الامارات و الممالك المحلية القديمة
Site: | Plateforme pédagogique de l'Université Sétif2 |
Cours: | تاريخ و حضارة المغرب القديم |
Livre: | الامارات و الممالك المحلية القديمة |
Imprimé par: | Visiteur anonyme |
Date: | Saturday 23 November 2024, 11:52 |
Description
إن الباحث في التاريخ السياسي لمنطقة المغرب القديم أو بعبارة أخرى ما يعرف بالشمال الإفريقي القديم، تعترضه عدة تساؤلات نظرا لسكوت المصادر الكلاسيكية عن ذكر معطيات عن تاريخ تشكل النظام السياسي في المنطقة، ما يترك فراغا مهولا في تاريخ المنطقة.
إن سكوت المصادر المكتوبة جعل الباحثون في تاريخ المنطقة يؤخرون دخول المنطقة المغاربية إلى المرحلة التاريخية إلى غاية أحداث الحرب البونيقية الثانية ، التي تسجل في نظر البعض دخول بلاد المغرب القديم المرحلة التاريخية ، و في ظل غياب الكتابات المحلية بعد الحريق الذي التهم مكتبة قرطاجة في 146ق.م ، و الذي أودى بكثير من المعلومات التى احتوتها كتبها عن هذه الفترة التاريخية و ما بعدها ، ويبقى العمل الاثري ضروري كمحاولة لاستنطاق المادة الاثرية الموجودة في نوميديا من نقوش و رسومات و فخاريات و معالم أثرية من قبل المختصين لملء هذا الفراغ
1. الممالك الامازيغية
لا نملك من الأدلة المكتوبة و الأثرية ما يثبت وجود ممالك امازيغية قبل القرن الثالث قبل الميلادي، إلا تلك الإشارات المتفرقة الى ملوك و الواردة في بعض من المصادر المكتوبة فهذا يوستينيوس(Justinius)في روايته عن تأسيس مدينة قرطاجة يتحدث عن الملك حرباص (Hiarbas) في أواخر القرن التاسع ق.م ، فقد وجد الوافدون(الفينيقيون)أنفسهم أمام واجبات إلزاميةومطالب صادرة عن سلطة قائمة،وليس عن جماعات من الرحل و البدو التي يسهل دحرها والقضاء عليها باستعمال القليل من القوة.
إلى جانب الملك حرباص أشار يوستينيوس إلي ملك في القرن الرابع ق.م استنجد به حنون (Hannon) للاستيلاء على السلطة في قرطاجة ، ويذكر ديودور الصقلي(Diodore de Sicile) ملكا يدعى أيلماس تحالف مع اغاتوكليس أثناء زحف هذا الأخير على قرطاجة أواخر القرن الرابع ق.م، وذكر بوليبوس الذي انفرد في نقل احداث حرب المرتزقة اسماءا لأمراء ليبيين شاركوا في هذه الحرب الداخلية التي هزت الكيان القرطاجي ، وكان نارافاس هذا الأمير الليبي خير مساعد لقرطاجة في محنتها ، بينما تحالف القائد زارزاس (Zarzas)الذي ينتمي الى فرع معادي لنرافاس مع خصوم قرطاجة.
وهي كلها إشارات تدل رغم اقتضابها على وجود هيكلة سياسية تمثلت في هذه الممالك التي تطورت عنها ممالك القرن الثالث قبل الميلادي.
و يجمع المؤرخون القدماء منهم والمحدثون على أن نوميديا كانت تشتمل على تكتلات قبلية أشهرها قبائل الماسيسيل و الماسيل التي ستنتظم في شكل ممالك في إحدى فترات فجر التاريخ والتي تحدثت النصوص الإغريقية واللاتينية عنها خلال الحرب البونيقية الثانية التي تسجل في نظر البعض دخول بلاد المغرب القديم في التاريخ.
