المحاضرة الثالثة: نظريات وصعوبات التوجيه المهني

Site: Plateforme pédagogique de l'Université Sétif2
Cours: التوجيه المهني وبناء المشروع
Livre: المحاضرة الثالثة: نظريات وصعوبات التوجيه المهني
Imprimé par: Visiteur anonyme
Date: Tuesday 23 July 2024, 05:06

Description

                           

أ‌)    نظريات مفهوم الذات( النظريات الارتقائية)

استندت هذه النظريات في التوجيه والاختيار المهني الى نماذج مفهوم الذات وخاصة تلك النماذج التي بلورها جنزبرغ ودونالد سوبر والتي أكدت على ميل الافراد لتكوين مفاهيم ذاتية محددة تتوضح بمرور الزمن وانهم يكونوا صورا ذهنية عن عالم المهن من حولهم محاولين مقارنتها بالصور التي لديهم عن ذواتهم في اطار اتخاذهم القرارات المهنية.

وتنطلق هذه النظريات من تفسير مفهوم الذات باعتباره التنظيم الديناميكي لمفاهيم الفرد وقيمه وأهدافه ومثله ن والفرد يسعى دائما لتحقيق ذاته في اتجاه الكامل والاستقلال الذاتي. ومن أبرز علماء النفس في نظريات مفهوم الذات كارل روجرز وجينزبرغ ودونالد سوبر.

1- نظرية جينزبرغ:

يرى جينزبرغ بأن هناك أربعة متغيرات أساسية تتحكم في عملية الاختيار المهني، وهي عامل الواقعية ونوع التعلم والعوامل الانفعالية والقيم. إذ يرى جينزبرغ بأن القرارات المهنية التي يتخذها الفرد لا تأتي من فراغ وإنما جاءت لتلبية واقع معين في حياة الإنسان أن لضغط البيئة الاجتماعية والاقتصادية  دورا فيها، ومن ناحية أخرى يرى جينزبيرغ  بأن  العملية التربوية ونوع التعليم ومستواه يلعبان دورا في عملية الاختيار المهني ويرى أيضا بأن اتجاهات الفرد العاطفية وقيمه الشخصية والاجتماعية تلعب دورا آخر فيه، أما من ناحية عملية الاختيار  المهني نفسها، فيرى جينزبرغ  بأنها عملية مستمرة طيلة حياة الإنسان بمعنى أن الإنسان يستطيع أن يختار مهنا مختلفة طيلة حياته وأنه يستطيع أن يوائم بين رغباته الشخصية وإمكانياته مع عالم المهن ومع الفرص المهنية المتاحة له.

فترات الخيارات المهنية عند جينزبرغ:

يرى جينزبيرغ بأن الفرد يمر في فترات مختلفة من الأعمار يتطور من خلالها حتى يستطيع أن يتخذ قرارا مهنيا مناسبا، ففي المراحل الأولى تكون خياراته غير واقعية حتى تصبح في النهاية مناسبة وملائمة له، ويرى جينزبرغ  أن هذه المراحل تتمثل في مرحلة الخيال، والتجريب، والواقع وهي كما يلي:

مرحلة الخيال: وتمتد هذه الفترة من سن (3-11) سنة اذ يتخيل الطفل نفسه في هذه الفترة في مهنة ما من خلال ممارسته لدوره في الألعاب التي يلعب بها مثل الشرطي و الطبيب والممرض  واللص والأب والأم والمعلم والطالب وغيرها من الأدوار الاجتماعية ونرى أن الطفل يميل إلى تفضيل مهنة على أخرى من خلال دوره في هذه الألعاب ويرى جينزبيرغ بأن الأطفال  يرون أنفسهم في ألعابهم التي تمثل المهن التي يفضلونها، وأهم ما يميز مرحلة الخيال المهني عند الأطفال هو عدم الواقعية وفقدان تحديد الزمن، وشعورهم بعدم القدرة الكافية لأن يصبحوا ما يريدون وهم في هذه المرحلة يحاولون تقليد الآخرين وتقليد أدوارهم المهنية إلا أنهم يشعرون بالإحباط بسبب عدم قدرتهم على القيام بذلك وبشكل عام فان خيارات الأطفال في هذه المرحلة تتصف بأنها غير واقعية وأحيانا تكون مثالية جدا وخرافية.

مرحلة التجريب Tentative Stage:

تمتد هذه الفترة من 11 سنة إلى 18سنة وتقسم إلى اربع  مراحل مختلفة:

أ‌)       مرحلة الميل Interest Stage: تمتد من  11-12 سنة وفيها يحدد الطفل ما يحبه وما لا يحبه من المهن أي ما يميل إليه وما لا يميل إليه اخذ بعين الاعتبار قدراته ومدى تحقيق هذه الأعمال لإشباعه وأهم ما يميز خيارات الطفل المهنية في مرحلة الميل أنها غير ثابتة وتأتي نتيجة التأثر  بالوالدين فالقرار المهني يكون غير ثابت لان حياة الطفل الانفعالية والجسدية غير ثابتة أيضا.

ب‌)   مرحلة القدرة Capacity Stage : تمتد هذه المرحلة من 12 سنة الى 14 سنة ويراعى الفرد هنا مستوى قدراته ويدرك بأن كل نشاط يحتاج لقدرا مختلفة وبالتالي فهو يميل لمزاولة النشطات التي يمارسها المعلمون والمربون.

ت‌)  مرحلة القيمة Vallue Stage: وتمتد من 14-18سنة ويدرك الطفل في هذه المرحلة أن الأعمال التي يقوم بها لا تشبع اهتماماته وقدراته فقط بل تقدم خدمة للآخرين.

ث‌)  مرحلة الانتقال  transistion stage: تمتد هذه المرحلة من سن 17-18 سنة وأهم ما يتصف به القرار المهني في هذه المرحلة الواقعية والثبات ويتحمل الفرد مسؤولية قراره المهني ونتائجه ويصبح أكثر استقلالية عما كان عليه قبل اختياره المهني ويكون أكثر قدرة على ممارسة مهاراته بحرية تامة ويدرك تماما متطلبات العمل

ج‌)    الفترة الواقعية Realistic Stage :  وتشمل ثلاث مراحل:

*مرحلة الاستكشاف Exploration : يكون الفرد أكثر قدرة على تحديد أهدافه المهنية ويستطيع أن يختار مهنة من بين المهن الأخرى ليعمل بها.

*مرحلة التبلور: Crystalization يكون الفرد أكثر قدرة على تحديد التخصص أو العمل الذي يناسبه تماما ويستطيع أن يعرف المهن التي لا تتناسب مع ميوله وقدراته، وبعبارة أخرى يكون قد عرف قدراته وميوله تماما وفهم ذاته أيضا، وبلورة فكرة عن ذاته ليختار ذاتا مهنية تناسبها ويكون الفرد أكثر ثباتا واستقرارا في خياره المهني.

مرحلة التخصص Specialization: في هذه المرحلة يكون الفرد قد اختار تماما العمل الذي يريد بعد أن كان قد اكتشف قدراته وميوله ومتطلبات العمل وبلورة فكرة عن العمل الذي يتفق مع هذه الميول والقدرات ومرحلة التخصص تمثل مرحلة الانخراط في العمل والبقاء فيه والاستفادة من عوائده وبدء الإنتاجية فيه

هناك اختلاف بين الأفراد في اجتيازهم لمراحل التوجيه والاختيار المهني وليس بالضرورة أن يجتاز كل فرد المراحل الثلاث التي سبق ذكرها حيث أن أبناء الطبقات الفقيرة اقتصاديا تجبرهم ظروفهم على الانخراط في العمل دون أن يكون متناسبا مع ميولهم وقدراتهم، ذلك أن الحاجة تجبرهم على ذلك.

نقد النظرية:

*لم يذكر جينزبرغ فيما إذا كانت المراحل التي تحدث عنها هي مراحل محددة تماما في حدوثها.

*إن جميع الأفراد ليسو سواء في مرورهم في هذه المراحل، حيث إن المراهقين في الطبقات الفقيرة لا يمرون بمراحل جنزبرغ التي تحدث عنها.

*إن الدراسة التي أجراها جينزبرغ كانت تحمل عينات متجانسة عمريا واقتصاديا وثقافيا الأمر الذي حدد معطيات الدراسة ونتائجها سلفا.

