4. علاقة مملكة موريطانيا بروما
امتدت مملكة بوكوس من المحيط الى نهر الامبساقا وبوفاته في 33سنة ق.م اصبح عرش موريطانيا شاغرا واصبحت واقعة تحت نفوذ اوكتافيوس الذي اصبح يعرف باسم الامبراطور اغسطس باسم التقاليد المعمول بها وباسم العلاقات السائدة بين روما و بوخوس الاكبر و ابنائه فيما بعد، وربما كان هذا الاستيلاء وتنصيب يوبا الثاني كخيار استراتيجي لدعم و ضمان استمرارية الوجود الروماني في بلاد المغرب القديم، واصبحت مملكة موريطانيا واقعة تحت الحماية الرومانية ، اخضعتها لادارة عسكرية لمدة ثماني سنوات قبل ان تنصب يوبا الثاني ملكا عليها فقد منحت ليوبا الثاني حسب سترابون مملكتي بوغود و بوخوس بالاضافة الى مملكة ابيه ، يوبا الثاني الذي باشر حكمه بدءا من سنة 25ق.م، اخسطس الذي فضل انشاء مملكة تابعة على الاحتلال المباشر الذي كان سيجبر روما على ارسال قوات عسكرية الى المنطقة لاحتوائها ورومنتها هذه العملية التي من شئنها ان تكلف مبالغا معتبرة دون ان تضمن النتيجة ،فروما لم تتول الحكم المباشر في موريطانيا ربما خوفا من المشاكل العسكرية الكبيرة من جانب القبائل الجبلية.
وحسب كولتلوني فان اوكتافيوس عمدا الاحتفاظ بالاراضي التي كان قد ضمها سنة 33ق.م ، دون ان يفصل في مصيرها وذلك بسبب ضعف رومنة المنطقة، ولوجود يوبا الثاني الذي سيتيح تغلغل النفوذ الروماني بموريطانيا ، هذا الامير الذي يشكل مكسبا ثمينا بفعل تربيته فقد ترعرع على الثقافة الغربية ، كما اشرف اوكتافيوس بنفسه على تكوينه العسكري.
وفي نفس الاستراتيجية قام اغسطس بدمج الولايتين الافريقيتين القديمة والجديدة في ولاية واحدة تعرف باسم ولاية افريقية البروقنصلية ، و اسس فيها حوالي 12 مستعمرة .
يوبا الثاني الذي استمر في الحكم اكثر من اربعين سنة في موريطانيا التي اطلق عليها اسم موريطانيا القيصرية نسبة الى قيصر، يوبا الثاني الذي قام في موريطانيا بنفس الدور الذي قام به ماسينيسا في نوميديا ، كان يوبا الثاني في مستوى الثقة التي وضعت فيه ، بحيث ساهم في تقوية نفوذ الرومان في المنطقة بسياسته القائمة على فتح كل المجالات الحيوية للرومان وتقديم الإمدادات العسكرية اللازمة، لروما الامر الذي يفسر التدخّلات المورية الرسمية المستمرّة إلى جانب الرومان للقضاء على الثورات القائمة، بكون المملكة المورية تابعة للامبراطورية الرومانية، أمّا التشريفات والهدايا التي خصّها الرومان للملوك الموريين بعد انقضاء حملاتهم في المنطقة فكانت لغرض تشجيع الملوك الموريين على الاستمرار في خدمة المصالح الرومانية وكذا ربطهم بالرومان.
ضمن حركات العصيان و التمردات التي شهدها القرن الاول الميلادي نجد بثورة تاكفاريناس (17-24) التي امتدت على كل المناطق الجنوبية لشمال افريقيا من طرابلس حتى موريطانيا ،وهي أخطر تمرّد على سياسة الملك الموريطاني والرومان في إفريقيا
خلف يوبا الثاني على العرش ابنه بطليموس سنة 23م، الذي استمر ملكه على موريطانيا الى غاية سنة 40م ،لا ينسب الى هذا الملك انجازات كالتي كانت في عهد والده باستثناء انجازه العسكري بقضاءه على ثورة تاكفاريناس التي دامت ثماني سنوات ، بانتصاره على تاكفاريناس قام كاليغولا في عام 40م ، باحتلال موريطانيا ، بعد اعدامه الملك بطليموس، اما عن السبب الذي كان وراء ذلك ربما يكمن في لباس بطليموس الارجواني الذي ارتداه في حفل رسمي في 40م، ام في رغبة روما و الامبراطور الروماني في القضاء على هذه المملكة شبه المستقلة وضم موريطانيا مباشرة لتصبح مقاطعة رومانية؟
وبهذا يكون كاليغولا قد انهى فترة حكم الملوك النوميديين لموريطانيا الرومانية ، ان مقتل الملك بطليموس اثار غضب الموريين الذين ثاروا بقيادة ايدمون ، ماجعل الامبراطور نيرون يقسم موريطانيا في عام 42م الى ولايتي موريطانيا الطنجية ، و موريطانيا القيصرية التي ضمت بدورها الى مجال الامبراطورية الرومانية بعد كل من نوميديا و قرطاجة.