1. المنظور الإسلامي لحقوق الطفل
1.6. الحق الخامس: حق حفظ المال
إن النظام المالي في الإسلام واضح المعالم، محدد الأبعاد، ومبيَّن المصادر، فطرق الكسب المشروع: العمل، والتبادل، والتوارث، والهبات، ونحوها، وحق التملك ليس حكراً على الكبار المكلفين، بل يمكن للصغير قبل البلوغ، بل حتى للجنين في بطن أمه أن يتملك.
فقد أثبتت الشريعة الإسلامية للجنين أهليةً لاكتساب الحقوق؛ فله الحق في الإرث والوصية والوقف، وللحفاظ عليه كَلَّف الإسلام مَن يقوم برعاية مال غير المكلف وحفظه، وصيانته واستثماره؛ سواء كان الطفل يتيماً أو حاضر الأبوين، ويسمى مَن يتولى ذلك بـ (الولي الشرعي) على الطفل، ومعلوم في أحكام الشريعة الإسلامية أن الأب مُقَدَّم في هذه الولاية على غيره باتفاق ما لم يكن الأب سفيهاً أو ضعيفاً أو غيرَ عدل.
وقد أمرت الشريعة الإسلامية بحفظ الأموال وعدم أكلها بالباطل حتى بين الكبار والراشدين قال الله تعالى: ]يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل[[النساء: 29] وهذا حكم عام في مال الطفل الصغير والإنسان الكبير، وقال تعالى: ]إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلماً إنما يأكلون في بطونهم ناراً وسيصلون سعيراً[[النساء: 10] وهذا حكم خاص في مال الطفل اليتيم.
ولقد اتفق علماء المسلمين على أحقية الطفل في الميراث ممن يستحق الإرث منهم، وإن كان جنيناً في بطن أمه، فإذا مات رجل وترك امرأته حاملاً، فإنه يُحْجَز للجنين أوفرُ نصيب من التركة، على أنه ذكر فيكون له سهمان، أو ربما أنه خنثى فيكون له ثلاثة أسهم وهناك تفصيل أكبر لهذه المسألة فيما لو كان الحمل لأكثر من جنين؛ توأمٍ أو أكثر.
وما يخص البحث هو بيان دقة الشريعة الإسلامية في حفظ الحقوق الاقتصادية والمالية للطفل قبل ميلاده، وبعد ولادته حتى رشده.
ومن الواجب الشرعي أن تستثمر أموال اليتيم وتحفظ له حتى يبلغ الرشد ثم تدفع إليه كما جاء في الأثر: "اتجروا في أموال اليتامى؛ لا تأكلها الزكاة"([1]).
هذا، ومن الملاحظ أن الشريعة الإسلامية قد انفردت بهذه التفصيلات في الأحكام دون سائر القوانين والنظم الوضعية، وهى الحقوق الاقتصادية للطفل والإنسان في الإرث والتملك.
حق الطفل في المحافظة على ممتلكاته:
ومن الملاحظ في أحكام الشريعة الإسلامية أنها تبدى اهتماماً متميزاً باليتيم ذكراً أو أنثى، فقد أوجبت الإحسانَ في رعايته ومعاملته، وفرضت الحماية لأمواله المنقولة، وَفَصَّلَت الأحكام التي تكفل كامل الصون لكل حقوقه الاقتصادية والاجتماعية والأخلاقية.
فليس لليتيم غير المميز (والحد الأقصى للتمييز: السابعة من عمره) حق التصرف في أمواله، وتكون جميع تصرفاته باطلة، لأن الطفل في هذه السن قاصر المقدرة على ترشيد قراراته، أو اتخاذ القرارات المناسبة التي بها منفعة له.
وأما تصرفات الصغير المميِّز (الذي تتراوح سنه ما بين سبع سنين وثمان عشرة سنة) فإنها صحيحة متى كانت نافعة له نفعاً محضاً، وباطلة متى كانت ضارة له ضرراً محضاً؛ أما التصرفات التي تدور بين النفع والضرر؛ فإن لولي هذا القاصر أن يجيزها في الحدود التي يجوز فيها له التصرف ابتداء أو إجازة القاصر بعد بلوغه سن الرشد.
وحرمت أحكام الشريعة الإسلامية على الأوصياء والأولياء وغيرهم أن تمتد أيديهم إلى أموال اليتيم إلا بما ينميها ويحفظها ويرعاها، قال الله تعالى: ]ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن حتى يبلغ أشده[[الأنعام: 152]، وحذرت تحذيراً شديداً من أكل أموالهم دون حق يقول الله تعالى: ]إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلماً إنما يأكلون في بطونهم ناراً وسيصلون سعيراً[[النساء: 10].
ولا تُسَلَّم أموال اليتيم إليه إلا بعد أن يتجاوز سن الطفولة إلى التكليف إلى الرُشد، وبعد أن يصدر قرار أو حكم من القاضي بثبوت رشده وقدرته على تدبير شؤون أمواله وسلامة تصرفاته المالية، يقول الله تعالى: ]وابتلوا اليتامى حتى إذا بلغوا النكاح فإن آنستم منهم رشداً فادفعوا إليهم أموالهم ولا تأكلوها إسرافاً وبداراً أن يكبروا ومن كان غنياً فليستعفف ومن كان فقيراً فليأكل بالمعروف فإذا دفعتم إليهم أموالهم فأشهدوا عليهم وكفى بالله حسيباً[[النساء: 6].
خاتمة
هذا هو الإسلام بتعاليمه وإرشاداته بيَّن للإنسان طريق سعادته منذ اللحظة الأولى لحياته بل قبل ذلك، حتى نهاية حياته الدنيوية، وبيَّنت له طريق فلاحه في الآخرة؛ فلا ينبغي التخلي عن هذا الدستور القرآني العظيم المحكم المنـزل من قِبَل الحكيم العليم.
إلى العالم: أفراداً وجماعات، وحكومات ودول: اعملوا على تحسين أوضاع الأطفال؛ وبخاصة أولئك الذين يعيشون في ظل ظروف صعبة، ويقيمون في مناطق النـزاعات العنيفة، والذين يعانون من آثار الحصار والعقوبات الاقتصادية المفروضة على بلادهم، والأطفال اللاجئون والمشردون.
العمل على توفير احتياجات الأطفال؛ الجسمية والمعنوية.
الاهتمام بأمر تعليم الأطفال.
ضرورة القيام بخطوات عملية لحماية الأطفال من الأخطار الناتجة عن البرامج المضرة لوسائل الإعلام.
دعم البرامج التي تؤدي إلى النهوض بالقيم الثقافية والمعنوية والأخلاقية للأطفال.
حفاظاً على سلامة الأطفال العاملين بأجر: منعهم من العمل في الحرف الخطرة.
السعي الحثيث والتعاون الوثيق فيما بين الدول لمكافحة الاتجار في الأطفال.