الخطوط العريضة للقسم

    • الأستاذة أسماء بوعود، أستاذ التعليم العالي

      تخصص: علم النفس العيادي

      قسم: علم النفس وعلوم التربية والأرطفونيا

      جامعة: محمد لمين دباغين، سطيف02

      البريد الإلكتروني: a.bouaoud@univ-setif2.dz

    • - مدخل إلى علم النفس البيئي:

      تزايد الاهتمام بعلم النفس البيئي من جراء التدهور البيئي والعنف الحضري واستنزاف الموارد الطبيعية والتلوث البيئي ولم تتوفر لعلماء السلوك نظريات منهجية متطورة كافية لدراسة كيف تؤثر بيئتنا فينا؟ الأداء السيكولوجي والآثار الصحية لمشكلات البيئية المعقدة وبسبب هذا الوعي المتنامي بأزمات المجتمع (البيئة) اتسع ميدان علم النفس البيئي وتمحور هذا العلم في دراسة العلاقات المختلفة بين سلوك الإنسان وبيئته الفيزيقية وآثار المعالجات البيئية على الإنسان. وعلم النفس البيئي علم حديث النشأة وثيق الصلة بالحياة اليومية على اختلاف مواقعها. وعلماء نفس البيئة يدرسون مظاهر هذه العلاقة لزيادة النتائج الإيجابية البناءة وإنقاص عوامل الهدم.

      1- نشأة علم النفس البيئي:

      إن الدراسة العلمية لتأثيرات البيئة على السلوك يمكن أن نجد أثرها في الدراسات العلمية لعلم النفس في القرن التاسع عشر عندما اختبر علماء النفس الفيسيولوجيون الإدراك الإنساني لمنبهات بيئية كالضوء والضغط والصوت وغيرها.

      سابقا كان علم النفس البيئي يسمى علم النفس المعماري Psychology Architectural حيث كان هذا العلم هو الباعث على ظهور علم النفس البيئي الذي يؤكد دور الموقف الفيزيائي (المادي) في استثارة السلوك الانساني. كما كان للنظرية الجشطالتية دور في ظهور علم البيئي حيث اعتقدوا أن البشر لديهم ميل فطري إلى تنظيم عالمهم الإدراكي في ابسط صورة ممكنة فالبشر مفطورون على جمع الأشياء وتصنيفها على أساس التشابه. من هنا فهم علماء نفس البيئة أن البشر يقومون بدور ايجابي في بناء وصياغة ادراكاتهم البيئية،. أن نظرية المجال (لكيرت ليفين) في الاربعينات من القرن العشرين 1947 وعمله على الجماعات البشرية وحراكها وهو اول من استخدم البيئة في بحوثه النفسية وان كان قد استخدم البيئة الاجتماعية حيث اعتقد ان السلوك (س) تحدده الشخصية(ش) والبيئة (ب) وعلى ذلك تصبح المعادلة:

      س= ف (ش × ب) أي السلوك = وظيفة (الشخصية × البيئة)

      كما اعتمد علم نفس البيئة في نشأته على علم النفس الاجتماعي الذي يرى علاقة وثيقة بين السلوك البشري والبيئة الفيزيقية المحيطة به.

       وشكلت فترة خمسينات وستينات القرن الماضي بداياته، و الذي كان تركيزه آنذاك على الخصائص الفيزيقية (المادية) للبيئة التي يحدث فيها السلوك الإنساني، بهدف الحصول على فهم أفضل للعلاقة بين السلوك والبيئة المادية. و بحسب كل من  Bonnes & Secchiaroli (1995) فإن ظهوره كان في الـ و م أ ، تحديدا سنة 8195 عندما شكل كل من Ittelson & Proshansky فريق بحث تابع لجامعة مدينة نيويورك الغرض منه بحث كيف يمكن للبيئة (التصميمات) المكانية أو العمرانية لمستشفى الأمراض العقلية أن يؤثر في سلوك المرضى.

      ويعتبر Ittelson أول من استعمل مصطلح علم النفس البيئي. وتعد 1970 في نظر باحثين في هذا الحقل البداية الحقيقية لظهور هذا الفرع من خلال صدور كتاب لكل منProshansky, Rivlin & Ittelson بعنوان Environmental Psychology: Man and his physical setting علم النفس البيئي: الإنسان وبيئته الفيزيقية. أين تعرضوا فيه للعلاقة بين البيئات الفيزيقية لمستشفيات الأمراض العقلية وسلوك المرضى داخله، وإلى دراسات متنوعة للعلاقة بين السلوك الإنساني والخصائص الفيزيقية للبيئة.

      2- تعريف علم النفس البيئي:

      العديد من الباحثين في هذا الحقل قدموا الكثير من التعريفات وإن اختلفوا فيما بينهم حولها، إلا أنهم اتفقوا على أن التعريفات التي لا تتضمن العلاقة بين السلوك الإنساني والبيئة تعريفات ناقصة.

       لهذا نجد تعريف (1987 (Gifford الذي يشير فيه أن:" علم النفس البيئي يهتم بدراسة المعاملات التي تجري بين الأفراد والبيئات المادية".

      بالإضافة إلى تركيز التعريفات أعلاه على البيئات المادية المبنية، في الإشارة إلى تأثير التصميم العمراني على السلوك، يظهر بوضوح أنّ وحدة التحليل فيه هي العلاقة فرد- بيئة، مع تركيزه على التأثيرات المتبادلة بينهما. وأنّ البيئة ليست وحدها من تؤثر في الأفراد، فكذلك الأفراد يؤثرون بدورهم في البيئة.

      من هنا نجد أن تأثير البيئة المشيدة في السلوك وثيق لا يكاد ينفصم، ويشير كاسيدي (2013) Cassidy, إلى أن التأثير الأساسي للبيئات المشيدة يكون عبر المعنى الذي اكتسبته هذه المباني والعمارات في أذهان الناس من خلال التفاعلات الاجتماعية. أي من خلال المعاني التي يضفيها الناس على الهياكل المختلفة التي يبنونها، وإعطائها رموزا، ومن ثمّ مكانة اجتماعية معينة، وبهذا الأساس يتم التعامل معها بصورة مغايرة؛ فالمسجد في المجتمعات المسلمة ليس مجرد بناء، والتصرف والسلوك داخلها ليس كما هو خارجها، بحيث يكون من منطلق الوظيفة التي تؤديها، والتي تعارف المجتمع عليها، ومن ثم فإن أطر وحدود السلوك فيها محددة ومعروفة، ويربي المجتمع أفراده عليها.

      إضافة إلى هذا فقد بدأ علماء النفس البيئي مع بداية تسعينات القرن الماضي في التأكيد على العلاقة التلازمية بين البيئة المادية والاجتماعية، وحيث نجد كلا من  Bonnes & Secchiaroliقد أشارا إلى" أنه هناك حاليا اتفاقا عاما بأن علم النفس البيئي لم يعد يهتم فقط بالبيئة المادية وإنما أيضا بالبيئة الاجتماعية المادية أيضا.

      أما سترن (2000) Stern  فقد كان أكثر دقة بتوصيف التخصص بالتركيز على العمليات السيكولوجية التي تتفاعل مع البيئة في قوله:" فرع من علم النفس يعالج العمليات السيكولوجية التي يستخدمها الأفراد في تفاعلهم مع البيئة المبنية والطبيعية". وهي هنا جميع الجوانب السلوكية والحياة العقلية في علاقتها مع المحيط الاجتماعي- المادي، كالإدراك الحسي، المعرفة، التوتر والإنهاك الذهني، صنع القرار، التفاعلات الاجتماعية..الخ

      ويبقى تعريف بروشنسكي (1970) Proshansky الأكثر قبولا في أوساط الباحثين ومرجعا للكثيرين منهم بالقول: "أنه لا يمكن فهم علم النفس البيئي  وتحديده إلا في سياق العلوم البيئية الأخرى، حيث يهتم الجزء الأكبر من هذا الحقل بعواقب استهتار الإنسان ببيئته، هذه البيئة التي يديرها ويحددها بنفسه، وأن هذه العلوم بما فيها علم النفس البيئي قد انبثقت بسبب المشاكل الاجتماعية الملحة، فهي بطبيعتها متعددة التخصصات وتتضمن دراسة الفرد بوصفه جزءا لا يتجزأ عن أي مشكلة كانت. باختصار تهتم العلوم البيئية بالمشكلات الإنسانية فيما يتصل بالبيئة أين يكون فيها الإنسان الجلاد والضحية".

      أما تعريف جيفورد (1997) Gifford في نظر الكثير من الباحثين الأكثر جدوى بالمقارنة مع كثير من التعريفات، بسبب توظيفه لمفاهيم رئيسة مثل الخبرة، التفاعلات، المعاملات بين الأفراد وبيئاتهم المختلفة. "علم النفس البيئي هو دراسة تعاملات الأفراد مع بيئاتهم المادية، في هذه التعاملات يغير الأفراد في البيئة، كما تغير البيئة ذاتها سلوكياتهم وتجاربهم، ويتضمن علم النفس البيئي الأبحاث والممارسات التي تهدف إلى جعل المباني أكثر إنسانية، وتحسين علاقتنا مع البيئة الطبيعية".

      3- أهمية دراسة علم النفس البيئي:

      • إن البيئة تؤثر في السلوك وان السلوك يؤثر في البيئة كحقيقة مهمة.
      • تفاقم المشكلات البيئة من إهمال وتدمير وتخريب جراء اعتداء الإنسان لها فضلا عن خطورة التلوث البيئي وتأثيره المباشر على صحة الإنسان النفسية والعقلية والجسمية وعلى سلامة جميع الكائنات الحية.
      • قضية البيئة قضية تربوية سلوكية نفسية مجتمعية في المحل الأول يتعين أن يساهم الجميع في المحافظة عليها.
      • التقدم التكنولوجي السريع والزيادة السكانية والنمو الاقتصادي واتساع ظاهرة التحضر وما يجري من تغييرات في الشكل وتوزيع عناصر المصادر الطبيعية جراء هذه الأنشطة دعت الإنسان إلى أن يولي اهتماما متزايدا لعلاقته بالبيئة.
      • فشل الرؤى الأحادية في معالجة مشكلات البيئة – السلوك وظهور بعض الدراسات التي حاولت الربط بين البيئة الفيزيقية (المادية) وبين المتغيرات النفسية على سبيل المثال )الأحياء الفقيرة والمتخلفة هي صرح للجريمة.

      4- مواضيع علم النفس البيئي:

      فيما يلي نتعرف على أنواع الموضوعات التي يدرسها علماء النفس البيئي :

      • تصور وتقييم المباني والمناظر الطبيعية
      • رسم الخرائط المعرفية والإدراك المكاني وإيجاد الطريق
      • العواقب البيئية للأفعال البشرية
      • التصميم والتجارب المتعلقة بالجوانب المادية لأماكن العمل والمدارس والمساكن والمباني العامة والأماكن العامة
      • السلوك الترفيهي والسياحي
      • الجوانب النفسية لإدارة الموارد والأزمات
      • المخاطر والأخطار البيئية: الإدراك والسلوك والإدارة
      • الإجهاد المرتبط بالإعدادات المادية
      • الاستخدام الاجتماعي للمساحة: الازدحام ، الخصوصية، المساحة الشخصية– الضوضاء – تلوث الهواء – تلوث الماء – درجات الحرارة المرتفعة أو المنخفضة – السلوك المكاني – العمارة والسلوك – المعرفة البيئية – التربية البيئية – الضغوط البيئية – البيئة التكنولوجية – الأسرة ودورها – والجماعات المرجعية للفرد.

       

    • 5- مجالات علم النفس البيئي:

       يقسـم علم النفس البيئي إلى ثلاث مجالات أساسية:

      مجالات ذات طابع تنموي:

      تهدف إلى تصميم بيئة ذات خصائص نفسية جيدة للأفراد مثل (تصميم فصول دراسية جيدة) و(تصميم الغرف في المستشفيات) وتأخذ بعين الاعتبار الأسس النفسية للتصميم البيئي أو المعماري وفق اعتبارات عامة وخاصة. فالاعتبارات العامة مثل (الحيز الشخصي المناسب للفرد، الألوان، الضوء وأشكال النوافذ...الخ. والاعتبارات الخاصة كاختلاف البيئة مثلا الفصل الدراسي لا يصمم كالغرفة الخاصة بالمريض في المستشفى.

      مجالات تهتم بدراسة وتشخيص المشكلات البيئية: وتشمل:

      • دراسة تأثير الملوثات البيئية من عدة جوانب كدراسة التأثير النفسي للملوث، نسبة التركيز.. لتشخيص تأثير الملوث على المتغيرات النفسية، مدة التعرض للملوث وهو مهم جدا لتشخيص المشكلات.
      • دراسة الخصائص الاجتماعية للفرد على سبيل المثال تأثير المقاومة للملوثات يقل عند الأطفال أكثر من الكبار والمرضى أكثر من الأصحاء والفقراء أكثر من الأغنياء والنساء أكثر من الرجال.
      • دراسة الضوضاء والسلوك ومشكلة الضوضاء الأساسية هي درجة إدراك الفرد لها، والضوضاء هي مجموعة من الأصوات العشوائية المستمرة غير المرغوب فيها.
      • مشكلة الكثافة السكانية (الازدحام) وتأثيرها على السلوك.
      • الكوارث الطبيعية والصناعية وتأثيرها على الأفراد الناجين منها.

