2. خطوات إعداد أدوات التقويم التربوي

بناء أدوات التقويم ليست عملية سهلة كما يعتقد البعض، فهي صعبة للغاية تتطلب مجهودا كبيرا وتحتاج إلى متخصَصين في المجال، لذلك تتطلب إتباع مجموعة من الخطوات المنتظمة أثناء عملية بناء الاختبار (أو أي أداة تقويم أخرى) والمطبقة في مدى واسع من أنواع الأدوات، وهذه الخطوات على النحو التالي: (أنظر(Crocker & Algina, 1986 ; Laveault & Grégoire, 1997)  :

1. تحديد الأهداف التي ستستخدم فيها درجات التقويم: بمعنى ما الوظائف التي يمكن أن تؤديها؟ ولماذا نستخدمها؟ فاختبار الرياضيات مثلاً يمكن توظيفه لتشخيص صعوبات التعلم، لاختيار الأفراد لبرنامج معين، أو لتقييم الحد الأدنى من الكفاءة. لأن تحديد أهداف الاختبار تساعد في تحديد طبيعة الاختبار الذي ينبغي بناؤه، والطريقة التي نستخدمها.

2. تحديد السلوكات التي تمثَل البناء النفسي أو نطاقه: وتتم بتحويل البناء النفسي إلى مجموعة بنود خاصة وغير رسمية وغير موثقة. ويجري مطوَر الأداة عادة تحليلا مفاهيميا لواحد أو أكثر من أنماط السلوك التي يعتقد أنها تمثل البناء المستهدف، ومن ثم يحاول إعداد بنود تغطي هذه السلوكات. لكن هذه الطريقة تنتج عنها حذف مجالات مهمة من السلوك أو احتوائها لمجالات تكون واضحة فقط في عقل مطور الأداة، وتتنج عنه أيضا ذاتية عالية. لذلك لتفادي هذه المشكلات ينبغي الاعتماد للحصول على صورة واضحة منقحة وواضحة للبناء المراد قياسه على مطوَر الأداة توظيف واحدة أو أكثر من الأنشطة التالية: تحليل المحتوى، مراجعة الأبحاث، لأحداث العرضية الحرجة، الملاحظات المباشرة، أحكام الخبراء، الأهداف التدريسية.

3. معاينة المجال: يستخدم مطوَر أدوات التقويم (خاصة الاختبارات) مجموعة من الأهداف التدريسية يحدد من خلالها مجالات الأداء التي يمكنه من خلالها تكوين استدلالات من خلال درجات الاختبار، ويطلق على مجال الأداء هذا اسم مجال البنود، ويُعدَ مجال البند مجتمعا محددا جيَدا من البنود يمكن خلالها ببناء صيغة اختبارية أو أكثر، وذلك باختيار عينة من البنود من هذا المجتمع.

4. إعداد مواصفات الأداة: بعد اختيار الأهداف وخصائص البنود وفئات السلوك الأخرى فان المطوَر يحتاج إلى صياغة خطة لاتخاذ قرار بالتأكيد على أن كل العناصر متضمنة في الأداة. وبالتحديد يجب أن يكون هناك توزنا للبنود الممثلة لعناصر الأداة بنسبة أهمية ذلك العنصر من وجهة نظر المطور. ويجب ان يهتم هذا الأخير بخاصيتين للبنود وباستقلالية كل منها عن الأخرى المحتوى والعمليات العقلية التي يستخدمها المفحوص في حل المهمة المطلوبة في البند. وقد اقترح العديد من المؤلفين نظاما هرميا في تصنيف العمليات المعرفية التي تعدَ مهمة في تطوير خصائص الاختبار. والأكثر شيوعا وشهرة تصنيف Bloom (1956) والمؤلف من الفئات الرئيسية التالية: المعرفة، الفهم أو الاستيعاب، التطبيق، التحليل، التركيب، التقويم. لذلك بناء على مستوى العمليات المعرفية فان خصائص الاختبار تقدم إرشادات مهمة لمعدَ الاختبار من خلال مستوى العمليات التي يجب تمثيلها. كذلك فإنها تؤشَر للتوازن الذي يجب الحفاظ عليه في اختيار العمليات المختلفة في الاختبار ككل. وأحد التراكيب المهمة لمواصفات الاختبار التي تأخذ بعين الاعتبار كلا من المحتوى والعمليات المعرفية يُعرف بجدول المواصفات. ويتألف هذا الجدول من بُعدين على الأقل، يتضمن الأول مجالات المحتوى الرئيسية والآخر العمليات العقلية.

