القسم الثاني: الآليات الودية لتسوية منازعات الصفقات العمومية في إطار المرسوم الرئاسي 15/247

الموقع: Plateforme pédagogique de l'Université Sétif2
المقرر: منازعات الصفقات العمومية
كتاب: القسم الثاني: الآليات الودية لتسوية منازعات الصفقات العمومية في إطار المرسوم الرئاسي 15/247
طبع بواسطة: Visiteur anonyme
التاريخ: Wednesday، 8 May 2024، 3:02 PM

الوصف

قد يترتب على ابرام الصفقات العمومية مشاكل ونزاعات تتطلب حلها بالطرق الودية، وذلك ربحا للوقت والجهد وكذا لضمان السرعة في الانجاز. وهو ما حرص المشرع على تأكيده من خلال ما ورد في قانون الصفقات العمومية، معتبرا أن الحل الودي هو الأصل الذي يتعين على الأطراف اللجوء إليه قبل عرض نزاعهم أمام القضاء.

لذلك فقد خصص المشرع في المرسوم الرئاسي 15/247 المتضمن تنظيم الصفقات العمومية وتفويضات المرفق العام قسمين: قسم تحت عنوان "الطعون" التي ترفع أمام لجان الصفقات العمومية، بالنسبة للنزاعات الناشئة في مرحلة ابرام الصفقات [1] (الجزء الأول)، وقسما آخر بعنوان "التسوية الودية للنزاعات" التي تثار في مرحلة تنفيذ الصفقات العمومية [2] (الجزء الثاني).



[1] - أنظر المادة 82 من المرسوم الرئاسي 15/247.

[2] - أنظر المواد: 153 - 154- 155 من المرسوم الرئاسي 15/247.

1. المحور الأول: الطعن أمام لجان الصفقات العمومية لتسوية النزاع في مرحلة ابرام الصفقة العمومية

نصت المادة 164 من المرسوم الرئاسي 15/247 على أن تحدث لدى كل مصلحة متعاقدة مذكورة في المادة 6 من المرسوم [1] لجنة للصفقات العمومية، تمارس اختصاص الرقابة القبلية الخارجية للصفقات العمومية[2] في حدود مستويات الاختصاص المحدد في المادتين 173 و 184 من المرسوم. كما تختص هذه اللجان حسب المادة 169 من المرسوم بتقديم مساعدتها في مجال تحضير الصفقات العمومية، وإتمام ترتيبها، ودراسة دفاتر الشروط والصفقات والملاحق. كما منحت المادة 82 من المرسوم الرئاسي 15/247 للجان الصفقات العمومية المحدثة لدى المصلحة المتعاقدة صلاحية النظر في الطعون المرفوعة اليها من قبل المتعهد الصفقة الذي يحتج في مرحلة الابرام على المنح المؤقت للصفقة أو إلغائها، أو عند إعلان المصلحة المتعاقدة  عدم جدوى الصفقة أو إلغاء الإجراء سواء في إطار إجراء طلب العروض أو في إجراء التراضي بعد الاستشارة. إذ تلعب لجان الصفقات العمومية[3] دورا هاما في تسوية النزاعات الناشئة في مرحلة الابرام من خلال دراستها للطعون المرفوعة إليها من قبل المتعهدين الذين قدموا عطاءاتهم ويحتجون على الاختيار الذي قامت به المصلحة المتعاقدة، لاسيما في اطار طلب العروض، حيث يفترض على المصلحة المتعاقدة الالتزام بمبادئ الصفقات العمومية القائمة على المنافسة والشفافية والمساواة.

وقد أوضحت المادة 82 كيفية رفع الطعون أمام هذه اللجان من قبل المتعهدين، وكذا كيفية الفصل فيها.