      مجالات تهتم بتعديل السلوك إزاء حماية البيئة: وتشمل:

      • التربية البيئية أو التعلم البيئي هي الأساس في تعديل السلوك البيئي.
      • توجيه رسائل عن طريق الإعلانات المختلفة لمواجهة ومعالجة المشكلات البيئية
      • برامج التعزيز للسلوك الإيجابي وتدعيمه بالمكافآت.
      • اهتمام مجالات علم النفس الأخرى من تفسير تأثيرات التلوث الضارة بصحة الإنسان وتقترح بعض الخطوات الضرورية لتغيير السلوك من اجل التقليل أو التخلص من آثار التلوث.

       

      6- خصائص علم النفس البيئي:

      أولا: هناك تأكيد على دراسة علاقات البيئة – السلوك كوحدة واحدة وليس فصلها إلى عناصر مميزة: تفترض التوجهات التقليدية في دراسة الإحساس والإدراك أن المثيرات البيئية متميزة واحدة عن الأخرى وأن الاستجابة للمثير منفصلة ومتميزة عن المثير نفسه ويمكن دراستها بصورة مستقلة نوعاً ما.

      وينظر علم النفس البيئي إلى المثير وإدراكه كوحدة تضم أكثر من مجرد مثير واستجابة.. فالعلاقة الإدراكية بين المثير والاستجابة لدى سكان المدينة، هذه العلاقة لا تعتمد فقط على المثيرات الفردية الموجودة وإنما تعتمد أيضا على النمذجة والتعقيد والحداثة وحركة مكونات أو محتويات المكان وعلى الخبرة الماضية للمدرك وعلى خصائص شخصيته.

      في علم النفس البيئي كل هذه الأشياء تكون وحدة سلوك بيئيّ– إدراكي فالمحيط البيئي يحد ويحدد ويؤثر في السلوك الذي يحدث فيه، وإن السلوك إذا درس بمعزل عن الظروف البيئية المعينة فإن الاستنتاجات المشتقة من عملية الدراسة ستكون محدودة بصورة حتمية. فالبيئة النفسية لا يمكن دراستها بصورة منفصلة عن السلوك والسلوك لا يمكن دراسته بمعزل عن البيئة بدون فقدان معلومات قيمة.

       ويفترض علماء النفس البيئية أن تحليل علاقة البيئة – السلوك في المختبر سيعطي صورة غير كاملة جدا لوحدة البيئة/ السلوك.

      ثانيا/ يفترض علماء علم النفس البيئي أن علاقات البيئة – السلوك هي علاقات متبادلة متداخلة فعلا، وان البيئة تؤثر فعلا وتغير في السلوك وأن السلوك أيضا يؤدي إلى حدوث تغيرات في البيئة.

       مثلا: إذا كان تصميم بناية معينة يؤدي إلى اتخاذ الأفراد طريق معين لدخولها فعند اتخاذ هذا الطريق يمرون بخبرة بيئية آنية مختلفة عن التي يواجهونها في بيئة أخرى وتبدأ هذه البيئة الجديدة بالتأثير على السلوك.

      ثالثا/ يمتلك علم النفس البيئي منظور متفرد في عدم التمييز بين البحث التطبيقي والبحث النظري اي لا يضع حد فاصل ويأخذ بكلا البحثين في الدراسة:

      - حيث تهتم مجالات اخرى من علم النفس بالبحث النظري او الاساسي كوسيلة اولية لفهم السلوك والهدف الرئيسي لمثل هذا البحث هو الحصول على المعرفة حول الموضوع من خلال اكتشاف علاقات سبب – نتيجة بسيطة وبناء نظريات بصرف النظر عن امكانية التطبيق العملي للنتائج. وإذا أدت مثل هذه البحوث ايضاً الى حل مشكلة عملية نظرياً فان التطبيق العملي هو ليس هدفها.

      - من ناحية اخرى يهدف البحث التطبيقي منذ البداية الى حل مشكلة عملية بمعنى ان لهُ نفعاً خاصاً ويجري بصورة نموذجية في ميدان ما.

      - علم النفس البيئي يتولى جزء معين من البحث من اجل اغراض تطبيقية ونظرية في الوقت ذاته بمعنى ان كل البحوث في علم النفس البيئي تحتضن او تتبنى البحث النظري والبحث التطبيقي معاً لتكوين النظريات وحل المشكلات.

      - وتنشأ من هذا التركيز علاقات السبب- النتيجة مثل (تأثير التلوث على السلوك) (وتغيير الاتجاهات نحو البيئة) وتصميم البيئات للاستخدام الانساني الفعّال تكون ذات علاقة بالجوانب النظرية والتطبيقية وهذا النوع من البحوث استمدت منه الكثير من اساسيات علم النفس البيئي.

      رابعا: إن علم النفس البيئي يأخذ بتكامل الأنظمة المعرفية:

      الإدراك البيئي بتأكيده على إدراك المنظر الكلي يكون ذو علاقة بعمل ذوي الاختصاص كالمهندسين المعماريين والبنائين وآخرين في مجالات ذات صلة، وكذلك دراسة تأثيرات البيئة المادية على السلوك، هي أيضا من اهتمامات المهندسين المعماريين والصناعيين وموظفي المستشفيات والمدارس وغيرهم، فهو يعتمد على علوم أخرى على فهم السلوك الإنساني في علاقته مع متغيرات البيئة، حيث أن تصميم البيئات هو ليس من اهتمام المهندسين المعماريين والمصممين فقط، وإنما علماء الأنثروبولوجيا وعلم الاجتماع والتخطيط وموظفي المتاحف وغيرهم، وربما الحاجة لهذا النوع من نظم المعرفة المتكاملة  تنعكس في نمو مجالات ذات صلة مثل علم الاجتماع المدني، الجغرافيا السلوكية، علم النفس المدني، التخطيط لأوقات الفراغ.

      خامسا: إن لعلم النفس البيئي ارتباط قوي جدا بعلم النفس الاجتماعي:

      يرجع عزو هذا الارتباط القوي بين علم النفس البيئي وعلم النفس الاجتماعي إلى الاهتمامات المشتركة في العديد من السلوكيات المدروسة والى التداخلات الكبيرة في تقنيات البحث في كلا المجالين كدراسة تأثير الكثافة السكانية (الازدحام) وأثرها على السلوكيات الاجتماعية، والمجال الشخصي وغيرها.

       ان دراسة تكوين الاتجاه البيئي وتغييره متأصلة في الدراسة النفسية الاجتماعية للاتجاهات فضلا على أن العوامل البيئية المادية تؤثر على مثل هذه السلوكيات الاجتماعية وكثيرا ما تتشابه فيما بينها وأن علم النفس البيئي يميل لأخذ أسلوب انتقائي أكثر.

      7- مفهوم البيئة:

      البيئة لفظة شائعة في الأوساط العلمية يرتبط مدلولها بنوع العلاقات بين البيئة ومستعمليها، وتعني كذلك كل ما هو خارج عن كيان الإنسان وكل ما يحيط به من موجودات التي يمارس فيها حياته وأنشطته المختلفة. كما يقصد بالبيئة:" كل العوامل والمؤثرات والمتغيرات التي يتفاعل معها الفرد مهما كان نوعها، أو المواقف أو المثيرات التي يستجيب لها".

      كما عرفت البيئة على أنها:" ذلك المحيط الذي يعيش فيه الإنسان ويمارس فيه نشاطه في الحياة، وهي المستودع لموارد الإنسان وعناصر الثروة المتجددة وغير المتجددة، والتي تتفاعل مع بعضها البعض وتؤثر على الإنسان وتتأثر به."

      ويعتبر رحم الأم بيئة الإنسان الأولى، والبيت بيئة، والحي الذي يعيش فيه الإنسان بيئة، والقطر والكرة الأرضية والكون كله. وما يحيط الإنسان من مكونات حية مثل النباتات والحيوانات، وغير حية مثل الصخور والمعادن، وتشمل أيضا الطقس والمناخ ممثلا في فصول السنة واختلاف درجات الحرارة والرطوبة وسرعة الرياح، ويذهب العلماء أيضا ما يسود بيئة الإنسان أيضا من تغيرات نفسية واجتماعية.

      وجاء في مؤتمر "ستوكهولم 1972 أن البيئة هي:" رصيد الموارد المادية والاجتماعية المتاحة في وقت ما ومكان ما لإشباع حاجات الإنسان وتطلعاته".

      8- مكونات البيئة:

      يمكن تقسيم البيئة إلى قسمين رئيسين:

      البيئة الطبيعة: هي كل ما يحيط بالإنسان من ظواهر حية وغير حية وليس للإنسان أثر في وجودها وتشمل: التضاريس، المناخ، التربة، النباتات والحيوانات..

       -البيئة البشرية : ويقصد بها الإنسان وانجازاته وكثافته وسلالته ودرجة تحضره وتقدمه العلمي، مما يؤدي إلى تباين البيئات البشرية والتي تنقسم إلى:

      -البيئة الاجتماعية : تتشكل من الأفراد والجماعات في تفاعلهم وأنماط التنظيم الاجتماعي وجميع مظاهر المجتمع وأنماط العلاقات الاجتماعية القائمة بين الأفراد.

       -البيئة الثقافية: الوسط الذي خلقه الإنسان لنفسه بما فيه من منتجات مادية وغير مادية في محاولاته الدائمة للسيطرة على الطبيعة.

      والبيئة الثقافية المناسبة للطفل تتحدد من خلال مجموعة من المتغيرات نذكر منها:

      • مدى توفر الكتب والمجلات والمذياع والتلفاز في المنزل في متناول الطفل..
      • مدى توفر المتاحف والمعارض والرحلات والمعارف والمعلومات للإنسان.
      • مدى توفر المؤسسات التربوية كالمدارس والجامعات.
      • مدى توفر برامج تعليم غير نظامي في البيئة التي يعيش فيها الفرد.
      • مستوى ثقافة الوالدين.

      ويضيف آخرون عدة أنماط بيئية مثل:

      -      بيئة ما قبل الولادة.

      -      بيئة ما بعد الولادة.

      -      البيئة الخلوية: والخاصة بخلايا جسم الإنسان.

      -      البيئة الاجتماعية والتي يصنفها برنارد إلى ما يلي:

      *فيزيقية/ مادية اجتماعية: تشمل الأدوات والأسلحة والحلي والآلات وأجهزة النقل والمواصلات ولوازم المعيشة.

      *بيئة بيو (أحيائية) اجتماعية: مثل النباتات المنزلية والحيوانات الأليفة..

      *بيئة نفس اجتماعية: مثل سلوك الأفراد الذين يحتك بهم والعادات والتقاليد والاعتقادات والأخلاقيات ورموز لغة مستخلصة.

      *بيئات ضبط أو رقابة نظامية مؤسسية، كالمؤسسات التربوية والاقتصادية والسياسية.. تشمل البيئة الحياة التي يستمد منها الإنسان قوته وأسباب نموه الفكري والمادي، والاجتماعي....، لكن المشكلات البيئية كالتلوث وضعف طبقة الأوزون.. وغيرها باتت تشكل عوائق بيئية ضخمة تنذر بكارثة للإنسان وهو المتسبب الرئيسي فيها.

      9- تأثير البيئة على السلوك:

      يقصد بـ السلوك: جميع الاستجابات التي تصدر عن الفرد نتيجة لاحتكاكه بغيره من الأفراد، أو نتيجة لاتصاله بالبيئة الخارجية. والسلوك بهذا المعنى يعني: كل ما يصدر عن الفرد من عمل حركي أو كلام أو تفكير أو انفعالات أو مشاعر.

      ويمكن التمييز بين نوعين من سلوك الأفراد: السلوك الفردي والسلوك الاجتماعي.

      وظهر الاهتمام بدراسة تأثير البيئة على سلوك الإنسان، في إطار علم النفس التجريبي في المجتمعات الأمريكية والغربية منذ وقت مبكر، يرجع إلى الربع الأخير من القرن التاسع عشر. وقد ظهر ذلك خلال نظرية المجال لكيرت ليفين في الأربعينيات من القرن العشرين (1890-1947) وعمله على الجماعات البشرية وحراكها.

      وقد أكد (Lewin) وهو من أوائل علماء النفس الذين أكدوا على أهمية الظروف البيئية المحيطة بالإنسان والمجتمع كشرط رئيسي لتفسير السلوك الفردي والجماعي للإنسان، وأن السلوك هو نتاج طبيعي للتفاعل بين البيئة والإنسان، إلا أنه من الخطأ الاقتصار على عناصر محددة من البيئة (كالمناخ والمحاصيل الزراعية وموارد المياه...الخ (كمحددات للسلوك الإنساني)، إذ أن الاهتمام يجب أن يوجه إلى الخصائص المادية والاجتماعية كمؤثرات على السلوك، فضلا عن التعامل مع البيئة باعتبارها مجموعة مركبات يتكون منها الحيز أو المكان الذي يتواجد فيه الإنسان ويتفاعل معه ويمارس فيه أنشطته، وهذه العلاقة تتداخل فيها العمليات الداخلية مثل الإدراك والنمو والتعليم. وتأثير البيئة الاجتماعية على سلوك الإنسان لا يقل أهمية عن تأثير البيئة المادية.

      ويمارس الناس بعض التأثيرات على أنماط سلوكهم من خلال أسلوب معالجتهم للبيئة، فهم ليسوا فقط مجرد ممارسين لردود الفعل إزاء المثيرات البيئية، ولكنهم قادرون على التفكير والابتكار وتوظيف عملياتهم المعرفية لمعالجة الأحداث والوقائع البيئية.

      وقد أكدت العديد من الدراسات على تأثير الضغوط الاجتماعية والاقتصادية على سكان المدن، وكذلك أثر التعرض للضوضاء على الإنسان، وكذلك تأثير الزحام على ردود الأفعال البشرية وعلى النواحي الفسيولوجية والنفسية والاجتماعية للإنسان. كما يحدث في بعض القطارات وفي مجالات العمل التي يتعرض فيها العمال لكثير من الضغط.

