1. الوظائف الدماغية: الانتباه، والذاكرة

1.2. الانتباه والتعرف على الأشكال

قدمت نظريات التعرف على الأشكال عددا من المفاهيم لتوضيح هذه الآلية، وتحاول هذه النظريات تحديد الطريقة التي من خلالها نتعرف ونحدد المثيرات المراد الانتباه لها.

وقد انبثق عن نظريات التعرف على العناصر نظريتين، الأولى هي نظرية النماذج المتقابلة والأخرى نظرية تحليل العناصر.

  • - نظرية النماذج المتقابلة:

     تؤكد هذه النظرية على أن كل ما يدخل الحواس يصل إلى الدماغ ويجب مقابلته مع معلومات أو نماذج مشابهة لهذه المثيرات في ذاكرة الإنسان، حيث سمي هذا سابقا بمرحلة "التعرف" ضمن مراحل الانتباه الثلاثة. فعندما تقع أعيننا على مثير ما يجب مطابقة هذا المثير مع مثيلاته في الذاكرة. فإن حدث تطابق بين نموذج المثير ونموذج آخر في الذاكرة، يحدث التعرف ويتم الاستجابة للمثير. فإذا لم يحدث التطابق مع معلومات الذاكرة فلا يحدث الإدراك ويتشتت الانتباه دون حدوث الاستجابة.

ولهذه النظرية ثلاثة افتراضات أو شروط لحدوث التطابق، وهي:

- لكل مثير في البيئة مماثل له في الدماغ أو في الذاكرة.

- يجب أن يكون المثير والنموذج بنفس التوجه، فإذا انحرف المثير درجة إلى اليمين أو الشمال عن النموذج لا يحدث التطابق.

-يجب أن تكون المثيرات والنماذج بنفس الأحجام والأشكال، فإذا تغير شكل المثير أو حجمه عما هو في النموذج لا يحدث التطابق.

  • - نظرية تحليل الأشكال (العناصر):

     تؤكد هذه النظرية على أن لكل مثير في البيئة مجموعة من المكونات أو العناصر الأولية التي يمكن الوصول إليها، وأن ما يتم مطابقته مع نماذج الذاكرة هو العناصر الأولية المكونة للمثير وليس المثير كاملا، كما في نظرية النماذج المتقابلة. فعند الوصول إلى عناصر المثير كاملة، يتم تجميعها ومطابقتها للمثير الأصلي الوارد من البيئة.

ويذكر بسكيست وغيربينك (Buskist & Gerbing) أن هناك أربع خطوات عند تحليل المثير إلى عناصره الأولية، وهي:

-      تحديد المثير الذي تم استقباله من البيئة.

-      تحليل المثير إلى عناصره الأولية.

-      البحث عن عناصر مشابهة لعناصر المثير البيئي في الذاكرة.

-      تقويم عملية البحث بحيث يتوصل الفرد إلى حالة تطابق أو عدم تطابق.

     وبذلك فإن هذه النظرية وفرت فرصة مقارنة العناصر المكونة للمثير بدلا من مقارنة المثير كاملا، أي أنه لا حاج لوجود ملايين المثيرات في الذاكرة لكل مثير بيئي وأن المثير الواحد تتشابه مكوناته وعناصره مع المكونات الأخرى مما يقلل من عدد العناصر الواجب توفرها في الذاكرة. كما أن هذه النظرية لا تتطلب التوجه الصحيح للمثير عند مطابقته، لأن ما يتم مطابقته هو عناصر المثير وأن العقل الإنساني قادر على قلب العناصر ودورانها حتى تصبح في التوجه المطابق للمثير البيئي.

      ويمكن استخدام هذه النظرية مع الصور لأن الصور قابلة للتقسيم إلى عناصر رئيسية وفرعية كذلك. أما في مجال اللغة فقد تكون الأمور أكثر صعوبة حيث من الصعب تقسيم الأصوات إلى عناصرها وخصوصا في ضوء تباين اللهجات وصعوبات النطق أو سرعة الكلام. أما الكلمات المكتوبة فيمكن تقسيمها إلى مقاطع (Phonèmes) والمقاطع إلى أحرف بيسر وسهولة.

  • - الانتباه والتعرف على الأشكال والسياق:

     يتأثر التعرف على الأشكال بالسياق الذي يرد فيه المثير وذلك لأن الفرد بحكم الخبرة السابقة قد يضيف عناصر وأبعاد جديدة على المثير ليست أصلا منه، أو قد يكمل بعض العناصر الناقصة من المثير مما يظهر أثرا للتعرف على الذاكرة والإدراك.

     ففي تجربة قام بها وارنر Warnner تم تكليف عدد من الطلبة بقراءة أربع جمل كان الحرف الأول من كل جملة ناقص. وبعد أن أتم الطلبة قراءة الجمل أكدوا أنهم لم يلاحظوا النقص وأنهم قاموا بتكملة الفراغات الناقص تلقائيا. (عدنان يوسف العتوم، (2004)، علم النفس المعرفي: النظرية والتطبيق، (ط01)، عمان، دار المسيرة: ص 79- 83).