[1] - حسب المادة 6 من المرسوم الرئاسي 15/247 فإن كل من: الدولة، الجماعات الإقليمية، المؤسسات العمومية ذات الطابع الإداري، المؤسسات العمومية الخاضعة للتشريع الذي يحكم النشاط التجاري، عندما تكلف بانجاز عملية ممولة كليا أو جزئيا، بمساهمة مؤقتة أو نهائية من الدولة أو الجماعات الاقليمية, تعد مصلحة متعاقدة.

[2] - نشير إلى أن المشرع قام من خلال المرسوم 15/247 بإعادة هيكلة هيئات الرقابة الخارجية للصفقات العمومية، حيث ألغى بصفة نهائية اللجان الوطنية للصفقات العمومية والمتمثلة في: اللجنة الوطنية لصفقات الأشغال، اللجنة الوطنية لصفقات اللوازم، اللجنة الوطنية لصفقات الدراسات والخدمات. كما ألغى اللجان الوزارية.

 وحسب الاستاذ خضري حمزة فإن هدف المشرع من هذا الالغاء هو لأجل القضاء على مركزية الرقابة على الصفقات العمومية والتخفيف من حدة البيروقراطية من جهة أخرى. أنظر: خضري حمزة، "الرقابة على الصفقات العمومية في ضوء القانون الجديد"، مداخلة مقدمة في اطار اشغال اليوم الدراسي حول "تنظيم الصفقات العمومية وتفويضات المرفق العام، المنظم من طرف كلية الحقوق والعلوم السياسية، جامعة محمد خيضر، بسكرة، يوم 17/12/2015.

[3] - تنقسم لجان الصفقات العمومية إلى قسمين: لجان الصفقات العمومية للمصالح المتعاقدة، وتتمثل في: اللجنة الجهوية للصفقات العمومية (المادة 171)، لجنة الصفقات للمؤسسات العمومية الوطنية والهيكل غير الممركز للمؤسسة العمومية ذات الطابع الإداري (المادة 172)، اللجنة الولائية للصفقات (المادة 173)، اللجنة البلدية للصفقات (المادة 174)، لجنة الصفقات للمؤسسات العمومية المحلية والهيكل غير الممركز للمؤسسات العمومية الوطنية ذات الطابع الإداري (المادة 175). وقد بين المشرع التركيبة البشرية لكل لجنة وصلاحياتها. وتعد اللجنة الجهوية للصفقات العمومية و لجنة الصفقات للمؤسسات العمومية المحلية والهيكل غير الممركز للمؤسسات العمومية الوطنية ذات الطابع الإداري من اللجان التي استحدثها المرسوم الرئاسي 15/247.

 اللجنة القطاعية للصفقات العمومية التي بينت المواد من 179 إلى 190 اختصاصاتها وتشكيلتها. 

1.1. الجزء الأول: كيفية رفع الطعن أمام لجنة الصفقات العمومية

أكدت الفقرة الثانية من المادة 82 على أنه لكي يسمح للمتعهدين بممارسة حقهم في الطعن لدى لجنة الصفقات المختصة، يجب على المصلحة المتعاقدة أن تبلغ في إعلان المنح المؤقت للصفقة عن نتائج تقييم العروض التقنية والمالية لحائز الصفقة العمومية مؤقتا، ورقم تعريفه الجبائي عند الاقتضاء. وأن تشير إلى اللجنة المختصة بدراسة الطعن ورقم التعريف الجبائي للمصلحة المتعاقدة، وهذا حتى يتمكن الطاعن من معرفة الجهة المختصة بنظر طعنه، ومن ثم لا يخطئ في توجيه طعنه.