*إن عملية الاختيار المهني  في أيامنا هذه هي عملية مغلقة مفتوحة بمعنى أن الإنسان يستطيع إن يتخذ قرارا مهنيا في أي وقت يشاء

*لم يبين جينزبرغ ورفاقه في هذه النظرية دور العوامل العاطفية والثقافية في عملية الاختيار المهني بالرغم من أنهم قد أكدوا  بان لها دورا في هذه العملية.

ثانيا: نظرية  دونالد سوبر

تعد  من النظريات التي وظفت الإرشاد النفسي في المجال المهني، وقد تأثر صاحبها بآراء روجرز، سارتر وبوردن في مفهوم الذات والتي مفادها أن سلوكات الأفراد ليست سوى انعكاسا لمحاولتهم تحقيق ما يتصورونه عن أنفسهم. نشر نتائج أبحاثه التي مكنته من بناء نظريته هذه في أعقاب 1953. ومثلت انتقاداته لأفكار وأراء جنزبرغ منطلقا لها، بحيث رأى أن فيها نقصا كبيرا، يتمثل في عدم اهتمامها أو إشارتها إلى أثر خبرة الفرد  على نمو الوعي المهني لديه.

مجمل أفكاره أو محتوى نظريته يتلخص في أن الإفراد يميلون إلى اختيار المهن التي يستطيعون بها تحقيق مفهوما عن ذواتهم والتعبير عن أنفسهم. ومن تفاصيل نظريته هو أن المفهوم ينمو عبر السنين ليستقر عند نضج الفرد، وعلى ذلك فان اختيار المهن ينمو أيضا، فلا غريب إن ينتهي أو يزول تفضيل الفرد لمهنة وظهور تفضيله لمهنة أخرى، (مثال كثير ما كنا نتمنى مهنة معينة في طفولتنا ومراهقتنا، ثم غيرناها بأخرى ونحن شباب أو كهول) مع الإشارة إلى أن الاختيار في المراحل الأولى من العمر أو غالبا ما يكون غير موضوعي، مبني على أسباب تأثيرية كأن نتأثر بالوالدين أو الراشدين المحيطين بنا كالمعلم مثلا.

اعتمد سوبر في تطور نظريته على ثلاثة أسس تشكل الإطار العام للنظرية وهي:

أولا: نظرية مفهوم الذات إن تشكيل مفهوم الذات يتطلب من الفرد أن يتعرف على نفسه كفرد متميز وفي نفس الوقت عليه أن يدرك التشابه بينه وبين الآخرين ومفهوم الذات غير ثابت فهو يتغير نتيجة نمو وتطور الفرد العقلي والجسمي والنفسي والتفاعل مع الآخرين ،

ثانيا: علم النفس الفارقي:  يبين سوبر أن أي فرد عنده القدرة على النجاح والرضا في عدة وظائف وذكر بأن الأفراد يتفاوتون في  مستوى كفاءتهم للوظائف بناء على ميولهم وقدراتهم فالفرد يكون أكثر كفاءة في الوظيفة التي تطابق ميوله وقدراته.

ثالثا: علم النفس النمو: تأثر  سوبر بكتابات بوهلر في علم النفس النمو التي ذكرت أن الحياة يمكن أن ينظر إليها كتتابع لمراحل متتالية، وهذا قاده لان يقول بأن طريقة الفرد في التكيف في مرحلة من مراحل الحياة يمكن أن تساعده في التنبؤ في مراحل لاحقة.

يرى سوبر بأن عملية النمو والاختيار المهني تمر بخمس مراحل سماها واجبات النمو المهني، وهذه المراحل هي:

أ‌-     مرحلة البلورة: تمتد من عمر 14-18 سنة، يضع الفرد خلالها أفكارا عن العمل الذي يناسبه، ويحدد أهدافه المهنية من خلال إدراك قدراته ومعرفة ميوله وقيمه وبالتالي يخطط لمهنته المفضلة.

ب‌-مرحلة التحديد أو التصنيف: تمتد من (18-21) سنة، بعدما حدد المجال العام لمهنته المفضلة ينتقل إلى الخيار المهني الخاص المحدد، أي يحدد المهنة بالتدقيق

جـ- مرحلة التنفيذ: تمتد من (21-24)، غالبا ما تصادف نهاية الدراسة، يحاول فيها الفرد تنفيذ القرارات المهنية التي اتخذها في المرحلة السابقة

ه- مرحلة الاستقرار: تمتد من (25-35) سنة، تتسم بالاستقرار في العمل، يكون اختيار الفرد فيها ناضجا، يحاول توظيف قدراته لإثبات صحة القرار المهني الذي اتخذه، وفي هذه المرحلة قد يغير الفرد في مستواه المهني (أي الترقية) دون تغيير المهنة.

مرحلة التعزيز أو النمو: تمتد من (35- فما فوق)، فيها يرتبط الفرد أكثر بمهنته من خلال إتقانها والتكيف معها أكثر. يشعر فيها بالأمن المهني، الانتماء المهني، الرضا والراحة النفسية.

وقد ذكر  سوبر عشرة افتراضات لها علاقة في تحديد مراحل النمو المهني وهذه الافتراضات تمثل حياة الفرد المهنية وهي:

-       يختلف الأفراد في قدراتهم وميولهم وسماتهم الشخصية

-       يتأهل الأفراد بحكم الظروف لعدد من الوظائف

-       كل مجموعة من المهن تتطلب نمطا متميزا من القدرات والميول والسمات الشخصية

-       ان النمو والخبرة يلعبان دورا  أساسيا في تحديد مفهوم الذات وبالتلي تحديد المهنة ودرجة الكفاءة والنجاح ويبدأ اكتمال الذات بدرجة كبيرة بنهاية مرحلة المراهقة المتأخرة

-       لخص سوبر عملية النمو المهني بخمس مراحل: النمو، الاستكشاف، الاستقرار، الاستمرار، الانحدار

-       تتحدد طبيعة ونمط المهنة بالظروف الاقتصادية والاجتماعية، بالاضافة  الى قدرات الفرد العقلية، وحياته الشخصية، والفرص المتاحة له

-       ان نضج القدرات والميول يعتبر عاملا مكملا لمساعدة المسترشد وارشاده في تنمية مفهوم ذاته المهنية واختيار المهنة المناسبة له فعلا

-       مفهوم الذات ناتج عن تفاعل الاستعدادات الموروثة، وممارسة الأدوار المختلفة في الحياة بايجابية، واستحسان المحيطين به، ويرى أن درجة نمو مفهوم الذات وتحقيقها يعتبر جوهر عملية النمو المهني

-       يحتاج الفرد  للموائمة بين الصفات الفردية والعوامل الاجتماعية لتحقيق مفهوم الذات المهني في مراحل النمو المهني، وعند عملية الارشاد المهني الأكاديمي، وعند عملية الارشاد المهني الأكاديمي، وعند الالتحاق بعمل فعلي

-       يعتمد رضا الفرد عن العمل والحياة، على درجة وجود منفذ مناسب لقدراته وميوله وصفاته الشخصية وقيمه وظروف العمل الذي يعمل فيه

مفهوم النضج المهني عند سوبر:

يمكن أن نوضح الأمور التالية كدلائل على النضج المهني عند الأفراد:

-       الوعي  بالحاجة الى القيام باختيارات تربوية ومهنية

-       تقبل المسؤولية لعمل خطط واتخاذ قرارات مهنية

-       التخطيط والمشاركة في الحصول على المعلومات والتدريب اللازم للمهنة

-       توفر المعلومات الشخصية والمهنية وفهمها من أجل استعمالها في اتخاذ القرار المهني

-       الواقعية في التفضيلات المهنية تبعا لمستوى القدرات، الميول، والمستوى الاجتماعي والاقتصادي

-       الرضى بالعمل الذي يلتحق به الفرد

وهذا وقد درس سوبر المتغيرات التي يمكن أن ترتبط بالنضج المهني وصنف هذه المتغيرات الى

