المقاربات الكمية والنوعية المفسرة لدراسة جمهور وسائل الإعلام

Site: Plateforme pédagogique de l'Université Sétif2
Cours: دراسات جمهور وسائل الإعلام
Livre: المقاربات الكمية والنوعية المفسرة لدراسة جمهور وسائل الإعلام
Imprimé par: Visiteur anonyme
Date: Monday 29 April 2024, 11:39

1. الأطر الابستيمولجية للمقاربات الكمية والكيفية

كان من نتائج تشبيه الظاهرة الإنسانية بالظاهرة الطبيعية التي أفرزتها إشكالية العلم، أن تم اختزال الظواهر الإنسانية في جوانبها الحسية والفيزيقية،وإسقاط كل ما هو متجاوز ومتعال وغيبي عن هذا الوجود،حتى إنه لم يعد هناك فرق بين الظاهرة الإنسانية والظاهرة الطبيعية،وقد اعتمد أصحاب هذا الاتجاه على المسلمات التالية :( فوكو ،1989،ص284).

إن المجتمع الإنساني ظاهرة طبيعية فلماذا نستثنيه إذن من كافة القوانين والنظامات التي تحكم الظواهر الطبيعية الأخرى.

1.1. موضعة الظاهرة الإنسانية

استطاعت العلوم الطبيعية منذ نشأتها أن توفر شرط الموضوعية الذي أعطى لنتائجها مصداقية لا يختلف حولها الدارسون،وتحت تأثير هذا النجاح حاول أوائل المهتمين بالظواهر الإنسانية استلهام هذا النموذج العلمي بهدف إنتاج معرفة علمية موضوعية تسمح بتحرير الإنسان من سلطة التصورات اللاعلمية،سواء تعلق الأمر بالظواهر النفسية (المدرسة السلوكية مع "جون واطسون" في أمريكا أو بالظواهر الاجتماعية (المدرسة الوضعية في فرنسا مع "سان سيمون"و"أوغست كونط"و"دور كايم")،وبالتالي فإن الظواهر الإنسانية والاتصالية تخضع للدراسة العلمية من خلال التعامل معها كأشياء أو موضوعات لها وجودها الخارجي المستقل عن الذات،قابلة للملاحظة والتجريب وتخضع مثل ما تخضع له الظواهر الطبيعية لقوانين ثابتة يمكن الكشف عنها.

1.2. الأساليب المنهجية

يرى "أوغست كونط" أن الظاهرة الإنسانية يجب أن تكون إمبريقية وقابلة للإدراك عن طريق الحواس،وعن المنهجية التي تفسر ذلك فتتمثل في الاستدلال الفرضي والتحقق من ذلك عن طريق إخضاع الظاهرة الإنسانية للتجربة،فعندما تقاس الحياة الاجتماعية وتحسب إحصائيا فإن العلم الاجتماعي يمكنه أن يقدم ما تقدمه العلوم الطبيعية.( موضعة الظاهرة الإنسانية:أحمد جابر،متاح على الرابط:http :www.philomartil.com،تمت زيارة زيارة الموقع بتاريخ:12/12/ 2019على الساعة 16:00)

1.3. الظاهرة الاتصالية والعلوم الطبيعية

لقد أسس الاتصال حقله المعرفي الخاص داخل فضاء العلوم الاجتماعية ،أحد المداخل الأساسية للتساؤل عن شرعيته العلمية كعلم قائم بذاته،وهو ما جعله يبحث عن نماذج تضفي عليه الطابع العلمي،حيث تبنى رؤى العلوم الطبيعية وقام بتكييفها مع خصوصيته الأكاديمية،فمنذ القرن التاسع عشر ظهرت الأنظمة التقنية الأساسية للاتصال،وتكريس مبدأ التبادل الحر إذ يعتبر القرن الذي احتضن ميلاد رؤى وأفكار تأسيسية ترى في الاتصال عامل اندماج وتواصل المجتمعات الإنسانية،فقد تضمن مفهوم الاتصال في نهاية هذا القرن فكرة إدارة التنوع الإنساني،بعد أن تم استحياء التصورات الأولى لعلم الاتصال من الفكر الذي يرى في المجتمع كيانا عضويا،أو مجموعة أعضاء تؤدي وظائف متكاملة محددة بدقة.( منتديات علوم الإعلام والاتصال،البحث في علوم الإعلام والاتصال،الرمال البيضاء،2010،ص04).

