1. توطئة
كان للتقدم الهائل الذي طرأ على الطيران في الوقت الحاضر أثر كبير على الفكر الجيوبوليتيكي، وقد ظهرت بعض الآراء التي تهتم بدراسة العلاقة بين الاثنين في ضوء نظرة عالمية، مع رسم جيواستراتيجية للعالم على أساس القوات الجوية على غرار من رسموا هذه الجيواستراتيجيا على أساس القوات البحرية أو البرية.
وتستمد نظرية القوة الجوية صياغتها الفكرية من افتراض مفاده "أن السيطرة على الجو تتيح إمكانية عالية للسيطرة على الأرض والبحر." هذا الافتراض ورغم بساطته فقد غير الكثير من مفاهيم السوق العسكري ومحاور القوة الجيوبوليتيكية والجيواستراتيجية ذلك أن الخصائص الإستراتيجية للمجال الجوي تعالج في الواقع مضمونه الجيواستراتيجي معتبرة إياه مجالا ينطوي على أهمية فائقة تتجاوز المجالين البحري والبري.
فقد لقد استمر النقاش الجدلي الطويل الذي إستمر طوال العشرين السنة الأخيرة – التي إنتهت بإنتهاء الحرب العالمية الثانية- والتي جعلت اسم 'دوهيه' و'ميتشل' على كل لسان. فقد كان للتقدم الهائل الذي طرأ على الطيران بعد الحرب العالمية الأولى والثانية أثر كبير في قلب موازين القوى لا سيما العسكري، وتغيير التصورات التي كان يقوم عليها الفكر الجيوبوليتيكي الكلاسيكي، يقول'دوهيه' :" لقد كان الكتاب الأولون الذين كتبوا الدراسات الفنية الخاصة عن الشئون الجوية من الناحية العسكرية في الفترة بين بدء جيوش الدول الكبرى الحصول على طائرتها ( سنة 1909) وبين فجر الحرب العالمية الأولى (1914-1918) مثل الروائيين يصورون خيالا للمستقبل.
بناء على سبق من تمهيد لهاته النظرية فانمن ابرز رواد نظرية القوة الجوية نجد كل ‘جيليو دوهيه' و ‘وليم ميتشل' و 'ألكسندر دي سيفيرسكي' وسيتم التركيز فقط على هذا الاخير ،فكيف يمكن ان نفهم نظرية القوة الجوية وفق فرضيات المفكر الروسي "ألكسندر دي سيفيرسكي"؟