إن كل ما كتب في شان هذه الممالك يستند بالكامل على فرضيات، بحيث لا نعرف غير أسمائها و موقعها بالتقريب،أما عن نشأة الممالك النوميدية أي مملكة نوميديا الشرقية التي تعرف أيضا باسم المملكة الماسيلية ومملكة نوميديا الغربية التي تعرف بالمملكة الماسيسيلية ، فقد نشأتا نتيجة لعنصرين وهما:
بروز قبيلة قوية تمسك زمام الامور وتفرض نفسها على البقية-
-تأثير الجوار القرطاجي.
وقد جرى توحيد هاتين المملكتين على يد الملك ماسينيسا انطلاقا من سنة 203 ق.م، بعد انتصاره على سيفاكس ملك نوميديا الغربية ، في مملكة واحدة تعرف بالمملكة النوميدية الموّحدة.
1.1. المملكة الماسيلية
1 امتدادها الجغرافي :
. تبعد رأس التريتون مباشرة تبدآ ارض الماسيل وبعدها تاتي المقاطعة القرطاجية التي تشبه البلاد السابقة
كانت المملكة الماسيلية التي تعرف ايضا بالمملكة النوميدية الشرقية اقل مساحة وهي تشمل القسم الشرقي من قسنطينة ، ولقد تقلصت حدودها أمام التوسع القرطاجي ، ولا يمكن تحديد حدود المملكة بدقة فقد كانت متغيرة وخاضعة للوضعية السياسية والعسكرية التي تغلب في شمال إفريقيا لاسيما من الجهة الشرقية المتاخمة لأراضي قرطاجة كانت تتسع في بعض الاحيان وتتقلص احيانا اخرى ، ويمكن القول انها كانت ممتدة من الحدود القرطاجية شرقا الى الوادي الكبير غربا وهي بذلك تشمل منطقة الاوراس و الشرق القسنطيني ، الظهر التونسية و الجزء الاكبر من مجردة الوسطى و الأراضي المحاذية للسرت الصغرى.
عرفت هذه المملكة أقصى توسعاتها في عهد ماسينيسا الذي ربط مصيره بشيبيون والإمبراطورية الرومانية ، وأصبح سيد المنطقة الممتدة من موريطانيا إلى المقاطعة البونية من ملوية إلى توسكا بالقرب من طبرقة
2 اصولها :
تعود اصول المملكة الماسيلية الى اصول قبلية،شانها في ذلك شان الماسيسيليين و الموريين هذه القبيلة التي ظهرت كمملكة قوية في القرن الثالث قبل الميلادي بدليل مشاركتها في صنع احداث نهاية القرن الثالث قبل الميلادى،وقد جاء ذكر الماسيل لأول مرة خلال الحرب البونيقية الاولى ،أما فيما يخص مهد المملكة المرتبط بالموطن الاصلي للعائلة الماسيلية’ فقد حدد في اقصى غرب المملكة اي في منطقة جنوب سيرتا وبالضبط في منطقة جبل فرطاس ’الواقعة جنوب سيقوس وجنوب غرب تيقست’والتي شهدت تعميرا كبيرا بدليل كثرة المعالم الميقاليتية ’كما عثر في هذه المنطقة على نصب كبيرة الحجم تجسد الزعماء المحليين.
اما عن تسمية المملكة، فلا شك ان الماسيل اسم محلي واختلفت صيغ المؤلفين القدامى لهذا الاسم اذ نجده عند المؤلفين الاغريق بصيغة الماسول خلافا للمؤلفين الاتيين الذين اعتمدوا صيغة الماسيل’اما في النقوش استعمل لقب الماسيل .الذي وقع الاحتفاظ عليه في عهد ماسينيسا ومن خلفه على الملك من ذريته،اما في العهد الروماني احتفظ بهذه التسمية في اقليم سيرتا وتحديدا بين هذه المدينة و الاوراس حيث عثر على اسم ماسول على شاهد قبر في منطقة سيلة كما نجده على نقيشتان بجوار واد جرمان و الملاحظ ان لقب الماسيل لم يستعمل قط في ناحية اخرى باستثناء تلك النقيشة التي عثر عليها في منطقة السيليوم ويوجد واد صغير جنوب قسنطينة مازال يحمل هذا الاسم.