العوامل البيولوجية والاجتماعية كالعمر والذكاء، حيث وجد أن للنضج المهني علاقة بالذكاء، فالافرد اللامعين أكثر قدرة على التخطيط بفاعلية من الافراد الأقل ذكاء، كما أن الافراد المراهقين في سن 14 سنة يكون نضجهم المهني بتقديرهم لاهتمام وقدراتهم التي تساعدهم على الوصول الى خطة دراسية ثم ترجمة هذه الاهتمامات الى القيام بالتدريب والدراسة اللازمين للالتحاق بالمهنة. أما الأفراد في سن 45 سنة فيظهر نضجهم المهني بمقدار اهتمامهم بالطرق والوسائل التي يتمكنون معها من المحافظة على مهنهم ومكانتهم في وجه المنافسة والتحدي الذي يأتيهم من الأفراد الأصغر سنا

العوامل البيئية: يتلازم النضج المهني بشكل ايجابي مع مستوى مهنة الوالدين ومع منهاج المدرسة ومقدار المثيرات البيئية وتماسك الأسرة

العوامل المهنية: يتلازم النضج المهني بشكل واضح مع الأمال المهنية ومع درجة الاتفاق بين الامال والتوقعات

تحصيل المراهقين: حيث يلازم التحصيل بشكل  ايجابي مع النضج المهني، كما تلازم كل من الاستقوجد أنه لالية والمشاركة في النشاطات داخل وخارج المدرسة مع هذا النضج

مفهوم الذات:  وجد أنه عندما يتناسب مفهوم الذات الشخصي مع مفهوم الذات المهني يميل الناس لأن يكونوا أفضل بأعمالهم. أما الافراد الذين لديهم وجهات نظر غير متبلورة عن أنفسهم فان لديهم صعوبة أكبر في اختيار مهنهم من الافراد الذين لديهم مفهوم ذات ايجابي ومنظم

نظرية أن رو Ann Roe

صاحبة هذه النظرية في الاختيار المهني هي ان رو المتخصصة في علم النفس الاكلنيكي ، وقامت بإجراء عدة دراسات حول موضوعات الاختيار المهني والنمو المهني استنادا للسمات الشخصية عند العلماء والفنانين المبدعين وخاصة علما الطبيعة والفيزياء والأحياء

وتوصلت ان رو " الى مكونات عديدة تشكل محددات للاختيار المهني في نظريتها وهي كما يأتي

-       تؤثر خبرات الطفولة في عمليات الاختيار المهني لدى الفرد عند وصوله الى مرحلة اتخاذ قرار هذه الاختيار وأن الأفراد الذين يعملون في مهن ذات توجه انساني وشخصي يتذكرون خبرات طفولتهم المبكرة الدافئة أكثر من الذين يعملون في مهن ليس لها توجه انساني

-       هناك عدة عوامل وراثية في الذكاء والقدرات لا تشكل دليلا واضحا وقطعيا على أهميتها في الاختيار والتوجيه المهني، ولكن نوع الشخص كونه ذكرا أو أنثى تحدده العوامل الوراثية، وأن هناك تباينا في القدرات حيث تتجه قدرات الذكر نحو منحنى معين كالنواحي الميكانيكية، بينما تتجه قدرات الاناث باتجاه النواحي اللغوية مثلا، وأن أسلوب التعبير عن تلك القدرات يدخل ضمن العوامل البيئية

-       ان الأشخاص الذين يعملون في مهن ووظائف وأعمال ذات توجه نحو الناس يظهرون ميلا للاختلاط بالاخرين وبناء علاقات معهم مثل علماء النفس والاجتماع أكثر من الأفراد الذين يعملون في مهن ليس لها توجه نحو الناس مثل علماء الطبيعة والمهندسين

-       ان الأسلوب الذي تتطور به الميول والقدرات الخاصة وعوامل الشخصية الأخرى هو الذي يتحدد بواسطة الاتجاهات والمناحي التي تتصرف بها الطاقة النفسية بصورة تلقائية، فمثلا عندما يذهب الفرد للسوق، فانه يدرك أشياء معينة أو بضائع محدد تكشف عن اهتماماته وميوله الشخصية

-       تتعلق المجالات التي تتصرف فيها الطاقات النفسية للأفراد بنواحي الارضاء والاحباط في الطفولة، وأن هناك عوامل وراثية تحدد حاجات الانسان كالتي حددها" ماسلو" وهي الحاجات الفيزيولوجية كالماء، الطعام، والهواء والحاجات الأمنية كالاستقرار، الأمان، النظام، الحماية والقلق، اضافة الى الحاجات الأخرى كالانتماء وتقدير الاخرين والحب وتقدير الذات

-       أن النواحي الشعورية واللاشعورية تؤثر على انجازات الفرد وأن المحور الأساسي لدافعية الشخص لا تقتصر على قوة الحاجات اللاشعورية وتنظيمها فقط

-       ان النواحي اللاشعورية تؤثر على اختيار الفرد في المجالات المختلفة وأن  توجهات الطاقة النفسية واهتمامها هي المحدد الأساسي للميدان أو الميادين التي يختارها الفرد لنفسه، ولا ينطبق هذا على المهنة فحسب بل يشتمل مجالات الحياة جميعها

-       هناك حاجات ترضى بسهولة عند الفرد وهناك حاجات ترضى بصعوبة وأن الحاجات التي ترضى تمنع ظهور الحاجات التالية وتصبح كأنها دوافع مانعة فالطفل الذي يبدي حبا للاستطلاع في موقف معين فان هذه الحاجة تؤدي الى كف الحاجة الى الاستطلاع في بعض المواقف، وأن الحاجات التي يؤجل ارضائها عند الشخص الى وقت لاحق تصبح محركات دافعية لا شعورية للسلوك وتكون قوية التأثير بقدر مدة  تأجيل الارضاء وأن اختيارات الفرد المهنية مرتبطة بالحاجات التي أجل ارضائها

-       ان الاتجاهات والعلاقات الأسرية والوالدية تنعكس على سلوك الراشد وهي تكون واحدا من ثلاث: الأول تجنب الطفل والثاني تقبله والثالث الاهتمام الزائد به، وأنه يمكن تحديد مجموعات مهنية عديدة ترتبط بسلوك الراشد المهني

-       ان الخصائص التي تميز المجموعة والمستوى الذي سيختاره الفرد يبدأ في الظهور بوقت مبكر جدا على الأقل في مرحلة المراهقة، وأن موقف البيت والأسرة يحدد تلك الخصائص والأنماط الى درجة كبيرة في مرحلة مبكرة من حياة الفرد

يمكن تقسيم  المجموعات المهنية في ضوء ما تقدم الى ثمانية مجموعات هي:

  • وظائف تقوم على تقديم الخدمات
  • وظائف تقوم على الأعمال واتصالات الأعمال
  • وظائف تقوم على نواحي التكنولوجيا
  • وظائف تقوم على الأعمال الثقافية
  • وظائف تقوم على الأعمال العلمية
  • وظائف تقوم على الاتصالات الخارجية
  • وظائف تقوم على الأعمال التنظيمية
  • وظائف تقوم على الأعمال الفنية والترفيهية

أي  أن أن رو قسمت المهن الى ثمان مجموعات تتنوع على، الخدمة، العمل في الخلاء، الأعمال، العلوم، التنظيم، الفنون والتسلية، التكنولوجية، العمل الثقافي العام، ثم قسمت بعد ذلك كل مجموعة الى 6 مستويات تبدأ من 1 وهي أعلى مستوى وتنتهي ب 6 وهو أدنى مستوى

وتعتقد أن رو أن الخصائص التي تميز المجموعة والمستوى الذي سوف يختاره الفرد تبدأ في الظهور في وقت مبكر جدا على الأقل في مرحلة المراهقة " ويجب أن تؤخذ في الاعتبار عند الاختيار المهني، وهي مقتنعة تماما بأهمية أنماط الحياة

رسمت أن رو تصنيفا مهنيا عام 1957 قسمت بموجبه الناس الى فئتين حسب المهن والوظائف التي يتوجهون اليها، وهذا يعكس تأثر التربية المنزلية الأولى والخبرات المبكرة في عهد الطفولة على السلوك والاختيار المهني

وهذان الاتجهان هما:

  1. التوجه نحو المهن التي يغلب عليهاالاهتمام بالعلاقات الشخصية
  2. التوجه نحو المهن التي لا تهتم بالعلاقات الاجتماعية والشخصية

أي أن هناك فروقا في الخصائص الشخصية للناس في مختلف المهن، اذا أن للافراد خلفيات وخبرات طفولية مختلفة ويختلف الناس في توجههم المهني  تبعا لذلك

ولقد صنفت أن رو مستويات العاملين في المهن الى مايلي:

1-  المهني والإداري العالي: مثل العمل كباحث اجتماعي ومدير مبيعات ورئيس وزارة  ومخترع ومهندس بحث وطبيب، قاضي، بروفيسور، مخرج تلفزيزني.