1.4. الاختلاف بين العلوم الطبيعية والعلوم الإنسانية

على عكس الرؤية السابقة التي تؤكد على التشابه والتداخل القائم بين العلوم الطبيعية والعلوم الإنسانية،ظهر موقف يتبنى رؤيته من الصراع المستمر بين العلوم الطبيعية والعلوم الإنسانية،ويوضح أصحاب هذا الموقف أرائهم في ما يلي:

_ إن من خصائص الظاهرة الإنسانية أنها لا تقبل الملاحظة الحسية.

_ البحث في الظواهر الإنسانية يغلب عليها الطابع الكيفي لا الكمي الذي تمتاز به العلوم الطبيعية.( عبد الجواد2002،ص219).

_ الظاهرة الإنسانية ظاهرة معقدة لأن هناك عوامل عديدة تتداخل في تحديدها، الأمر الذي يطرح صعوبة في تعليل الظاهرة وتحديد العامل الذي يتحكم في مسارها.

_ الظاهرة الإنسانية ظاهرة ذاتية لأن الإنسان هو الذي يفكر وهذا ما يعيق تحقيق الموضوعية.

_ يرى الأنثروبولوجي المعاصر"ستراوس" أن تشبيه الظاهرة الإنسانية بالطبيعية رأي فيه الكثير من الإجحاف لأن علوم الإنسان لم تقدم سوى تفسيرات فضفاضة وتنبؤات تعوزها الدقة،ومن ثم تظل هذه العلوم وسط الطريق متأرجحة بين التفسير والتنبؤ دون أن تحقق تقدما كبيرا يؤهلها لبلوغ مستوى العلوم الطبيعية.

_ يرى "ايمانويل كانط" أن الظاهرة الاجتماعية لا تشبه الطبيعية في شيء لأنه يؤكد أن ملكة العقل هي المسؤولة عن نشأة الوجود البشري،وذلك أن العقل يحاول دائما تجاوز نطاق التجربة بحثا عن الحقيقة التي تميز الظواهر،ويسير"سميل"على خطى كانط بشأن تفسير الظاهرة الإنسانية والاجتماعية ،فالعالم لكي يدرك الظاهرة الاجتماعية يضطر إلى أن ينظم رؤيته لها من خلال أنساق ومقولات ونماذج...تكون بمثابة أطر للفهم ومحددات له.( المسيري،2002،ص13.)

_ ويذكر"عبد الوهاب لمسيري"أن هناك عدد من الاختلافات والفروق بين الظاهرتين الطبيعية والإنسانية تتلخص في النقاط التالية:

_ أسباب الظاهرة الإنسانية يصعب حصرها لأنها متعددة ومتداخلة ومتشابكة،بينما يسهل تحديد وحصر العلة أو العلل التي تكون وراء نشوء الظواهر الطبيعية.

_ تتميز الظاهرة الطبيعية بغياب المكون الشخصي أو الثقافي أو التراثي عنها،فهي بلا شخصية ولا ثقافة ولا تراث،كما أنها مجردة من الزمان والمكان مثل تجردها من الوعي والذاكرة والإرادة، وبالمقابل نجد أن هذه المكونات الشخصية والثقافية والتراثية مكونات أساسية في بنية الظاهرة الإنسانية،أضف إلى ذلك تعدد هذه الثقافات وتعدد الشخصيات الإنسانية،هذا مع حضور الوعي والإرادة الحرة والشعور والذاكرة...في الظاهرة الإنسانية.

_ دراسة الظواهر الطبيعية تقود إلى صياغة قوانين عامة يمكن التأكد من وجودها وصحتها بالرجوع إلى الواقع، أما دراسة الظواهر الإنسانية فتوصلنا إلى تعميمات تقريبية، قد تثبت ولا تثبت إذا حاولنا تطبيقها على مواقف إنسانية جديدة.( عبد المعطي محمد،ص ص322،321)

*إضافة لكل هذه الفروق تختلف وقائع العلوم الطبيعية عن وقائع العلوم الإنسانية في كون الأولى يمكن إدراكها عن طريق الحواس لأنها أحداث فيزيقية، أما الثانية فلا يمكن إدراكها عن طريق الحواس لأنها ذاتية وتختلف من فرد إلى أخر،ولذلك فهي وقائع تتصف بحريتها وبعدم قابليتها للتكرار.

