2. نظرية دونالد سوبر

تعد  من النظريات التي وظفت الإرشاد النفسي في المجال المهني، وقد تأثر صاحبها بآراء روجرز، سارتر وبوردن في مفهوم الذات والتي مفادها أن سلوكات الأفراد ليست سوى انعكاسا لمحاولتهم تحقيق ما يتصورونه عن أنفسهم. نشر نتائج أبحاثه التي مكنته من بناء نظريته هذه في أعقاب 1953. ومثلت انتقاداته لأفكار وأراء جنزبرغ منطلقا لها، بحيث رأى أن فيها نقصا كبيرا، يتمثل في عدم اهتمامها أو إشارتها إلى أثر خبرة الفرد  على نمو الوعي المهني لديه.

مجمل أفكاره أو محتوى نظريته يتلخص في أن الإفراد يميلون إلى اختيار المهن التي يستطيعون بها تحقيق مفهوما عن ذواتهم والتعبير عن أنفسهم. ومن تفاصيل نظريته هو أن المفهوم ينمو عبر السنين ليستقر عند نضج الفرد، وعلى ذلك فان اختيار المهن ينمو أيضا، فلا غريب إن ينتهي أو يزول تفضيل الفرد لمهنة وظهور تفضيله لمهنة أخرى، (مثال كثير ما كنا نتمنى مهنة معينة في طفولتنا ومراهقتنا، ثم غيرناها بأخرى ونحن شباب أو كهول) مع الإشارة إلى أن الاختيار في المراحل الأولى من العمر أو غالبا ما يكون غير موضوعي، مبني على أسباب تأثيرية كأن نتأثر بالوالدين أو الراشدين المحيطين بنا كالمعلم مثلا.

اعتمد سوبر في تطور نظريته على ثلاثة أسس تشكل الإطار العام للنظرية وهي:

أولا: نظرية مفهوم الذات إن تشكيل مفهوم الذات يتطلب من الفرد أن يتعرف على نفسه كفرد متميز وفي نفس الوقت عليه أن يدرك التشابه بينه وبين الآخرين ومفهوم الذات غير ثابت فهو يتغير نتيجة نمو وتطور الفرد العقلي والجسمي والنفسي والتفاعل مع الآخرين ،

ثانيا: علم النفس الفارقي:  يبين سوبر أن أي فرد عنده القدرة على النجاح والرضا في عدة وظائف وذكر بأن الأفراد يتفاوتون في  مستوى كفاءتهم للوظائف بناء على ميولهم وقدراتهم فالفرد يكون أكثر كفاءة في الوظيفة التي تطابق ميوله وقدراته.

ثالثا: علم النفس النمو: تأثر  سوبر بكتابات بوهلر في علم النفس النمو التي ذكرت أن الحياة يمكن أن ينظر إليها كتتابع لمراحل متتالية، وهذا قاده لان يقول بأن طريقة الفرد في التكيف في مرحلة من مراحل الحياة يمكن أن تساعده في التنبؤ في مراحل لاحقة.

يرى سوبر بأن عملية النمو والاختيار المهني تمر بخمس مراحل سماها واجبات النمو المهني، وهذه المراحل هي:

أ‌-     مرحلة البلورة: تمتد من عمر 14-18 سنة، يضع الفرد خلالها أفكارا عن العمل الذي يناسبه، ويحدد أهدافه المهنية من خلال إدراك قدراته ومعرفة ميوله وقيمه وبالتالي يخطط لمهنته المفضلة.

ب‌-مرحلة التحديد أو التصنيف: تمتد من (18-21) سنة، بعدما حدد المجال العام لمهنته المفضلة ينتقل إلى الخيار المهني الخاص المحدد، أي يحدد المهنة بالتدقيق

جـ- مرحلة التنفيذ: تمتد من (21-24)، غالبا ما تصادف نهاية الدراسة، يحاول فيها الفرد تنفيذ القرارات المهنية التي اتخذها في المرحلة السابقة

ه- مرحلة الاستقرار: تمتد من (25-35) سنة، تتسم بالاستقرار في العمل، يكون اختيار الفرد فيها ناضجا، يحاول توظيف قدراته لإثبات صحة القرار المهني الذي اتخذه، وفي هذه المرحلة قد يغير الفرد في مستواه المهني (أي الترقية) دون تغيير المهنة.

مرحلة التعزيز أو النمو: تمتد من (35- فما فوق)، فيها يرتبط الفرد أكثر بمهنته من خلال إتقانها والتكيف معها أكثر. يشعر فيها بالأمن المهني، الانتماء المهني، الرضا والراحة النفسية.