2-  المهني والإداري التنظيمي:  ويعمل الشخص في هذا المجال كمدير مساعد ومدير موظفين، مدير فندق، طيار، عسكري، مهندس وصيدلاني، وفيزيائي وكيميائي وكاهن ومعلم ومعماري.

3-  شبه المهني والاداري: ويعمل الشخص في هذا المجال كممرض ورجل مبيعات ومحاسب وكاتب قانوني، مصور.

4-  مهن ذات مهارة عالية: ويعمل أصحابها ويعمل أصحابها في سلك الشرطة أو باعة في المزاد العلني وكتاب، احصائيين، ونجارين، وتقنيين، ورجال زخارف.

5-  مهن ذات مهارة متوسطة: ويعمل أصحابها كطباخين وباعة متجولين، وسائئقي الشاحنات، وصيادي أسماك وأمناء مكتبات وعارضي أزياء.

6-  مهن بدون مهارة: ويعمل أصابها في مجال التنظيف، باعة صحف، وموزعي بريد، ومساعدي نجارة، وعمال في مزرعة.

أشكال التنشئة الأسرية التي يتعرض لها الطفل وعلاقتها باختياره المهني

ترى أن رو بأن اختلاف الاباء وختلاف أساليبهم التربوية لها أثر في عملية الاختيار والتوجيه المهني لدى الفرد ولقد رأت بأن هناك ثلاث أساليب من التنشئة الاجتماعية ينتج عنها توجهات مهنية مختلفة عند الأفراد، وهذه الأساليب هي

1-  الأسلوب البارد: يكون الأب إما رافضا لابنه أو مهملا له، الأول  يهمل ويجهل ابنه ولا يهتم بمطالبه واهتماماته، والثاني لا يقدم له ما يحتاج إليه من عطف وحنان واهتمام. في كلتا الحالتين يميل الطفل للتوجه لمهن لا تتسم بالتفاعل والتعامل مع الغير، حالة يمكن أن نسميها الانطواء المهني.

2- الأسلوب الدافئ والبارد:  الصنف الأول يتميز بالحماية الزائدة للطفل ويميزه التدليل المفرط، أما الثاني فهو المتسم بالإهمال التام  وللاهتمام. هذا النوع (الحماية/الإهمال) يجعل الفرد ميالا للمهن ذات الأداء العالي، لكن لا تتسم أو لا تسمح بالتفاعل كالأعمال كالأعمال التكنوقراطية والأكاديمية بحتة  فهو يفشل في أي موقف يتطلب التفاعل مع متعامل آخر.

3- الأسلوب الدافئ: يكون الطفل محل اعتناء واهتمام لكن بشكل معتدل غير زائد، يكون الأب أو الأبوان حنونين ويلبيان حاجاته لا سيما المادية أو العاطفية. الطفل الذي يكبر في مثل هذا الجو سيختار مستقبلا المهن التي تسمح، و تتطلب التعامل مع الغير  ومساعدة وخدمة الناس كالمهن الإنسانية: الطب، الشرطة، الحماية المدنية...والاجتماعية كالتربية، التدريس......

تقييم النظرية:

  • لم تحدد ان رو بدقة دور الوراثة ودور الجينات في عملية الاختيار المهني
  • اعتبرت آن رو أن عدم إشباع الفرد لحاجاته العليا في هرم الحاجات سيؤدي الى اختفاء هذه الحاجات، وسيكون عنده تثبيت للحاجات المشبعة والتي ستصبح مسيطرة والحقيقة أن هذه الحاجات تبقى مكبوتة في اللاشعور حتى يتم إشباعها.
  • إن الدراسات التي أجرتها إن رو شملت علماء البيولوجيا والفيزياء وعلماء الاجتماع وهم ليسوا عاديين، ولذلك جاءت نتائجها منطبقة على هذا المجتمع، الأمر الذي لا يمكن تعميمه على بقية أفراد المجتمع.

نظرية جون هولاند:

يعتبر جون هولاند ىمن علماء النفس المشهورين، وهو استاذ علم النفس بجامعة جون هويكنز في الولايات المتحدة، وجاء بنظرية مشهورة عن الاختيار المهني استخلصها من تجاربه وخبرته الطويلة مع افراد قاموا باتخاذ قرارات واختيارات مهنية عديدة.

هذا وقد اقترح هولاند ستة بيئات مهنية تقابلها ستة أنماط للشخصية سمي الأول البيئات المهنية والثانية التطور الهرمي للسمات الشخصية ويمثل هذا التطور الهرمي تكيف الفرد مع البيئات المهنية الست، هذا وقد أعطت البيئات المهنية الست نفس أسماء الأنماط  الشخصية وهذه الأنماط والبيئات هي:

1-  البيئة الواقعية: ويقابلها البيئة الميكانيكية ويتصف الأشخاص ضمن هذه البيئة في :

العدوانية والميل نحو النشاطات التي تتطلب تناسقا حركيا وقسوة ومهارة جسمية ورجولة

يتجنبون المواقف التي تتطلب مهارات لفظية وذات العلاقة مع الاخرين

-يفضلون التصرف والفعل أكثر من التفكير

يتميزون بأنهم يميلون في تعاملهم مع مشاكل الحياة

-يفضلون الأعمال اليدوية البارعة والأدوات والأجهزة والحيوانات ويكرهون المساعدة والفعاليات التعليمية

قيمهم أشياء ملموسة مثل المال والقسوة ومن الأمثلة على  المهن التي تمثلها هذه البيئات: العمال، الفلاحون، سائقوا الشاحنات، النجارون

2- البيئة العقلية: ويقابلها أصحاب التوجه العقلي ويتصف الأشخاص ضمن هذه البيئة بأنهم: يفضلون التفكير في حلول المشاكل أكثر من التصرف بها، ويميلون إلى التنظيم والفهم أكثر من السلطة

يستمتعون بمطالب ونشاطات العمل الغامض ويهتمون بالبحث عن علل الأشياء وعلاقاتها

يتجنبون التفاعل الاجتماعي وتكوين العلاقات مع الاخرين

ومن الأمثلة على المهن التي تمثلها هذه البيئة: الأطباء، الباحثون، الفيزيائيون، علماء الانسان

3-البيئة الاجتماعية: ويمثلها أصحاب التوجه الاجتماعي ويتصف الأشخاص ضمن هذه البيئة بما يلي:

-يمتلكون مهارات لفظية ومهارات تتعلق بالعلاقات الاجتماعية لتحقيق أهدافهم المهنية

-يتجنبون المواقف التي تتطلب حل مشاكل بطريقة عقلية أو تتطلب مهارات جديدة

ومن الأمثلة على المهن التي تمثلها هذه البيئة: الأخصائيون الاجتماعيون، المرشدون، المعلمون..الخ

4-البيئة التقليدية: وتقابلها البيئة الملتزمة ويتصف الأشخاص ضمن هذه البيئة بـ

-الالتزام والتقيد بالقوانين والقواعد والأنظمة والرغبة في العمل مع أصحاب السلطة والنفوذ

-يتجنبون المواقف التي تحتاج الى علاقات شخصية ومهارات جسمية

القدرة على ضبط النفس

يفضلون النشاطات التي تتضمن تنظيما لفظيا وعدديا،ينجزون أعمالهم من خلال الامتثال بالطاعة

يحصلون على الرضا ويتجنبون الصراع والقلق ،يميلون الى الروتين في حياتهم

يميلون الى الاعمال التي تتعلق بتنظيم الأشياء وترتيبها

ومن الأمثلة على المهن التي تمثلها هذه البيئة: أمناء الصناديق في البنوك، أعمال السكرتارية،المحاسبون، المكتبيون

البيئة المغامرة: ويقابلها البيئة الاقتصادية ويتصف الاشخاص ضمن هذه البيئة في

إتقان المهارات اللفظية التي تحتاج الى جهود عقلية، يتجنبون اللغة المحددة بشكل جيد

يدركون أنفسهم كأفراد أقوياء لديهم سلطة وسيادة وقدرة على التأثير على الاخرين

اجتماعيون يهتمون بالقوة والمركز الاجتماعي ،يميلون إلى الأعمال الخطرة وغير العادية

