المدرسة السوفياتية: نظرية مجال القوة الجوية

الموقع: Plateforme pédagogique de l'Université Sétif2
المقرر: جيوسياسية العلاقات الدولية
كتاب: المدرسة السوفياتية: نظرية مجال القوة الجوية
طبع بواسطة: Visiteur anonyme
التاريخ: Monday، 22 July 2024، 10:20 PM

1. توطئة

كان للتقدم الهائل الذي طرأ على الطيران في الوقت الحاضر أثر كبير على الفكر الجيوبوليتيكي، وقد ظهرت بعض الآراء التي تهتم بدراسة العلاقة بين الاثنين في ضوء نظرة عالمية، مع رسم جيواستراتيجية للعالم على أساس القوات الجوية على غرار من رسموا هذه الجيواستراتيجيا على أساس القوات البحرية أو البرية.

وتستمد نظرية القوة الجوية صياغتها الفكرية من افتراض مفاده "أن السيطرة على الجو تتيح إمكانية عالية للسيطرة على الأرض والبحر." هذا الافتراض ورغم بساطته فقد غير الكثير من مفاهيم السوق العسكري ومحاور القوة الجيوبوليتيكية والجيواستراتيجية ذلك أن الخصائص الإستراتيجية للمجال الجوي تعالج في الواقع مضمونه الجيواستراتيجي معتبرة إياه مجالا ينطوي على أهمية فائقة تتجاوز المجالين البحري والبري.

فقد لقد استمر النقاش الجدلي الطويل الذي إستمر طوال العشرين السنة الأخيرة – التي إنتهت بإنتهاء الحرب العالمية الثانية- والتي جعلت اسم 'دوهيه' و'ميتشل' على كل لسان. فقد كان للتقدم الهائل الذي طرأ على الطيران بعد الحرب العالمية الأولى والثانية أثر كبير في  قلب موازين القوى لا سيما العسكري، وتغيير التصورات التي كان يقوم عليها الفكر الجيوبوليتيكي الكلاسيكي، يقول'دوهيه' :" لقد كان الكتاب الأولون الذين كتبوا الدراسات الفنية الخاصة عن الشئون الجوية من الناحية العسكرية في الفترة بين بدء جيوش الدول الكبرى الحصول على طائرتها ( سنة 1909) وبين فجر الحرب العالمية الأولى (1914-1918) مثل الروائيين يصورون خيالا للمستقبل.

بناء على سبق من تمهيد لهاته النظرية فانمن ابرز رواد نظرية القوة الجوية نجد كل جيليو دوهيه' و ‘وليم ميتشل' و 'ألكسندر دي سيفيرسكي' وسيتم التركيز فقط على هذا الاخير ،فكيف يمكن ان نفهم نظرية القوة الجوية وفق فرضيات المفكر الروسي "ألكسندر دي سيفيرسكي"؟

 

2. ألكسندر دي سيفيرسكي : القوة الجوية مفتاح البقاء

القوة الجوية كمفتاح للبقاء

من أهم الآراء التي جاءت في تحليل الوضع الجيوبوليتيكي للعالم في ضوء القوات الجوية، ما جاء به 'ألكسندر سيغيريسكي' في كتاب له "القوة الجوية مفتاح البقاء Air Power Key to survival" 19500 وهي :

  • رأى أن تكون للولايات المتحدة قوة جوية كبيرة باعتبارها هدفا دفاعيا وعسكريا رئيسيا، فعلى القوات الجوية الامريكية أن تكون  بالقدر الذي لا يسمح لأي قوة أخرى أن تقوم بمغامرات ضدها خوفا من قوة الردع التدميرية للقوات الجوية".

  • ومما جاء أيضا من أفكار ما فحواه:" أن القواعد الجوية من الرفاهية الزائدة، وليس لها أي نفع هجومي أو دفاعي، وأن سياسة الإحتواء أصبحت غير ذات جدوى في مواجهة التغيرات الثورية في فنون الحرب.

