ماهية الصوتيات

Site: Plateforme pédagogique de l'Université Sétif2
Cours: الصوتيات العامة
Livre: ماهية الصوتيات
Imprimé par: Visiteur anonyme
Date: Friday 22 November 2024, 07:46

Description

يتمثل هذا المحور مدخل للمقياس بحيث سنتناول  فيه ماهية الصوتيات و تاريخها و أهم مناهجها و كذا  مختلف ميادينها

1. تعريف الصوتيات العامة و موضوعها

تتمثل الصوتيات العامة قسم من أقسام المستوى الصوتي و يهتم بدراسة الصوت بمعزل عن النظام اللغوي

1.1. تعريف الصوتيات العامة

تمثل الدراسة الصوتية المستوى الأول من مستويات التحليل اللساني ،و يهتم البحث اللساني في هذا المستوى بدراسة الأصوات اللغوية من عدة جوانب ،و باعتبارات مختلفة من بينها أنها وحدات صوتية مستقلة و منعزلة عن السياق الكلامي و يسمى العلم الذي يهتم بهذا الجانب بعلم الأصوات العام و يختص ببيان مخارج الأصوات ،و طرق النطق بها و صفاتها ،و كذا كيفية انتاجها و انتقالها و استقبالها و ادراكها على مستوى مناطق الادراك في الجهاز العصبي.و منه علم الأصوات (الفوناتيك) يدرس الأصوات كظاهرة إنسانية عامة، ومن هنا فهو يختص بالكلام من ثنائية (اللغة والكلام)

و تعرف الصوتيات على أنها الدراسة العلمية لأصوات الكلام وفق المناهج المعتمدة في العلوم الطبيعية ،فهي تهتم بدراسة الأصوات بعيدا عن النظام اللغوي ،و كذا بمعزل عن المدلول. أي كمادة محسوسة قابلة للقياس و التجريب ،و يعتبر بعض اللغويين و من بينهم Jakobson (1976) أن دراسة الصوت اللغوي في حد ذاته ،و كذا دراسة الصوت اللغوي من الناحية الحركية و الفيزيائية و بعيدا عن وظيفته في التواصل ،لا تنتمي بصورة مباشرة إلى ميدان اللسانيات .و انما يعد من موضوع بحث لمختلف الميادين العلمية الفيزيائية و الفيزيولوجية و بالتالي فهي من العلوم الملحقة باللسانيات.

نجد (F.Brin-Henry ,C.Courrier , E.Lederlé ,V.Masy ;2012,P213) يعتبرون الصوتيات كفرع من العلوم اللسانية التي تدرس طرق انتاج و استقبال الأصوات اللغوية ،و تهتم بصورة خاصة بالسيرورات الفيزيولوجية للكلام و كذا أجهزة التصويت ،و المكونات الفيزيائية للأصوات ،و قد ساعدت التقنيات العلمية المتطورة (Radiographie ,Cinématographie, Spectrographie) الصوتيات في التحليل الموضوعي و الدقيق للمميزات النطقية و الفيزيائية للصوت ،و تعتبر الصوتيات النطقية أقدم فروعها و تهتم بصورة خاصة بالمظاهر الفيزيائية و الفيزيولوجية لإنتاج الأصوات ،و هذا من خلال دراسة حركة أجهزة التصويت (مخارج الأصوات ،الصفة النطقية ...)في حين تهتم الصوتيات الفيزيائية بالخصائص الفيزيائية (الشدة ،الارتفاع ، الطايع ،المدة )كما تتشارك و تساهم في البحث عن الانتظامية في الكلام.

تبحث الصوتيات في الكشف عن مختلف خصائص أصوات اللغة كمادة محسوسة بطرق تجريبية .

ويندرج ضمن المستوى الصوتي جانبين: جانب فيزيولوجي و فيزيائي ويسمى علم الأصوات العام، وجانب وظيفي ويطلق عليه علم الأصوات الوظيفي (الفونولوجيا). و يندرج موضوع درسنا في الجانب الأول ألا و هو علم الأصوات العام.