كما بينت هذه المادة ميعاد رفع الطعن، حيث اشترطت على المتعهد المتضرر أن يرفع طعنه في أجل أقصاه 10 أيام ابتداء من تاريخ أول نشر لإعلان المنح المؤقت للصفقة في النشرة الرسمية للمتعامل العمومي أو في الصحافة أو في بوابة الصفقات العمومية، في حدود المبالغ القصوى المحددة في المادتين 173 و184 من المرسوم، مع مراعاة امتداد المواعيد في حالة تزامن اليوم العاشر مع يوم عطلة أو يوم راحة قانونية، يمتد الميعاد إلى أول يوم عمل يليه. ويقع على رافع الطعن اثبات وجه خرق القانون أو صورة التمييز بين المتنافسين.

1.2. الجزء الثاني:كيفية الفصل في الطعن من طرف لجنة الصفقات العمومية

تقوم اللجنة المختصة بعد تلقيها للطعن المرفوع إليها من قبل المتعهد بدراسة مختلف الحجج المقدمة إليها من الناحية الشكلية والموضوعية، فإذا تبين للجنة بأنها غير مختصة وبأن الطعن رفعها إليها عن طريق الخطأ، فإنها لا ترفض الطعن وإنما يتولى رئيس هذه اللجنة إعادة توجيهه إلى لجنة الصفقات المختصة، مع اخبار المتعهد بذلك، مع الأخذ بعين الاعتبار عند دراسة الطعن تاريخ استلامه الأول[1].

ويتعين على اللجنة أن تصدر قرارها في أجل 15 يوم يبدأ من تاريخ انقضاء أجل 10 أيام المحددة للطعن وأن تقوم بتبليغه لكل من المصلحة المتعاقدة والمتعهد صاحب الطعن، ويعتبر قرار اللجنة ملزما لكلا الطرفين.

غير أنه مع ذلك فإنه إذا كان القرار غير مرض بالنسبة للمتعهد، فإنه بإمكانه رفع دعوى أمام الجهة القضائية المختصة.



[1] - انظر المادة: 82 من المرسوم الرئاسي 15/247.

2. المحور الثاني: التسوية الودية لمنازعات الصفقات العمومية في مرحلة تنفيذ الصفقة

أكد المشرع من خلال المواد 153، 154، والمادة 155 من المرسوم الرئاسي 15/247، على ضرورة اللجوء إلى التسوية الودية للنزاعات التي تطرأ عند تنفيذ الصفقة، واسند مهمة ذلك وجوبا للمصلحة المتعاقدة.

 كما أجاز للطرفين أيضا في حالة فشل التسوية أمام المصلحة المتعاقدة، اللجوء إلى لجنة تكلف خصيصا بمهمة تسوية النزاعات الناشئة في مرحلة التنفيذ بطريقة ودية بين الطرفين وهي "لجنة التسوية الودية للنزاعات". 

2.1. الجزء الأول: ضرورة عرض منازعات تنفيذ الصفقات العمومية على المصلحة المتعاقدة لحلها وديا

ألزمت المادة 153 من المرسوم الرئاسي 15/247، المصلحة المتعاقدة على وجوب اللجوء إلى الحل الودي للنزاعات التي تطرأ عند تنفيذ صفقاتها المتعلقة أساسا بالجوانب المالية المترتبة عن تنفيذها، وأن تبحث عن حل نهائي لها، بحيث يتعين أن تهدف من هذه التسوية:

-       إيجاد التوازن للتكاليف المترتبة على كل طرف من الطرفين: فإذا ظهرت ظروف أثناء التنفيذ أدت إلى اثقال كاهل المتعاقد المتعامل بنفقات كبيرة، فإنه يجب على المصلحة المتعاقدة أخذ تلك الظروف بعين الاعتبار، وذلك بمحاولة إعادة التوازن المالي للصفقة، بحيث تتفاوض مع المتعاقد بصورة ودية وتحاول انصافه بأن تتحمل معه جزء من تلك الأعباء.

-       التوصل إلى أسرع انجاز لموضوع الصفقة: يتعين على المصلحة المتعاقدة أن تسوي النزاعات الناشئة اثناء تنفيذ الصفقة بأسلوب ودي، وهذا حتى لا تتعطل تنفيذ المشاريع التنموية التي قد تكون النزاعات سببا في عرقلة انجازها وسيرها على وتيرة سليمة.