  • على ضوء ذلك نصح صناع القرار في الولايات المتحدة بعدم الدخول في حروب صغيرة على الأطراف الخارجية لروسيا (مثل فيتنام)، ما يؤدي إلى إستنزاف لا فائدة منه من الموارد، دون إحداث ضرر فعلي للعدو.

3. الخارطة النظرية لمجال القوة الجوية

وقد رسم سفيرسكي خريطة ذات مسقط قطبي وضع فيها الأمريكتين جنوب القطب وأورو آسيا وأفريقيا في شمال القطب،  وعلى هذا فإن أول تقسيم استخدمه سفيرسكي هو التقسيم المتعارف عليه: العالم القديم والعالم الجديد، وفي هذه الخريطة يتضح أن السيادة الجوية الأمريكية تشتمل على كل الأمريكتين، بينما منطقة السيادة الجوية السوفيتية تغطي جنوب وجنوب شرق آسيا وأفريقيا وجنوب الصحراء الكبرى.

لكن منطقتي النفوذ الجوي تتلاقيان وتتصادمان في مناطق أخرى هي أوروبا الغربية وشمال أفريقيا والشرق الأوسط، فضلا عن أن نفوذ القوة الجوية السوفيتية يغطي أمريكا الشمالية، وبالمثل تغطي القوة الجوية الأمريكية الهرتلاند الأورو آسيوي،

ويرى سفيرسكي أن مناطق تداخل القوى الجوية للدولتين هي مناطق الحسم في أي معركة بينهما، ومن ثم فإن سفيرسكي يرى للقوة الجوية الأثر الحاسم في كسب السيطرة أو السيادة على العالم.

4. الانتقادات الموجهة لنظرية القوة الجوية

بالرغم من الإضافة الجديدة التي جاء بها سفرسكي على اللوحة الجيوبوليتيكية للعالم إلا أن عمله هذا لم يسلم من النقد، وقد دارت الانتقادات الأساسية لعمله حول نقطتين :

  • ارتبطت الأولى بمسقط الخريطة التي اعتمدها سفرسكي في بحثه، فقد أدى المسقط القطبي الذي اعتمده إلى إبعاد فريقيا عن أمريكا الجنوبية بصورة لا وجود لها في الواقع، ومن ثم فإن هذا الابتعاد قد جعل كل من القارتين في حوزة القوة الجوية للسوفييت والأمريكيين على التوالي، بينما في الحقيقة تبعد إفريقيا عن الو.م.أ بالمقدار الذي تبعد به أمريكا عنها.

  • أما النقطة الثانية فمرتبطة بمبدأ أن السيطرة الجوية تقود فورا إلى السيادة العالمية، فلقد تكلم سفرسكي عن الدولتين الكبيرتين فقط مع إشارات خفيفة إلى قوى بريطانيا الجوية، في حين أن الدولة في النصف الشمالي أو الجنوبي من الأرض يمكنها، إذا تجمعت لديها الأسباب التي تجعل منها قوة عسكرية جوية قوية بالإضافة إلى إرادة السيطرة، أن تحصل على السيادة العالمية، خاصة وأننا في عصر تطورت فيه القاذفات الجوية والصواريخ عابرة القارات.

    لكن كلامه يحمل معه بذور نقده، ذلك أن أي دولة — كبيرة أو صغيرة، في النصف الشمالي أو الجنوبي من الأرض — يمكنها، إذا تجمعت لديها الأسباب التي تجعل منها قوة عسكرية جوية قوية، وإذا تكونت لديها الرغبة الأكيدة في النمو والسيطرة السياسية، أن تحصل على السيادة العالمية،

  مثال: الدول الكبرى الصاعدة في مجال القوة الجوية 

مثًلا يمكن لأستراليا أو البرازيل أو الأرجنتين او حتي تركيا أن تحقق تطور في المجال القوة العسكرية الجوية ان تحقق منطقة سيادة جوية خاصة بها ،على غرار القفزة التنكوعسكرية في مجال الاسلحة الجوية و البرية خاصة وأننا في عصر تطورت فيه القاذفات الجوية والصواريخ العابرة للقارات، لكن هذه الأفكار العامة قد تناست إمكانية تدمير السلاح الجوي للدولتين المتعاديتين مًعا.