من المستحسن أن يلجأ الشاكي إلى وضع شكواه لدى لجنة تضم اعضاء ذووا خبرة وكفاءة، خيرا له من أن يتنازل عن هذه التسوية باللجوء إلى القضاء، كما أن لجوءه للجنة سوف يتسنى له النظر في نزاعه بسرعة وبأقل التكاليف.



[1] - عمار بوضياف، شرح تنظيم الصفقات العمومية، دار جسور للنشر والتوزيع، الجزائر، 2011، ص. 314.

[2] - تنص المادة 155: "يمكن المتعامل المتعاقد والمصلحة المتعاقدة عرض النزاع على اللجنة".