      والجدير ذكره أن البيئة لا تؤثر فقط في سلوك الإنسان، وإنما تؤثر في نموه وتكوينه وبنائه وشخصيته وصحته الجسمية والعقلية والنفسية ومدى إصابته بالمرض أو تمتعه بالصحة والعافية، وتؤثر البيئة كذلك في اتجاهات الإنسان وميوله وأفكاره وآرائه ومعتقداته. وفي سمات شخصيته. وكذلك تأثير الألوان والموسيقى والأشكال وطرق الاتصال أو التفاعل بين عناصر البيئة التي تؤثر في بعضها بعضاً وتؤثر في الإنسان وتتأثر به.

      ونوع العمران والحالة الاقتصادية والمهنية ونوعية الغذاء ما هي إلا نتاج البيئة بمكوناتها المختلفة، فضلاً عن التأثيرات البيئية في ظهور الأمراض وتحديد أسباب الوفيات.

      وترتبط البيئة الاجتماعية بكل مكوناتها بالبيئة الطبيعية ارتباطاً وثيقاً، لأن البيئة الطبيعية تحدد طراز المعيشة والمهنة والحرف السائدة وأنماط السلوك والاستيطان وطرق البناء والنقل والصناعة والغذاء والعلاقات الاجتماعية. فالبيئة الصحراوية على سبيل المثال حددت المهنة إذ شجعت على امتهان حرفة الرعي والتجارة إلى حد ما، وكانت لها نظرتها الاجتماعية المتدنية للحرف المهنية، كما أنها حددت نمط البناء ونوعيته التي جاءت استجابة لخشونة العيش وندرة الموارد. كما أنها ساهمت في استحباب عادات وتقاليد معينة كإكرام الضيف والشجاعة والفروسية في الوقت الذي ظهرت نوعية الجريمة متلائمة مع تلك البيئة فانتشر قطاع الطرق وظهرت الغزوات وأصبحت الغنائم مورداً للعيش، كما أنها أصبحت بيئة إلهام شعري وفكري ومعرفي ومبعثاً للتأمل والفلسفة من خلال صفاء أجوائها واتساع مساحاتها وسكونها ووضوح الشروق وتلألؤ القمر في سمائها والتحاف الإنسان لسمائها صيفاً. كما أن حالات التطرف والصراعات القبلية في الوقت الحاضر تنتشر في المناطق الصحراوية القاحلة والجافة.

      ويختلف الأمر في البيئات القروية، حيث مياه الأنهار وغابات النخيل والأشجار والثمار وخصوبة الأراضي، ونوع المساكن التي جاءت نتيجة لنوع البيئة ومكوناتها المادية، وانبثقت من ذلك أنظمة وقوانين وعادات وتقاليد تختلف عما هو سائد في البيئة الصحراوية.

      أما البيئة الجبلية الوعرة التي تمتاز بقساوة الحياة، فقد ولدت نمط حياة يختلف عما هو موجود في البيئة الريفية أو الصحراوية. ويظهر ذلك من خلال عادات سكان الجبال ولباسهم وتعاملهم وعاداتهم وتقاليدهم وطرق تنقلهم، والنظم الاجتماعية السائدة لديهم، فضلاً عن التصميم المعماري للمساكن.

    • 1- مفهوم البيئة المدرسية:

       تؤثر البيئة التي تتم بها عملية التعلم على أداء سلوك الطالب، وحتى يتم فهم الطالب ومن اجل الوصول إلى تشخيص دقيق وفهم كامل له، ينبغي أن يتم تقويم لطبيعة البيئة التي يمارس فيها الطلبة نشاطاتهم وتعليمهم إذ إن للعوامل البيئية تأثيرا مباشرا وغير مباشر في سلوك الطلبة النفسي.

      2- عناصر البيئة المدرسية:

      تشمل العناصر التالية:

      3- تأثير البيئة المدرسية على نوعية التعلم:

      تلعب البيئة المدرسية الدور الأعظم في حياة كل فرد داخل المدرسة حيث أن الطالب يحتاج إلى أن يكون لديه قدر كافي من الاستقرار النفسي والاجتماعي المدرسي كي يؤدي دوره الفعال ويحقق الهدف من العملية التعليمية، وتحقيق الاستقرار النفسي داخل المدرسة يجب أن تحققه المدرسة لطالبها وإن لم تحقق ذلك فقد تفقد المدرسة دور من أهم أدوارها المناط بها.

       فالتعليم الناجح هو من یرتقي بنمو الطفل وقیمه ویقوده إلى تكوین شخصیة قویة متزنة طموحة وذات ً دافعية وصحة نفسیة وسلوك إیجابیین واعيا بقضایا مجتمعه وأمته واثقا بنفسه وقدراته. إن التعليم الناجح ليس مجرد تحصيل دراسي مرتفع بل تكوین أجيال صالحة تقود المجتمع وتخرج له قيادات ونخب ومواطنين صالحين. لذا یجب عدم اغفال الاهتمام بتوجیه وارشاد التلامیذ إلى السلوك والصحة النفسیة الإیجابیین وبمختلف الاشكال في مراحل النمو المبكرة وفي المدرسة التي یقضي فیها الكثیر من وقته.

      ويرى كل من رونز وهولجود 2000 Rones & Hoagmood وسناء زهران 2003، أن الخصائص التي ينبغي أن تتصف بها المدارس، تتمثل فيما يلي:

      -       خلق ثقافة مدرسية ينصهر في بوتقها:

      -       الثقة والتكامل.

      -       الديموقراطية.

      -       تكافؤ الفرص.

      -       العمل على إعطاء قيمة للطفل وتقديره بصرف النظر عن إمكاناته وقدراته:

      أ‌-      سياسات واضحة تتعلق بالسلوك المدرسي المقبول وغير المقبول.

      ج- مستويات مهنية مرتفعة.

      د- ارتفاع مستوى مهارة العملية التعليمية التدريبية لتشجيع اهتمامات الطفل وزيادة واقعيته.

      ه- العمل النشط المنتج مع الوالدين.

      وتتلخص أهم العوامل الداعمة للتعلم في الوسط المدرسي، فيما يلي:

          أ- المعلم:

      يلعب المعلم دورا هاما في عملية التربية ورعاية النمو النفسي للتلميذ. ويمكن القول أنه بقدر ما تكون علاقة المعلم بتلاميذه علاقة يغمرها الدفء والحنان والمحبة، ويشترك معهم في نواحي النشاطات جميعها بقدر ما يؤدي إلى جودة التعلم.

      والاتزان النفسي للمعلم يستلزم تحقيق التوازن بين مختلف المظاهر الجسمية والنفسية والاجتماعية والاقتصادية والمعرفية له، وهذا الاتزان تحدده عدة أبعاد أهمها الرضى المهني والراحة النفسية في العمل، والدافعية، وأخرى لها علاقة بالاحترام المتبادل والاعتراف والجزاء المقدم وتفاعله مع الإدارة والزملاء والتلاميذ بكل استقلالية مهنية دون ضغوطات.

      إن المدرسين يواجهون ويتعرضون لعبء كبير والضغوطات النفسية، ويؤثر على نفسيتهم وأدائهم ومشاعرهم واتجاهاتهم نحو أنفسهم ونحو مهنتهم، والتعرض المستمر للضغوط تضعف من فعالية المدرس وكفاءاته، وله نتائج سلبية على حياته الشخصية وتلاميذه والمردودية التعليمية.

      وترجح النظريات السيكولوجية والسوسيولوجية أن المعلم المؤثر الفعال هو الذي يراه تلاميذه على أن لديه، ما يلي:

      - لديه السيطرة على الموارد والمصادر التي يرغب فيها.

      - له خبرة وكفاءة في مجال معين من مجالات المعرفة.

      - لديه سلطة ليكافئ ويعاقب.

      - لديه القدرة على الاستثارة والتشويق في تعلم المادة.

      - سمة التقرب من المتعلمين والتفاعل معهم.

       إضافة إلى ذلك المعلم الفعال هو الذي يشرح الأشياء ويوضحها بطرق جديدة.

      -       يشرك المتعلمين جميعهم ويوجههم دون الاهتمام بفئة معينة أو متعلم واحد على غرار الآخرين.

      وهناك بعض المعايير التي اتفقت عليها بعض دول العالم (أمريكا، إنجلترا، كندا، اليابان، الإمارات المتحدة..) لأهم المهارات المطلوبة لإعداد المعلم نظام رياض الأطفال لهذه المرحلة وتوصلت إلى ما يلي:

      - أهمية إلمام المعلم بالمعرفة التي تؤهله ليكون معلما لمرحلة ما قبل المدرسة خاصة في مجالات النمو اللغوي والمعرفي والوجداني.

      - الوعي بأهمية البيئة التعليمية الآمنة.

      - الوعي بأهمية الشراكة الأسرية.

      - والقدرة على التقويم الفعال.

      وهناك مهارات أشارت إليها دون أخرى:

      - التكنولوجيا في التعليم.

      - مهارات التفكير العليا.

      -  الاهتمام بذوي الاحتياجات الخاصة والموهوبين.

      - التعلم الذاتي.

      - التمركز حول التعلم.

      - دور المعلم:

      إن المعلم هو أحد المدخلات الهامة والأساسية في النظام التعليمي للمجتمع ككل، وكنتيجة للدور الهام الذي يلعبه المعلم في العملية التربوية، كان لا بد من مراعاة عدة أمور تساعد المعلم على القيام بعمله على خير وجه وبما يحقق توافق طلابه وصحتهم النفسية.

      ويمكن تلخيص هذه الأمور، فيما يلي:

      -       التكوين الشخصي للمعلم وظروف تنشئته:

      فالمعلم الذي نشأ في بيئة صحية خال من العقد ينعكس ذلك على علاقاته بطلابه باعتبار أن شخصية لمعلم في نظر الكثير من الطلاب هي امتداد لشخصية الأب أو الأم وما يحملانه من مشاعر طيبة أو سيئة تجاه أبنائهم بما ينعكس على صحتهم النفسية.

      -       تحسين التوافق الانفعالي الاجتماعي للمعلم: إن تحسين التوافق الانفعالي الاجتماعي للمعلم أمر ضروري في عملية إعداده، وذلك بهدف مساعدة طلابه على مواجهة مشاكل توافقهم الشخصي. فالمعلم كما هو محتاج إلى إعداده أكاديميا حتى يتمكن من أداء عمله، فإنه يحتاج إلى إعداده نفسيا واجتماعيا.

      -       تقبل المعلم لشخصية طلابه بجوانبها الإيجابية والسلبية:

      وإظهار مشاعر الحب والود لهم فهذا يجعلهم يشعرون بالأمن والطمأنينة، وعلى المعلم أن يكون على علم بقدرات كل طالب من طلابه والفروق الفردية بينهم، حتى يتمكن من وضع خطة الدراسة واختيار أساليب التدريس الملائمة، وكذلك الوسائل التعليمية المناسبة وكذلك الأسلوب الأمثل للتقويم بما يحقق الأهداف المنشودة.

      وقد يترتب على ذلك تعديل عملية التعليم بما يتناسب وإمكانات طلابه وكذا مساعدتهم على مواجهة مشاكلهم الشخصية والاجتماعية، وهذا بمثابة عاملا هاما في تحقيق توافقهم وصحتهم النفسية.

      -       مرونة المعلم:

      بحيث يكون هناك تجانس في سلوكياته وتصرفاته، ولا يكون هناك تناقض في تصرفاته داخل المدرسة وخارجها.

      -       شروط عند اختيار المعلمين ينبغي أن تتوفر فيهم بعض السمات والصفات اللازمة لنجاحهم:

      ومن أهمها استعداده للقيام بهذه المهمة الصعبة في إعداد أجيال قادرة على الاضطلاع بمسئولياتها وأدوارها في بناء مجتمعهم، فالمعلم العصابي مثلا يؤثر في طلابه تأثيرا سلبيا من الناحية النفسية وذلك لأن الطالب يجتاز مرحلة التوحد مع المعلم.

      -       على المعلم أن يخلق المناخ النفسي الملائم في فصله:

      وأن ينجح في كسب ثقة طلابه بما يشجعهم على أن يتقربوا إليه، وأن يتصف بالصبر في معاملتهم، وأن يستمع إليهم بآذان صاغية حيث أن كثير من الطلاب لا يجدون سوى معلميهم لكي يشكون لهم مشاكلهم، وقد تزداد مشاكل الطلاب صعوبة حينما يجدون أن معلميهم يعزفون عن الاهتمام بهم أو الاستماع إليهم.

      - أن يقوم المعلم بملاحظة شاملة لمختلف جوانب سلوك المتعلم:

      وذلك في مواقف مختلفة داخل المدرسة وخارجها، ولتحقيق ذلك على المعلم أن يقوم بتسجيل ملاحظاته عن ردود الأفعال الوجدانية والاجتماعية لطلابه، حيث تعتبر هذه الملاحظات جزء من التقرير الدائم للطالب.

      - معالجة مشكلات الصحة النفسية للمعلم:

      تتركز معالجة الصعوبات التي تواجه الصحة النفسية للمعلم في أربعة جوانب، هي:

      - العمل التدبيري الذي يسبق بدء المعلم عمله، وهو أساليب انتقاء المعلم وتدريبه وتأهيله باستخدام الروائز النفسية.

      - التدبير العلاجي الذي يركز على معالجة مشكلات المعلم المتعلقة بعمله مثل : مشكلة الراتب، ضغط العمل، العلاقة مع الإدارة، فرص الترقية...

      - مواجهة الإحباط عند المعلم ويتم بالتوعية الصحية والمهنية (التركيز على مشكلات التعليم، ومكانة المعلم منها.