ومن الأمثلة على المهن التي تمثلها هذه البيئة

رجال السياسة والمحاماة والصحافة ورجال الأعمال ومندوبي المبيعات

البيئة الفنية: ويقابلها أصحاب التوجه الفني ويتصف هؤلاء بأنهم:

يفضلون العلاقات غير المباشرة مع الآخرين، يفضلون التعامل مع مشكلات البيئة من خلال التعبير الذاتي.، يتجنبون المشاكل التي تتطلب التفاعل مع الآخرين

يتجنبون المواقف التي تتطلب مهارات جسمية، يظهرون قليلا من ضبط النفس

أكثر قدرة من الآخرين على التعبير العاطفي، قيمهم تعبر عن شعور عظيم بالنفس

ومن الأمثلة على المهن التي تمثلها هذه البيئة: الموسيقيون، الشعراء، الادباء، الرسامون

ومن الأفكار الرئيسية في نظرية هولاند أن الأفراد ينجذبون بللمهن التي تلبي حاجاتهم الشخصية وتزودهم بالشعور والرضا  وتسمح لهم بممارسة مهاراتهم والتعبير عن اتجاهاتهم، واذاكان هناك اتجاهان أو ثلاثة شبيهان ببعضهما البعض أو قريبا الشبه على الأقل في قوتهما فان الفرد سيتردد في اختياره البيئة المهنية المناسبة، وعندها فان الفرد سيبحث عن بيئة مهنية مناسبة لاتجاهه الأقوى، ويمثل الصعوبة التي يواجهها الفرد هنا عدم معرفته لنفسه ولعالم العمل ويقرر هولاند على أن الدقة في اختيار الوظيفة هي الى حد ما تعد دقة في معرفة الذات وفي معرفة الوظيفة

هذا ويشير هولاند الى ضرورة وجود انسجام لقدرات الفرد مع متطلبات البيئة المهنية عند الاختيار المهني، ان بحث الفرد عن البيئات المهنية يمكن أن يتم بعدة طرق  وبمستويات مختلفة من الوعي

هذا ويشير هولاند الى ما سماه بمستوى الهرم والذي يقصد به المستوى أو المدى الذي يسعى الفرد للوصول اليه ضمن بيئة مهنية معينة، ولا يمكن هولاند أثر الوالدين والأسرة على النمط الشخصي للفرد الذي يؤثر بالتالي على اختيار البيئة المهنية التي تتناسب مع هذا النمط، أما الاختيار المهني  فهو نتيجة للترتيب الهرمي لأنماط الشخصية الستة عند الفرد، بالاضافة الى الضغوط الاجتماعية والاقتصادية الأخرى، وتعتمد سهولة أو صعوبة اتخاذ القرار فيما يتعلق باختيار الفرد لمهنته على درجة وضوح التركيب الهرمي لأنماط الشخصية عنده

صعوبات التوجيه المهني:

تواجه عملية التوجيه المهني عددا من الصعوبات والمشكلات منها:

-       تتطلب عملية التوجيه المهني أن يكون الموجه قد أعد اعدادا فنيا وسيكولوجيا كافيا، وأن يكون قد درب تدريبا عاليا ليصبح أخصائيا متمكنا من عمله

-       تحتاج هذه العملية الى استخدام عدد من الاختبارات، كاختبار القدرات والاستعدادات والميول، والاختبارات الشخصية بأنواعها، ويتطلب ذلك جهدا كبيرا ودقة في الأداء لكي تكون هذه الاختبارات في المستوى المناسب

-       كما تنتج الصعوبات أحيانا عن العميل نفسه، من حيث تربيته وقيمه، والتباين الذي قد يحصل بين قدراته واستعداداته وبين مستوى طموحاته وتطلعاته

-       عدم الفهم الواضح لطبيعة ومجال التوجيه المهني

-       عدم توافر العدد الكافي من الأخصائيين الذين يمكنهم العمل في هذا المجال

-       الضغوط السائدة في المجتمع والتي تعطل أو تعوق أي نشاط مستقل في مجال التوجيه

-       نقص المعلومات المهنية التي يمكن الاعتماد عليها في التوجيه

-       تهميش دور اختصاصي التوجيه المهني في المدرسة، وذلك باسناد مهام من قبل الادارة المدرسية لا تتناسب ومهام اختصاصي التوجيه المهني، كالزامه بدخول حصص الاحتياط، ومراقبة الطلاب عند أدائهم للاختبارات الدراسية بشتى مراحلها، وأعمال المناوبة اليومية...الخ (   سعود بن مبارك البادري، 2011،ص 57)

1. نظرية جينزبرغ

يرى جينزبرغ بأن هناك أربعة متغيرات أساسية تتحكم في عملية الاختيار المهني، وهي عامل الواقعية ونوع التعلم والعوامل الانفعالية والقيم. إذ يرى جينزبرغ بأن القرارات المهنية التي يتخذها الفرد لا تأتي من فراغ وإنما جاءت لتلبية واقع معين في حياة الإنسان أن لضغط البيئة الاجتماعية والاقتصادية  دورا فيها، ومن ناحية أخرى يرى جينزبيرغ  بأن  العملية التربوية ونوع التعليم ومستواه يلعبان دورا في عملية الاختيار المهني ويرى أيضا بأن اتجاهات الفرد العاطفية وقيمه الشخصية والاجتماعية تلعب دورا آخر فيه، أما من ناحية عملية الاختيار  المهني نفسها، فيرى جينزبرغ  بأنها عملية مستمرة طيلة حياة الإنسان بمعنى أن الإنسان يستطيع أن يختار مهنا مختلفة طيلة حياته وأنه يستطيع أن يوائم بين رغباته الشخصية وإمكانياته مع عالم المهن ومع الفرص المهنية المتاحة له.

فترات الخيارات المهنية عند جينزبرغ:

يرى جينزبيرغ بأن الفرد يمر في فترات مختلفة من الأعمار يتطور من خلالها حتى يستطيع أن يتخذ قرارا مهنيا مناسبا، ففي المراحل الأولى تكون خياراته غير واقعية حتى تصبح في النهاية مناسبة وملائمة له، ويرى جينزبرغ  أن هذه المراحل تتمثل في مرحلة الخيال، والتجريب، والواقع وهي كما يلي:

مرحلة الخيال: وتمتد هذه الفترة من سن (3-11) سنة اذ يتخيل الطفل نفسه في هذه الفترة في مهنة ما من خلال ممارسته لدوره في الألعاب التي يلعب بها مثل الشرطي و الطبيب والممرض  واللص والأب والأم والمعلم والطالب وغيرها من الأدوار الاجتماعية ونرى أن الطفل يميل إلى تفضيل مهنة على أخرى من خلال دوره في هذه الألعاب ويرى جينزبيرغ بأن الأطفال  يرون أنفسهم في ألعابهم التي تمثل المهن التي يفضلونها، وأهم ما يميز مرحلة الخيال المهني عند الأطفال هو عدم الواقعية وفقدان تحديد الزمن، وشعورهم بعدم القدرة الكافية لأن يصبحوا ما يريدون وهم في هذه المرحلة يحاولون تقليد الآخرين وتقليد أدوارهم المهنية إلا أنهم يشعرون بالإحباط بسبب عدم قدرتهم على القيام بذلك وبشكل عام فان خيارات الأطفال في هذه المرحلة تتصف بأنها غير واقعية وأحيانا تكون مثالية جدا وخرافية.

مرحلة التجريب Tentative Stage:

تمتد هذه الفترة من 11 سنة إلى 18سنة وتقسم إلى اربع  مراحل مختلفة:

أ‌)       مرحلة الميل Interest Stage: تمتد من  11-12 سنة وفيها يحدد الطفل ما يحبه وما لا يحبه من المهن أي ما يميل إليه وما لا يميل إليه اخذ بعين الاعتبار قدراته ومدى تحقيق هذه الأعمال لإشباعه وأهم ما يميز خيارات الطفل المهنية في مرحلة الميل أنها غير ثابتة وتأتي نتيجة التأثر  بالوالدين فالقرار المهني يكون غير ثابت لان حياة الطفل الانفعالية والجسدية غير ثابتة أيضا.