وقد ذكر  سوبر عشرة افتراضات لها علاقة في تحديد مراحل النمو المهني وهذه الافتراضات تمثل حياة الفرد المهنية وهي:

-       يختلف الأفراد في قدراتهم وميولهم وسماتهم الشخصية

-       يتأهل الأفراد بحكم الظروف لعدد من الوظائف

-       كل مجموعة من المهن تتطلب نمطا متميزا من القدرات والميول والسمات الشخصية

-       ان النمو والخبرة يلعبان دورا  أساسيا في تحديد مفهوم الذات وبالتلي تحديد المهنة ودرجة الكفاءة والنجاح ويبدأ اكتمال الذات بدرجة كبيرة بنهاية مرحلة المراهقة المتأخرة

-       لخص سوبر عملية النمو المهني بخمس مراحل: النمو، الاستكشاف، الاستقرار، الاستمرار، الانحدار

-       تتحدد طبيعة ونمط المهنة بالظروف الاقتصادية والاجتماعية، بالاضافة  الى قدرات الفرد العقلية، وحياته الشخصية، والفرص المتاحة له

-       ان نضج القدرات والميول يعتبر عاملا مكملا لمساعدة المسترشد وارشاده في تنمية مفهوم ذاته المهنية واختيار المهنة المناسبة له فعلا

-       مفهوم الذات ناتج عن تفاعل الاستعدادات الموروثة، وممارسة الأدوار المختلفة في الحياة بايجابية، واستحسان المحيطين به، ويرى أن درجة نمو مفهوم الذات وتحقيقها يعتبر جوهر عملية النمو المهني

-       يحتاج الفرد  للموائمة بين الصفات الفردية والعوامل الاجتماعية لتحقيق مفهوم الذات المهني في مراحل النمو المهني، وعند عملية الارشاد المهني الأكاديمي، وعند عملية الارشاد المهني الأكاديمي، وعند الالتحاق بعمل فعلي

-       يعتمد رضا الفرد عن العمل والحياة، على درجة وجود منفذ مناسب لقدراته وميوله وصفاته الشخصية وقيمه وظروف العمل الذي يعمل فيه

مفهوم النضج المهني عند سوبر:

يمكن أن نوضح الأمور التالية كدلائل على النضج المهني عند الأفراد:

-       الوعي  بالحاجة الى القيام باختيارات تربوية ومهنية

-       تقبل المسؤولية لعمل خطط واتخاذ قرارات مهنية

-       التخطيط والمشاركة في الحصول على المعلومات والتدريب اللازم للمهنة

-       توفر المعلومات الشخصية والمهنية وفهمها من أجل استعمالها في اتخاذ القرار المهني

-       الواقعية في التفضيلات المهنية تبعا لمستوى القدرات، الميول، والمستوى الاجتماعي والاقتصادي

-       الرضى بالعمل الذي يلتحق به الفرد

وهذا وقد درس سوبر المتغيرات التي يمكن أن ترتبط بالنضج المهني وصنف هذه المتغيرات الى

العوامل البيولوجية والاجتماعية كالعمر والذكاء، حيث وجد أن للنضج المهني علاقة بالذكاء، فالافرد اللامعين أكثر قدرة على التخطيط بفاعلية من الافراد الأقل ذكاء، كما أن الافراد المراهقين في سن 14 سنة يكون نضجهم المهني بتقديرهم لاهتمام وقدراتهم التي تساعدهم على الوصول الى خطة دراسية ثم ترجمة هذه الاهتمامات الى القيام بالتدريب والدراسة اللازمين للالتحاق بالمهنة. أما الأفراد في سن 45 سنة فيظهر نضجهم المهني بمقدار اهتمامهم بالطرق والوسائل التي يتمكنون معها من المحافظة على مهنهم ومكانتهم في وجه المنافسة والتحدي الذي يأتيهم من الأفراد الأصغر سنا

العوامل البيئية: يتلازم النضج المهني بشكل ايجابي مع مستوى مهنة الوالدين ومع منهاج المدرسة ومقدار المثيرات البيئية وتماسك الأسرة

العوامل المهنية: يتلازم النضج المهني بشكل واضح مع الأمال المهنية ومع درجة الاتفاق بين الامال والتوقعات

تحصيل المراهقين: حيث يلازم التحصيل بشكل  ايجابي مع النضج المهني، كما تلازم كل من الاستقوجد أنه لالية والمشاركة في النشاطات داخل وخارج المدرسة مع هذا النضج

مفهوم الذات:  وجد أنه عندما يتناسب مفهوم الذات الشخصي مع مفهوم الذات المهني يميل الناس لأن يكونوا أفضل بأعمالهم. أما الافراد الذين لديهم وجهات نظر غير متبلورة عن أنفسهم فان لديهم صعوبة أكبر في اختيار مهنهم من الافراد الذين لديهم مفهوم ذات ايجابي ومنظم