-       الحصول على تسوية نهائية أسرع وبأقل التكاليف: أكد المشرع على عامل الزمن لتسوية النزاع واشترط أن تكون التسوية نهائية للنزاع بحيث لا يجب أن يثار النزاع مرة أخرى.

لذلك فإنه يتعين على المصلحة المتعاقدة أن تبحث عن الحل الودي في أسرع وقت بما يكفل مواصلة تنفيذ موضوع الصفقة في آجالها المحددة في العقد[1]. كما اشترط المشرع أن تراعي المصلحة المتعاقدة عند إجرائها للصلح الإداري أو التسوية أن يكون بأقل التكاليف وأن تتجنب طول الإجراءات.

وبالإضافة إلى ذلك فإن المشرع اشترط على المصلحة المتعاقدة أن تبحث على العناصر المتعلقة بالقانون أو الوقائع لإيجاد حل ودي ومنصف، في إطار الشروط الواردة في المادة 53 وأن تتقيد باحترام أحكام التشريع والتنظيم المعمول به، لذلك فإن كل اتفاق يخالف ما جاء به التشريع أو التنظيم لحل النزاع وديا يعد باطلا وعديم الأثر.  

كما ألزم المشرع المصلحة المتعاقدة بأن تدرج التسوية الودية كشرط في دفتر الشروط ، حيث لم يكتف المشرع بإلزام المصلحة بهذه التسوية فقط وإنما جعلها شرط في الصفقة حتى تلزم المتعامل المتعاقد بإجرائها تطبيقا لقاعدة "العقد شريعة المتعاقدين".    

ملاحظة: في حالة حدوث اتفاق بين المصلحة المتعاقدة والمتعاقد المتعامل تحرر المصلحة مقررا تثبت فيه ما تم الاتفاق عليه والالتزامات الجديدة الموكلة للطرفين.

أما في حالة فشل المفاوضات أو الصلح الإداري أمام المصلحة المتعاقدة، فإنه يجوز للمتعاقد المتعامل (الجزائري) إما اللجوء إلى القضاء المختص أو اللجوء إلى لجنة التسوية الودية المختصة، فالأمر بالنسبة إليه جوازي وليس وجوبي، وهو ما يفهم من نص المادة 155 من المرسوم[2].

غير أنه من المستحسن أن يلجأ الشاكي إلى وضع شكواه لدى لجنة تضم اعضاء ذووا خبرة وكفاءة، خيرا له من أن يتنازل عن هذه التسوية باللجوء إلى القضاء، كما أن لجوءه للجنة سوف يتسنى له النظر في نزاعه بسرعة وبأقل التكاليف.



[1] - عمار بوضياف، شرح تنظيم الصفقات العمومية، دار جسور للنشر والتوزيع، الجزائر، 2011، ص. 314.

[2] - تنص المادة 155: "يمكن المتعامل المتعاقد والمصلحة المتعاقدة عرض النزاع على اللجنة". 

2.2. الجزء الثاني: جواز اللجوء لحل النزاع وديا أمام لجنة التسوية الودية للنزاعات

هي لجنة احدثها المرسوم 15/147 إذ لم تكن منصوص عليها في المرسوم السابق، حيث بينت المادة 154 و 155 منه على صلاحياتها وتشكيلتها وكذا اجراءات الفصل في النزاع المعروض عليها، إذ أن المتعامل المتعاقد لا يلجأ إليها إلا في حالة عدم التوصل إلى حل للنزاع القائم أثناء تنفيذ الصفقة العمومية بين المتعامل المتعاقد والمصلحة المتعاقدة وفق أسلوب التفاوض المباشر بينهما، فقد أجازت المادة 153 أن يحال النزاع أمام اللجنة المختصة بحسب طبيعة ونوع الصفقة المبرمة، لأجل إيجاد حل ودي، منصف وسريع للنزاع المالي القائم بين المصلحة المتعاقدة والمتعاقد المتعامل الجزائري. ويتعين عليها عند حلها للنزاع أن تلتزم بالبحث في العناصر القانونية والوقائع المرتبطة بالنزاع.