ولقد رفض كثير من العلماء الغربيين الرؤية الساذجة التي تصر على إقصاء الجوانب الفردية للظاهرة الإنسانية،والتي تدعو إلى إلحاقها بالظواهر الطبيعية،ويرى "ويلهم ديلتي" أنه توجد حدود فاصلة بين العلوم الطبيعية والعلوم الإنسانية،ورأى أن العلوم الاجتماعية مبنية على أسس منهجية مختلفة عن العلوم الطبيعية،فالفرق بين العلوم الطبيعية والعلوم الاجتماعية يكمن في أن مادة العلوم الاجتماعية هي العقول البشرية،وليست مشتقة من أي شيء خارجها مثل العلوم الطبيعية التي هي مشتقة مثل العلوم الطبيعة التي هي مشتقة من الطبيعة،فالإدراك الإنساني والنفسي هما غاية العلوم الاجتماعية،ويمكن الوصول إليها من خلال التحديد الدقيق للمعاني والقيم التي ندرسها هي عقول الفاعلين الاجتماعيين،وليس من خلال مناهج العلوم الطبيعية،ويوضح هذه الرؤية الفيلسوف "ميرلوبونتي "في كتابه "فينومينولوجيا الروح":أن تشبيه الظاهرة الإنسانية بالطبيعية هو حذف ونسيان للعالم المعاش.( أبو زيد،2001،ص24). أي أنه ينبغي العودة إلى الإنسان باعتباره مولدا للمعنى.

2. المقاربات الوضعية الكمية و التأويلية الكيفية المستخدمة في دراسة جمهور وسائل الإعلام

*أمام هذا الاختلاف الذي ظهر من أجل تفسير الظواهر الإنسانية ،برز تياران فكريان  في حقل بحوث الاتصال يختلفان في دراسة الظاهرة الاتصالية وذلك حسب طبيعة المسلمات العلمية التي انطلق منها كل تيار(الوضعي ،والتأويلي).

بالنسبة للتيار الوضعي برر موقفه انطلاقا من الاعتماد على تشبيه الظاهرة الإنسانية بالظاهرة الطبيعية وعليه فإن بحوث الاتصال تستند إلى الرؤية الوضعية والامبريقية وهذا ما تبنته بعض براديغمات الاتصال الكبرى كالبنائية الوظيفية، والسبرنيطيقا والسلوكية،التي تهدف إلى تكميم الظاهرة الاتصالية،أما التيار التأويلي فيفند مبررات التيار السابق لأنه يؤمن بالعمليات العقلية للإنسان ويفسر الظواهر الاتصالية عن طريق عمليات الفهم والتأويل بعيدا عن التجربة المعملية التي لا تتيح إمكانية المعايشة للواقع ومشاركته وفهم ظواهره المتنوعة والمتعددة،ويندرج ضمن هذا التيار براديغمات توظف في بحوث الاتصال،تتمثل أساسا في النظرية النقدية، والظاهراتية، والتفاعلية الرمزية،البنيوية.

3. الأساليب المنهجية الموظفة في البحوث الكمية والنوعية لدراسة جمهور وسائل الإعلام

التيــــــــــــــــــــــــــــــــار الوضعـــــــــــــي

التيـــــــــــــــــــــــــــــــــــار التأويلـــــــــــــي

البحوث الكمية الوضعية" مستمدة من التيار الوضعي"

البحوث الكيفية التأويلية "النوعية " مستمدة من التيار التأويلي"

البحوث الكمية تشبه الظاهرة الإنسانية بالظاهرة الطبيعية وهذا ما ينطبق مع الظاهرة الإعلامية

البحوث الكيفية ترى أن الظاهرة الإنسانية تتميز بخصوصيتها ولا تشبه الظاهرة الطبيعية

الهدف: تهدف البحوث الكمية إلى التعميم

الهدف: تهدف البحوث الكيفية إلى الفهم والتأويل

المناهج: مناهج البحوث الكمية هي: منهج المسح الوصفي،المنهج التجريبي، المنهج الإحصائي، المنهج الارتباطي...

المناهج: مناهج البحوث الكيفية هي : المنهج المقارن، المنهج التاريخي، المنهج الاثنوغرافي، منهج دراسة الحالة ،المنهج السببي المقارن

أدوات جمع البيانات : تستخدم البحوث الكمية في دراسة الجمهور أدوات جمع البيانات التالية: أداة الاستبيان ـ

أدوات جمع البيانات: تستخدم البحوث الكيفية أدوات جمع البيانات التالية :أداة المقابلة، أداة الملاحظة " الملاحظة بالمشاركة".

العينات: توظف البحوث الكمية العينات العشوائية (الاحتمالية) وهي:العينة العشوائية البسيطة، العينة المنتظمة، الدورية، العينة الطبقية المتعددة المراحل

العينات: توظف البحوث الكيفية العينات غير العشوائية ( غير احتمالية) وهي: العينة القصدية" العمدية" ، العينة الصدفية " الصدفة"، العينة الحصصية، عينة كرة الثلج