1.2. وحدة التحليل الصوتي

وحدة التحليل الصوتي (موضوعها)

الصوت هو الأثر السمعي الذي ينتج من ذبذبة مستمرة ومطردة لجسم من الأجسام، قد يسمع ذلك من احتكاك جسم بجسم آخر أو اصطدامه به أو يسمع من الآلات الموسيقية الوترية والنفخية أو من جهاز النطق عند الإنسان فالأثر السمعي من حيث هو ظاهرة فيزيائية، ينتقل عبر واسطة قد تكون هذه الواسطة محيطا غازيا، أو سائلا أو صلبا، وبذلك يتم التواصل وتتحقق العملية البلاغية .

و يعرف ابن فارس الصوت الصاد والواو والتاء أصل صحيح وهو الصوت، وهو جنس لكل ما وقر في أذن السامع ، ويقول الاصبهاني:الصوت هو الهواء المنضغط عن فرع جسمين وذلك ضربان: أحدهما: صوت مجرد عن تنفس بشيء، كالصوت الممتد. والأخر: بنفس بصوت ما، وهو ضربان أيضا : أحدها: غير اختياري، كما يكون من الجمادات ومن الحيوان والآخر: اختياري كما يكون من الإنسان وذلك ضربان أيضا: ضرب باليد: كصوت العود وما يجري مجراه وضرب بالفم والذي بالفم ضربان: نطق وغير نطق، وغير النطق كصوت الناي، والنطق منه إما مفرد عن الكلام وإما مركب كأحد أنواع الكلام.

و بالنسبة لنا يتمثل موضوع الصوتيات العامة في الصوت اللغوي المفرد البسيط الذي يمكن له أن يخضع للقياس والتحليل الآلي أي أن (Phone) وحدة صوتية لغوية صغرى قابلة في ذاتها للقياس بالآلات الحساسة: بمعنى أنه يعتبر كوحدة محسوسة قابلة للتجريب، أي أنه تتم دراسته دراسة علمية موضوعية تهدف إلى تقديم التفسير الكافي للأثر الصوتي من الناحيتين الفيزيولوجية والفيزيائية.

إن الوحدات الأساسية للغة المنطوقة هي "الوحدة الصوتية" وهي أصوات الكلام الفردي والتي يتم تمثيلها عن طريق رمز مفرد-يتم إنتاجها عن طريق تناسق معقد من الأصوات والتجويفات الصوتية والحنجرة والشفاه واللسان والأسنان، وعندما تعمل هذه الأعضاء جميعا بشكل جيد فإنه يكون بمقدور شخص ما له ألفة (معرفة) باللغة المنطوقة أن يدرك ويفهم --بسرعة- الأصوات الناتجة(سولسو، 1996، ص 462). و منه فالصوت هو الركيزة و المقوم المادي للسان و هو حد التحليل اللغوي و نهايته و أصغر قطعة في النظام اللغوي .

عناصر الصوت اللغوي :  فيزيائية بما أنه صوت . فيزيولوجية لأنه يصدر من الجهاز الصوتي البشري .  نفسانية صوتية لأنه مدرك بكيفية خاصة.(خولة طالب الابراهيمي،2006،ص43

2. تاريخ الصوتيات العامة و مناهج الدراسة فيها

للصوتيات تاريخ قديم و هو علم له موضوع خاص به للدراسة و هذا وفق مناهج محددة المعلم و الشروط

2.1. تاريخ الصوتيات

في هذا الميدان نجد أن الفكر الإنساني قد اهتم في فترة مبكرة جدا من عمر الحضارة الإنسانية بالظاهرة الصوتية ،ويعود ذلك في جوهره إلى دور الأصوات في اكتمال النظام التواصلي بين أفراد المجتمع البشري

