حرية الاعلام النشأة و التطور
Site: | Plateforme pédagogique de l'Université Sétif2 |
Cours: | تشريعات اعلامية |
Livre: | حرية الاعلام النشأة و التطور |
Imprimé par: | Visiteur anonyme |
Date: | Saturday 23 November 2024, 08:13 |
Description
تتلخص فكرة هذه المحاضرة الى تبسيط المفاهيم الأولية و الأساسية لحرية الاعلام
1. مفهوم الحرية
يتجدد البحث في مشكلة الحرية كلما تطورت الحياة البشرية وتقدم العلم الذي يرتكز على مبدأ الحتمية ...،إذ كلما تقدم العلم في ميدان يتعلق بالعمل البشري وبالمبادرة الفردية ،تخوف الإنسان من أن تعطي
الاكتشافات الجديدة للبعض وسائل التحكم في إرادة البعض الآخر ،أمام هذا فإن الإنسان في سعي دائم في البحث عن الحرية سواء في التعبير أو الدين أو السياسة والاقتصاد والاجتماع ،هذه الحرية التي لايكاد أحد
يقف على تعريف واحد لها تختلف من نسق فكرية وفلسفية إلى آخر .
فالحرية عند البعض هي" تجربة الإمكان بالمعنى المادي أي الاستطاعة على القيام بعمل يرغب فيه ،وبالمعنى القانوني أي السماح له بذلك بحيث لايتعرض لأي عقاب إذا فعل مايريد " ([1]).
وهي تعني عند البعض تجاوز كل إكراه خارجي أو داخلي وهي القيمة الثابتة للشخص لأن يتحرك دون قيد أو شرط، وهي على النقيض تماما من الحتمية والتي تعني خضوع الفعل الإنساني لشرط من الشروط يفسر
حدوثه وفق مبدأ العلة والمعلول
فقد قرأنا عن محاولة (المعتزلة) إثباتها بواسطة الشعور فقالوا:إن الشعور بالحرية كاف لإثبات وجودها. وجاء (Decartes ديكارت) سنة (1896-1950)واعتبرها أيضا حالة شعورية وأنها تدرك بلا
برهان لأنها من خصائص الذات الشاعرة ، ومنهم من اعتبرها أساس الوجود الإنساني مثل (مين دوبيران) الذي رأى في جهد الإنسان العضلي أو الفكري دليل على أن إرادته حرة وقادرة على التأثير في جسده ومقاومة
آلامه.
ثم جاء (Bergson) ( برغسون)( 1859-1941) فرأى أن الحرية هي إحدى مسلمات الشعور ندركها بالحدس لكن أدلته لم تقنع العالم السلوكي الأمريكي (Watson واطسن)
(1878-1958) والنمساوي فرويد (1856-1939)
حيث يرى الأول تحت تأثير النزعة العلمية التي سادت القرنين الثامن عشر والتاسع عشر بأن أفعالنا خاضعة لنوع المثير وإننا نستطيع أن نتنبأ بسلوك الفرد لاحقا إذا وقفنا على أسبابها، أما فرويد فيرى بأن الإنسان
خاضع في سلوكه للدوافع اللاشعورية التي توجه سلوكه([2]) ...ويرى فرانسيس فوكوياما أن تطور الحرية هو المحرك الأساسي أو الرئيسي للتاريخ ([3])
تقسيمات الحريات :
[1] - عبد الله العروي،مفهوم الحرية ،ط:5 ، بيروت ،المركز الثقافي العربي ،ص 91
[2] - في هذا الصدد أنظر :- رياض شمس،حرية الرأي وجرائم الصحافة والنشر، ج:1،بدون طبعة ،القاهرة ،دار الكتب، 1974
- ألبرت ل.هيستر،واي لانج،دليل الصحفي في العالم الثالث ،تر:كمال عبد الرؤوف ،القاهرة ،الدار الدولية للنشر و التوزيع ،1988
[3] - فرانسيس فوكوياما،نهاية التاريخ والإنسان الأخير ،بدون طبعة ،بيروت ،مركز الإنماء القومي ،1993،ص130
2. مفهوم حرية الاعلام
من الناحية الفلسفية إن حرية الكلام وحرية الصحافة هما النتيجة الطبيعية لحرية الاعتقاد ،ولكن ما هي حرية الاعتقاد ؟
إنها حرية التفكير والإيمان بما نرى أنه الحقيقة ،هي الحرية التي تجعلنا لا نضطر إلى اعتناق آراء نعتقد أنها خاطئة ...ان حرية الاعتقاد هي أولى الحريات لأنها
تحدد جميع الحريات الأخرى ([1]).