الفرع الأول: أنواع اللجان المختصة بالتسوية الودية للنزاعات القائمة في مرحلة تنفيذ الصفقة:

وحسب المادة 154 فإن هناك نوعان من اللجان المختصة بالتسوية الودية للنزاع القائم في مرحلة التنفيذ، وذلك بحسب طبيعة الصفقة، وهما:

1- لجنة التسوية الودية للنزاع في الوزارة والهيئة العمومية الوطنية: هي لجنة يتم انشاؤها لدى كل وزارة ومسؤول هيئة عمومية.

مهامها: تتولى هذه اللجنة مهمة تسوية النزاعات الناجمة عن تنفيذ الصفقات العمومية مع متعاملين اقتصاديين وطنيين وتتمثل في:

-       منازعات تنفيذ الصفقات العمومية التي تثيرها الإدارة المركزية ومصالحها الخارجية.

-       منازعات تنفيذ الصفقات العمومية التي تثيرها الهيئة العمومية والمؤسسات العمومية الوطنية التابعة لها.

تشكيلتها: تتشكل لجنة التسوية الودية للنزاعات في الوزارة والهيئة العمومية حسب المادة 154  من المرسوم 15/247 من رئيس وثلاثة أعضاء، وهم:

-ممثل عن الوزير أو مسؤؤول الهيئة العمومية رئيسا.

- ممثل عن المصلحة المتعاقدة.

- ممثل عن الوزارة المعنية بموضوع النزاع.

- ممثل عن المديرية العامة للمحاسبة.

يتم اختيار هؤلاء الأعضاء بناء على كفاءتهم في الميدان المعني، حيث يتم تعيينهم بموجب مقرر من مسؤول الهيئة العمومية أو الوزير، ويجوز لرئيس اللجنة الاستعانة على سبيل الاستشارة بأي شخص له كفاءة لأجل توضيح أشغال اللجنة، كما يتولى الرئيس تعيين مقرر  للجنة من أعضائها لأجل اعداد تقرير حول مجريات عملية التسوية. أما أمانة اللجنة فإنها تسند إلى رئيسها.

2- لجنة التسوية الودية للنزاعات في الولاية: هي لجنة يتم انشاؤها على مستوى الولاية.

مهامها: تتولى هذه اللجنة حسب المادة 154 مهمة دراسة وتسوية نزاعات الولاية والبلديات والمؤسسات العمومية المحلية التابعة لها، وكذا المصالح غير الممركزة للدولة التي تثار في مرحلة تنفيذ الصفقات العمومية المبرمة مع متعاملين اقتصاديين جزائريين.

تشكيلتها: تتشكل هذه اللجنة حسب المادة 154، من رئيس وثلاثة أعضاء وهم:

-       ممثل عن الوالي، رئيسا،

-       ممثل عن المصلحة المتعاقدة،

-       ممثل عن المديرية التقنية للولاية المعنية بموضوع النزاع،

-       ممثل عن المحاسب العمومي المكلف.

 ويتولى الوالي اختيار الأعضاء وتعيينهم بموجب مقرر، وذلك بحسب كفاءتهم في الميدان، ويجوز لرئيس اللجنة الاستعانة بخبرة كل من له كفاءة توضح أشغال اللجنة، حيث يكون الاستعانة برأيه على سبيل الاستشارة فقط. كما يتولى الرئيس مهمة تعيين مقرر للجنة من الأعضاء، على أن تسند للرئيس مهمة أمانة اللجنة.

