3. نشأة حرية الاعلام

ترجع بدايات المفهوم الحديث لحرية الرأي والتعبير إلى القرون الوسطى في المملكة المتحدة بعد الثورة التي أطاحت بالملك جيمس الثاني من إنكلترا عام 1688، ونصبت الملك وليام الثالث من إنكلترا

والملكة ماري الثانية على العرش. وبعد سنة من هذا أصدر البرلمان البريطاني قانون "حرية الكلام في البرلمان". وبعد عقود من الصراع في فرنسا تم إعلان حقوق الإنسان والمواطن  

عام 1789 عقب الثورة الفرنسية الذي نص على أن حرية الرأي والتعبير جزء أساسي من حقوق المواطن.. وكانت هناك محاولات في الولايات المتحدة في نفس الفترة الزمنية لجعل حرية الرأي والتعبير

حقا أساسيا لكن الولايات المتحدة لم تفلح في تطبيق ما جاء في دستورها لعامي 1776 و 1778 من حق حرية الرأي والتعبير حيث حذف هذا البند في عام 1798 واعتبرت معارضة الحكومة الفدرالية

جريمة يعاقب عليها القانون ولم تكن هناك مساواة في حقوق حرية التعبير بين السود والبيض.

ويعتبر الفيلسوف جون ستيوارت ميل، من أوائل من نادوا بحرية التعبير عن أي رأي مهما كان هذا الرأي غير أخلاقي في نظر البعض حيث قال "إذا كان كل البشر يمتلكون رأيا واحدا وكان هناك شخص

واحد فقط يملك رأيا مخالفا فان إسكات هذا الشخص الوحيد لا يختلف عن قيام هذا الشخص الوحيد بإسكات كل بني البشر إذا توفرت له القوة.

وأقرت الجمعية العامة للأمم المتحدة سنة 1948م الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي تضمن حق كل شخص بالتمتع بحرية الرأي والتعبير، وتبنت في سنة 1966م العهد الدولي للحقوق المدينة والسياسية

الذي يعكس ما نص عليه الإعلان العالمي لحقوق الإنسان فأكدت المادة (19) منه على حق كل إنسان في اعتناق الآراء دون مضايقة والتعبير عنها ونقلها للآخرين دونما اعتبار للحدود بالوسيلة التي يختارها.

وأكد الميثاق الأوروبي لحقوق الإنسان سنة 1950 على حرية الرأي والتعبير وكذلك الميثاق الأمريكي لحقوق الإنسان سنة 1969 والميثاق الإفريقي لحقوق الإنسان والشعوب سنة 1979،

والميثاق العربي لحقوق الإنسان الذي اعتمد في القمة العربية السادسة عشرة سنة 2004. وفي سنة 1978م تبنت اليونسكو في وثيقة الإعلان بشأن المبادئ الأساسية الخاصة بإسهام وسائل الإعلام

في دعم السلام والتفاهم الدولي وتعزيز حقوق الإنسان ومكافحة العنصرية والفصل العنصري والتحريض على الحرب والحق في حرية الرأي والتعبير. أما في سنة 1995م تبنت مجموعة من المختصين

في القانون الدولي وحقوق الإنسان مبادئ "جوهانسبيرغ" حول الأمن القومي وحرية التعبير والوصول إلى المعلومات[1].

 و على امتداد التاريخ البشري ظل مفهوم حرية الرأي والتعبير يأخذ مكانة كبيرة بين الأدباء والفلاسفة، وفق عمر مرزوقي في دراسة حول حرية الرأي والتعبير في الوطن العربي في ظل التحول الديمقراطي،

ويضيف أن الاهتمام بحرية الرأي والتعبير لم يقتصر على آراء الفلاسفة والمفكرين، بل جاءت المواثيق الدولية لتقر هذا الحق.

فنص الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في المادة 19 على \"أن لكل إنسان الحق في اعتناق الآراء دونما مضايقة والتعبير عنها بأية وسيلة ودونما اعتبار للحدود\"،

كما كرس العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية هذا الحق، وبينما يكون الحق في حرية الرأي والتعبير مطلقا، يجوز بمقتضى العهد إخضاع هذا الحق لبعض القيود التي يجب أن

يتم التنصيص عليها في النصوص التشريعية.

كما اهتم الميثاق الإفريقي لحقوق الإنسان والشعوب الذي صدر عام 1981 بحرية الرأي والتعبير، حيث نص في المادة 09 منه على أنه "يحق لكل فرد أن يعبر عن أفكاره وينشر آراءه في إطار القوانين"،

ونصت المادة 23 من مشروع الميثاق العربي لحقوق الإنسان على أن "للأفراد من كل دين الحق في التعبير عن أفكارهم عن طريق العبادة أو الممارسة أو التعليم، بغير إخلال بحقوق الآخرين،

ولا يجوز فرض أي قيود على حرية العقيدة والفكر والرأي، إلا بما نص عليه القانون.

 



[1] http://www.almadenahnews.com/article/موقع المدينة الإخبارية السبت 4 ماي 2019