عند الهنود

 نجد الهنود وعلى رأسهم العالم بانيني أول من قدم وصف دقيق للأصوات اللغوية من ناحية تطقها في تاريخ الإنسانية بحيث يقول جورج مونان في هذا الشأن "الأمر الذي يدهشنا في القواعد الهندية أنها قامت في التحليل اللغوي الثاني، وكان الهنود يعنون عناية قصوى باستبقاء اللفظ الصحيح للعبارات الدقيقة مما أدى إلى تدوين أول وصف للأصوات اللغوية"(أحمد حساني، 1999، ص 57)

عند اليونان

انشغل المفكرون والفلاسفة اليونان بالظاهرة اللغوية بكل مستوياتها منها ما هو صوتي ومنها ما هو تركيبي ودلالي إذ أن جل دراساتهم تناولت طبيعة النظام التواصلي بين أفراد المجتمع البشري وهي تعتبر مرجع علمي صحيح إلى حد الساعة، ويتبدى اهتمامهم بالدراسة الصوتية، خاصة في نظام الكتابة

عند العرب

أما فيما يخص الدراسات اللغوية العربية فقد تأثرت بالتحول الفكري والحضاري الذي أحدثه القرآن الكريم، وأحسن دليل على اهتمام العرب بالظاهرة الصوتية هو أن الأساس الأولي المعول عليه في وضع المعايير التأسيسية للنحو العربي، كان الصوت من حيث هو ظاهرة فسيولوجية قابلة للملاحظة المباشرة، حيث نجد قصة أبي الأسود الدؤلي حينما هم بوضع ضوابط لقراءة القرآن الكريم:"إذا رأيتني قد فتحت فمي بالحرف فأنقط نقطة فوقه على أعلاه، فإن ضممت فمي فأنقط نقطة بين يدي الحرف وإن كسرت فاجعل النقطة تحت الحرف، فإن اتبعت شيئا من ذلك غنه فاجعل مكان النقطة نقطتين".

ومن خلال هذا القول يمكن أن نستنتج ما يلي:

  • استخدام منهج علمي موضوعي قائم على الملاحظة الدقيقة كما هي في الواقع.
  • أنه يهدف إلى وضع ضوابط للأداء الفعلي انطلاقا من القراءة الصحيحة للقرآن الكريم وهي القراءة التي تخضع للكفاية اللغوية للسان العربي.
  • إن النظام القواعدي نشأ من بدايته في رحاب معاينة الظاهرة الصوتية.
  • *مصطلحات المميزات الوظيفية (حركات الإعراب) عند العرب أساسها الجانب الفيزيولوجي من الظاهرة الصوتية.
  • من خلال هذه الدراسة الواقعية تتجلى أهمية الصوت في اللغة الإنسانية.

 كما نجد الفراهدي قد اهتم هو أيضا بالأصوات اللغوية إذ نجد أول من اخرج معجم عربي يؤسس ترتيب مواده على مخارج الأصوات ويسمى "العين" نسبة إلى أول صوت حلقي حسب ترتيب الأصوات عند الخليل ،أما سيبويه فقد تناول موضوع الأصوات اللغوية تناولا شاملا من حيث المخارج والصفات والحالات الطارئة أثناء تأليفها وتركيبها في السياق اللغوي.

كما أوضع ابن الجني في كتابه "سير صناعة الإعراب" الصوت من الناحية العضوية والوظيفية إذ قدم وصفا دقيقا لجهاز النطق عند الإنسان فقال :"شبه بعضهم الحلق والفم بالناي، فإن الصوت يخرج فيه مستطيلا أملس ساذجا كما يجري الصوت في الألف غفلا بغير صنعة فإذا وضع الزامر أنامله على خروق الناي المنسوقة، وراوح بين أنامله، اختلفت الأصوات وسمع لكل خرق منها صوت لا يشبهه صاحبه، فكذلك إذا قطع الصوت في الحلق والفم باعتماد على جهات مختلفة كان سبب استماعنا هذه الأصوات المختلفة ونظير ذلك أيضا وترا لعود، فإن الضارب إذا ضربه وهو مرسل سمعت له صوتا، وإذا حصر آخر الوتر ببعض أصابعه سيراه أدى صوتا آخر فإن أدناه قليلا سمعت غير الاثنين ثم كذلك أدنى أصبعه من أول الوتر تشكلت لديك أصداء مختلفة إلا أن الصوت الذي يؤديه الوتر فعلا غير محصور نجده بالإضافة إلى ما أداه وهو مضغوط محصور أملس مهتزا ويختلف ذلك بقدر قوة الوتر وصلابته وضعف الصوت ورخاوته، فالوتر في هذا التمثيل كالحلق والخفة بالمضراب عليه كأول الصوت من أقصى الحلق وجريان الصوت فيه غافلا غير محصورة كجريان الصوت في الألف الساكنة، وما يعترضه من الضغط والحصر بالأصابع كالذي يعرض للصوت في مخارج الحروف من المقاطع، واختلاف الأصوات هناك كاختلافها هنا".