      - علاج مشكلات التكيف والاضطرابات السلوكية التي وقعت مثل حالات القلق والمخاوف والوساوس، والخلافات مع الزملاء، ومع الإدارة ... وغيرها.

    •   ب- المتعلم:

      يعد المتعلم هو محور العملية التربوية ويجب تأهيله في مرحلة ما قبل المدرسة صحيا وثقافيا ونفسيا كي يتمكن من استيعاب المعرفة.

      وتعليم التلاميذ المهارات واكسابهم الاستجابات الإيجابية المختلفة تكفل لهم التميز، من خلال بيئة مدرسية آمنة وقيادة فاعلة، مع العناية بالخدمات الطلابية المختلفة، وتقديم الأنشطة غير الصفية التي تنمي مهاراتهم وإبداعاتهم، والمتابعة المستمرة لنظام تقييم التحصيل الدراسي، وغير ذلك من التطبيقات التي تحفز التعلم، وتحقق أهدافه.

      ومن خلال تواجد الطالب داخل المدرسة ستتكون لديه علاقات مع الأشخاص المحيطين به، ويعد الجو الانفعالي والعلاقات بين أفراد المدرسة من العوامل المدرسية المؤثرة في التعلم. والمقصود به علاقة الطلاب فيما بينهم والطلاب بالمدرسين وبقية العاملين في المدرسة.

      -      علاقة الطلبة بمدرسيهم:

      العلاقات بين التلاميذ والمدرس التي تقوم على أساس الديمقراطية والتوجيه والإرشاد السليم، تؤدي إلى حسن العلاقة بين المدرس والتلاميذ وإلى النمو التربوي والنفسي السليم. وتتخذ علاقة التلميذ مع المعلم أو المعلمين دلالات وألوانا مختلفة من العلاقة مع الوالدين فيما هو معروف من إسقاطات نفسية.

      وأوضــحت عــدد مــن الدراســات وجــود علاقــة بــين أسـلوب معاملـة المــدرس لطلبتــه وتكــيفهم المدرسـي. وان العلاقـة التـي تتكـون بـين الطلبة ومدرسيهم فـي داخـل الصـف وخارجـه لهـا تأثير كبيـر فـي تكيـف سـلوكهم المدرسـي.

      وقـد أوضـح بيـل Bell إن التربيـة عمليـة تفاعـل بـين الطالـب والبيئـة التـي يعـيش فيهـا ولاسيما البيئـة المدرسـية. وأن وظيفـة المـدرس هي مساعدة الطالب على التوافق مع نفسه أولا ومع البيئة المحيطة به، وأن المدرس بمـا يقدمه مـن دروس وإرشـادات وتوجيهـات، وبمـا يمتلكه مـن علاقـات فاعلـة مـع طلبته، من العوامل المساعدة على زيادة التوافق النفسي والتكيف الاجتماعي لدى الطالب، كمـا يســـتطيع المـــدرس مـــن خلال علاقاتـــه مـــع طلبتـــه وتفاعله معهم مـــن تعـــديل مدركاتهم واتجاهاتهم، وبذلك يستطيع المدرس أن يكون قوة مؤثرة في طلبته.

      -       علاقة الطلبة مع بعضهم البعض:

      يشير الباحثين في علم النفس الاجتماعي إلى عـدد مـن العوامـل والمـؤثرات التـي تكمـن وراء الجماعـات الصـغيرة، ومنها جماعـة الرفـاق فـي الصـف، وتسـاعد فـي تفسـير سـلوك أفراد هذه الجماعة ومن هذه العوامل:

      • الأهداف والمهمات المشتركة والرغبة في إنجازها.
      • التشابه في العادات والتقاليد والقيم والاتجاهات.
      • القرب المكاني والتفاعل الاجتماعي في إطار هموم مشتركة.
      • الحاجة إلى الانتماء والهوية وشعور النحن.

       وتتأثر هذه العوامل جميعها سلبا وايجاباً بعوامل أخرى تتصل ببنية الجماعة وحجمها، ومدى الانسجام والتناغم بين أفرادها وأهدافها وتطلعاتهم وأدوارهم، وبالتالي قدرة الجماعة علــى الاستمرار فـــي العمـــل المشـــترك، والتماســـك وتحقيـــق المســـتوى المرغـــوب فيـــه مـــن العلاقات والفاعلية والإنتاجية.

      وتتخذ العلاقة مع الرفاق حالات متنوعة من سيناريو العلاقة مع الإخوة في المنزل، ويبقى هذا الإسقاط جزئيا ويتلون بخصائص الوضعية وديناميات العلاقات الصفية والمدرسية.

      والعلاقات بين التلاميذ بعضهم البعض التي تقوم على أساس من التعاون والفهم المتبادل تؤدي إلى التعلم في اتجاهه الايجابي.

       وأوضح بومان إن هناك علاقة بين تقبل الطالب من قبل رفاقـــه، وبـــين تكيفــه الاجتماعي المدرســـي. فالتلاميذ الـــذين يعـــانون مـــن ســـوء التكيـــف الشخصي والاجتماعي يعدون غالباً مرفوضين اجتماعيا.

       ويؤكـد بولفيـد إن للزملاء تـأثير كبيـر فـي إحـداث التكيـف الاجتماعي والمدرســي لـدى الطلبة، وعلى أهمية العلاقات الاجتماعية بين الطلبة داخل الصف الواحد، فقد وجد في دراسته إن الطلبة المقبـولين اجتماعيـاً مـن زملائهم، هـم الأكثر تكيفـاً للجـو المدرسـي. أمـا المرفوضـون مـن زملائهم، فـإن تكيفهم الاجتماعي والمدرسـي ضـعيف.

       وفـي مقابـل ذلـك أوضـح اوزر Oeser أن الطلبة الـذين يمتـازون بضـعف علاقـاتهم الاجتماعية مـع أقرانهم في الصف، هم فضلا عـن ذلـك ضـعفاء فـي قـدرتهم علـى الـتعلم. وا ذا مـا تحسـنت علاقاتهم الاجتماعية مــــع زملائهـم، فــــإن قــــدرتهم علــى الــــتعلم تتحســــن.

      إن العلاقــــات الاجتماعية بين الطلبة وتفاعلهم الصفي يزيد مـن حيويـة الطالـب فـي الموقـف التعلمـي، إذ يعمـل علـى تحريـرهم مـن حالـة الصـمت والسـلبية والانسحابية، إلـى حالـة المناقشـة وتبادل وجهات النظر في القضايا التي تهمهم، فيصـبح الصـف ومـا يـدور فيه مـن أنشـطة ملبيــا لحاجــاتهم ومجــالا للتعبيــر عــن آمــالهم وطموحــاتهم.

       فضــلا عن إن العلاقــات بــين الطلبة وتفاعلهم مع بعضهم البعض، يسـاعد على تطـوير اتجاهات ايجابيـة نحـو الآخرين ومواقفهم وآرائهم، فيستمعون للرأي الآخر ويحترمونه.

       وقد أكد العالم باندورا  Banduraعلى دور نظرية النمذجة في تشكيل سـلوك الفـرد، اذ يتعلم التلاميذ الكثير مـن سـلوكياتهم عبـر تقليـد الآخرين المحيطـين بهم ولاسيما أقـرانهم فـي المدرسة.

       ج- ديناميات العلاقة ما بين الأهل والمدرسة:

      الكتابات والدراسات الحديثة كلها تجمع على أهمية وحيوية العلاقات ما بين الأهل والمدرسة على مصير تكيف التلميذ مع الدراسة وتحصيله. فهي تشكل دفعا قويا إيجابيا حين تتكامل جهود الأهل والمدرسين من خلال التواصل والتنسيق والتنظيم. وفي المقابل تشكل عقبة فعلية على التكيف والتحصيل حين تكون مضطربة وتتصف بالصراع أو التناقض أو التباعد.

       فقد انصب الجهد والاهتمام في الدراسات التقليدية على البعد التحصيلي في المقام الأول كأن التلميذ آلة معرفية، وعلى العكس من هذا التوجه تبين الأبحاث مقدار تأثير الوضع النفسي للمتعلم على تحصيله وحتى تعلم بعض المواد كالرياضيات، والتعثر أو الفشل فيها ليس مجرد قضية معرفية.

      ولقد وجد أن علاج الأزمات النفسية يساعد على تحسين تعلم هذه المادة وسواها من المواد بفضل التحرر من الصدود المعرفية الملازمة لهذه الأزمات والصراعات.

      ولقد أصبح معروفا ومثبتا أن اهتمام الأهل بتهيئة أطفالهم للدراسة ومتابعتهم والتنسيق مع المدرسة هو من أكبر عوامل النجاح التحصيلي، شريطة توفير الرعاية المتكاملة لمختلف جوانب حياة الطفل وتوازنه النفسي واحتياجاته.

      وعليه فإن الربط بين معطيات المدرسة والبيت أمر ضروري حيث أن ذلك يمكن المدرسة من تقويم المستوى التحصيلي للأهداف التعليمية ويحقق أفضل النتائج العلمية فذلك يساعد المدرسة على:

      -    تقويم السلوكيات الطلابية ويعينها على تلافي بعض التصرفات غير السوية التي ربما تظهر في بعض الطلبة.

      -    تواصل أولياء الأمور مع المدرسة يساعد على توفر الفرص للحوار الموضوعي حول المسائل التي تخص مستقبل الأبناء من الناحيتين العلمية والتربوية.

      -    ويسهم أيضاً في حل المشاكل التي يعاني منها التلاميذ سواء على مستوى البيت أو المدرسة وإيجاد الحلول المناسبة لها.

      -    ويمكن للآباء أن يتعرفوا على وجهة نظر المعلم بالنسبة لما يراه مهما في الحياة المدرسية، وعلى ما يجتهد في تحقيقه بالنسبة للأطفال، وعلى ما يعمله غيره من الموظفين لمساعدة طفلهم.

      -   أن يتعرفوا على جوانب جديدة من حياة طفلهم كعضو في جماعة، وكيف يمكنهم المساعدة في نواح معينة من المواد الدراسية، وان يتعرفوا على الأشياء التي تضايقه أو تشيع البهجة في نفسه.

      د- ديناميات العلاقة أهل-معلم ومعلم-أهل:

      هذه العلاقة تبقى متجاذبة وقد تميل إلى الإيجاب أو إلى السلب تبًعا للمتغيرات التي تميز الحياة الدراسية. فكل طرف يمكن أن يحكم على الطرف الآخر، وأن يكون في الوقت نفسه محكوما عليه من قبل الآخر. هذا الحكم الذي يبقى ضمنيا يحتمل أن يظهر إلى العلن في الحالات الإيجابية أو السلبية.

      فالمعلم يحكم على الأهل من خلال ولدهم: ما هي جدارة والديتهم، وما مدى استحقاقهم للوالدية أصلا؟ ينطلق هذا الحكم السلبي حين يكون تحصيل التلميذ محبطا لصورة المعلم المهنية عن نفسه أو حين ينخرط هذا التلميذ في مشكلات سلوكية تحمل التحدي أو الإزعاج للمعلّم، فالأحكام السلبية (عاجزون، غير جديرين بالوالدية) هنا يحدث إسقاط من قبل المعلم على الأهل حين يجابه صعوبات في محاسبة ذاته وحكمه على أدائه الذي لم يتمتع بالكفاءة المهنية ويحولها إلى الأهل على أنهم مصدر الخلل وسبب الفشل، وبالتالي تنفض المدرسة يدها من هذا التلميذ وأوليائه باعتبارهم يشكلون إعاقة للنظام أو إحباطا له باعتبارهم غير جديرين بخدماته.

      وعلى العكس من هذا الاتجاه فالمعلم يصدر حكمه التقويمي على جدارة الأهل معترفا بها ومقدرا لها ورافعا من مكانتها، حين تكون تجربته مع التلميذ إيجابية تعزز إحساسه بكفاءته المهنية، "إنهم الأهل الجديرون بالاعتبار والذين أنجبوا وأنشئوا هذا التلميذ النجيب أو المتفوق والذي يجسد كفاءة المعلم ويكرس قدرته على العطاء".

      وكذلك الأهل بدورهم يلعبون دور الحكم الذي يقّوم أداء المعلّم وكفاءته: من هو هذا المعلّم الفاشل الذي لم يستطع تعليم ولدنا أو يحسن توجيهه؟ إنه معلّم غير جدير بأن نعهد إليه بأبنائنا، هذا الحكم السلبي جاهز بعد تكرار فشل التلميذ تحصيليا وتكيفا.

       فالأهل في هذه الحالة يتهربون من جرحهم النرجسي الناشئ عن فشل ولدهم وتعثره بإسقاط المسئولية على المعلّم.

      وهنا يبقى الطفل في وضعية مأزقية بين الاتهامات المتبادلة.

      وفي المقابل فإن الود يصبح موصولا بين الأهل والمعلّم والمدرسة عموما في حالة التجربة المدرسية الإيجابية تحصيلا وتوافقا.

      فهذه الديناميات، خصوصا في الحالات السلبية تبقى رهنا بمقدار نضج كل من المعلّم والأهل، ذلك النضج الذي يفسح المجال أمام التقدير الموضوعي للحالات والتعامل الواقعي العقلاني والمهني معها تشخيصا وتدخلا وعلاجا، وبمقدار سيادة هذه الواقعية يحظى التلميذ بفرص أكبر للحصول على المساعدة اللازمة في حل مشكلاته التحصيلية وأزماته النفسية على حد سواء.