ويزيد سلامة موسى في تجلية حقيقة حرية التعبير عن الرأي بقوله : "أن التفكير لا يكون حرا طليقا حتى نستطيع البوح والإفضاء به إلى غيرنا...فحرية الفكر إذن هي
حرية البوح بالقول..." ([2]).ويعتبرها إبراهيم نوار أنها : "الحق الأول من حقوق الإنسان الفرد ،بعد حق البقاء"،...والحق في التعبير عن الرأي هو في جوهره الحق
الذي تأسست عليه الحضارة البشرية ، فحق التعبير والرأي هو حق التفكير و الإتصال
إن حرية التعبير لا يقتصر أثرها على صاحب الرأي وحده بل يتعداه إلى غيره وإلى المجتمع وقد نص الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في المادة التاسعة عشرة منه على
أن "لكل إنسان الحق في حرية الرأي وحرية التعبير وهذا الرأي يتضمن حرية اعتناق الآراء بدون تدخل وأن يلتمس ويتلقى وينقل المعلومات والأفكار من خلال أي وسيلة
إعلامية وبغض النظر عن الحدود السياسية "([4])
وتعتبر حرية الصحافة رافدا من روافد حرية الرأي تقوم بدورها في المجتمع وفي تنمية الرأي العام ونمو الأفكار الجديدة وتدعيم ركائز نظام الحكم الديمقراطي فتزود
القارئ بآراء وأفكار جاهزة يلتقطها الجمهور فتكون اتجاها عاما داخل أفراد المجتمع وقد نادت التشريعات المختلفة بضمان حرية الصحافة ([5])
ولهذا فإن حرية الصحافة تعتبر شكلا أسمى من أشكال ممارسة حرية التعبير عن الرأي وذلك نظرا لانتشارها وتأثيرها الجماهيري الواسع.
والمقصود بالصحافة أو الإعلام هنا كل أشكال الاتصال بالكلمة (المسموعة والمكتوبة والمرئية) والرسم والتعبير التمثيلي بين الأفراد
عن طريق الصحف والمجلات والكتب وغيرها من المطبوعات والإذاعة والتليفزيون والسينما والمسرح والإنترنت ،
وتهدف حرية التعبير في الدول الديمقراطية – التي نصت دساتيرها على حرية الصحافة والطباعة والنشر – على حق أفراد المجتمع قبل الصحافة في التعبير عن
رأيهم حماية للمصلحة العامة وتهدف كذلك لحماية المصلحة الخاصة، ويتحقق ذلك من خلال حرية الرأي ([6])
[1] - خليل صابات،الصحافة رسالة واستعداد وفن وعلم ،ط:2،القاهرة ،دار المعارف،ص260
[2] - سلامة موسى،حرية الفكر وأبطاها عبر التاريخ،ط:4،القاهرة ،دار العلم للملايين،1967،ص 15.
[3] - ابراهيم نوار،حرب على حرية الصحافة ، موقع مجلة TUNEZINE.COMالعدد 144 /21.02.2006/13:59
1- OBSERVATOIRE NATIONAL DES DROITS D L’HOMME,DECLARATION UNIVERSELLE DES DROITS DE L’HOMME , O.N.P.S, 1998 , P 8
[5] - مصطفى خالد فهمي،المسؤولية المدنية للصحفي عن أعماله الصحفية،ط:1،القاهرة،دار الجامعة الجديدة للنشر،2003 ، ص24
3- RAVANNAS(J) : Liberté d’expression et protection des droits de la personnalité.D.2000.chron, p 459
(*) ويشمل حق التعبير عن الرأي حرية التجمع السلمي وحق الاحتجاج السلمي بواسطة كتابة العرائض وجمع التوقيعات والتظاهر والاعتصام والإضراب عن العمل وحرية الاتصال بين الأفراد والجماعات بواسطة أجهزة ووسائل الاتصال المختلفة بالكلمة المكتوبة والمسموعة والمرئية وبالرسم والتعبير التمثيلي.
