1. الأطر الابستيمولجية للمقاربات الكمية والكيفية
1.1. موضعة الظاهرة الإنسانية
استطاعت العلوم الطبيعية منذ نشأتها أن توفر شرط الموضوعية الذي أعطى لنتائجها مصداقية لا يختلف حولها الدارسون،وتحت تأثير هذا النجاح حاول أوائل المهتمين بالظواهر الإنسانية استلهام هذا النموذج العلمي بهدف إنتاج معرفة علمية موضوعية تسمح بتحرير الإنسان من سلطة التصورات اللاعلمية،سواء تعلق الأمر بالظواهر النفسية (المدرسة السلوكية مع "جون واطسون" في أمريكا أو بالظواهر الاجتماعية (المدرسة الوضعية في فرنسا مع "سان سيمون"و"أوغست كونط"و"دور كايم")،وبالتالي فإن الظواهر الإنسانية والاتصالية تخضع للدراسة العلمية من خلال التعامل معها كأشياء أو موضوعات لها وجودها الخارجي المستقل عن الذات،قابلة للملاحظة والتجريب وتخضع مثل ما تخضع له الظواهر الطبيعية لقوانين ثابتة يمكن الكشف عنها.