ملاحظة 1:

اشترطت المادة 153 على أعضاء اللجنة أن لا يكون قد شاركوا في إجراءات ابرام ومراقبة وتنفيذ الصفقة محل النزاع، وينطبق هذا الشرط سواء على العضوية في لجنة التسوية الودية للنزاع في الوزارة والهيئة العمومية الوطنية أو على العضوية في لجنة التسوية الودية للنزاعات في الولاية.

ملاحظة 2:

ما يلاحظ على تشكيلة لجنة التسوية الودية، سواء لجنة التسوية الودية للنزاع في الوزارة والهيئة العمومية الوطنية أو لجنة التسوية الودية للنزاعات في الولاية، هو وجود عضو يمثل المصلحة المتعاقدة ضمن التشكيلة، وهذا ما يجعلها لجنة غير محايدة، فمن حيث طبيعتها فهي لا هي لجنة تحكيمية لأنها لا تضم ضمن تشكيلتها ممثلا عن المتعامل المتعاقد، ولا هي لجنة قضائية لعدم وجود قاض ضمن التشكيلة، وإنما هي مجرد لجنة إدارية تنشأ داخل تلك الهيئات لتكلف بمهمة التسوية الودية للنزاع الحاصل في تنفيذ الصفقة وتنتهي مهمتها بمجرد اصدار رأيها وتبليغه للأطراف.

وما يؤكد الطابع المؤقت للجنة هو عدم تحديد المشرع لمدة العضوية فيها ولا لمسألة تجديد العضوية، بالإضافة إلى أن هذه اللجنة لا تتشكل إلا إذا نشأ نزاع وتوفق المصلحة المتعاقدة في حلة عن طريق التفاوض المباشر مع المتعامل المتعاقد، ولم يتتوجه هذا الأخير برفع دعوى أمام القضاء.

الفرع الثاني: شروط اللجوء إلى لجنة التسوية الودية المختصة: من خلال تحليلنا للمادتين 153 و154 نخلص إلى أنه يشترط للجوء إلى تسوية النزاع أمام لجنة التسوية الودية المختصة، الشروط التالية:

1- يجب أن يثار النزاع أثناء تنفيذ الصفقة العمومية،

2- يجب أن يعرض المتعامل المتعاقد النزاع على المصلحة المتعاقدة لأجل إيجاد حل ودي للنزاع، وفي حالة فشل المفاوضات وعجز المصلحة المتعاقدة على إيجاد حل يرضي الطرفين، فإنه يمكن لمن له مصلحة اللجوء إلى اللجنة المختصة لتسويته وديا،

3- يجب أن يتعلق النزاع بتنفيذ صفقة عمومية مع متعاملين اقتصاديين جزائريين، أما الأجانب فنصت الفقرة الأخيرة من المادة 153 على أن تفصل النزاعات المتعلقة بها أمام هيئة تحكيم دولية، ويتم ذلك بناء على اقتراح من الوزير المعني، وللموافقة المسبقة أثناء اجتماع الحكومة. ونشير إلى أن الفقرة الأخيرة من المادة 153 نصت على أنه في حالة نشوب نزاع أثناء تنفيذ صفقة مبرمة مع متعاملين متعاقدين أجانب، فإن المصلحة المتعاقدة تلجأ لتسويتها أمام هيئة تحكيم دولية يقترحها الوزير المعني بعد موافقة مسبقة لمجلس الحكومة. غير أنه بالمقابل نص في المادة 213 بأن من بين صلاحيات سلطة ضبط الصفقات العمومية وتفويضات المرفق العام صلاحية البت في النزاعات الناتجة عن تنفيذ الصفقات العمومية المبرمة مع المتعاملين المتعاقدين الأجانب، مما يدفعنا إلى التساؤل التالي: لماذا نص المشرع على هيئة التحكيم الدولية، وفي الوقت نفسه منح لسلطة ضبط الصفقات مهمة البت في النزاعات الناتجة عن تنفيذ الصفقات العمومية المبرمة مع المتعاملين المتعاقدين الأجانب؟ أم أن المشرع قصد بأن هيئة التحكيم الدولية تتخذ قرارات تقبل الطعن أمام سلطة ضبط الصفقات أم أنه قصد بأن ترفع النزاعات مباشرة من قبل المتعامل المتعاقد الأجنبي إلى سلطة الضبط؟. 