5. صياغة البنود: ينبغي أثناء صياغة بنود الاختبار أخذ بعين الاعتبار مجموعة من النقاط: ما هي صيغة البنود التي أختارها؟ ولماذا؟. ما هو مستوى صعوبة البنود المطلوبة؟. ما هي عدد البنود التي ينبغي صياغتها؟. بمعنى أن مهمة مطوَر الاختبار تتطلب نوعين رئيسيين من القرارات المهمة (ماذا ستقيس وكيف ستقيسه؟). وأثناء بناء الاختبار يجب الاهتمام بالنوع الثاني من القرارات، ويتضمن بناء مجموعة من البنود التي تقيس بناء مراعيا: 1)- اختيار صيغة مناسبة للبنود، 2)- إثبات أن الصيغة المقترحة ملائمة لفئة المفحوصين، 3)- اختيار تدريب معدَي البنود، 4)-كتابة البنود، 5)- مراقبة تقدَم معدَي البنود ونوعية البنود. وعندما يتم اختيار صيغة معينة من البنود فان مطوَر الاختبار يجب عليه مراجعة المصادر القياسية في كتابة البنود ليأخذ بعين الاعتبار المقترحات اللازمة في كتابة البنود من هذا النوع. وكقاعدة عامة، ينصح مطوَرو الاختبارات إعطاء أهمية لاختيار صيغة البنود الملائمة لحاجات المفحوصين، وتجنَب الصيغ غير المألوفة أو غير المجرَبة.

6. مراجعة البنود: بعد استكمال مطوَر الاختبار بناء بنود الاختبار ينصح أن يراجع زملائه المختصين وبشكل غير رسمي مراجعة البنود من حيث الدقة، والصياغة، والقواعد، والغموض وأمور فنية أخرى حينها يمكن مراجعة البنود التي تتضمن مشكلات. وعندما تكتب البنود يجب أيضا أن تخضع لمراجعة رسمية فقرة بفقرة بأخذ بعين الاعتبار الأمر التالية: 1)- الدقة، 2)- الملاءمة أو المناسبة لمواصفات الاختبار، 3)- الخلل الفني في بناء البند، 4)- القواعد، 5)- التحيَز، 6)- المقروئية. ويستعين مطوَر الاختبار بخبراء متنوعين في مراجعة البنود كالمختصين في القياس وبناء الاختبارات للتأكيد على مناسبة البنود لمواصفات أو الاختبار، ومختصين لغويين للتأكد من خلو البنود من الأخطاء النحوية وأخطاء التنقيط أو استخدام جمل وعبارات غير مألوفة. ويمكن إجراء مراجعة البنود قبل التطبيق الأولي أو بعده.

7. التجريب الأولي للبنود: من الأفضل لمعدَ الاختبار قبل أن يطبع البنود في صيغتها النهائية تجريب البنود على عينة صغيرة من المفحوصين يتراوح عددهم بين 15- 20. ويكون التجريب الأولي في الغالب غير رسمي، وعلى مطوَر الاختبار أن يستغل هذه الفرصة ليلاحظ تفاعل المفحوصين مع البنود وبعض سلوكاتهم مثل التوقف الطويل أو الخربشة أو تبديل الإجابة. وبعد التجريب يجب القيام بمراجعة تستخلص منها ملاحظات حول البنود جميعها، ومن ثم تقديم مقترحات لإجراء التحسينات الممكنة. ويوصى أيضا بإجراء تحليل إحصائي على كل بند وذلك للحصول على فكرة سريعة عما إذا كانت البنود ملائمة من حيث مستوى الصعوبة للمجموعة ككل، وما إذا كانت هناك تباينا كافيا في الاستجابات من أجل تعديل سبق ذكره ليلائم الاختبار عند تطبيقه على مدى واسع، كذلك يجب مراجعة البنود بشكل مكثَف بالإفادة من نتائج التجريب الأولي.

8. الخطوة الموالية: بعد التجريب الأولي والدراسات المستفيضة المتتابعة للبنود تكون جاهزة للتطبيق عل نطاق واسع (التطبيق الميداني). وهذا يتطلب تطبيق البنود بصيغتها النهائية على عينة كبيرة من المفحوصين تمثَل المجتمع الذي صُمَم الاختبار من أجله، كذلك دراسة الخصائص الإحصائية لدرجات الاختبار من خلال طرائق متنوعة تعرف باسم تحليل البنود، وتصميم إجراءات دراسات الصدق والثبات للصيغة النهائية للاختبار، وكذا إعداد دليل الاختبار الذي يفيد في التطبيقات والتصحيح وتفسير الدرجات (مثل: الجداول المعيارية، ومعايير الأداء، ودرجات القطع).