ب‌)   مرحلة القدرة Capacity Stage : تمتد هذه المرحلة من 12 سنة الى 14 سنة ويراعى الفرد هنا مستوى قدراته ويدرك بأن كل نشاط يحتاج لقدرا مختلفة وبالتالي فهو يميل لمزاولة النشطات التي يمارسها المعلمون والمربون.

ت‌)  مرحلة القيمة Vallue Stage: وتمتد من 14-18سنة ويدرك الطفل في هذه المرحلة أن الأعمال التي يقوم بها لا تشبع اهتماماته وقدراته فقط بل تقدم خدمة للآخرين.

ث‌)  مرحلة الانتقال  transistion stage: تمتد هذه المرحلة من سن 17-18 سنة وأهم ما يتصف به القرار المهني في هذه المرحلة الواقعية والثبات ويتحمل الفرد مسؤولية قراره المهني ونتائجه ويصبح أكثر استقلالية عما كان عليه قبل اختياره المهني ويكون أكثر قدرة على ممارسة مهاراته بحرية تامة ويدرك تماما متطلبات العمل

ج‌)    الفترة الواقعية Realistic Stage :  وتشمل ثلاث مراحل:

*مرحلة الاستكشاف Exploration : يكون الفرد أكثر قدرة على تحديد أهدافه المهنية ويستطيع أن يختار مهنة من بين المهن الأخرى ليعمل بها.

*مرحلة التبلور: Crystalization يكون الفرد أكثر قدرة على تحديد التخصص أو العمل الذي يناسبه تماما ويستطيع أن يعرف المهن التي لا تتناسب مع ميوله وقدراته، وبعبارة أخرى يكون قد عرف قدراته وميوله تماما وفهم ذاته أيضا، وبلورة فكرة عن ذاته ليختار ذاتا مهنية تناسبها ويكون الفرد أكثر ثباتا واستقرارا في خياره المهني.

مرحلة التخصص Specialization: في هذه المرحلة يكون الفرد قد اختار تماما العمل الذي يريد بعد أن كان قد اكتشف قدراته وميوله ومتطلبات العمل وبلورة فكرة عن العمل الذي يتفق مع هذه الميول والقدرات ومرحلة التخصص تمثل مرحلة الانخراط في العمل والبقاء فيه والاستفادة من عوائده وبدء الإنتاجية فيه

هناك اختلاف بين الأفراد في اجتيازهم لمراحل التوجيه والاختيار المهني وليس بالضرورة أن يجتاز كل فرد المراحل الثلاث التي سبق ذكرها حيث أن أبناء الطبقات الفقيرة اقتصاديا تجبرهم ظروفهم على الانخراط في العمل دون أن يكون متناسبا مع ميولهم وقدراتهم، ذلك أن الحاجة تجبرهم على ذلك.

2. نظرية دونالد سوبر

تعد  من النظريات التي وظفت الإرشاد النفسي في المجال المهني، وقد تأثر صاحبها بآراء روجرز، سارتر وبوردن في مفهوم الذات والتي مفادها أن سلوكات الأفراد ليست سوى انعكاسا لمحاولتهم تحقيق ما يتصورونه عن أنفسهم. نشر نتائج أبحاثه التي مكنته من بناء نظريته هذه في أعقاب 1953. ومثلت انتقاداته لأفكار وأراء جنزبرغ منطلقا لها، بحيث رأى أن فيها نقصا كبيرا، يتمثل في عدم اهتمامها أو إشارتها إلى أثر خبرة الفرد  على نمو الوعي المهني لديه.

مجمل أفكاره أو محتوى نظريته يتلخص في أن الإفراد يميلون إلى اختيار المهن التي يستطيعون بها تحقيق مفهوما عن ذواتهم والتعبير عن أنفسهم. ومن تفاصيل نظريته هو أن المفهوم ينمو عبر السنين ليستقر عند نضج الفرد، وعلى ذلك فان اختيار المهن ينمو أيضا، فلا غريب إن ينتهي أو يزول تفضيل الفرد لمهنة وظهور تفضيله لمهنة أخرى، (مثال كثير ما كنا نتمنى مهنة معينة في طفولتنا ومراهقتنا، ثم غيرناها بأخرى ونحن شباب أو كهول) مع الإشارة إلى أن الاختيار في المراحل الأولى من العمر أو غالبا ما يكون غير موضوعي، مبني على أسباب تأثيرية كأن نتأثر بالوالدين أو الراشدين المحيطين بنا كالمعلم مثلا.

اعتمد سوبر في تطور نظريته على ثلاثة أسس تشكل الإطار العام للنظرية وهي:

أولا: نظرية مفهوم الذات إن تشكيل مفهوم الذات يتطلب من الفرد أن يتعرف على نفسه كفرد متميز وفي نفس الوقت عليه أن يدرك التشابه بينه وبين الآخرين ومفهوم الذات غير ثابت فهو يتغير نتيجة نمو وتطور الفرد العقلي والجسمي والنفسي والتفاعل مع الآخرين ،

ثانيا: علم النفس الفارقي:  يبين سوبر أن أي فرد عنده القدرة على النجاح والرضا في عدة وظائف وذكر بأن الأفراد يتفاوتون في  مستوى كفاءتهم للوظائف بناء على ميولهم وقدراتهم فالفرد يكون أكثر كفاءة في الوظيفة التي تطابق ميوله وقدراته.

ثالثا: علم النفس النمو: تأثر  سوبر بكتابات بوهلر في علم النفس النمو التي ذكرت أن الحياة يمكن أن ينظر إليها كتتابع لمراحل متتالية، وهذا قاده لان يقول بأن طريقة الفرد في التكيف في مرحلة من مراحل الحياة يمكن أن تساعده في التنبؤ في مراحل لاحقة.

يرى سوبر بأن عملية النمو والاختيار المهني تمر بخمس مراحل سماها واجبات النمو المهني، وهذه المراحل هي:

أ‌-     مرحلة البلورة: تمتد من عمر 14-18 سنة، يضع الفرد خلالها أفكارا عن العمل الذي يناسبه، ويحدد أهدافه المهنية من خلال إدراك قدراته ومعرفة ميوله وقيمه وبالتالي يخطط لمهنته المفضلة.

ب‌-مرحلة التحديد أو التصنيف: تمتد من (18-21) سنة، بعدما حدد المجال العام لمهنته المفضلة ينتقل إلى الخيار المهني الخاص المحدد، أي يحدد المهنة بالتدقيق

جـ- مرحلة التنفيذ: تمتد من (21-24)، غالبا ما تصادف نهاية الدراسة، يحاول فيها الفرد تنفيذ القرارات المهنية التي اتخذها في المرحلة السابقة

ه- مرحلة الاستقرار: تمتد من (25-35) سنة، تتسم بالاستقرار في العمل، يكون اختيار الفرد فيها ناضجا، يحاول توظيف قدراته لإثبات صحة القرار المهني الذي اتخذه، وفي هذه المرحلة قد يغير الفرد في مستواه المهني (أي الترقية) دون تغيير المهنة.

مرحلة التعزيز أو النمو: تمتد من (35- فما فوق)، فيها يرتبط الفرد أكثر بمهنته من خلال إتقانها والتكيف معها أكثر. يشعر فيها بالأمن المهني، الانتماء المهني، الرضا والراحة النفسية.

