2. ابرز تعريفات علم الجيوبولتيك وفق تطور مساره الكرونلوجي
ملاحظة: يواجه مسعى وضع تعريف موحد شامل للجبولتيكا صعوبات كبيرة تتمثل في حصر مختلف التعاريف المقدمة في شأنها. وفيما سيأتي سيتم عرض لعدد من التعاريف وهي على سبيل الذكر وليس الحصر، وسننتهي بوضع تعريف إجرائي يساعد على دراسة الجيبوليتكا.
فقد اختلف المهتمون بميدان الجيبولتيكا على إعطاء تعريف موحد لها، فمن هؤلاء من يعرفها إنطلاقا من المنطور الوضعي الواستفالي حيث الدول كفاعل وحيد تتفاعل في اطار صراع علاقات القوة من أجل السيطرة في بيئة جغرافية. ومن ابرز التعريفات نجد :
تعريف:ردولف كيلن Rudolf Kjellén
فـــــــردولف كيلن ( 1864-1922)، وهو من علماء السياسة، ويعد أول من استخدم المصطلح الجرماني "الجيوبولتيك" Geopolitik عام 1905 في المجلة الجرمانية Geographische Zeitschrift عرف الجيبولتيكا على أنها "دراسة البيئة الطبيعية للدولة، وأنأهم ما تعنى به الدولة هو القوة، كما أن حياة الدولة تعتمد على التربية، والثقافة والإقتصاد، والحكم وقوة السلطان". ويذهب إلى القول، بأنه "يجب جعل الجغرافيا في خدمة الدولة، وهو الغرض الأسمى للدراسة، وبذلك تتحول الجغرافيا إلى جيوبولتيك"
تعريف:كارل هاوسهوفر karl Haushofer
كارل هاوسهوفر (1869-1946) ، فقدم تعريفا للجيوبولتكيا إنطلاقا من فكرة أن الجيبولتيكا علم طموح أسماه "علم الدولة الجديد"، الذي يستند إلى عدد كبير من الأسس ذات الصلة بالجغرافيا، لا سيما الجغرافيا السياسية". وبحسبه الجيبولتيكا: "هي العلم القومي الجديد للدولة، وهي عقيدة تقوم على حتمية المجال الحيوي بالنسبة لكل العمليات السياسية ذات الأسس الجغرافية لاسيما الجغرافيا السياسية".
تعريف:بيار ماري كلاوس Pierre Marie Gallois
يعرف الجيوبولتكي الفرنسي بيار كلاوس (1911-2010) الجيوسياسية بانها : "هي دراسة العلاقات الموجودة بين تسيير أو قيادة قوة على المستوى العالمي والإطار الجغرافي الذي تمارس فيه"
إضافة: غير أن النقاش مابعد وضعي يطرح فهما جديدا للجيبولتيكا لا يركز فقط على الدول كوحدة تحليل اساسية و انما يدخل وحدات و متغيرات اخري على غرار القوة الصلبة العسكرية - و الاقتصادية ،كالتكنولوجيا و اثر الاقتصاديات العالمية و القيم و الافكار و الدين والتاريخ حتي متغير الجنس - النوع- و البيئية و المشكلات ذات المنحي العالمي و يمكن ذكر منها تعريفات :
تعريف:ايف لاكوست Yves Lacoste
وعلى نحو متصل طور إيف لاكوست- عمر 87 سنة منذ 1929- ives Lacoste المفهوم (الجيبولتيكا) بالقول:" هي دراسة مختلف أشكال صراع السلطة على الأرض ، القدرة تقاس بالموارد التي يحتويها الاقليم وبالقدرة على التخطيط خارج الاقليم وهذا لمسافات تتزايد شيئا فشيئا."
يشير مصطلح الجيبولتيكا في يومنا هذا إلى إستخدامات متعددة فهو يستخدم ليعني كل أشكال صراع القوة أو التأثير على الارض وعلى الافراد الذين يعيشون فيها، الصراع بين كل ما ينطوي على سلطة سياسية – لا يتعلق الأمر فقط بالدول ولكن أيضا بالحركات السياسية والجماعات المسلحة إلى حد ما غير الشرعية.-، في إطار الصراع من أجل السيطرة أو الهيمنة على إقليم سواء كان صغيرا أو كبير.
تعريف:بارتس شابمن Bert Chapman
فيرى بأن "الجيوبولتيكا تعكس الواقع الدولي ومجموعة القوى العالمية المنبثقة عن تفاعل الجغرافيا من جهة، والتكنولوجيا والتنمية الاقتصادية من جهة أخر ، وتىتسم بالطابع الديناميكي لا الثابت،". ويخلص إلى أن تفسير الجيوبولتيكا يتم عبر مجموعة من الخيارات الإستراتيجية، التي تساعد على توفير دليل يسمح بتحقيق الكفاءة الإستراتيجية. وتضع أماكن محددة من المجال الجغرافي كعامل إستراتجي ومصدر مهم وحاسم للسلطة، إن الجيبولتيكا بحسبه أذن تأخذ بوجهة النظر القائلة بأن الجغرافيا ليست سوى جزء من مجمل الظاهرة العالمية.
تعريف:ألكسندر دوغين Alexandre Guelievitch Douguine
بجانبه يتساؤل الروسي ألكسندر دوغين في كتابه اسس جيوبلتيكا وهو يحاول إعطاء تعريف للجبولتيكا بالقول: "ماهو التعريف الذي نعطيه لهذا العلم الغامض والبالغ التعبير والإثارة في الوقت نفسه؟ "الجيبولتيكا- رؤية للعالم- ومن هذه الزاوية يفضل مقارنتها لا مع العلوم بل مع منظومات العلوم. وهي تقع على مستوى واحد مع كل من الماركسية واللبيرالية وما إلى ذلك، أي مع تلك النظم التي تفسر المجتمع والتاريخ، وذلك عن طريق طرح المعيار الأهم 'الجيوبوليتيك' كمبدأ أساسي ثم تربط به كافة الآفاق الأخرى والمتعلقة بالإنسان والتي يصعب حصرها عددا.
ويذهب للقول، الجيبولتيكا تقوم على : "أساس التقريب، التبسيط، اختصار المظاهر الكثيرة والتنوع في الحياة إلى عدة متغيرات، ولكن بغض النظر عن هذا الخطأ المقصود والمكنون ،و الجيبولتيكا تفرض بطريقة مؤثرة ثبوتيتها في مسألة تفسير الماضي وفعاليتها اللامتناهية في تنظيم الحاضر وتصميم آفاق المستقبل كما يرى ان العالم برمته هو عبارة عن "مجال واضح وجلي" والذي" يمكن رؤيته" و "ادراك طبيعته" انطلاقا من وجهات نظر المنظرين الذين يعطون الأفضلية لما هو أبيض، ذكوري، وللطبقات العليا