3. قيام مملكة الفونج الإسلامية

3.2. نظم الحكم والإدارة في مملكة الفونج

لقد وضعت الأسس الأولي للنظام السياسي والإداري الذي سارت عليه دولة الفونج الإسلامية في الإتفاق الذي تم بين عمارة دنقس وعبدالله جماع، وبهذا الاتفاق تم ترتيب نظام الحكم والإدارة، حيث اختار مؤسسا الدولة النظام الملكي الوراثي أسلوبا لممارسة الحكم والإدارة .

وبموجب هذا النظام أصبح عمارة دنقس زعيم الفونج ملكا على الدولة يمارس سلطاته من عاصمته التي اختطها وهي مدينة "سنّار "، بينما يكون عبدالله جماع وقومه نواباً عنهم في إدارة الأقاليم التابعة لهم في القسم الشمالي من الدولة وعاصمتهم "قرى".

ولم يكن هذا النظام الملكي غريبا على النوبة ، فقد كانت مملكتا المقرة وعلوة ، تمارسان نظاما ملكيا ، كما أن هذا النظام الملكي الوراثي كان مألوفا في الدول الإفريقية والبلاد العربية منذ القدم .

ولم يكن النظام الملكي لدولة الفونج الإسلامية ، نظاما مستبدا كما يظهر للوهلة الاولي ، وإنما كان يأخذ بالشورى ، فقد كان للدولة مجلس شوري يساعد في اختيار الحكام وتسيير شئون الدولة ، وكذلك يقوم بعزل السلطان إذا اقترف مايستحق العزل.

وقد أخذت الدولة بنظام الحكم اللامركزي ، لأنه يناسب طبيعة النظام القبلي الذي ينزع إلى الحرية ، وكان سائدا في الدولة ، كما يناسب أيضا طبيعة التحالف بين الفونج والعبدلاب ، الذي يعطي العبدلاب قدرا كبيرا من الحرية والاستقلال الذاتي في ظل التبعية لملوك سنّار داخل الدولة الواحدة . كما أن النظام اللامركزي يناسب أيضا ما يتطلبه اتساع بقاع السودان، من توفر قدر كبير من الاستقلال والحرية والحكم اللامركزي . ويتضح لنا أن نظام اللامركزية كان النظام الامثل والاوفق لمقابلة ظروف السودان في تلك المرحلة .