الفرع الثالث: طريقة عرض النزاع على لجنة التسوية الودية والفصل فيه:

   1- طريقة عرض النزاع على لجنة التسوية الودية: حددت المادة 155 من المرسوم الرئاسي 15/247 طريقة عرض النزاع أمام اللجنة قصد تسويته وديا، حيث لا يمكن اللجوء إليها إلا في حالة فشل المفاوضات التي تمت على مستوى المصلحة المتعاقدة، لاسيما حول ايجاد توازن للتكاليف المترتبة على كل طرف من الطرفين.

ويتحدد اختصاص كل لجنة بحسب طبيعة المصلحة المتعاقدة؛ فإذا كان النزاع مرتبط بتنفيذ صفقات عمومية ابرمتها الإدارة المركزية أو مصالحها الخارجية أو الهيئة العمومية أو المؤسسات العمومية الوطنية التابعة لها مع متعاملين اقتصاديين جزائريين، فإن اختصاص النظر في النزاع يؤول إلى لجنة التسوية الودية للنزاع في الوزارة والهيئة العمومية الوطنية.

أما إذا كان النزاع مرتبط بتنفيذ صفقات عمومية ابرمتها الولاية أو البلديات التابعة لها أو المؤسسات العمومية المحلية التابعة للولاية أو للبلدية أو المصالح غير الممركزة للدولة مع متعاملين اقتصاديين جزائريين، فإن النزاع يعرض على لجنة التسوية الودية للنزاعات في الولاية.

2- الإجراءات المتبعة في عرض النزاع على لجنة التسوية الودية: أما عن إجراءات عرض النزاع على لجنة التسوية الودية للنزاعات المختصة، فقد بينتها الفقرة الثانية من المادة 155 من المرسوم الرئاسي 15/147، حيث يقوم الشاكي، والذي هو عادة المتعامل المتعاقد، بتوجيه شكواه إما بموجب رسالة موصى عليها مع وصل استلام أو بايداعها مقابل وصل لدى أمانة اللجنة، وتكون الشكوى في شكل تقرير مفصل مرفق بكل وثيقة ثبوتية، ثم يتولى رئيس الجنة بدعوة الجهة المشتكى منها بموجب رسالة موصى عليها مع وصل استلام قصد إعطاء رأيها في النزاع، وعليها إبلاغه لرئيس اللجنة بموجب رسالة موصى عليها مع وصل استلام في أجل أقصاه 10 أيام من تاريخ مراسلتها.   

يجب على اللجنة أن تدرس النزاع في أجل أقصاه 30 يوما من تاريخ جواب الخصم، ويجوز للجنة أن تقوم بالتحقيق في النزاع عن طريق استدعاء الطرفين لسماعهم، ولها أن تطلب منهم ابلاغها بكل معلومة أو وثيقة من شأنها توضيح أعمالها،بمعنى أن تمكن الطرفين من إبداء أوجه الدفاع. ووفقا للقواعد العامة فإن العضو المقرر هو من يتولى عملية التحقيق.

تنتهي مهمة اللجنة بإصدارها لرأي مبرر ومؤسس على ضوء المعلومات والوثائق المقدمة لها، ويتم ذلك بحضور أغلبية أعضاء اللجنة، حيث يقوم العضو المقرر بتلاوة تقريره في جلسة مغلقة، وبعد المداولة بصدر الرأي بأغلبية الأصوات وفي حالة التساوي يرجح صوت الرئيس.