ومن هنا تظهر لنا جليا أن دراسة الصوت اللغوي عند العرب قد تم بدرجة كبيرة من العمق وذلك بشهادة الباحثين الأوروبيين إذ نجد من بينهم جورج مونان الذي قال بصريح العبارة "منذ القرن الثامن الميلادي كان علماء اللغة في البصرة، يسعون إلى وصف لغتهم وصفا صوتيا وسواءا أكانوا قد أوجدوا تلقائيا علما للأصوات جديرا بأن يذكرنا بالعلامة بانيني، أم أنهم اقتبسوا هذا العلم عنه، فتلك مشكلة على حدة ولكن لابد لنا بادئ ذي بدء أن نعترف بوجود هذا العلم في الأصوات وأنه علم فذ ممتاز"، ثم استشهد بعد ذلك بوصف الرازي للأصوات العربية "لهذه الحروف مجالات ومدرجات، فمجال الحاء والعين والغين والهمزة هو الحلق، ومجال القاف والكاف هو اللهاة ومجال الجيم والضاء والشين هو جانب الفم من ذولق اللسان على حافة الأسنان الأمامية (/ظ/،/ث/،/ ذ/) ومن الحنك الذي ينطق عليه اللسان (/ن/،/د/) /ط/) ومن اللثة (/ص/،/ز/،/س/) ومن جانب الفم (/ر/،/ل/،/ن/) ومن ألفاه (/ف/، /ب/، /م/) أما حروف العلة، الألف، الواو والياء فهي حروف هوائية لأنها تنطلق بلا ضجيج من جوف الفم"  وعلق مونان على هذا القول "وما من ريب أننا لا نستطيع طوال أوائل العصر الوسيط أن نشاهد في أوروبا حديثا مماثلا".  لم تقف اسهامات العلماء العرب عند تعريف الأصوات، بل تعدت ذلك الى أن طبقوا مبادئ علم الفيزياء في الأصوات على الموسيقى وذلك نحو عام 425هـ(1033م).  (Amyde La Brétéque, 1997, P 220)

2.2. مناهج الدراسة في الصوتيات

تعتبر مناهج البحث بالنسبة لأي فرع من فروع العلم بمثابة الدستور الذي ينظم هذا الفرع .(بركات حمزة حسن ،2008، ص7) بحيث نجد ديكارت يقول "خير لك أن تترك البحث عن الحقيقة ،من أن تبحث عنها بغير طريقة أو منهج "(محمد الرويني ،2009 ،ص 69) و يعرف المنهج هو الطريق المؤدي للكشف عن الحقيقة في العلوم المختلفة وذلك عن طريق جملة من القواعد العامة التي تسيطر على سير العقل وتحدد عملياته حتى يصل إلى نتيجة مقبولة.

