7. أهم السمات الأسلوبية لدی كل من بديع الزمان والحريري

1- بديع الزمان: مقامات البدیع قصيرة النصوص في الأغلب، وفیها فصاحة وسهولة ووضوح، إلی جانب الدعابة والمرح والتهکم، وهو حسَن الابتکار، قلّ أن تجد له مقامتین في معنی واحد، وتُظهِر مقاماته جودته في السرد والوصف الحسّي والتحلیل، وعباراته رشيقة الألفاظ سائغة التراکیب تحوي أوصافا جميلة، ومع أنه يُكثر من الصناعة المعنویة (في الاستعارات والکنایات والتوریات خاصة) فإنه لا يُظهِر تکلّفا ولا إغراقا في السجع. والهمذاني یبدو بارعا في دراسة الطبائع وتصویر المعائب وعرض مساویء المجتمع. غیر أنّه لا یهدف دائما إلی إصلاح هذه المساویء بنصح أو برَدْع، وإنمّا غایته التهکّم بأصحابها وإطرافِ الآخرین بتصویرها واستعراضها، ويبدو كما لو كان ناقما على المجتمع.

2- الحريري: مقامات الحريري في الغالب أطول من مقامات البديع، وهذا الطول لا يعود لطول قصة المقامة نفسها، بل لأنه يجمع أحيانا حكايتين في مقامة واحدة. ويعود كذلك إلى إكثاره من الألفاظ المترادفة لمعنى واحد، وإيراد عدة جُمَل للمضمون ذاته، كما أن من أسباب طولها أيضا إکثاره من الشعر كتلك القصائد التي يشرح بها أبو زید أحواله، ویقص فيها أخباره. ولغة الحریري عميقة وصعبة، ولكنه يستخدم جُمَلا قصیرة ویقطعّها تقطیعاً موسیقیاً، فلا تتعدی جملته - في الغالب - الکلمتین أو الثلاث، وهو في إنشائه بادي الصنعة، ظاهر التکلّف، یتعمد الغریب من الألفاظ، ویُسرف في استعماله، ویُفرط في اصطناع المجاز والتزیین حتی تجفّ عبارته ویقل ماؤها ویعسُر مساغُها.

ومن أشهر مقامات بديع الزمان مقامتان؛ هما المقامة المَضیریة والمقامة البِشْرِیة. أما المقامة المَضیریة فتظهر فیها براعة البدیع في الوصف ودقة التصویر، علی شيء کثیر من السخرية وخفة الروح. وأما البِشْرِیة، فهي التي وفق بها بدیع الزمان لاختراع شاعر جاهلي تبنّاه التاریخ من بعده، وهو بِشْر بن عُوانة العَبْدي.