    •  هـ- الإدارة المدرسية:

      على الرغم من الهيكل الإداري للمدرسـة يختلـف مـن مدرسـة لأخرى تبعـا للمرحلـة الدراسـية، إلا أنـه فـي كـل الأحوال يوجد بكل مدرسة مسؤول أول يطلق عليه لقب المدير، ويعد مدير المدرسة المسؤول الأول عن سير العمل في المدرسة من جميع النواحي، ومن هنا يمكـن أن نـدرك كبـر حجـم المسـؤولية الملقـاة علـى عـاتق المـدير. فواجباته متعـــددة ومتنوعـــة ومتداخلـــة، ويمكـــن تصـــنيفها إلى المهام المتعلقة بالمجـــال الإداري والإشرافي والتربـوي، وأصبح اليوم مدير المدرسة يهتم بالجانب التربوي والعلمي والإنساني فيها مـع عـدم إغفـال النـواحي الإدارية.

      وإذا كـان الـنمط القيـادي لإدارة المدرسـة ايجابيـاً ومرنـاً ومتفهماً فانه يتيح للمتعلمين حرية التفاعل والإبداع، ويكون هنالـك إلمـام لـدى الإدارة بكـل المهام المرتبطـة بالعمليـة التعليميـة وتـوفير سـبل النجـاح والتقـدم ابتـداء بتنظـيم وجدولـة الـدورات المسـاعدةً للمتعلمـين فــي المــواد الدراسية بمــا يتناســب مــع احتياجــاتهم ومـرورا بمتابعـة المرافــق التعليميــة والترفيهية وعمليات الصيانة الشاملة داخل البيئة المدرسية. وعليه يمكن بيان وظائف الإدارة المدرسية، كما يلي:

      تسيير شؤون المدرسة وفقا للقواعد والتعليمات الصادرة من الإدارة العليا.

      تنظيم العمل في المدرسة وتسييره وتطويره.

      توفير الإمكانيات والظروف المادية والبشرية التـي تسـاعد علـى تحقيـق أهداف المدرسـة.

      وضع الشخص المناسب في المكان المناسب.

      تنمية العاملين مهنياً وإعداد برامج للتوجيه والإرشاد للتلاميذ.

      الإشراف على النواحي المالية للمدرسـة وتنظـيم العلاقـة بـين المدرسـة والمجتمـع المحلي.

      و- الأنشطة والمنهج:

      يجب أن تكون المقررات الدراسية تتفق ومستويات المتعلمين العقلية وأن تراعي الفروق الفردية أو أن يتعرف المدرس أثناء ممارسته للعملية التعليمية على هذه الفروق الفردية بحيث يستطيع أن يرقي بجميع الأطفال إلى مستوى أفضل من التعليم.

      والمنهج الدراسي هو:" مجموع الخبرات وأوجه النشاط التي توفرها المدرسة لطلابها داخل وخارج المدرسة، بما يحقق لهم أقصى درجات النمو في جميع جوانب الشخصية وبما يحقق أهداف المجتمع ويعتبر بمثابة ركيزة أساسية تستند عليها العملية التعليمية".

      وينطلق علماء النفس في هذا الاتجاه من المفهوم الحديث والواسع للمنهج الذي يؤكد أن المتعلم هو محور العملية التربوية وبالتالي محور المناهج التعليمية، وهذا يعني أن قدرات المتعلم وطبيعة نموه واتجاهاته وميوله وخبراته السابقة كلها تعتبر أساسا مهما يسهم في اختيار محتوى المنهج وتنظيمه، فعندما تتخذ القرارات المتصلة بالمنهج لا بد أن نأخذ بالاعتبار الأسس النفسية للمتعلم.

      وبما أن المنهج في جوهره ما هو إلا خطة للتعلم تتألف من الأهداف ومن طرق تحقيقها فلا بد للخطة أن تصنع في مجالاتها، ما يأتي:

      • اختيار محتوى المنهج وترتيبه.
      • اختيار خبرات التعلم التي يمكن من خلالها معالجة ذلك المحتوى.
      • توفير أنسب ظروف للتعلم.

       ومن أجل تحقيق ذلك لا بد لمخططي المناهج من أن يتسلحوا بالأطر النظرية والمفاهيم والمبادئ السيكولوجية المتعلقة بطبيعة المتعلمين وخصائصهم، والاطلاع على نظريات التعلم بصفة خاصة.

       عموما يجب أن يراعى في وضع المناهج بعض المبادئ حتى يتحقق جو من الصحة النفسية داخل المدرسة، وتشمل ما يلي:

      - ينبغي عند وضع المنهج ألا يكون عبارة عن مقتطفات صغيرة من عدد كبير من المواد دراسية لأن هذا النوع من المناهج يهتم بالجانب المعرفي دون الاهتمام بمواقف الحياة الطبيعية، فلا يستفيد منه التلاميذ في حل مشكلات الواقع.

      - أقرب المناهج انسجاما لسيكولوجية التلميذ هو منهج النشاط.

      - يجب أن تتوفر المرونة في طرق التدريس.

      - يجب ألا يقتصر المنهج على الخبرات المدرسية داخل جدران المدرسة بل ينبغي أن تتضمن المناهج أمورا تخرج التلاميذ إلى البيئة.

      - يجب أن تكون هناك مواد للثقافة الصحية الجسمية والنفسية.

       ي- طرق التدريس:

      إذا كانت المناهج الدراسية تتطور أساسا على ما تفرضه التغيرات العالمية المتسارعة، فمن الضروري أيضا توفير طرائق تعلم وتعليم تناسب محتويات المعرفة البشرية المتجددة، الأمر الذي يفرض –وخاصة في ظل السياق الثقافي العلمي التكنولوجي وتحدياته- توظيف الوسائط التكنولوجية في التعليم، كالاستعانة ببرامج المواد التعليمية المعدة بالكمبيوتر، أو من خلال وسائط الفيديو وشاشة التلفزيون فيما يعرف بالتعليم عن بعد في قاعات الفيديو Conference video.

      إلى جانب هذا يتوقف نجاح العملية التربوية على كثير من العوامل، حيث يؤكد التربويون على أن المعلم هو المفتاح الرئيسي فيها. فهو أقرب إلى المتعلمين والأقدر على تحويل المفاهيم التربوية والمقررات الدراسية إلى واقع معاش داخل القاعات الدراسية.

      وتعد مشاركة المتعلم بشكل نشط في عملية التعلم من الأمور التي نادى بها العديد من المفكرين الذين أكدوا على أهمية بذل المتعلم جهدا خلال قيامه بأنشطة التعلم. كما أن هناك عددا من الأدلة التي تؤكد على أن تعلم المتعلمين يحدث بصورة أفضل كلما أتيحت لهم فرص متزايدة للبحث والاكتشاف وبناء المعنى بأنفسهم. وعليه برزت استراتيجيات التعلم النشط كمصطلح تربوي حديث، ركز عليه المربون بدرجة كبيرة و أصبح محور اهتمام و أحد الاتجاهات التربوية الحديثة، لما لها من دور كبير في نجاعة العملية التعليمية التعلمية حيث تسمح هذه الاستراتيجيات للتلميذ بتوجيه تفكيره وعملياته الذهنية وإشراكه في عملية التعلم كعنصر فعال، بعد ما كان يعتبر مجرد عقل لحشو المعلومات، وهذا ما يتماشى والمقاربات الحديثة في التعليم .

      -       مفهوم التعلم النشط:

      هو عملية تربوية أين يشارك الطلاب في مستويات تفكير أعلى مثل التحليل والتركيب والتقييم، وذلك بخلاف النظرية التقليدية القائمة على أن المعلم يقوم بنقل المعلومات إلى المتعلم.

      ويعرف حسب بونويل (Bonwel (1999 بأنه: "مجموع الأنشطة التعليمية التي يشارك الطلاب فيها من خلال القيام بأعمال والتفكير فيما يفعلونه". وفي هذا السياق يؤكد بونويل على أن الإطار الذي يشجع الطلاب على الانخراط في التعلم النشط يجب أن يتضمن مهام التفكير العليا مثل حل المشكلات التحليل والتركيب والتقييم.

      فالتعلم النشط يتيح للمتعلم أن يكون منتجا للمعرفة ومساهما في الوصول إلى أهداف الدرس لا متلقيا سلبيا لها. حيث يسمح باستثارة ذهن المتعلم وبتعبير آخر استثارة العمليات المعرفية للمتعلم باستخدام عدة وسائل سمعية وبصرية وغيرها، وبالتالي يكون طرفا فعالا في العملية التعليمية.

      إضافة إلى ذلك فقد ذهب العديد من التربويين المخضرمين، إلى أن التنويع في عرض الدروس يدل على احترام اختلاف أساليب التعلم عند المتعلمين ويزيد التشجيع والدافعية في الصف، كما يفتح المجال للجميع على اختلاف ميولهم، على أن يجدوا أنفسهم في مواقف ناجحة تدفعهم إلى المضي قدما في دروسهم.

      حيث أن حجرة الدرس في العادة تحوي شخصيات مختلفة من المتعلمين، يستخدمون أنواع ذكاء مختلفة (كالذكاء اللغوي، الذكاء البصري المكاني، الذكاء الاجتماعي..)، كما يتمتعون بفروق فردية في نواحي الانتباه والإدراك والاستيعاب وطريقة معالجة المعلومات.. الخ، فيجب على المعلم التنويع في استخدام استراتيجيات التعلم النشط، فأفضل وسائل التعلم هو التركيز على معظم أساليب التعليم.

      وفي التعلم النشط يجب أن يكون المتعلم هو:

      • محور العملية التعليمية.
      • فاعلاً في اكتساب المعلومات وليس مستقبلاً فحسب لها.
      • القائم علي ممارسة الأنشطة والمهام التعليمية.
      • المتأمل لسلوكه ومستواه ويطور أدائه في ضوء نتائج هذا التأمل.
      • المستمتع بالتعلم الذاتي والتعلم التعاوني.
      • المفكر الدائم في البحث عن المعارف، وحل المشكلات واتخاذ القرارات.
      • بناء للمعرفة ، يسعي لمزيد من التعلم واكتساب المهارات.

      -       تحديد خصائص المعلم وأدواره خطوة أساسية في التعلم الفعال:

      لقد اهتم التعلم النشط بالمعلم وخصائصه، وجعل له أدواراً بارزة يؤديها من أجل الحصول على نتائج ومخرجات إيجابية، ومن تلك الأدوار المهمة للمعلم في التعلم النشط:

      • تشجيع الطلاب ومساعدتهم على التعلم.
      • يحافظ على استمرارية الدافعية في عملية التعلم.
      • تدريب الطلاب على التعلم النشط مع طرح التمرينات عليهم.
      • يطور المنهج الدراسي ويشارك في بناء المعرفة.
      • يصغي للطلبة، ويعمل على إثارتهم والتفاوض معهم بشأن المعاني والأفكار المختلفة..
      • يقوم بدور المشخص والمعالج لمواطن ضعف الطلاب ويوفر لهم فرص اختيار الأنشطة التعليمية.
      • يختار الاستراتيجيات وأساليب التدريس الملائمة للتعلم النشط.
      • يشجع الطلاب ويحفزهم على التأمل في ممارستهم وأعمالهم، والتعبير عن ذلك بكلمات، والتحدث معهم حول ما يقومون به وكيف يفكرون.
      • يوفر المناخ الداعم، وتهيئة البيئة التعليمية الغنية وتزويدها بالخبرات المثيرة للتعلم النشط.
      • يعمل على زيادة دافعية الطالب للتعلم، ويجعله مكتشفاً وفعالاً في العملية التعليمية.
      • يضع الطالب دائماً في مواقف يشعر فيها بالتحدي والإثارة لما لذلك من أثر في عملية التعلم وإثارة اهتمامه ودوافعه وحفزه نحو التعلم.

      والمعلم حسب التوجهات الحديثة لم يعد العنصر الوحيد الذي يقع عليه الفعل التعليمي، بل أصبح كطرف مشارك في العملية التعليمية بحيث يتقاسم مع المتعلم مسئولية التعلم، كما أصبح يلعب دور الموجه أكثر من دور المحاضر والملقن. والجدول التالي يوضح الفروق بين التعليم التقليدي والتعليم النشط:

      جدول (01):  الفروق بين التعليم التقليدي والتعليم النشط:

      كما يبين الشكل التالي أهم استراتيجيات التعلم النشط:

      شكل (01): استراتيجيات التعلم النشط

      شكل (01): استراتيجيات التعلم النشط

      ل- تجانس التركيبة الاجتماعية للفصل:

      أي أن يكون طلاب الفصل الدراسي الواحد مجموعة متجانسة، متآلفة، متوافقة من حيث القدرات والاستعدادات والاهتمامات والميول، والعلاقات الاجتماعية التي تربطهم.

      وهذا الأمر يتوقف بالدرجة الأولى على القائمين على إدارة المدرسة من مدير ومدرسين وأخصائيين اجتماعيين ومرشدين نفسيين. فيجب أن تكون هناك معايير وأسس علمية تراعي عند توزيع الطلاب على الفصول ما بينهم من فروق فردية، بحيث يتحقق النمو المتكامل للطلاب جسميا وعقليا وانفعاليا واجتماعيا وبحيث يراعى أن تكون المناهج الدراسية وما يرتبط بها من أنشطة في مستوى قدرات الطالب.