و لقد اهتم بالبحث في الصوتيات منذ القدم و اتبع في ذلك منهج الدراسات اللغوية المختلفة ،ومن بين المناهج المعتمد نجد المنهج المقارن و الذي يتمثل في دراسة الظواهر الصوتية و الصرفية و النحوية و المعجمية المتشابهة في اللغات التي تنطوي تحت أسر لغوية واحدة ،أو فرع من أفرع الأسر اللغوية الواحدة ،و يرى ماريو باي أنه أفضل المناهج في الدراسة اللغوية ،نظرا لاعتماده على كلام الناس و حديثهم في الحكم على صحة اللغة بغض النظر عن موافقة هذا الكلام أو مخالفته لما دونته كتب اللغة و يرى أنصار هذا المنهج أن العناية في تعليم اللغات ينبغي أن توجه أولا إلى النطق ،ثم تلي ذلك الكتابة التي تختلف عن النطق "(محمد الرويني ،2009 ،ص77).و من بين الإسهامات نجد تلك التي قام بها العالم البريطاني سويت (Henry SWEET ,1845-1972) و هو أحد العلماء الذين اعتنوا بتطوير الدراسات الصوتية حيث أنه ربط الدراسات التاريخية بالأعضاء الصوتية (أحمد مومن ،2008 ،ص 171)

كما ظهر في أوربا و على يد دي سوسير المنهج الوصفي إذ يعود له الفضل في بيان هذا المنهج و إظهار منافعه في الدرس اللغوي بحيث نجده يقول "إن موضوع الدراسة اللغوية الوحيد و الحقيقي هو اللغة التي ينظر إليها كواقع قائم بذاته و يبحث فيها لذاته" و بهذا يكون ديسوسير أول من تفطن إلى دراسة اللغة دراسة علمية ،تقوم على الوصف و التحليل بعد التسجيل و الرصد و الملاحظة " محمد الرويني 2009، ص 84"إلا اننا نجد في كتب الأولين غير ذلك حيث اعتمد العرب أثناء دراساتهم الصوتية على منهج علمي موضوعي قائم على الملاحظة الدقيقة كما هي في الواقع.–كما أشرنا سابقا- ،كما نجد و خلال القرن التاسع عشر ميلادي ،انكب جمع من علماء بريطانيا على دراسة الأصوات اللغوية دراسة وصفية موضوعية (أحمد مومن ،2008 ،ص170)،ومن بينهم عائلة بال على رأسهم ألكسندر مالفيل بال Alexander Malville BELL صاحب كتاب "الكلام المرئي ،علم الأبجدية العالمية" و بعده نجد الإبن ألكسندر بال Alexander Graham BELL مخترع جهاز الهاتف و بهذا نجد أن لهذه العائلة أثر عظيم في تطو الدراسات الصوتية و علاقتها بعلوم الاتصال (أحمد مومن ،2008) .كما قام الفنان الاسباني جراسيا بوضع طريقة لرؤية الحنجرة و تعرف بمرآة جارسيا ،أفاد منها العلماء بعد ذلك في الأغراض الطبية ،وفي سنة 1854 ظهر كتاب بعنون "أسس فيسيولوجيا و سستماتيكية أصوات اللغة" للعالم الفيسيولوجي بتريك و قد خصصه للغويين و معلمي الصم البكم ،و ضل على هذا المنهج حتى دخل إلى الميدان العالم الفيزيائي الفيسيولوجي هيلم هواترز بكتابه "علم إدراك الصوت" فأحدث بذلك ثورة في هذا الجانب من الدراسات الفيزيولوجية و الفيزيائية حيث أدخل منهج فيزيائي في معالجة الصوت الانساني إلى جانب المنهج الفيسيولوجي و كان له أثر كبير(عبد العزيز أحمد علام ،عبد الله ربيع محمود ،2009 ،ص 27) . و مع الانفجار التكنولوجي ،منح لدارسي الأصوات فرصة استخدام المنهج التجريبي في الدراسة الصوتية ،و هذا من خلال توفير أجهزة وأدوات متطورة لقياس الصوت (الخصائص الفيزيائية) و قياس السمع و كذلك أجهزة طبية كجهاز التصوير الحنجري لمعرفة ألية اصدار الأصوات المختلفة و بذلك يعد منهج الصوتيات الحالي هو المنهج التجريبي بالنظر إلى طبيعة موضوع الدراسة و المتمثل في الصوت كوحدة محسوسة قابلة للقياس و التجريب.