تتولى أمانة اللجنة المتمثلة في رئيسها بتبليغ الرأي لطرفي النزاع عن طريق رسالة موصى عليها مع وصل استلام، كما ألزم المشرع اللجنة بإرسال نسخة من الرأي إلى سلطة ضبط الصفقات العمومية وتفويضات المرفق العام.   

ما يميز رأي اللجنة أنه رأي غير ملزم لأي من الأطراف خاصة المصلحة المتعاقدة التي لها الحق وحدها في تقدير مدى تحقق الرأي الصادر عن لجنة التسوية للغايات المحددة في المادة 153، لذلك فهي لها السلطة التقديرية في قبول أو رفض رأي اللجنة، وهو ما يفهم من الفقرة الأخيرة من المادة 155 من المرسوم، حيث أشارت إلى أنه: "... يجب على المصلحة المتعاقدة أن تبلغ قرارها في رأي اللجنة للمتعامل المتعاقد بالرفض أو بالقبول في أجل أقصاه 8 أيام ابتداء من تاريخ تبليغها برأي اللجنة، ويجب أيضا أن تعلم اللجنة بقرارها".

ونشير إلى أن الفرق بين عمل لجان الصفقات ولجنة التسوية الودية هو أن الاولى تنظر في الطعون التي يرفعها لها المتعهدون في مرحلة ابرام الصفقة أي قبل التعاقد لذلك فهي لا تسوي النزاع وديا عن طريق التفاوض المباشر بين الطرفين، وإنما دورها هنا مراقبة مدى التزام الادارة بمبادئ الصفقات عند اجراء طلب العروض أو عند إجراء التراضي بعد الاستشارة، لذلك فإن قرارات اللجنة تتمتع بالإلزامية، على خلاف لجنة التسوية الودية التي ينحصر دورها في محاولة تقريب وجهات النظر وإيجاد حل للنزاع القائم بين الاطراف المتعاقدة عند تنفيذ الصفقة، فتصدر رأي غير ملزم للمصلحة المتعاقدة التي لها السلطة التقديرية في الأخذ به أو رفضه. لكن في كل الحالات فإن اللجوء إلى هذه اللجان غير ملزم للأطراف سواء المتعهدين أو المتعاقدين، إذ يمكنهم عرض نزاعهم على الجهة القضائية المختصة. 

النتيجة:

إن التسوية الودية للنزاعات الناشئة في مرحلة تنفيذ الصفقات سوف يؤدي إلى نهاية النزاع إداريا دون اللجوء إلى القضاء، مما يخفف العبء على هذه الأخيرة من جهة، ويوفر الجهد والوقت للطرفين من جهة أخرى، كما أن وجود لجنة لتسوية النزاع على مستوى الولاية سوف يقضي على طرح النزاع على الجنة واحدة على المستوى الوطني كالتي كانت في ظل المرسوم 10/236 الملغى، حيث كانت كل النزاعات ترفع إلى لجنة الوطنية مركزية  قصد تسويتها.

 نخلص إلى أن المشرع اعتبر التسوية الودية هي الحل الأمثل لحسم النزاع في مرحلة التنفيذ أمام المصلحة المتعاقدة، التي اشترط عليها المشرع أن تدرج في دفتر الشروط اللجوء لإجراء التسوية الودية للنزاعات قبل كل مقاضاة أمام العدالة.

يتضح لنا من خلال قراءتنا للمادة 153 أن لجوء المصلحة المتعاقدة إلى التسوية الودية يكون بالنسبة لكل الصفقات مهما كانت طبيعتها أو جنسية المتعاقدين، أي سواء كانت الصفقة مبرمة مع متعاملين متعاقدين جزائريين أو متعاملين متعاقدين أجانب. كما تعد التسوية أمام المصلحة المتعاقدة إجراء وجوبي يقيد المتعاقد من اللجوء إلى القضاء.