    • - التصميم الهندسي/ استعمال وتنظيم الفضاء:

      إن البيئة المادية للمدرسة هي الجانب الفيزيائي/ المادي للمدرسة ويضم الموقع العام والأبنية من الصفوف وقاعات ومختبرات ومرافق صحية ومطاعم وتجهيزاتها وأدواتها والفضاءات (ساحات الانتشار والملاعب والحدائق). ويتركز الاهتمام في البيئة المادية بالمباني المدرسية وعلاقتها بسلوك الطالب والتأثير المتبادل بينهما، اذ تلعب البيئة المادية دورا كبيرا ومهماً في إحداث التعلم وتؤثر تأثيرا كبيرا في شعور الطلبة بالراحة أو عدمها من خلال عدد من العوامل من أهمها (الصوت، والإضاءة، والبناء، وطلاء الجدران، والتهوية، وسعة الصفوف، والمقاعد، والساحة.. الخ.

      وتوصل جيمب (1978) من خلال عملية حسابية إلى أن المتوسط الذي يقضيه الفرد في المدرسة حوالي 14000 ساعة من الحضانة إلى الصف الثاني عشر، ويستغرق الأشخاص الذين يذهبون إلى مراحل ما قبل المدرسة أو الجامعة وقتا أطول من ذلك، وبالتالي فإن الأفراد الصغار يقضون معظم ساعات يقظتهم في بيئات مدرسية، وبناء على ذلك فمن المهم بمكان أن تكون المدرسة مكانا سارا وفعالا وتيسر خبرات التعلم.

      والمبنى المدرسي الحديث أصبح يخضع لمقاييس ومعايير علمية عديدة تأخذ بالحسبان عمليات التصميم، البناء، اختيار الموقع والبيئة المحيطة به، السلامة الهندسية والإنشائية لمختلف فراغاتها المدرسية.

      يجب أن يتوافر في تصميم المدرسة اختيار الموقع الملائم والتكوين الجميل، والملاعب المناسبة وحجرات الدراسة الصحية عن حيث التهوية والإضاءة ووضع المقاعد.

      كما يجب أن تحافظ المدرسة على نظافة ميادينها وفصولها وصيانتها وأن تحرص على تجميل المدرسة اعتبارا من مدخلها وحتى الفصول ببعض الزهور والفرش النظيف، واللوحات الجميلة البسيطة، إن كل هذا يجعل من مظهر المدرسة، شيئا باعثا على السرور والبهجة ويعمل على تكوين اتجاه إيجابي محبب نحو المدرسة.

      - المعايير التصميمية للمبنى المدرسي:

       يخضع انجاز المدرسة الابتدائية لمتطلبات الخريطة المدرسية، ويجب أن تغطي مقاطعة جغرافية لتسجيل التلاميذ التابعين لها بهدف تحقيق توزيع متوازن على المرافق المدرسية، وأن تتوفر زيادة على المرافق البيداغوجية والإدارية والصحية والسكنات الإلزامية قاعة الإعلام الآلي، قاعة مطالعة، قاعة متعددة النشاطات، قاعة الأساتذة، فضاء للتربية البدنية والرياضية، مطعم مدرسي، وتخصيص فضاءات مهيئة لفائدة التلاميذ المعاقين حركيا.

       أما بالنسبة للمقاييس الخاصة بالهياكل فيتم فتح مدرسة ابتدائية باعتبار ثلاث أفواج تربوية من ثلاث مستويات مختلفة كحد أدنى مع مراعاة عدد التلاميذ في الفوج الواحد، واعتبار خمسين تلميذا على الأقل في المستوى الواحد أو المستويين مع احترام مقاييس تشكيل الفوج التربوي، والمحدد بـ 14 تلميذ كحد أدنى و40 تلميذ كحد أقصى في المناطق الريفية، و26 تلميذ كحد أدنى و40 تلميذ كحد أقصى في المناطق الحضرية.

      ويمكن تحديد أهم المعايير التصميمية الواجب توفرها في المبنى المدرسي، كما يلي:

      - المعايير العامة لاختيار الموقع:

      يطل موقع المدرسة على شارع واحد على الأقل.

      - أن يكون موقع المدرسة في مكان يسهل الوصول إليه.

      - يراعى عدم مرور الأطفال من والى المدارس عبر طرق خطرة وألا تزيد المسافة التي يقطعها الطفل عن 1 كم للمدارس الابتدائية و3 كم للمدارس المتوسطة و5 كم للمدارس الإعدادية.

      - يكون الموقع قرب الخدمات (الصحية، الترفيهية.. الخ) وان تكون المناظر المحيطة صحية.

      - يكون الموقع بعيدا مصادر الضوضاء وعن محطات البنزين والمصانع (ألا تقل المسافة عن 400 متر)، وألا يتقابل مباشرة مع خطوط السكك الحديدية أو الطرق السريعة، وطرق المواصلات الرئيسية تجنبا للضجيج وحوادث الدهس وعن المكاره الصحية ومصادر تلوث الماء والهواء ومستودعات المواد القابلة للاشتعال.

      - وتكون ضمن منطقة منظمة تنظيما سكنيا بهدف توفير الخدمات الرئيسية من مياه، كهرباء، هاتف، ومواصلات.

      - يكون الموقع مخدوم بشبكة صرف صحي وشبكة مياه شرب.

      - في حالة المنحدرات الجبلية يفضل وضع المدرسة في منتصف الجبل للحماية من الجليد بالأعلى والفيضانات بالأسفل.

      - حجم الموقع:

      - أن يكون حجم وموقع المدرسة كبيرا بحيث يتسع للأنشطة التربوية المختلفة التي تقوم بها المدرسة. والمعادلة التي يتم احتساب بها مساحة الموقع العام للمدرسة تكون كالتالي:

       مساحة الموقع العام= عدد الفصول للمرحلة التعليمية× كثافة الفصل× نصيب التلميذ.

      - أن تكون المدرسة واضحة المداخل وتطل على شارع واحد.

      - يفضل أن تميل المواقع إلى الشكل المربع، وأن تكون ذات زوايا قائمة وتقل درجة الأفضلية للمواقع ذات الزوايا الحادة، كما يجب ألا يقل الضلع العرضي للأرض عن 50م2 وذلك في المدن الصغيرة والقرى، وعن 70 م2 في المدن الكبيرة.

      - سور المدرسة: يجب ان يكون سور نظامي (يكون على ارتفاع 1.8 – 2 م.

      - اتجاه المبنى : يختلف توجيه البناء المدرسي باختلاف الموقع الجغرافي لكل بلد من بلدان العالم، وقد اقترح المهندسون اعتماد التوجيهات التالية :

      - يوجه البناء نحو الجنوب أو الجنوب الشرقي للبلدان الشمالية، ونحو الجنوب الشرقي للبلدان المعتدلة، ونحو الشمال للبلدان الحارة الواقعة على خط الاستواء.

      - يوجه بناء المدرسة طبقا لتعرضه للشمس واتجاه الرياح بحيث تدخل الشمس من جميع أركان المبنى مع الاستفادة من الرياح في تهوية المبنى وتلطيف درجة حرارته.

      نوع المبنى:

      أ‌-     المباني ذات الشرفات:

      تتوالى الصفوف على خط مستقيم وتطل الشرفات على ساحة المدرسة، وهذا الترتيب يسهل عملية التهوية وتزداد الإضاءة ويقلل من الضوضاء وتتصل أجزاء المبنى مع بعضها بشكل زوايا قائمة ويفضل أن لا يزيد المبنى عن طابقين.

      ب‌- الشكل المركزي:

      يكون شكل المدرسة عبارة عن مسكن متكون من ساحة وحولها الصفوف وبذلك يكون اتجاه الصفوف مختلف في تهويته وحرارته من صف لأخر وتتفاوت الإضاءة ويساعد على انتقال الضوضاء كما يساعد على انتقال العدوى لذلك يفضل ان تبنى المدرسة بنظام الشرفات

        - غرفة الدرس:

      • شكل غرفة الدرس ومساحتها: غرفة الدرس تكون مستطيلة تخصص مساحة لكل طالب تتراوح بين 1 – 1.5 م2، وتكون الأبعاد المناسبة للغرفة بـ 6 م إلى 8 م عرض، 8 م إلى 9.75 م طول، 4 م ارتفاع. أما عدد التلاميذ فلا يتجاوز 30 تلميذا.
      • الأثاث المدرسي:

      يأخذ الأثاث في المدارس الاهتمام الأكبر من قبل المصمم كون الأطفال كثيري الحركة والنشاط مما يجعلهم عرضة للكثير من حوادث الاصطدام، لذلك يجب أن تكون أركان وحواف الأثاث دائرية في قمتها وفي أطراف المقاعد مع تجنب الأطراف المعدنية الحادة، ويفضل الابتعاد عن المقاعد ذات الثلاث أرجل وفي حالة استعمال مقاعد لها مساند، فلا بد أن يكون لها أربعة أرجل حتى تكون متزنة إلى أقصى وحتى لا يتعرض التلاميذ للسقوط، مع مراعاة اختيار المواد المستعملة في طلاء الأثاث من أنواع غير سامة.

      ويشتمل الأثاث المدرسي على السبورة، المقاعد والأدراج، المصطبة، المكاتب ...الخ كما يجب مراعاة البساطة وقلة التكاليف مع المحافظة على الجودة والحاجات الحقيقية للتلاميذ والأساتذة وجميع العاملين.

      -       ويتضمن الأثاث، ما يلي

      أ‌-     السبورة: يجب أن تتوفر فيها عدة شروط:

      لون أسود داكن غير لماع، توضع في منتصف الحائط الأمامي ولا توضع جانبا. وأن يترك بينها وبين الصف الأول من مقاعد الدرس (1.5- 2 م) وأن يكون لها مجرى تترسب فيه ذرات الطباشير.

      ب‌- مقاعد الدراسة:

      يجب أن تهيئ مقاعد الدراسة طبقا للتكوين البدني وطبيعة النمو الجسمي للطلبة، بحيث يكون الجلوس على المقاعد بطريقة صحيحة وسليمة ويتم ذلك بمراعاة ما يلي:

       ارتفاع المقعد مناسبا لطول ساق الطالب بحيث إذا جلس عليه كانت قدماه مستقرة على الأرض وكان جسمه معتدل وظهره مستندا على المسند.

      أن يكون المقعد مقوس قليلا من الأمام إلى الخلف ليناسب تقوس فخذ الطالب، وأن يكون عرض المقعد مناسب.

      - أن تكون حافة المقعد مستديرة حتى لا تضغط على الأوعية الدموية والأعصاب فتؤثر على حيوية الساق والقدم .وأن يكون ارتفاع المسند مناسبا بحيث لا يبقى منحني الظهر وتصل حافته العليا في مستوى الطرف الأسفل العظمي للوح الكتف، وتكون حافة المقعد متداخلة تحت حافة الدرج حتى لا يضطر الطالب الانحناء عند القراءة أو الكتابة.

      - اعتماد ترتيب المقاعد على ان يكون اغلب الضوء على يسار الطالب، ويفصل بين كل صفين من المقاعد بممر بعرض نصف متر، ويترك بين الصف الأخير والحائط الخلفي 1 م.

      وإعطاء أولوية في المقاعد الأمامية لضعاف البصر وضعاف السمع، ويترك بين الصف الجانبي والحائط 4/3 متر.

      وقد وجد سومر وأولسن (1980) أن إزالة المواد الخشنة من الفصول (قاعات الدراسة) باستخدام الوسائد والإضاءة القابلة للتعديل، والفرش بالسجاد، تؤدي إلى زيادة المشاركة الفصلية.

      وذكر نيل (1982) أن الفرش بالسجاد في مدارس التمريض أدى بمفرده إلى مزيد من التفاعل بين التلميذ والمعلم مقارنة بالسطح ذي الملمس الخشن.

      - التهوية:

      تكون بطريقة اصطناعية باستعمال المراوح ومكيفات الهواء مع وضع الأسلاك المشبكة على النوافذ . وتتراوح مساحة النوافذ 4/1 - 6/1 من مساحة أرض الغرفة وينبغي أن تبعد مسافات النوافذ عن 1.22م عن الأرض. ودرجة حرارة الغرفة يجب أن تتراوح بين (19 - 24) درجة، إلى جانب وضع فتحات للتهوية بشكل منظم عند أعلى الجدار في كل حجرة.

      - الإضاءة: تتم الإضاءة بالطريقة الطبيعية باستخدام النوافذ او باستخدام المصابيح الكهربائية في الظلمة. وتكون النوافذ جانبيا (لا من الخلف ولا من الأمام) حتى لا تبهر عيونهم أو تسبب لمعان السبورة.

      كما يجب القيام بنظافة زجاج النوافذ والمصابيح.

      وهناك مناقشات كثيرة تركز على أهمية النوافذ في الفصول الدراسية خاصة في المدارس الابتدائية، وتثبت البحوث أن التلاميذ يفضلون بشدة الفصول ذات النوافذ، ولكن المعلمين يشعرون في بعض الأحيان أن الحجرات التي ليس بها نوافذ أكثر مرونة وأقل تشتيتا، ومع ذلك، لم يجد أي بحث من هذه البحوث أي فروق بين أداء التلاميذ الذين يجلسون في حجرات بنوافذ وأداء هؤلاء الجالسين في حجرات ليس بها نوافذ.

      - حجم الحجرات الدراسية والمدارس:

      من بين جوانب البيئة المدرسية المهمة بالنسبة للتصميم الفيزيقي للمبنى ولنوع التعليم الذي يتلقاه التلميذ حجم حجرة الدراسة التي يجلس فيها التلاميذ، ويعد الحجم الأمثل لحجرة الدراسة بالنسبة لعملية التعلم مشكلة قائمة في العديد من المدارس، وإحدى المشكلات الرئيسية لزيادة حجم حجرة الدراسة أنها تزيد عادة الكثافة المكانية والاجتماعية.

      من الواضح أن الكثافة المرتفعة تستثير سلوكيات غير توافقية في العديد من المواقف، ولا تعد حجرة الدارسة استثناء من هذه القاعدة.

