مملكة الفونج في السودان الشرقي
تتناول هذه المحاضرة التكوين السياسية والتطور الحضاري لمملكة الفونج الإسلامية في السودان الشرقي.
4. الجوانب الحضارية لمملكة الفونج
4.2. الجانب الإقتصادي
تعتبر دولة الفونج الإسلامية عموما ، من الدول التي تمتعت بظروف اقتصادية طيبة ، شملت مختلف ضروب النشاط الاقتصادي ، كالتجارة والزراعة والرعي ، وقد اشتهرت سنار بالثروة والغني، كما اشتهرت من قبلها الممالك المسيحية القديمة ، وقد تمثلت هذه الظروف الاقتصادية في توفر الأراضي الخصبة وكثرة الأمطار ، ووجود نهر النيل وفروعه المختلفة .
وقد كان تنظيم الاقتصاد في عهد الفونج انعكاسا لسياسة الدولة الإسلامية الناشئة ، فقد أصبحت مظاهر الاقتصاد في كثير من جوانبها إسلامية خالصة ، واخذت الدولة بالنظام الضريبي الإسلامي المتمثل في الزكاة والعشور والخراج، كما أخذت بنظام بيت المال الإسلامي وموارده المختلفة ، كما أصبح نظام ملكية الأرض مشابها لنظام الملكية في الدولة الإسلامية ، وتحولت ملكية الأرض للدولة بعد أن كانت سابقا ملكا خاصا للملك.
ومن ناحية أخري كان الاقتصاد في دولة الفونج انعكاسا للحكم اللامركزي الذي سارت عليه الدولة ، فقد كانت اللامركزية تشمل أيضا فروع بيت المال في الأقاليم،
ولم تكن الإدارة المحلية تتطلب دخلا كبيرا ، ولذلك لم يفرض ملوك سنّار على أقسام دولتهم غير جزية معلومة بسيطة يجمعها حاكم القسم ويدفعها للدولة ، وفي ظل هذا النظام اللامركزي للتنظيم الاقتصادي ، اكتفت الدولة بالإشراف العام على الإقتصاد ولم تتدخل تدخلا كبيرا في التحكم في توجيهه أو احتوائه .
وعموما فإن الاقتصاد في عهد دولة الفونج رغم السلبيات التي لحقت به كالمجاعات والكوارث التي كانت تصيب البلاد من حين إلي حين ، إلا أن بعض الإيجابيات قد تحققت بفضل دولة الفونج ومن ذلك :
- ارتبط نظام الاقتصاد بالنظم الإسلامية في المعاملات في البيع والشراء وتحريم الربا والغش والإحتكار
- تطور نظام ملكية الأرض ، وأصبحت له اسس ثابتة وفق النظام الإسلامي بعد أن كانت الأرض ومن عليها ملكا للملك في النظم السابقة.
- النظام الضريبي في الدولة رغم مظاهر البساطة إلا أنه في كثير من تفصيلاته ينبع من الإسلام فهو يقوم علي الزكاة والعشور والجمارك والضرائب المختلفة التي عرفت في الدولة الإسلامية .
انتظمت القوافل التجارية بين دولة الفونج والبلاد العربية والإسلامية وأصبحت التجارة اكثر رواجاً