3 ظهورها :
من المعروف ان المملكة الماسيلية كان لها وجود على امتداد أجيال قبل ماسينيسا ,لان هذا الأخير تلقى من الرومان حق المطالبة بالأراضي التي كانت تابعة لاسلافهو يرى كامبس ان العائلة الماسيلية تعود الى ثلاثة اجيال سابقة على الاقل.
بالرغم من هذا الامتداد التاريخي العريق تبقى معرفتنا بها غامضة ,وبدانا نعرف هذه المملكة افضل منذ القرن الثالث ق.م من خلال الحروب البونية ,ويبدو انها لعبت دورا هاما واحيانا حاسما على المسرح السياسي الافريقى عشية و غداة إقصاء قرطاجة.
1.2. المملكة الماسيسيلية
1 امتدادها الجغرافي :
تعتبر حدود مملكة نوميديا الغربية او المملكة الماسيسيلية اكثر وضوحا من سابقتها ، حيث تمتد من وادي ملوشة غربا وتنتهي عند رأس التريتون شرقا.
ومن الصعب تثبيت الحدود الأولى لمملكة سيفاكس ، ففي الجهة الغربية يبدو أن الحدود الممثلة في الملوية ظلت على ما هي عليه دون تغيير منذ حكم باقا و سيفاكس .
إختلف الأمر بالنسبة للحدود الشرقية التي تميزت بعدم الاستقرار ،كانت تتقدم وتتقلص حسب الظروف السياسية، ويبدو انه كانت لسيفاكس حدود مشتركة مع قرطاجة ربما تعلق الأمر بمكتسبات إقليمية حديثة بسبب التوسعات الماسيسيلية المتتالية على حساب المملكة الماسيلية
أما الحدود الجنوبية للمملكة فهي صعبة التحديد، فالأراضي الخاضعة للماسيسيل كانت تمتد حتى تخوم جيتوليا ، كمنطقة مداروش التي كانت ملكا للماسسيسيليين ،كان الجيتول يقطنون أراضي شاسعة ولا يخضعون للسلطة الملكية المركزية.
و بهذا تكون قد شملت أراضي شاسعة، وغطت ثلثي من مساحة الجزائر الحالية إضافة إلى جزء من المغرب الشرقي، حيث توجد هناك نصوص ونقوش تذكرهم حتى في الريف المغربي ،حيث ظهر سيفاكس خلال الحرب البونيقية الثانية وبالتحديد في سنة 213 ق.م كسيد له أتباعه في منطقة مضيق جبل طارق
لا تتوقف سلطة سيفاكس في بلاد المور عند هذا الحد ، حيث نجد عدة كتابات كلاسيكية تربط طنجة بالماسيسيليين ، كانت المملكة الماسيسيلية شاسعة للغاية إلى درجة أن كانت لها عاصمتان سيقا بالنسبة لماسيسيل الغرب وسيرتا بالنسبة لماسيسيل الشرق
كانت سيقا (Siga) المدينة الماسيسيلية الرئيسية وقد أشير إليها دائما على أنها عاصمة سيفاكس وفيها استقبل سنة 206 ق.م شبيون وصدروبعل وفيها سك عملته، وتعتبر نواة قوة الماسيسيل وهي تقع في المناطق الغربية في الإقليم الوهراني، أما سيرتا(Cirta) فتزال التساؤلات مطروحة حول إنتماءها الأصلي ،إن كانت جزءا من أراضي الماسيسيل الأصلية أو هي ثمرة فتوحات سابقة ، وحسب ما جاء في نصوص تيتوس ليفيوس فان المدينة كانت ماسيسيلية ،أما موقعها فهي تقع داخل الأراضي الماسيلية
بعد إنهيار المملكة الماسيسيلية إستمرت المنطقة الموجودة بين ملوية ورأس بوقرعون تعرف باسم ﺃرض الماسيسيليين ، مع أنها أصبحت ملكا للملوك الماسيليين
2 اصولها:
كان الماسيسيليون في الأصل قبيلة قبل أن يعطوا اسمهم للدولة ، وحول التمركز الأولي للقبيلة الماسيسيلية ، يقول بلينوس الكبير إن " شعوب الماسيسيل كانت تقطن فيما مضى الأراضي التي ستعرف فيما بعد بالمقاطعة الطنجية وقد اندثرت بسبب الحروب مثل جارتها الأقرب قبيلة الموريين ،وإستولى الجيتوليون على البلاد.