وقد ذكر  سوبر عشرة افتراضات لها علاقة في تحديد مراحل النمو المهني وهذه الافتراضات تمثل حياة الفرد المهنية وهي:

-       يختلف الأفراد في قدراتهم وميولهم وسماتهم الشخصية

-       يتأهل الأفراد بحكم الظروف لعدد من الوظائف

-       كل مجموعة من المهن تتطلب نمطا متميزا من القدرات والميول والسمات الشخصية

-       ان النمو والخبرة يلعبان دورا  أساسيا في تحديد مفهوم الذات وبالتلي تحديد المهنة ودرجة الكفاءة والنجاح ويبدأ اكتمال الذات بدرجة كبيرة بنهاية مرحلة المراهقة المتأخرة

-       لخص سوبر عملية النمو المهني بخمس مراحل: النمو، الاستكشاف، الاستقرار، الاستمرار، الانحدار

-       تتحدد طبيعة ونمط المهنة بالظروف الاقتصادية والاجتماعية، بالاضافة  الى قدرات الفرد العقلية، وحياته الشخصية، والفرص المتاحة له

-       ان نضج القدرات والميول يعتبر عاملا مكملا لمساعدة المسترشد وارشاده في تنمية مفهوم ذاته المهنية واختيار المهنة المناسبة له فعلا

-       مفهوم الذات ناتج عن تفاعل الاستعدادات الموروثة، وممارسة الأدوار المختلفة في الحياة بايجابية، واستحسان المحيطين به، ويرى أن درجة نمو مفهوم الذات وتحقيقها يعتبر جوهر عملية النمو المهني

-       يحتاج الفرد  للموائمة بين الصفات الفردية والعوامل الاجتماعية لتحقيق مفهوم الذات المهني في مراحل النمو المهني، وعند عملية الارشاد المهني الأكاديمي، وعند عملية الارشاد المهني الأكاديمي، وعند الالتحاق بعمل فعلي

-       يعتمد رضا الفرد عن العمل والحياة، على درجة وجود منفذ مناسب لقدراته وميوله وصفاته الشخصية وقيمه وظروف العمل الذي يعمل فيه

مفهوم النضج المهني عند سوبر:

يمكن أن نوضح الأمور التالية كدلائل على النضج المهني عند الأفراد:

-       الوعي  بالحاجة الى القيام باختيارات تربوية ومهنية

-       تقبل المسؤولية لعمل خطط واتخاذ قرارات مهنية

-       التخطيط والمشاركة في الحصول على المعلومات والتدريب اللازم للمهنة

-       توفر المعلومات الشخصية والمهنية وفهمها من أجل استعمالها في اتخاذ القرار المهني

-       الواقعية في التفضيلات المهنية تبعا لمستوى القدرات، الميول، والمستوى الاجتماعي والاقتصادي

-       الرضى بالعمل الذي يلتحق به الفرد

وهذا وقد درس سوبر المتغيرات التي يمكن أن ترتبط بالنضج المهني وصنف هذه المتغيرات الى

العوامل البيولوجية والاجتماعية كالعمر والذكاء، حيث وجد أن للنضج المهني علاقة بالذكاء، فالافرد اللامعين أكثر قدرة على التخطيط بفاعلية من الافراد الأقل ذكاء، كما أن الافراد المراهقين في سن 14 سنة يكون نضجهم المهني بتقديرهم لاهتمام وقدراتهم التي تساعدهم على الوصول الى خطة دراسية ثم ترجمة هذه الاهتمامات الى القيام بالتدريب والدراسة اللازمين للالتحاق بالمهنة. أما الأفراد في سن 45 سنة فيظهر نضجهم المهني بمقدار اهتمامهم بالطرق والوسائل التي يتمكنون معها من المحافظة على مهنهم ومكانتهم في وجه المنافسة والتحدي الذي يأتيهم من الأفراد الأصغر سنا

العوامل البيئية: يتلازم النضج المهني بشكل ايجابي مع مستوى مهنة الوالدين ومع منهاج المدرسة ومقدار المثيرات البيئية وتماسك الأسرة

العوامل المهنية: يتلازم النضج المهني بشكل واضح مع الأمال المهنية ومع درجة الاتفاق بين الامال والتوقعات

تحصيل المراهقين: حيث يلازم التحصيل بشكل  ايجابي مع النضج المهني، كما تلازم كل من الاستقوجد أنه لالية والمشاركة في النشاطات داخل وخارج المدرسة مع هذا النضج

مفهوم الذات:  وجد أنه عندما يتناسب مفهوم الذات الشخصي مع مفهوم الذات المهني يميل الناس لأن يكونوا أفضل بأعمالهم. أما الافراد الذين لديهم وجهات نظر غير متبلورة عن أنفسهم فان لديهم صعوبة أكبر في اختيار مهنهم من الافراد الذين لديهم مفهوم ذات ايجابي ومنظم

3. نظرية أن رو Ann Roe

صاحبة هذه النظرية في الاختيار المهني هي ان رو المتخصصة في علم النفس الاكلنيكي ، وقامت بإجراء عدة دراسات حول موضوعات الاختيار المهني والنمو المهني استنادا للسمات الشخصية عند العلماء والفنانين المبدعين وخاصة علما الطبيعة والفيزياء والأحياء

وتوصلت ان رو " الى مكونات عديدة تشكل محددات للاختيار المهني في نظريتها وهي كما يأتي

-       تؤثر خبرات الطفولة في عمليات الاختيار المهني لدى الفرد عند وصوله الى مرحلة اتخاذ قرار هذه الاختيار وأن الأفراد الذين يعملون في مهن ذات توجه انساني وشخصي يتذكرون خبرات طفولتهم المبكرة الدافئة أكثر من الذين يعملون في مهن ليس لها توجه انساني

-       هناك عدة عوامل وراثية في الذكاء والقدرات لا تشكل دليلا واضحا وقطعيا على أهميتها في الاختيار والتوجيه المهني، ولكن نوع الشخص كونه ذكرا أو أنثى تحدده العوامل الوراثية، وأن هناك تباينا في القدرات حيث تتجه قدرات الذكر نحو منحنى معين كالنواحي الميكانيكية، بينما تتجه قدرات الاناث باتجاه النواحي اللغوية مثلا، وأن أسلوب التعبير عن تلك القدرات يدخل ضمن العوامل البيئية

-       ان الأشخاص الذين يعملون في مهن ووظائف وأعمال ذات توجه نحو الناس يظهرون ميلا للاختلاط بالاخرين وبناء علاقات معهم مثل علماء النفس والاجتماع أكثر من الأفراد الذين يعملون في مهن ليس لها توجه نحو الناس مثل علماء الطبيعة والمهندسين

-       ان الأسلوب الذي تتطور به الميول والقدرات الخاصة وعوامل الشخصية الأخرى هو الذي يتحدد بواسطة الاتجاهات والمناحي التي تتصرف بها الطاقة النفسية بصورة تلقائية، فمثلا عندما يذهب الفرد للسوق، فانه يدرك أشياء معينة أو بضائع محدد تكشف عن اهتماماته وميوله الشخصية

-       تتعلق المجالات التي تتصرف فيها الطاقات النفسية للأفراد بنواحي الارضاء والاحباط في الطفولة، وأن هناك عوامل وراثية تحدد حاجات الانسان كالتي حددها" ماسلو" وهي الحاجات الفيزيولوجية كالماء، الطعام، والهواء والحاجات الأمنية كالاستقرار، الأمان، النظام، الحماية والقلق، اضافة الى الحاجات الأخرى كالانتماء وتقدير الاخرين والحب وتقدير الذات

-       أن النواحي الشعورية واللاشعورية تؤثر على انجازات الفرد وأن المحور الأساسي لدافعية الشخص لا تقتصر على قوة الحاجات اللاشعورية وتنظيمها فقط

-       ان النواحي اللاشعورية تؤثر على اختيار الفرد في المجالات المختلفة وأن  توجهات الطاقة النفسية واهتمامها هي المحدد الأساسي للميدان أو الميادين التي يختارها الفرد لنفسه، ولا ينطبق هذا على المهنة فحسب بل يشتمل مجالات الحياة جميعها

-       هناك حاجات ترضى بسهولة عند الفرد وهناك حاجات ترضى بصعوبة وأن الحاجات التي ترضى تمنع ظهور الحاجات التالية وتصبح كأنها دوافع مانعة فالطفل الذي يبدي حبا للاستطلاع في موقف معين فان هذه الحاجة تؤدي الى كف الحاجة الى الاستطلاع في بعض المواقف، وأن الحاجات التي يؤجل ارضائها عند الشخص الى وقت لاحق تصبح محركات دافعية لا شعورية للسلوك وتكون قوية التأثير بقدر مدة  تأجيل الارضاء وأن اختيارات الفرد المهنية مرتبطة بالحاجات التي أجل ارضائها

-       ان الاتجاهات والعلاقات الأسرية والوالدية تنعكس على سلوك الراشد وهي تكون واحدا من ثلاث: الأول تجنب الطفل والثاني تقبله والثالث الاهتمام الزائد به، وأنه يمكن تحديد مجموعات مهنية عديدة ترتبط بسلوك الراشد المهني