       وجد روهي ونيوفير -على سبيل المثال- أن زيادة الكثافة المكانية في فصول ما قبل المدرسة أدت إلى تناقص السلوك التعاوني وزيادة العدوان.

       وزيادة حجم حجرة الدراسة لا يؤدي فقط لزيادة الكثافة ولكنه يؤدي أيضا إلى زيادة التنافس على المصادر الموجودة كالمقاعد، والمواد التعليمية، وانتباه المعلم.

       ومن أفضل التحليلات التي قدمت بخصوص أهمية حجم الفصل في المدارس الابتدائية ما قدمه جلاس وزملاؤه الذين خلصوا إلى أن الفصول الأصغر تؤدي إلى بيئات تعليمية أفضل بكل المقاييس، وتشمل اتجاهات المعلم والتلميذ، والتفاعل، وبيئة التلميذ الفعلية.

       والأكثر من هذا فهم يعتقدون أنه بمجرد وصول حجم الفصل إلى 20 أو 25 تلميذا، فإن أي إضافة أخرى تؤدي إلى فروق ضئيلة نسبيا، بمعنى آخر فإن إضافة خمسة تلاميذ لفصل سعته 15 تلميذا تؤدي إلى تغير أكبر في جو الفصل عن إضافة خمسة تلاميذ لفصل فيه 28 تلميذا.

      إن الحجم الأمثل لحجرة الدراسة تعد هذه المسألة مثيرة للمشاكل بخاصة في مستوى المدارس الثانوية، ومن أجل مناقشة متعمقة لهذه القضية الجدلية انظر المربع التالي.

      إلى أي مدى ستكون المدرسة الثانوية كبيرة؟

      تختلف المدارس الثانوية عن المدارس الإبتدائية في منظومة واسعة من الأنشطة اللاصفية وفي المواقف المؤدية لها، ومما لا شك فيه أن هذه النشاطات والمواقف تلعب دورا مهما في ارتقاء المهارات الاجتماعية والهوية النفسية للمراهقين.

      وفي ضوء أهمية خبرة المدرسة الثانوية، درس كثير من الباحثين المزايا النسبية لكل من المدارس الثانوية الكبيرة في مقابل المدارس الثانوية الصغيرة من منظور بيئي (ايكولوجي).

      ووجدت الدراسات أن المدرسة ذات الجمهور الصغير من التلاميذ تتطلب مسؤولية أكبر بالنسبة لكل تلميذ لكي يعمل بجد من أجل نجاح المدرسة، وبالتالي فإن التلاميذ في المدارس الثانوية الصغيرة من المحتمل أنهم يحتلون مراكز القيادة، ويتلقون الاعتراف على إنجازاتهم مقارنة بزملائهم في المدارس الثانوية الكبيرة، وهم يقرون بشكل متكرر بتنامي الرضا من جراء مواجهة التحديات، وكونهم جزءا من مجموعة منتجة، ويطورون شعورهم بالكفاءة، وهذه المسؤولية المضافة هامة بوجه خاص للتلاميذ المهمشين أكاديميا.

      وفي المدارس الصغيرة يستطيع التلاميذ معرفة معلميهم ورفاقهم بشكل جيد جدا، مما يثري عمق هذه العلاقات وربما يدعم الارتقاء الشخصي، كذلك فإن النقص في المجهولية يؤدي إلى سلوكيات منحرفة وإجرامية أقل.

      والآن نعود للسؤال الأصلي: ما التوسع الذي يعد كبيرا؟ تشير البحوث إلى أن حجم المدرسة الحرج (الخطير) يتراوح بين 500-700 تلميذ، وإذا حدثت زيادة بعد هذه العتبة فإن هذه الزيادة الإضافية سيكون لها أثر ضئيل.

       

      - بيئة الجلوس في حجرة الدراسة:

      إن الشكل التقليدي لحجرات الدراسة يتكون من صفوف وأعمدة من المقاعد التي تواجه المعلم وتكون السبورة في مقدمة الحجرة.

      إن العلاقة بين موضع الجلوس وأداء التلميذ كانت موضع اهتمام التربويين وعلماء النفس التربوي لعدة سنوات، وقد عرض نولز دراسة جريفث التقليدية المبكرة عام 1921 عن العلاقة بين درجات التلميذ (ترتيبه) وموضع الجلوس، وفي تلك الدراسة تم تعيين التلاميذ للمقاعد أبجديا، ثم سجل ترتيبهم (درجاتهم) بحرص عبر عدة فصول دراسية، واستطاع جريفث الحصول على حوالي 20000 (عشرين ألف) درجة (ترتيب)، وفحص بحرص ترتيب التلاميذ في علاقته بموضع جلوسهم، واكتشف وجود علاقة منحنية مميزة بين موضع التلميذ في الجلوس وترتيب درجاته.

      وقد مال التلاميذ الذين يجلسون في منتصف الفصل إلى الحصول على أعلى التقديرات (الدرجات)، ويبدأ بعد ذلك التناقص الثابت في الدرجات كلما ابتعد موضع الجلوس عن المنتصف، كما أن التلاميذ الذين يجلسون في مقدمة الفصل يحصلون على درجات أعلى من الذين يجلسون في مؤخرته.

      وقد برزت مشكلة في تفسير هذه الدراسات عندما سمح للتلاميذ باختيار أماكن الجلوس، وتشير دراسات تلاميذ المدارس الثانوية إلى أن التلاميذ لديهم إدراكات محددة للأجزاء المختلفة من حجرة الدراسة ويختارون المقاعد التي تتناسب مع أهدافهم ومع مواظبتهم، والمكانة الاجتماعية غير الرسمية داخل المجموعة.

      الجلوس في حجرة الدراسة والمشاركة الفصلية (الصفية)

      توضح البحوث أن المشاركة الفصلية (الصفية) تزداد باقتراب جلوس التلاميذ من المعلم وفي مقدمة الحجرة.

       

      لقد وجد ماك فرسون أن إحساس الفرد بأنه تحت سيطرة المعلم، وأنه معتمد عليه يرتبط بشدة بالجلوس في مقدمة الحجرة، وارتبطت مؤخرة الحجرة بحرية التفاعل مع الرفاق والتحرر من سيطرة المعلم، وبالتالي ليس من المستغرب أن كمية معينة من الاختيار الذاتي في الجلوس تحدث عندما يكون التلميذ حرا في الجلوس في المكان الذي يختاره:

      فالتلاميذ الذين يأخذون المقاعد قريبا من مقدمة الحجرة يميلون لأن يكونوا مرتفعي التحصيل، ومن الذين يستمتعون بوجودهم في الفصل مقارنة بأولئك البعيدين عن المعلم، ويقررون -بصفة عامة- أنهم يحبون المدرسة ويعملون بجد، كذلك فإن مرتفعي التحصيل يحصلون على درجات مرتفعة على مقاييس تقدير الذات.

       ويذكر بروكس وريبيتا (1991) أن جلوس الإناث في مقدمة الفصل أكثر احتمالا من جلوس الذكور، ومما لا شك فيه أن جانبا من العلاقة بين الأداء وموضع الجلوس يرجع إلى عملية الاختيار الذاتي، ففي الدراسات التي كان التلاميذ يعينون فيها على المقاعد، لم تظهر العلاقة دائما.

      وتشير البحوث إلى أن الاتجاه نحو المقررات والمشاركة الفصلية تتأثران بشدة بموضع الجلوس أكثر من تأثر الدرجات أو التقديرات:

      فالتلاميذ الأقرب إلى مقدمة ووسط الحجرة، أكثر تفاعلا -في العادة- مع المعلم، وأكثر انتباها للمهام الفصلية، ويبدو أن هذا الأمر صحيح منذ الفصول المبكرة في المدرسة الابتدائية (الأساسية) وحتى الجامعة، ومن الواضح أن المستويات المرتفعة من الاتصال بالعين مع المعلم، والبروز في الفصل بالجلوس قريبا من المقدمة يشجعان المشاركة إلى حد كبير.

      حجرات الدراسة التقليدية في مقابل المفتوحة:

      لعل أحد التغييرات التعليمية التي تنامت حديثا -في الغرب- كانت التحرك تجاه حجرات الدراسة المفتوحة، وهي عبارة عن مناطق واسعة من الفراغ المرن غير المقسم، وعلى الرغم من عدم وجود علاقة بين تصميم حجرة الدراسة والبرنامج الأكاديمي المنفذ بالضرورة فإن سومر يعتقد أن الطريقة التي يتبعها المعلم في تنظيم مساحة حجرة الدراسة تعكس فلسفته في التعليم.

      إن المنظور البيئي في دراسة المواقف السلوكية يركز بشدة على أهمية الملاءمة الجيدة بين الجوانب الفيزيقية، والنفسية/ الاجتماعية من الموقف، وهو المبدأ الذي يشار إليه باسم "التناغم"، وطبقا له فإن المواءمة الجيدة بين تصميم حجرة الدراسة وأسلوب التدريس سيكون حاسما لنجاح حجرات الدراسة المفتوحة، وقد وجد تروب وويس وفيشر أن المواءمة بين أسلوب التدريس وبيئة الفصل الدراسي مؤشر مهم لرضا المعلم عن بيئة الفصل الدراسي.

      والسؤال الآن ما الفروق المتوقعة بين المتعلمين في الفصول المفتوحة، والفصول التقليدية؟ عرضت واينشتاين وولفولك شرائح لأنواع مختلفة من حجرات الدراسة على طلاب جامعيين، وطلب منهم إصدار أحكام عن المعلمين والتلاميذ الذين سيستخدمون كل حجرة، وكان المعتقد أن المعلمين في الحجرات الدراسية المفتوحة سيكونون أكثر استجابة للتلاميذ وأكثر إبداعا عن المعلمين في حجرات الدراسة التقليدية. وعلى الرغم من ذلك فمن المثير للاهتمام أن عينة تبلغ 5/1 المقدرين في دراستهما لم يفرقوا بين الاثنين، وما دامت الفراغات الممتدة المفتوحة تشجع الحركة واللعب النشط (الإيجابي)، وما دام الأطفال ينبغي أن يتحركوا إلى مراكز مختلفة للنشاط في الحجرات المفتوحة فسوف تتوقع أن المعلمين ذوي الحاجة المرتفعة للنظام والسيطرة سيفضلون الحجرات الدراسية التقليدية عن الحجرات المفتوحة، وقد تأكد هذا على الأقل في دراسة واحدة.

      ولكن ما الفوائد التعليمية التي يمكن أن نتوقعها من نظام المدارس المفتوحة؟ هناك عدة أسباب تجعلنا نعتقد أن المرونة والحرية النسبية للحجرات الدراسية المفتوحة سوف تخفض الملل، وتزيد من اندماج التلميذ ودافعيته.

      وقد وجد زيفربلات أن الترتيبات التي تشجع المعلمين على الحركة في الحجرة أكثر من الجلوس في المقدمة تؤدي إلى أن يكون التلاميذ أكثر انتباها وأقل إثارة للضوضاء.

       وتؤدي المدارس المفتوحة إلى زيادة التفاعل بين المتعلمين وبناء على ذلك، هناك عدة إشارات بأن الفصول الدراسية المفتوحة سيكون لها مميزات تعليمية حقيقية.

      وللإحابة عن السؤال بشكل استنتاجي، قارنت عدة دراسات -مباشرة- المخرجات أو النتائج التعليمية لتصميمين من الحجرات الدراسية، ولسوء الحظ، فإن البحوث الميدانية من هذا النوع تتعثر بسبب تشابك آثار الموقف الفيزيقي مع البرنامج التعليمي، نتيجة لصعوبة فصل النوعين من التأثيرات، وتتعقد المشكلة أكثر بمدى التغير في المناحي التعليمية الجديدة التي تصاحب التغيير في بيئة حجرة الدارسة، وقد تم في كثير من الحالات تغيير المناهج المطورة في المدارس التقليدية ببساطة إلى الموقف الجديد.

      وجدت غالبية الدراسات أن التلاميذ الذين يجلسون حول المناضد يتفاعلون مع بعضهم البعض أكثر، ولكنهم يقضون وقتا أقل في التركيز على المهمة التي بين أيديهم، كما أن التلاميذ في الحجرات الدراسية المفتوحة يقضون وقتا أطول في الحركات غير الهادفة ويكونون مستعدين للمهام الجديدة، لكنهم يقضون وقتا فعليا أقل عند القيام بهذه المهام، وهناك اتفاق كبير على أن حجرات الدراسة المفتوحة أكثر ضوضاء وأكثر تشتيتا.

      وتؤكد وانيشتاين أن نوعية البيانات في العديد من هذه الدراسات موضع شك، لأن طريقة ضبط متغيرات مهمة أخرى مثل الخلفية الأسرية للتلميذ، وطبيعة البرنامج التعليمي لم يكن مناسبا تماما، وهي تعتقد أن سلوكيات التحصيل الفعلية لا تتأثر -إلى حد ما- بالبيئة الفيزيقية، ولكن السلوكيات غير التحصيلية مثل المواظبة، والمشاركة الفصلية، والرضا هي التي يحتمل أنها تتأثر بها.

       وإذا كانت معظم الدراسات التي قارنت التحصيل الأكاديمي الفعلي للأطفال في المدارس المفتوحة في مقابل المدارس التقليدية لم تجد فروقا رئيسية، فإن الدراسات التي وجدت فروقا في هذا الصدد تميل لأن تفضل المدارس التقليدية عن المدارس المفتوحة.

      ويحصل التلاميذ في المدارس التقليدية -عادة- على درجات أعلى من تلاميذ المدارس المفتوحة في اختبارات التحصيل على الرغم من أن السبب في ذلك غير واضح، وتبدو حجرات الدراسة المفتوحة غير مناسبة بالمرة للتلاميذ منخفضي القدرة أو منخفضي الدافعية أو بالنسبة للتلاميذ الذين لا يتعلمون بلغتهم الأصلية.

