3. نظرية أن رو Ann Roe

صاحبة هذه النظرية في الاختيار المهني هي ان رو المتخصصة في علم النفس الاكلنيكي ، وقامت بإجراء عدة دراسات حول موضوعات الاختيار المهني والنمو المهني استنادا للسمات الشخصية عند العلماء والفنانين المبدعين وخاصة علما الطبيعة والفيزياء والأحياء

وتوصلت ان رو " الى مكونات عديدة تشكل محددات للاختيار المهني في نظريتها وهي كما يأتي

-       تؤثر خبرات الطفولة في عمليات الاختيار المهني لدى الفرد عند وصوله الى مرحلة اتخاذ قرار هذه الاختيار وأن الأفراد الذين يعملون في مهن ذات توجه انساني وشخصي يتذكرون خبرات طفولتهم المبكرة الدافئة أكثر من الذين يعملون في مهن ليس لها توجه انساني

-       هناك عدة عوامل وراثية في الذكاء والقدرات لا تشكل دليلا واضحا وقطعيا على أهميتها في الاختيار والتوجيه المهني، ولكن نوع الشخص كونه ذكرا أو أنثى تحدده العوامل الوراثية، وأن هناك تباينا في القدرات حيث تتجه قدرات الذكر نحو منحنى معين كالنواحي الميكانيكية، بينما تتجه قدرات الاناث باتجاه النواحي اللغوية مثلا، وأن أسلوب التعبير عن تلك القدرات يدخل ضمن العوامل البيئية

-       ان الأشخاص الذين يعملون في مهن ووظائف وأعمال ذات توجه نحو الناس يظهرون ميلا للاختلاط بالاخرين وبناء علاقات معهم مثل علماء النفس والاجتماع أكثر من الأفراد الذين يعملون في مهن ليس لها توجه نحو الناس مثل علماء الطبيعة والمهندسين

-       ان الأسلوب الذي تتطور به الميول والقدرات الخاصة وعوامل الشخصية الأخرى هو الذي يتحدد بواسطة الاتجاهات والمناحي التي تتصرف بها الطاقة النفسية بصورة تلقائية، فمثلا عندما يذهب الفرد للسوق، فانه يدرك أشياء معينة أو بضائع محدد تكشف عن اهتماماته وميوله الشخصية

-       تتعلق المجالات التي تتصرف فيها الطاقات النفسية للأفراد بنواحي الارضاء والاحباط في الطفولة، وأن هناك عوامل وراثية تحدد حاجات الانسان كالتي حددها" ماسلو" وهي الحاجات الفيزيولوجية كالماء، الطعام، والهواء والحاجات الأمنية كالاستقرار، الأمان، النظام، الحماية والقلق، اضافة الى الحاجات الأخرى كالانتماء وتقدير الاخرين والحب وتقدير الذات

-       أن النواحي الشعورية واللاشعورية تؤثر على انجازات الفرد وأن المحور الأساسي لدافعية الشخص لا تقتصر على قوة الحاجات اللاشعورية وتنظيمها فقط

-       ان النواحي اللاشعورية تؤثر على اختيار الفرد في المجالات المختلفة وأن  توجهات الطاقة النفسية واهتمامها هي المحدد الأساسي للميدان أو الميادين التي يختارها الفرد لنفسه، ولا ينطبق هذا على المهنة فحسب بل يشتمل مجالات الحياة جميعها

-       هناك حاجات ترضى بسهولة عند الفرد وهناك حاجات ترضى بصعوبة وأن الحاجات التي ترضى تمنع ظهور الحاجات التالية وتصبح كأنها دوافع مانعة فالطفل الذي يبدي حبا للاستطلاع في موقف معين فان هذه الحاجة تؤدي الى كف الحاجة الى الاستطلاع في بعض المواقف، وأن الحاجات التي يؤجل ارضائها عند الشخص الى وقت لاحق تصبح محركات دافعية لا شعورية للسلوك وتكون قوية التأثير بقدر مدة  تأجيل الارضاء وأن اختيارات الفرد المهنية مرتبطة بالحاجات التي أجل ارضائها

-       ان الاتجاهات والعلاقات الأسرية والوالدية تنعكس على سلوك الراشد وهي تكون واحدا من ثلاث: الأول تجنب الطفل والثاني تقبله والثالث الاهتمام الزائد به، وأنه يمكن تحديد مجموعات مهنية عديدة ترتبط بسلوك الراشد المهني

-       ان الخصائص التي تميز المجموعة والمستوى الذي سيختاره الفرد يبدأ في الظهور بوقت مبكر جدا على الأقل في مرحلة المراهقة، وأن موقف البيت والأسرة يحدد تلك الخصائص والأنماط الى درجة كبيرة في مرحلة مبكرة من حياة الفرد

يمكن تقسيم  المجموعات المهنية في ضوء ما تقدم الى ثمانية مجموعات هي:

  • وظائف تقوم على تقديم الخدمات
  • وظائف تقوم على الأعمال واتصالات الأعمال
  • وظائف تقوم على نواحي التكنولوجيا
  • وظائف تقوم على الأعمال الثقافية
  • وظائف تقوم على الأعمال العلمية
  • وظائف تقوم على الاتصالات الخارجية
  • وظائف تقوم على الأعمال التنظيمية
  • وظائف تقوم على الأعمال الفنية والترفيهية