-       ان الخصائص التي تميز المجموعة والمستوى الذي سيختاره الفرد يبدأ في الظهور بوقت مبكر جدا على الأقل في مرحلة المراهقة، وأن موقف البيت والأسرة يحدد تلك الخصائص والأنماط الى درجة كبيرة في مرحلة مبكرة من حياة الفرد

يمكن تقسيم  المجموعات المهنية في ضوء ما تقدم الى ثمانية مجموعات هي:

  • وظائف تقوم على تقديم الخدمات
  • وظائف تقوم على الأعمال واتصالات الأعمال
  • وظائف تقوم على نواحي التكنولوجيا
  • وظائف تقوم على الأعمال الثقافية
  • وظائف تقوم على الأعمال العلمية
  • وظائف تقوم على الاتصالات الخارجية
  • وظائف تقوم على الأعمال التنظيمية
  • وظائف تقوم على الأعمال الفنية والترفيهية

أي  أن أن رو قسمت المهن الى ثمان مجموعات تتنوع على، الخدمة، العمل في الخلاء، الأعمال، العلوم، التنظيم، الفنون والتسلية، التكنولوجية، العمل الثقافي العام، ثم قسمت بعد ذلك كل مجموعة الى 6 مستويات تبدأ من 1 وهي أعلى مستوى وتنتهي ب 6 وهو أدنى مستوى

وتعتقد أن رو أن الخصائص التي تميز المجموعة والمستوى الذي سوف يختاره الفرد تبدأ في الظهور في وقت مبكر جدا على الأقل في مرحلة المراهقة " ويجب أن تؤخذ في الاعتبار عند الاختيار المهني، وهي مقتنعة تماما بأهمية أنماط الحياة

رسمت أن رو تصنيفا مهنيا عام 1957 قسمت بموجبه الناس الى فئتين حسب المهن والوظائف التي يتوجهون اليها، وهذا يعكس تأثر التربية المنزلية الأولى والخبرات المبكرة في عهد الطفولة على السلوك والاختيار المهني

وهذان الاتجهان هما:

  1. التوجه نحو المهن التي يغلب عليهاالاهتمام بالعلاقات الشخصية
  2. التوجه نحو المهن التي لا تهتم بالعلاقات الاجتماعية والشخصية

أي أن هناك فروقا في الخصائص الشخصية للناس في مختلف المهن، اذا أن للافراد خلفيات وخبرات طفولية مختلفة ويختلف الناس في توجههم المهني  تبعا لذلك

ولقد صنفت أن رو مستويات العاملين في المهن الى مايلي:

1-  المهني والإداري العالي: مثل العمل كباحث اجتماعي ومدير مبيعات ورئيس وزارة  ومخترع ومهندس بحث وطبيب، قاضي، بروفيسور، مخرج تلفزيزني.

2-  المهني والإداري التنظيمي:  ويعمل الشخص في هذا المجال كمدير مساعد ومدير موظفين، مدير فندق، طيار، عسكري، مهندس وصيدلاني، وفيزيائي وكيميائي وكاهن ومعلم ومعماري.

3-  شبه المهني والاداري: ويعمل الشخص في هذا المجال كممرض ورجل مبيعات ومحاسب وكاتب قانوني، مصور.

4-  مهن ذات مهارة عالية: ويعمل أصحابها ويعمل أصحابها في سلك الشرطة أو باعة في المزاد العلني وكتاب، احصائيين، ونجارين، وتقنيين، ورجال زخارف.

5-  مهن ذات مهارة متوسطة: ويعمل أصحابها كطباخين وباعة متجولين، وسائئقي الشاحنات، وصيادي أسماك وأمناء مكتبات وعارضي أزياء.

6-  مهن بدون مهارة: ويعمل أصابها في مجال التنظيف، باعة صحف، وموزعي بريد، ومساعدي نجارة، وعمال في مزرعة.

أشكال التنشئة الأسرية التي يتعرض لها الطفل وعلاقتها باختياره المهني

ترى أن رو بأن اختلاف الاباء وختلاف أساليبهم التربوية لها أثر في عملية الاختيار والتوجيه المهني لدى الفرد ولقد رأت بأن هناك ثلاث أساليب من التنشئة الاجتماعية ينتج عنها توجهات مهنية مختلفة عند الأفراد، وهذه الأساليب هي

1-  الأسلوب البارد: يكون الأب إما رافضا لابنه أو مهملا له، الأول  يهمل ويجهل ابنه ولا يهتم بمطالبه واهتماماته، والثاني لا يقدم له ما يحتاج إليه من عطف وحنان واهتمام. في كلتا الحالتين يميل الطفل للتوجه لمهن لا تتسم بالتفاعل والتعامل مع الغير، حالة يمكن أن نسميها الانطواء المهني.

2- الأسلوب الدافئ والبارد:  الصنف الأول يتميز بالحماية الزائدة للطفل ويميزه التدليل المفرط، أما الثاني فهو المتسم بالإهمال التام  وللاهتمام. هذا النوع (الحماية/الإهمال) يجعل الفرد ميالا للمهن ذات الأداء العالي، لكن لا تتسم أو لا تسمح بالتفاعل كالأعمال كالأعمال التكنوقراطية والأكاديمية بحتة  فهو يفشل في أي موقف يتطلب التفاعل مع متعامل آخر.

3- الأسلوب الدافئ: يكون الطفل محل اعتناء واهتمام لكن بشكل معتدل غير زائد، يكون الأب أو الأبوان حنونين ويلبيان حاجاته لا سيما المادية أو العاطفية. الطفل الذي يكبر في مثل هذا الجو سيختار مستقبلا المهن التي تسمح، و تتطلب التعامل مع الغير  ومساعدة وخدمة الناس كالمهن الإنسانية: الطب، الشرطة، الحماية المدنية...والاجتماعية كالتربية، التدريس......

تقييم النظرية:

  • لم تحدد ان رو بدقة دور الوراثة ودور الجينات في عملية الاختيار المهني
  • اعتبرت آن رو أن عدم إشباع الفرد لحاجاته العليا في هرم الحاجات سيؤدي الى اختفاء هذه الحاجات، وسيكون عنده تثبيت للحاجات المشبعة والتي ستصبح مسيطرة والحقيقة أن هذه الحاجات تبقى مكبوتة في اللاشعور حتى يتم إشباعها.
  • إن الدراسات التي أجرتها إن رو شملت علماء البيولوجيا والفيزياء وعلماء الاجتماع وهم ليسوا عاديين، ولذلك جاءت نتائجها منطبقة على هذا المجتمع، الأمر الذي لا يمكن تعميمه على بقية أفراد المجتمع.

4. صعوبات التوجيه المهني

تواجه عملية التوجيه المهني عددا من الصعوبات والمشكلات منها:

-       تتطلب عملية التوجيه المهني أن يكون الموجه قد أعد اعدادا فنيا وسيكولوجيا كافيا، وأن يكون قد درب تدريبا عاليا ليصبح أخصائيا متمكنا من عمله

-       تحتاج هذه العملية الى استخدام عدد من الاختبارات، كاختبار القدرات والاستعدادات والميول، والاختبارات الشخصية بأنواعها، ويتطلب ذلك جهدا كبيرا ودقة في الأداء لكي تكون هذه الاختبارات في المستوى المناسب

-       كما تنتج الصعوبات أحيانا عن العميل نفسه، من حيث تربيته وقيمه، والتباين الذي قد يحصل بين قدراته واستعداداته وبين مستوى طموحاته وتطلعاته

-       عدم الفهم الواضح لطبيعة ومجال التوجيه المهني

-       عدم توافر العدد الكافي من الأخصائيين الذين يمكنهم العمل في هذا المجال

-       الضغوط السائدة في المجتمع والتي تعطل أو تعوق أي نشاط مستقل في مجال التوجيه

-       نقص المعلومات المهنية التي يمكن الاعتماد عليها في التوجيه

-       تهميش دور اختصاصي التوجيه المهني في المدرسة، وذلك باسناد مهام من قبل الادارة المدرسية لا تتناسب ومهام اختصاصي التوجيه المهني، كالزامه بدخول حصص الاحتياط، ومراقبة الطلاب عند أدائهم للاختبارات الدراسية بشتى مراحلها، وأعمال المناوبة اليومية...الخ (   سعود بن مبارك البادري، 2011،ص 57)