ومما جاء به بلينوس يستنتج قزال أن الماسيسيليين أو على الأقل عدد كبير منهم قد خرجوا من داخل موريطانيا و ذهبوا للاستيلاء على ﺃكبر قسم من الجزائر ، الى جانب هذا هناك أدلة قوية تذهب بالباحثين إلى القول بان المنشأ الأصلي للماسيسيليين كان في المناطق الداخلية لتطوان .
3 ظهورها :
تفيدنا النصوص الكلاسيكية بان الماسيسيليين نسبة إلي قبائل الماسيسيل ظهروا كقوة في إفريقيا منذ أواخر القرن الثالث و أوائل القرن الثاني ق.م .
وإن لا نعرف شيئا عن ظروف تشكل هذه المملكة التي دخلت في حسابات المتنازعين خلال الحرب البونيقية الثانية ، والتي كان على عرشها آنذاك الملك سيفاكس ذو الاعتبار الكبير و الذي كان التحالف معه مرغوب من هذا وذاك وهو ما أدركه بدوره وعرض تحكيمه على الطرفين.
يعتبر سيفاكس أول ملك ماسيسيلي الذي عرف لدينا منذ سنة220 ق.م،وكانت مملكته اقوي الممالك الإفريقية،إلى درجة أن سالوستيوس وصفها بالإمبراطورية الواسعة و القوية.
بعد اسر سيفاكس احتفظ ابنه فرمينا بجزء من المملكة واتبع سياسة والده بتحالفه مع القرطاجيين ، وبعد هزيمة حنيبعل غير فرمينا من سياسته و حاول التقرب من الرومان بالطريقة التي تقرب منها ماسينيسا ،فارسل في عام 200ق.م وفدا الى مجلس الشيوخ الروماني للاعتذار عن عدائه للرومان و مواجهتهم في زاما ، طالبا محالفة وصداقة الشعب الروماني.
1.3. المملكة المورية
يذهب بعض المؤرخين إلى القول ان تقدم المملكة الموريطانية كان بطيئا بالمقارنة مع نوميديا التي احتكت بالعالمين القرطاجي و الروماني في وقت مبكر، ربما هذا راجع الى نقص في المعلومات ذلك ان روما لم تعرف بوجود المملكة الا في وقت متاخر يعود الى القرن الاول قبل الميلادي .
1 امتدادها الجغرافي :
تمتد المملكة الموريطانية على الشمال الغربي من افريقيا تعود بجذورها الى اواسط القرن الرابع قبل الميلادي ،يفصلها عن مملكة نوميديا نهر الملوية، وقد حدث وان توسعت المملكة المورية على حساب جارتها نوميديا وذلك في اواخر القرن الثاني قبل الميلادي و اواسط القرن الاول قبل الميلادي اذ بلغت حدودها الوادي الكبير بالشمال الغربي لقسنطينة ، كما انتشر استعمال لفظ موري الذي امتد الى الشرق على اثر تلك التوسعات الاقليمية التي حققتها المملكة المورية وبذلك اصبح اسم موري يدل على جميع سكان شمال إفريقيا من المحيط الاطلسي إلى سرنيكا
2 ظهورها:
تكشف لنا أحداث أواخر القرن الثالث قبل الميلاد عن مملكة موريطانية قوية، اتخذ ملكها باقا موقفا من الأزمة النوميدية هذا الملك الموريطاني الذي كان على حد تعبير كامبس مهتما بالقضايا النوميدية وابدى تاييده لماسينيسا لاسترجاع عرشه على الماسيل وبقي هذا الملك حليفا لماسينيسا و ارسل له وحدات شاركت في انتصاره على القرطاجييبن.
