3. قيام مملكة الفونج الإسلامية

لقد ظلت الهجرات العربية، الفردية والجماعية، تصل بلاد النوبة عبر فترات متفرقة، منذ القرن الأول الهجري وحتي القرن العاشر عبر حدود مصر والبحر الأحمر ، ورغم النصر الكبير الذي تحقق بسقوط مدينة دنقلا سنة 1317م ، واعتلاء عرشها ملك مسلم إلا أن البلاد تعرضت للفوضي والفرقة .

وظلت مملكة علوة المسيحية قائمة في المناطق الوسطي من النوبة، ولم تحسم قضية التحول الحضاري نهائيا في بلاد النوبة إلا بقيام دولة الفونج الإسلامية سنة 1504م علي يد عمارة ابن عدلان ( دنقس) وعبدالله جماع . وبذلك استطاعت دولة الفونج أن تقدم للنوبة حكومة قوية موحدة ، ودولة شملت أكثر المناطق التي تكون بلاد النوبة وادي النيل ، استطاعت أن تقدم جهدا عظيما في التمكين للإسلام والحضارة الإسلامية فيه .

وكان لها الفضل في إعطاء النوبة وجهه العربي الإسلامي الذي يظهر فيه اليوم باسم جمهورية السودان، إن الحكم على مدى أهمية الدور الحضاري الذي قامت به دولة الفونج الإسلامية في النوبة يقتضينا القيام بدراسة شاملة لمختلف الجوانب الحضارية التي حققتها هذه الدولة في بلاد النوبة ، حتي نتبين الوحدة في المنطلق الفلسفي الذي يتحكم في مظاهر هذه الحضارة ، ومدي الترابط والتجانس في هذه المظاهر ، دراسة تتناول المظاهر السياسية والإدارية والاقتصادية والاجتماعية والفكرية.