3. ميادين الصوتيات

تتفرع الدراسة الصوتية إلى ثلاثة أقسام تبعا لعملية إحداث الأصوات و تتم هذه الأخيرة على ثلاث مراحل :  إحداث الأصوات اللغوية.  إرسال هذه الأصوات بواسطة موجة و اهتزاز صوتي عبر الهواء إدراك هذه الأصوات بواسطة الأذن.

المرحلة الأولى هي مرحلة النطق و اخراج الاصوات الى الوجود باستخدام جميع أعضاء الجهاز الصوتي. المرحلة الثانية مرحلة الإرسال تظهر من خلالها البنية الفيزيائية للظواهر الاهتزازية للاصوات اللغوية. أما المرحلة الأخيرة و هي مرحلة الادراك بواسطة الجهاز السمعي أي الأذن و ينتج عن ذلك ظواهر نفسي صوتية ومعينة

4. الكتابة الصوتية

لوحظ على بعض الأبجديات المستعملة في نظم الكتابة العادية أبجديات معيبة و ناقصة من أمثلة ذلك تمثيل صوت الواحد بأكثر من رمز مثل /ZOO/ و تمثيل الصوت البسيط بمجموعة رمزية مثل/th/ في الانجليزية و تمثيل مجموعة صوتية برمز واحد مثل/ x/ ما أدى بعلماء اللغة في التفكير بوضع أبجدية أطلق عليها اسم الأبجدية الصوتية ،هدفها تجنب عيوب الأبجديات المستعملة و تسجيل الكلام تسجيلا صوتيا أو على حد تعبير دي سوسير "تمثيل الأصوات المنطوقة بكل دقة" (لعوامن حمودي ،2002)

وتعود أول محاولة في وضع لغة عالمية إلى القرن السادس ميلادي ،حيث قام العالم اللغوي جون هارت (J.HART) بوضع نظام صوتي يستجيب لمقتضيات الدقة ،و الأمانة العلمية و قد مثل رموز هذا النظام الصوتي بالأبجدية الرومانية.(بن زروق نصر الدين ،2011 ،ص5ما إن حل القرن السادس عشر حتى ازدهرت الدراسات اللغوية في بريطانيا كعلم اللفظ الذي يعنى بضبط النطق الصحيح للحروف و الكلمات و الجمل ،و إصلاح التهجئة الذي يهدف إلى تحسين طريقة الكتابة لتتطابق الفونيمات مع الغرافيمات ...و ابتكار لغات عالمية (أحمد مومن ،2008،ص170)

و من بين العلماء نجد جون ولكنز J.WILKINS الذي استحدث أبجدية صوتية تقوم على أساس عضوي حيث وضع رموزا تستجيب لكل حالات الأعضاء أثناء النطق بالأصوات و هذا يدل على إدراكه لمختلف الصور النطقية التي يمكن أن يشتمل عليها الحرف الواحد(بن زروق نصر الدين ،2011 ،ص54) .و توالت المحاولات لكن أكثرها تأثيرا في الأبجدية العالمية الحالية نجد تلك التي قام بها هنري سويت H.SWEET الذي ألف كتابا بعنوان "كتيب الصوتيات( Handbook of phonetics ,1877) "تناول فيه الكتابة الصوتية و علاقتها بإصلاح التهجئة و تعليم اللغات ،و قد وصف أونيونز (C. T.ONIONS) كتيب سويت ،هذا في قاموس البيوغرافيا الوطنية بأنه لقن أوربا دروسا في الصوتيات ،و جعل من انجلترا مهدا لهذا العلم الحديث(أحمد مومن ،2008 ،ص171) و منه قامت الجمعية الصوتية العالمية التي تأسست سنة 1887 بتبني أبجديته و ذلك بعد أن أدخلت بعض التعديلات عليها و قد تم اعتماد هذا النظام الصوتي المعدل سنة 1888 و شرع في تطبيقه سنة 1889 (حسام البهسناوي ،2004 ،ص 144) نقلا عن (بن زروق نصر الدين ،2011 ،ص55) .