يرجح كامبس ان يكون الملك باقا وريثا لقوة حاكمة تشكلت في عصور قديمة هذه القوة التي تطورت عنها لاحقا المملكة الموريطانية.
2. العلاقات بين المملكتين النوميديتين
لم تكن العلاقات بين الجارتين النوميديتين ودية ويتجلى ذلك في تلك الخلافات التي نشبت بين الدولتين خاصة في عهدي ماسينيسا و سيفاكس ، وليس من المعروف لدينا اسباب الخلاف الذي تعود جذوره الى فترة سبقت حكم سيفاكس و ماسينيسا ، والامر المؤكد ان قرطاجة ساهمت في تزكية و تفعيل الخلاف بين النوميديتين ابان الحرب البونيقية الثانية ، قرطاجة لم توفق في محالفة النوميديتين معا ، كما ستسثمر روما بدورها في الخلافات المحلية بعد ان تدخلت في شؤون نوميديا الداخلية و ازمات العرش النوميدي الامر الذي تكرر في التاريخ النوميدي فبعد ان تدخلت روما لصالح ماسينيسا نراها تتدخل في تقسيم العرش النوميدي بين ورثة ماسينيسا ، وتتدخل في الحرب النوميدية التي افتعلها يوغرطة من اجل الانفراد بالسلطة ، كما استطاعت روما ان تحصل لها في نوميديا على قلاع لها كمدينة زاما ريجيا التي انقلبت على ملكها يوبا الثاني ، وكذا الجيتول الذين خرجوا عن طاعة يوبا الثاني و خدموا قيصر في حملته الإفريقية.
3. علاقتة مملكة موريطانيا بنوميديا
كانت موريطانيا في عهد باقا قاعدة لماسينيسا يستمد منها القوة و الدعم لاستعادة ملكه، بعد باقا تنقطع معارفنا عن هذه المملكة الى غاية عهد الملك بوخوس الذي شارك في حرب يوغرطة بوخوس الذي كان ملكا على كل الموريطانيين حسب سالوستيوس الذي نقل لنا تحالف يوغرطة مع بوخوس هذا الاخير الذي لم تكن له دراية باحوال الامبراطورية الرومانية و الاحداث السياسية التي واكبت فترة حكمه.
بوخوس الذي تنكر للرابط الدموي من اجل مكاسب اقليمية و من اجل الحصول على لقب صديق و حليف الشعب الروماني ، فبعد الهزيمة الثقيلة التي مني بها بوخوس أمام سيرتا ، بدﺃ يفقد الأمل في النصر وخشي عواقب مصيبة غيره ، ولهذا قام بوخوس بإرسال مبعوثين له لدى ماريوس يدعوه لإرسال مبعوثين لفتح النقاش، استجاب ماريوس لرجاء بوخوس وقام بإرسال مانيليوس اولوس وسيلا .
أدت المفاوضات التي بادر بها بوخوس إلى نهاية حرب يوغرطة ، ذلك أن بوخوس اعتمادا على رواية سالوستيوس قد ضحى بصهره وحليفه يوغرطة، في سبيل الحصول على صداقة وتحالف الشعب الروماني مع حصوله ﺃيضا على جزء من نوميديا الذي ظل يطالب به.
