2. تاريخ الصوتيات العامة و مناهج الدراسة فيها

2.2. مناهج الدراسة في الصوتيات

تعتبر مناهج البحث بالنسبة لأي فرع من فروع العلم بمثابة الدستور الذي ينظم هذا الفرع .(بركات حمزة حسن ،2008، ص7) بحيث نجد ديكارت يقول "خير لك أن تترك البحث عن الحقيقة ،من أن تبحث عنها بغير طريقة أو منهج "(محمد الرويني ،2009 ،ص 69) و يعرف المنهج هو الطريق المؤدي للكشف عن الحقيقة في العلوم المختلفة وذلك عن طريق جملة من القواعد العامة التي تسيطر على سير العقل وتحدد عملياته حتى يصل إلى نتيجة مقبولة.

و لقد اهتم بالبحث في الصوتيات منذ القدم و اتبع في ذلك منهج الدراسات اللغوية المختلفة ،ومن بين المناهج المعتمد نجد المنهج المقارن و الذي يتمثل في دراسة الظواهر الصوتية و الصرفية و النحوية و المعجمية المتشابهة في اللغات التي تنطوي تحت أسر لغوية واحدة ،أو فرع من أفرع الأسر اللغوية الواحدة ،و يرى ماريو باي أنه أفضل المناهج في الدراسة اللغوية ،نظرا لاعتماده على كلام الناس و حديثهم في الحكم على صحة اللغة بغض النظر عن موافقة هذا الكلام أو مخالفته لما دونته كتب اللغة و يرى أنصار هذا المنهج أن العناية في تعليم اللغات ينبغي أن توجه أولا إلى النطق ،ثم تلي ذلك الكتابة التي تختلف عن النطق "(محمد الرويني ،2009 ،ص77).و من بين الإسهامات نجد تلك التي قام بها العالم البريطاني سويت (Henry SWEET ,1845-1972) و هو أحد العلماء الذين اعتنوا بتطوير الدراسات الصوتية حيث أنه ربط الدراسات التاريخية بالأعضاء الصوتية (أحمد مومن ،2008 ،ص 171)

كما ظهر في أوربا و على يد دي سوسير المنهج الوصفي إذ يعود له الفضل في بيان هذا المنهج و إظهار منافعه في الدرس اللغوي بحيث نجده يقول "إن موضوع الدراسة اللغوية الوحيد و الحقيقي هو اللغة التي ينظر إليها كواقع قائم بذاته و يبحث فيها لذاته" و بهذا يكون ديسوسير أول من تفطن إلى دراسة اللغة دراسة علمية ،تقوم على الوصف و التحليل بعد التسجيل و الرصد و الملاحظة " محمد الرويني 2009، ص 84"إلا اننا نجد في كتب الأولين غير ذلك حيث اعتمد العرب أثناء دراساتهم الصوتية على منهج علمي موضوعي قائم على الملاحظة الدقيقة كما هي في الواقع.–كما أشرنا سابقا- ،كما نجد و خلال القرن التاسع عشر ميلادي ،انكب جمع من علماء بريطانيا على دراسة الأصوات اللغوية دراسة وصفية موضوعية (أحمد مومن ،2008 ،ص170)،ومن بينهم عائلة بال على رأسهم ألكسندر مالفيل بال Alexander Malville BELL صاحب كتاب "الكلام المرئي ،علم الأبجدية العالمية" و بعده نجد الإبن ألكسندر بال Alexander Graham BELL مخترع جهاز الهاتف و بهذا نجد أن لهذه العائلة أثر عظيم في تطو الدراسات الصوتية و علاقتها بعلوم الاتصال (أحمد مومن ،2008) .كما قام الفنان الاسباني جراسيا بوضع طريقة لرؤية الحنجرة و تعرف بمرآة جارسيا ،أفاد منها العلماء بعد ذلك في الأغراض الطبية ،وفي سنة 1854 ظهر كتاب بعنون "أسس فيسيولوجيا و سستماتيكية أصوات اللغة" للعالم الفيسيولوجي بتريك و قد خصصه للغويين و معلمي الصم البكم ،و ضل على هذا المنهج حتى دخل إلى الميدان العالم الفيزيائي الفيسيولوجي هيلم هواترز بكتابه "علم إدراك الصوت" فأحدث بذلك ثورة في هذا الجانب من الدراسات الفيزيولوجية و الفيزيائية حيث أدخل منهج فيزيائي في معالجة الصوت الانساني إلى جانب المنهج الفيسيولوجي و كان له أثر كبير(عبد العزيز أحمد علام ،عبد الله ربيع محمود ،2009 ،ص 27) . و مع الانفجار التكنولوجي ،منح لدارسي الأصوات فرصة استخدام المنهج التجريبي في الدراسة الصوتية ،و هذا من خلال توفير أجهزة وأدوات متطورة لقياس الصوت (الخصائص الفيزيائية) و قياس السمع و كذلك أجهزة طبية كجهاز التصوير الحنجري لمعرفة ألية اصدار الأصوات المختلفة و بذلك يعد منهج الصوتيات الحالي هو المنهج التجريبي بالنظر إلى طبيعة موضوع الدراسة و المتمثل في الصوت كوحدة محسوسة قابلة للقياس و التجريب.