2. عوامل ازدهار الخطابة في العصر الإسلامي

-  الدَّعوة إلى الإسلام: فقد أتى النَّبي محمَّد -صلَّى الله عليه وسلَّم- برسالة الإسلام في بيئةٍ تتقن القول وتتعاطى صنعة الكلام وتجيد في البلاغة، فحاججهم بالقول حتَّى أعجزهم وأثبت صدق رسالته، فكانت الخطابة هي الأداة الأولى لنشر الحنيف مما أسهم في انتشارها وازدهارها.

 بيان الأحكام الشرعيَّة: فبعد أن دخل النَّاس في دين الإسلام، كان لا بدَّ من بيان أحكامه وشرح مجمل معانيه والتَّفصيل فيما جاء في قرآنه، فكان النَّبي الكريم يشرح لهم ما أشكل فهمه ويوضح ما التبس من أمره ببلاغةٍ وبيانٍ فيهما وحي النُّبوَّة ونور الإيمان مما نهض بالخطابة حينها.

 المعاني الجديدة: لقد ولَّد الدِّين الحنيف مفاهيم جديدة لم يكن للإنسان عهدًا بها قبله، فجدَّد اللَّغة وبعثها من جديد بحلَّةٍ إسلاميَّةٍ ظهرت أكثر ما ظهرت في الخطب الدِّينيَّة، حيث مرَّن الإسلام اللُّغة ودلَّلها وأخرجها بحلَّةٍ جديدةٍ جذبت النَّاس إليها أكثر من قبل.[٥] وحدة الموضوع: كانت الخطابة في الجاهليَّة متعدِّدة الموضوعات ومتباعدة المقاصد لا يجمعها هدفٌ ولا يربطها رابط، إلَّا أنَّ الإسلام وحَّد مقاصد الخطابة وجعلها تدور حول موضوعٍ واحدٍ فيه الموعظة والنَّصيحة، فأصبح للخطبة غاية واضحة وموضوع تلمُّ بأطرافه مما رفع من قيمتها.

 القرآن الكريم: لقد أحدث نزول القرآن الكريم نقلةً كبيرةً في النَّفس الإنسانيَّة لما فيه من إعجاز، وأفادت الخطابة من بلاغته وسعة معانيه ودقَّة وصفه، فهذَّب اللُّغة ورقَّق أساليبها وسهَّل عباراتها، وفتح أبوابًا جديدةً للألفاظ كما ساعد الخطباء بقوَّة حجَّته فطوَّر مقدراتهم على الإقناع بالمنطق والبرهان.

 الحديث الشَّريف: تأثَّر الحديث النَّبويّ بالقرآن ومعانيه وفصَّل فيها وشرح مجملها، وأضاف النَّبي الكريم بما أثر عنه من أحاديث ثروةً من المعاني أغنت الخطابة وأثَّرت فيها تأثيرًا مقاربًا لأثر القرآن فهي مستقاةٌ من مشكاته وهديه.