وعن علاقة بوخوس بالملك النوميدي يوغرطة يخبرنا بلوتارخوس ان : "يوغرطة علق أماله على دعم ملك الموريين بوخوس الذي يكون صهر يوغرطة ، وان هذا الأخير التجأ إلى بوخوس الذي استقبله لا لحسن علاقته به ولا لوجود صداقة ومودة بينهم او إنما لتجنب الف نفهم مما ذكره بلوتارخوس أن بوخوس لم يملك الخيار، و كان مجبرا على استقبال يوغرطة ولم يجرا على طرده لتجنب الفضيحة ، يضيف بلوتارخوس ويقول:" إن دعم بوخوس ليوغرطة كان محدودا ، لان الملك الموري أصبح يخشى ما قد يصبح عليه يوغرطة من قوة وعظمة".
وحول الدور السلبي لبوخوس يقول بلوتارخوس: "كان بوخوس يتظاهر بالوساطة ليوغرطة عند ماريوس ويصرح بأنه لن يسلم مطلقا يوغرطة ، لكنه كان يحضر للمؤامرة والخيانة لهذا طلب حضور سيلا".
تشير النصوص القديمة إلى تردد بوخوس بين تسليم يوغرطة أو حجز سيلا ، لكنه حسم موقفه بتسليم يوغرطة لسيلا ، وذلك في خريف عام105 ق.م
تكررت مظاهر خيانة المملكة الموريطانية لجارتها نوميديا بعدما تحالف الملك الموريطاني بوخوس الثاني مع قيصر ضد الملك النوميدي يوبا الاول الأول ، واستعان قيصر بملكي موريطانيا بوخوس و بوغود ، لتحقيق مخططه الرامي إلى إضعاف يوبا الأول وصرفه عن الاهتمام بالحرب بإحداث مشاكل على مستوى حدود مملكته.
4. علاقة مملكة موريطانيا بروما
امتدت مملكة بوكوس من المحيط الى نهر الامبساقا وبوفاته في 33سنة ق.م اصبح عرش موريطانيا شاغرا واصبحت واقعة تحت نفوذ اوكتافيوس الذي اصبح يعرف باسم الامبراطور اغسطس باسم التقاليد المعمول بها وباسم العلاقات السائدة بين روما و بوخوس الاكبر و ابنائه فيما بعد، وربما كان هذا الاستيلاء وتنصيب يوبا الثاني كخيار استراتيجي لدعم و ضمان استمرارية الوجود الروماني في بلاد المغرب القديم، واصبحت مملكة موريطانيا واقعة تحت الحماية الرومانية ، اخضعتها لادارة عسكرية لمدة ثماني سنوات قبل ان تنصب يوبا الثاني ملكا عليها فقد منحت ليوبا الثاني حسب سترابون مملكتي بوغود و بوخوس بالاضافة الى مملكة ابيه ، يوبا الثاني الذي باشر حكمه بدءا من سنة 25ق.م، اخسطس الذي فضل انشاء مملكة تابعة على الاحتلال المباشر الذي كان سيجبر روما على ارسال قوات عسكرية الى المنطقة لاحتوائها ورومنتها هذه العملية التي من شئنها ان تكلف مبالغا معتبرة دون ان تضمن النتيجة ،فروما لم تتول الحكم المباشر في موريطانيا ربما خوفا من المشاكل العسكرية الكبيرة من جانب القبائل الجبلية.
وحسب كولتلوني فان اوكتافيوس عمدا الاحتفاظ بالاراضي التي كان قد ضمها سنة 33ق.م ، دون ان يفصل في مصيرها وذلك بسبب ضعف رومنة المنطقة، ولوجود يوبا الثاني الذي سيتيح تغلغل النفوذ الروماني بموريطانيا ، هذا الامير الذي يشكل مكسبا ثمينا بفعل تربيته فقد ترعرع على الثقافة الغربية ، كما اشرف اوكتافيوس بنفسه على تكوينه العسكري.
وفي نفس الاستراتيجية قام اغسطس بدمج الولايتين الافريقيتين القديمة والجديدة في ولاية واحدة تعرف باسم ولاية افريقية البروقنصلية ، و اسس فيها حوالي 12 مستعمرة .