أي  أن أن رو قسمت المهن الى ثمان مجموعات تتنوع على، الخدمة، العمل في الخلاء، الأعمال، العلوم، التنظيم، الفنون والتسلية، التكنولوجية، العمل الثقافي العام، ثم قسمت بعد ذلك كل مجموعة الى 6 مستويات تبدأ من 1 وهي أعلى مستوى وتنتهي ب 6 وهو أدنى مستوى

وتعتقد أن رو أن الخصائص التي تميز المجموعة والمستوى الذي سوف يختاره الفرد تبدأ في الظهور في وقت مبكر جدا على الأقل في مرحلة المراهقة " ويجب أن تؤخذ في الاعتبار عند الاختيار المهني، وهي مقتنعة تماما بأهمية أنماط الحياة

رسمت أن رو تصنيفا مهنيا عام 1957 قسمت بموجبه الناس الى فئتين حسب المهن والوظائف التي يتوجهون اليها، وهذا يعكس تأثر التربية المنزلية الأولى والخبرات المبكرة في عهد الطفولة على السلوك والاختيار المهني

وهذان الاتجهان هما:

  1. التوجه نحو المهن التي يغلب عليهاالاهتمام بالعلاقات الشخصية
  2. التوجه نحو المهن التي لا تهتم بالعلاقات الاجتماعية والشخصية

أي أن هناك فروقا في الخصائص الشخصية للناس في مختلف المهن، اذا أن للافراد خلفيات وخبرات طفولية مختلفة ويختلف الناس في توجههم المهني  تبعا لذلك

ولقد صنفت أن رو مستويات العاملين في المهن الى مايلي:

1-  المهني والإداري العالي: مثل العمل كباحث اجتماعي ومدير مبيعات ورئيس وزارة  ومخترع ومهندس بحث وطبيب، قاضي، بروفيسور، مخرج تلفزيزني.

2-  المهني والإداري التنظيمي:  ويعمل الشخص في هذا المجال كمدير مساعد ومدير موظفين، مدير فندق، طيار، عسكري، مهندس وصيدلاني، وفيزيائي وكيميائي وكاهن ومعلم ومعماري.

3-  شبه المهني والاداري: ويعمل الشخص في هذا المجال كممرض ورجل مبيعات ومحاسب وكاتب قانوني، مصور.

4-  مهن ذات مهارة عالية: ويعمل أصحابها ويعمل أصحابها في سلك الشرطة أو باعة في المزاد العلني وكتاب، احصائيين، ونجارين، وتقنيين، ورجال زخارف.

5-  مهن ذات مهارة متوسطة: ويعمل أصحابها كطباخين وباعة متجولين، وسائئقي الشاحنات، وصيادي أسماك وأمناء مكتبات وعارضي أزياء.

6-  مهن بدون مهارة: ويعمل أصابها في مجال التنظيف، باعة صحف، وموزعي بريد، ومساعدي نجارة، وعمال في مزرعة.

أشكال التنشئة الأسرية التي يتعرض لها الطفل وعلاقتها باختياره المهني

ترى أن رو بأن اختلاف الاباء وختلاف أساليبهم التربوية لها أثر في عملية الاختيار والتوجيه المهني لدى الفرد ولقد رأت بأن هناك ثلاث أساليب من التنشئة الاجتماعية ينتج عنها توجهات مهنية مختلفة عند الأفراد، وهذه الأساليب هي

1-  الأسلوب البارد: يكون الأب إما رافضا لابنه أو مهملا له، الأول  يهمل ويجهل ابنه ولا يهتم بمطالبه واهتماماته، والثاني لا يقدم له ما يحتاج إليه من عطف وحنان واهتمام. في كلتا الحالتين يميل الطفل للتوجه لمهن لا تتسم بالتفاعل والتعامل مع الغير، حالة يمكن أن نسميها الانطواء المهني.

2- الأسلوب الدافئ والبارد:  الصنف الأول يتميز بالحماية الزائدة للطفل ويميزه التدليل المفرط، أما الثاني فهو المتسم بالإهمال التام  وللاهتمام. هذا النوع (الحماية/الإهمال) يجعل الفرد ميالا للمهن ذات الأداء العالي، لكن لا تتسم أو لا تسمح بالتفاعل كالأعمال كالأعمال التكنوقراطية والأكاديمية بحتة  فهو يفشل في أي موقف يتطلب التفاعل مع متعامل آخر.

3- الأسلوب الدافئ: يكون الطفل محل اعتناء واهتمام لكن بشكل معتدل غير زائد، يكون الأب أو الأبوان حنونين ويلبيان حاجاته لا سيما المادية أو العاطفية. الطفل الذي يكبر في مثل هذا الجو سيختار مستقبلا المهن التي تسمح، و تتطلب التعامل مع الغير  ومساعدة وخدمة الناس كالمهن الإنسانية: الطب، الشرطة، الحماية المدنية...والاجتماعية كالتربية، التدريس......

تقييم النظرية:

  • لم تحدد ان رو بدقة دور الوراثة ودور الجينات في عملية الاختيار المهني
  • اعتبرت آن رو أن عدم إشباع الفرد لحاجاته العليا في هرم الحاجات سيؤدي الى اختفاء هذه الحاجات، وسيكون عنده تثبيت للحاجات المشبعة والتي ستصبح مسيطرة والحقيقة أن هذه الحاجات تبقى مكبوتة في اللاشعور حتى يتم إشباعها.
  • إن الدراسات التي أجرتها إن رو شملت علماء البيولوجيا والفيزياء وعلماء الاجتماع وهم ليسوا عاديين، ولذلك جاءت نتائجها منطبقة على هذا المجتمع، الأمر الذي لا يمكن تعميمه على بقية أفراد المجتمع.