3. نشأة حرية الاعلام
ترجع بدايات المفهوم الحديث لحرية الرأي والتعبير إلى القرون الوسطى في المملكة المتحدة بعد الثورة التي أطاحت بالملك جيمس الثاني من إنكلترا عام 1688، ونصبت الملك وليام الثالث من إنكلترا
والملكة ماري الثانية على العرش. وبعد سنة من هذا أصدر البرلمان البريطاني قانون "حرية الكلام في البرلمان". وبعد عقود من الصراع في فرنسا تم إعلان حقوق الإنسان والمواطن
عام 1789 عقب الثورة الفرنسية الذي نص على أن حرية الرأي والتعبير جزء أساسي من حقوق المواطن.. وكانت هناك محاولات في الولايات المتحدة في نفس الفترة الزمنية لجعل حرية الرأي والتعبير
حقا أساسيا لكن الولايات المتحدة لم تفلح في تطبيق ما جاء في دستورها لعامي 1776 و 1778 من حق حرية الرأي والتعبير حيث حذف هذا البند في عام 1798 واعتبرت معارضة الحكومة الفدرالية
جريمة يعاقب عليها القانون ولم تكن هناك مساواة في حقوق حرية التعبير بين السود والبيض.
ويعتبر الفيلسوف جون ستيوارت ميل، من أوائل من نادوا بحرية التعبير عن أي رأي مهما كان هذا الرأي غير أخلاقي في نظر البعض حيث قال "إذا كان كل البشر يمتلكون رأيا واحدا وكان هناك شخص
واحد فقط يملك رأيا مخالفا فان إسكات هذا الشخص الوحيد لا يختلف عن قيام هذا الشخص الوحيد بإسكات كل بني البشر إذا توفرت له القوة.
وأقرت الجمعية العامة للأمم المتحدة سنة 1948م الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي تضمن حق كل شخص بالتمتع بحرية الرأي والتعبير، وتبنت في سنة 1966م العهد الدولي للحقوق المدينة والسياسية
الذي يعكس ما نص عليه الإعلان العالمي لحقوق الإنسان فأكدت المادة (19) منه على حق كل إنسان في اعتناق الآراء دون مضايقة والتعبير عنها ونقلها للآخرين دونما اعتبار للحدود بالوسيلة التي يختارها.
وأكد الميثاق الأوروبي لحقوق الإنسان سنة 1950 على حرية الرأي والتعبير وكذلك الميثاق الأمريكي لحقوق الإنسان سنة 1969 والميثاق الإفريقي لحقوق الإنسان والشعوب سنة 1979،
والميثاق العربي لحقوق الإنسان الذي اعتمد في القمة العربية السادسة عشرة سنة 2004. وفي سنة 1978م تبنت اليونسكو في وثيقة الإعلان بشأن المبادئ الأساسية الخاصة بإسهام وسائل الإعلام
في دعم السلام والتفاهم الدولي وتعزيز حقوق الإنسان ومكافحة العنصرية والفصل العنصري والتحريض على الحرب والحق في حرية الرأي والتعبير. أما في سنة 1995م تبنت مجموعة من المختصين
في القانون الدولي وحقوق الإنسان مبادئ "جوهانسبيرغ" حول الأمن القومي وحرية التعبير والوصول إلى المعلومات[1].
و على امتداد التاريخ البشري ظل مفهوم حرية الرأي والتعبير يأخذ مكانة كبيرة بين الأدباء والفلاسفة، وفق عمر مرزوقي في دراسة حول حرية الرأي والتعبير في الوطن العربي في ظل التحول الديمقراطي،
ويضيف أن الاهتمام بحرية الرأي والتعبير لم يقتصر على آراء الفلاسفة والمفكرين، بل جاءت المواثيق الدولية لتقر هذا الحق.
فنص الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في المادة 19 على \"أن لكل إنسان الحق في اعتناق الآراء دونما مضايقة والتعبير عنها بأية وسيلة ودونما اعتبار للحدود\"،
كما كرس العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية هذا الحق، وبينما يكون الحق في حرية الرأي والتعبير مطلقا، يجوز بمقتضى العهد إخضاع هذا الحق لبعض القيود التي يجب أن
يتم التنصيص عليها في النصوص التشريعية.
كما اهتم الميثاق الإفريقي لحقوق الإنسان والشعوب الذي صدر عام 1981 بحرية الرأي والتعبير، حيث نص في المادة 09 منه على أنه "يحق لكل فرد أن يعبر عن أفكاره وينشر آراءه في إطار القوانين"،
ونصت المادة 23 من مشروع الميثاق العربي لحقوق الإنسان على أن "للأفراد من كل دين الحق في التعبير عن أفكارهم عن طريق العبادة أو الممارسة أو التعليم، بغير إخلال بحقوق الآخرين،
ولا يجوز فرض أي قيود على حرية العقيدة والفكر والرأي، إلا بما نص عليه القانون.