يوبا الثاني الذي استمر في الحكم اكثر من اربعين سنة في موريطانيا التي اطلق عليها اسم موريطانيا القيصرية نسبة الى قيصر، يوبا الثاني الذي قام في موريطانيا بنفس الدور الذي قام به ماسينيسا في نوميديا ، كان يوبا الثاني في مستوى الثقة التي وضعت فيه ، بحيث ساهم في تقوية نفوذ الرومان في المنطقة بسياسته القائمة على فتح كل المجالات الحيوية للرومان وتقديم الإمدادات العسكرية اللازمة، لروما الامر الذي يفسر التدخّلات المورية الرسمية المستمرّة إلى جانب الرومان للقضاء على الثورات القائمة، بكون المملكة المورية تابعة للامبراطورية الرومانية، أمّا التشريفات والهدايا التي خصّها الرومان للملوك الموريين بعد انقضاء حملاتهم في المنطقة فكانت لغرض تشجيع الملوك الموريين على الاستمرار في خدمة المصالح الرومانية وكذا ربطهم بالرومان.
ضمن حركات العصيان و التمردات التي شهدها القرن الاول الميلادي نجد بثورة تاكفاريناس (17-24) التي امتدت على كل المناطق الجنوبية لشمال افريقيا من طرابلس حتى موريطانيا ،وهي أخطر تمرّد على سياسة الملك الموريطاني والرومان في إفريقيا
خلف يوبا الثاني على العرش ابنه بطليموس سنة 23م، الذي استمر ملكه على موريطانيا الى غاية سنة 40م ،لا ينسب الى هذا الملك انجازات كالتي كانت في عهد والده باستثناء انجازه العسكري بقضاءه على ثورة تاكفاريناس التي دامت ثماني سنوات ، بانتصاره على تاكفاريناس قام كاليغولا في عام 40م ، باحتلال موريطانيا ، بعد اعدامه الملك بطليموس، اما عن السبب الذي كان وراء ذلك ربما يكمن في لباس بطليموس الارجواني الذي ارتداه في حفل رسمي في 40م، ام في رغبة روما و الامبراطور الروماني في القضاء على هذه المملكة شبه المستقلة وضم موريطانيا مباشرة لتصبح مقاطعة رومانية؟
وبهذا يكون كاليغولا قد انهى فترة حكم الملوك النوميديين لموريطانيا الرومانية ، ان مقتل الملك بطليموس اثار غضب الموريين الذين ثاروا بقيادة ايدمون ، ماجعل الامبراطور نيرون يقسم موريطانيا في عام 42م الى ولايتي موريطانيا الطنجية ، و موريطانيا القيصرية التي ضمت بدورها الى مجال الامبراطورية الرومانية بعد كل من نوميديا و قرطاجة.
5. نهاية الملكية النوميدية
: يرجع انهيار الممالك النوميدية الى عوامل خارجية و اخرى داخلية
:ا العوامل الخارجية
التوسع الامبريالي الروماني -
الحرب الاهلية -
انتصار قيصر على بومباي -
هزيمة يوبا الاول-
:ب- العوامل الداخلية
:تتمثل في النقائص الذاتية التي قد تكون ساهمت في اضعاف الممالك نفسها و نجملها فيما يلي
.النظام القبلي و تضارب المصالح مما حال دون ممارسة السلطة الملكية المطلقة-
- التفاوت الكبير بين السكان في المدن الذين كانوا غالبا ما يتمتعون بنظام محلي، وبين سكان الارياف الذين لمل يندمجوا في التطور و لم ينتفعوا من فوائض الانتاج .
- كان بعض الملوك انفسهم يمثلون مصادر للازمات وذلك سواء لكونهم شديدي الحرص على المحافظة على امتيازاتهم او لكونهم ضعيفي الشخصية او بسبب الظروف المحيطة و الوزن الذي كانت تمثله روما.