      ويعتقد موري على سبيل المثال أن مواقف السلوك ذات التحديد الجيد والحدود الواضحة سوف تيسر الانتباه، وتخفض التشويش في حجرة الدراسة، وقد اختبر فرضه في دراسة ميدانية في أربعة عشر مركزا من مراكز رعاية الأطفال التي تتفاوت في ضوء مدى تحديد الأماكن فيها، ووجد أن المواقف جيدة التحديد ارتبطت بالسلوكيات المدعمة ارتقائيا بشكل جوهري مثل الاستكشاف والتعاون والسلوك الذاتي لدى الطفل الذي يركز على نشاطات معينة.

       وفي دارسة ميدانية أخرى اهتم ريقلن وروزنبرج بالحجرات الدراسية المفتوحة في المدارس الأساسية (التمهيدية) العامة في اثنتين من المناطق الحضرية وجد ريقلن وروزنبرج أن النشاط والحركة تحدث بداية في قطاعات مفتاحية قليلة من الحجرة تاركة جزءا كبيرا من حجرة الدراسة غير مستخدمة، كما كان هناك أيضا كمية معتبرة من العمل الفردي مثل الكتابة، على الرغم من الهدف المقرر للمشروعات الجمعية، والتفاعل.

      وكان نقص الخصوصية أحد الشكاوي المتكررة من جانب كل من التلاميذ والمعلمين في دراسة ريقلن وروزنبرج، وعلى الرغم من أن التلاميذ عبروا عن حاجة قوية للفراغات الخاصة، فإن دراسات أخرى (مثل دراسة وانيشتاين) تشير إلى أن مثل هذه الفراغات نادرا ما تستخدم عندما تكون متاحة، وذلك لأنها ربما تولد الشعور بالعزلة، أو لأن هناك –في الواقع- حرية أقل للحركة عما هو ظاهر، إن نقص الخصوصية بالنسبة للمعلمين مشكلة أكثر خطورة ما دام المعلمون الذين يشتركون في النظام المفتوح قد يتجنبون دعوة ضيوف للحديث أو استخدام الآلات الموسيقية التي قد تصيب مجموعة أخرى في المنطقة بالتشتيت.

    •  -  الألوان:

      إن الألوان خاصية أساسية في الحياة، بل هو أحد الثوابت في الطبيعة وطاقة من طاقاتها.

      ويعتقد علماء النفس أن الألوان تؤثر في الإنسان بشكل مباشر خاصة على مستوى اللاشعور، واللون في البيئة التعليمية يؤثر على المتعلم ويبرمج أحاسيسه لا شعوريا، وقد لا تؤثر الألوان على حالاتنا المزاجية أو حالاتنا العقلية فقط بل تؤثر حتى في حالاتنا الجسمية.

      وقد درس عالم النفس الأمريكي (جيرارد) تأثيرات الألوان في فيزيولوجيا الجسم الإنساني، ووجد أن ضغط الدم ومعدل التنفس وسرعة رمش العين وأنماط الموجة الكهربية للمخ وما يماثلها من الاستجابات تتزايد عبر الزمن مع تزايد تعرضها للون الأحمر، وتتناقص عبر الزمن مع تزايد تعرضها للون الأزرق.

      فالألوان في البيئة التعليمية قد تكون مثيرة للاضطراب أو باعثة على السكينة، وهذا يدفعنا إلى عدم استغراب نفور بعض التلاميذ من المدارس، واكتئابهم أثناء الدرس وبعده.

      كما تبدو الألوان على قدر من الأهمية في تفعيل التركيز لدى المتعلمين أو إحداث التشتت.

      وكما يؤثر اللون سلبا فهو أيضا يمكن أن يكون علاجا، فقد أجرت جامعة هارفارد الأمريكية بحثا علميا مفاده أن لكل لون تأثيرا فعالا في شفاء بعض الأمراض:

      فاللون الأحمر ينظم اضطرابات الدورة الدموية، واللون الأخضر مزيل فعال للآلام كالصداع، واللون الأزرق مهدئ للآلام وتقلصات المعدة، أما اللون الأصفر فيعالج عسر الهضم، واللون البرتقالي ينظم ضربات القلب، وقد أظهرت دراسة حديثة أجريت حول الألوان أن بعض درجات اللون الوردي لها نفس مفعول المهدئات.

      وقد أثبت معهد اللون في شيكاغو أن اللون الأزرق والأخضر والأبيض يريح العضلات.

      وقد تبين مثلا حسب بعض الدراسات أن اللون عنصر مساعد لإبقاء العامل في حالته النفسية الطبيعية، نظرا لانهماكه المتواصل في تنفيذ عمله اليومي المرهق في أغلب الأحيان.. فقد لوحظ أن التلوين الزخرفي المتجانس يبعد عن الإنسان الوهن والقلق.

      وتشير نظرية اللون الى الآثار النفسية التي يسببها اللون على الجسم البشري، فاللون الأصفر يحفز إفراز الأدرينالين وهو لا يتناسب مع البيئة المدرسية، بينما اللون البرتقالي والأبيض أو الكريمي من الألوان الدافئة التي يفضل استخدامها في الحجرات الدراسية، لأنها تجعل التلاميذ أكثر يقظة وتزيد من نشاط الدماغ.

      وفي هذا الباب ذكر غانم الطويل مثلا أن مهندسي الطائرات اختاروا اللون الأخضر والأزرق لتقليل حوادث الدوار التي تحدث لركاب الطائرات بعد أن أدركوا أن اللونين الأصفر والرمادي يساعدان على حدوثه. وفيما يروى أن جسرا على نهر لندن ظل موضعا مرغوبا للمنتحرين، حتى أشار أحد المتخصصين باستبدال اللون الأسود بالأخضر، فقلت حالات الانتحار بصورة واضحة من على الجسر. 

      - الساحات الخارجية، الأفنية:

      يجب تخصيص ساحات خارجية للتلاميذ وأخرى للمركبات، وأن تكون الساحة معبدة ومستوية وغير محفورة وأرضيتها غير مثيرة للغبار، كما تخصص مساحة لا تقل عن 2م2 لكل تلميذ، أما المساحة المخصصة من ساحات الفسح والتسلية يجب ألا تقل عن 04-05 م2 لكل تلميذ.

      - صالة الألعاب الرياضية:

      تكون مساحتها كافية ولا تقل عن 120م ويلحق بها غرفة للتخزين، وتكون متصلة بالفناء ودورات المياه، إضافة إلى التهوية والإضاءة الطبيعية الجيدة، مع استخدام مادة مرنة وغير مزحلقة لتكسية الأرضيات لتفادي حدوث إصابات بين التلاميذ.

      ويحدث الكثير من التعلم غير الرسمي للمهارات الاجتماعية واللعب البناء في أفنية المدارس وملاعبها، حيث يقضي الأطفال الوقت غير المخصص للدراسة، وتشير دراسات عديدة (على سبيل المثال، دراسة بيكر، وموري وموري ويونج) إلى أن ما بين 2% إلى 42% من النشاطات اللاصفية (الخارجية) للأطفال تحدث في الملاعب العامة (الشعبية) بالإضافة إلى 9% في أفنية المدارس/

      والواقع أنه عند تطوير المدارس يتم إغفال الأفنية المدرسية عادة، وما يزال العديد منها كما أطلقت عليه السيدة ألن هرتود "ملاعب ساحة السجن" وتتكون من سطح خشن أو إسفلتي محاط بسياج دائري.

      وقد أكد باحثون آخرون العلاقة بين أسلوب اللعب وطبيعة فناء المدرسة، فالأطفال في الأفنية التقليدية بالمناطق الإسفلتية المسوّرة بسياج يميلون إلى لعب مباريات الكرة أو ألعاب أخرى متحررة من الأجهزة، ومما لا شك فيه أن هذا يرجع إلى النوعية المحددة والألفة اليومية بجهاز اللعب الموجودة في معظم أفنية المدارس.

      وتحتوي الملاعب غير الملحقة بالمدارس -غالبا- على فراغات أكثر، وبناء على ذلك تكون هناك مرونة أكبر في تصميماتها.

      وتشمل الملاعب التقليدية الآلات المألوفة غير المعقدة (البدائية) مثل المراجيح ومنحدرات التزحلق، وأقفاص القرود... أما الملاعب المعاصرة فتوفر آلات جديدة صممت كي تكون ممتعة وفعالة من الناحية الجمالية، وهي توفر -عادة- مواد للعب أكثر مرونة مثل أكوام الرمل، والرشاشات أو صنابير المياه، أما ملاعب المخاطرة (تسمى أحيانا ملاعب الخردة) فتمد الأطفال بآلات غير معهودة مثل الإطارات، وقطع الخشب المصقول، وتلال الطين، وأوعية الحفر، وحفر (فتحات) المياه، وفرش الرسم، وتكون هذه الملاعب -عادة- في مناطق غير مبنية كي تسمح للأطفال بأن يخططوا ويغيروا طبيعة الملعب كما يريدون.

      وعلى الرغم من أن هارت وشيهان (1986) وجدا أن النشاط الجسمى يكون أقل في الملعب المعاصر عنه في الملعب التقليدي، فإن براون وبيرجر (1984) يعتقدان أن الاختلاف بين الملاعب المعاصرة والملاعب التقليدية اختلاف غير حقيقي، كما تبين لهاوارد وزملائه (1974) فروقا رئيسية قليلة بينها في سلوك اللعب.

      إن ملعب المخاطرة مفيد في مساعدته للأطفال على تحديد أنفسهم بشكل أفضل ولأنه يسمح لهم بإبداع أكثر في اختيار نشاطاتهم، ويذكر سبيفاك (1969) أن الأطفال يحبون ملاعب المخاطرة بشكل كبير، لكن الراشدين يكرهونها لأنها أماكن غير جذابة، وغير منظمة ومليئة بالخردة.

      وإضافة ملامح طبيعية مثل الخضرة والماء ترفع تقويمات الأطفال للملعب بشكل كبير، والتي في الغالب تضاف لأغراض جمالية أكثر منها لأغراض اللعب.

       ويصف موري عدة مميزات لإدخال الطبيعة إلى الملعب بقوله: "إن المواد الطبيعية الحية، والمتغيرة دوما، والمجددة لنفسها لها قيمة مرتفعة جدا للعب، فهي تثير الخيال، وتصقل تناسق العضلات من خلال اللعب على الأجزاء الخضراء، والعصي، والوحل، وهي تشغل الأطفال في حل المشكلات عندما يبنون القصور من المواد الطبيعية، كما أنها تدعم الأنشطة التي تحتاج إلى عضلات أكثر من خلال ألعاب مثل "الاستغماية" التي تلعب بين خمائل الشجر والأعشاب، وتسلق الصخور والأشجار..

      وتؤثر المواقف الحية بقوة على حواس الأطفال البريئة، وتثير الإبداع لعالم من الخيال والبهجة الذي لا يعرف حدودا للعقل والروح.

      وقد وضع "موري" (1989) قائمة بعدد من التوصيات لتحسين الملاعب:

      فهي ينبغي أن تشمل مداخل ومخارج رسمية، وأماكن تجمع للتعارف (التلاقي)، وتبادل الأحاديث، ويمكن أن توفر الممرات الأولية طرقا واضحة لأماكن الخدمات مثل حجرات الاستراحة والممرات الثانوية (خلال الخضرة أصلا)، وتشجع الاستكشاف وإقامة المباريات.

      وينبغي أن تتوفر على عدة مناطق للعب، فالمناطق المفتوحة المسطحة تشجع مباريات الكرة وألعاب الجري الأخرى والتلال مفيدة للتسلق والتزحلق والدوران ومناطق اللعب بالرمال والماء ذات قيمة خاصة للأطفال الصغار، كذلك فإن العلامات الإرشادية التي تحدد الاتجاهات تعد مفيدة إذا تمت باستخدام رسومات بسيطة.

      - صالة الاجتماعات والعرض:

      تتكون من مسرح صغير، شاشة عرض كبيرة، غرفة لإسقاط الخلفية، وألا تقل مساحتها عن120م ، وألا يقل طول الضلع فيها عن 10م أما الحيز الذي يتخذه كل طالب لا يقل عن 0.60 م، ولا تقل سعتها عن 200 طالب.

      وأن تكون سهلة الاتصال بالمدخل الرئيسي وعلى اتصال بالحديقة، إضافة إلى الإضاءة الطبيعية والتهوية الجيدة مع طلاء الحوائط بألوان خفيفة هادئة.

      مبنى المكتبة المدرسية: وضعت جمعية المكتبات الأمريكية معايير محددة للمكتبة المدرسية والتي من خلالها يجب أن تستوعب غرفة المطالعة 10٪ من المجموع الكلي للتلاميذ، وأن توفر لكل تلميذ في هذه القاعة حوالي 2م2، ويتراوح عدد الكتب ما بين 6000 و10000 كتاب إذا كان عدد التلاميذ 250 تلميذا فأكثر. ويستحسن أن يكون موقعها في وسط المدرسة وبعيدة عن مصادر الضجيج كالحجرات الدراسية.

      ويعزو ميهرابيان حدوث الزيادة الجذرية في استخدام التلميذ لمكتبة المدرسة الابتدائية إلى إزالة بعض المناضد والكراسي واستبدالهما بسجاد خشن أو رقيق، (ماك وأندرو) ومجموعة من الوسائد والكراسي المناسبة.

      صالة الرسم والموسيقى: تكون بعيدة عن باقي العناصر لأنها تعتبر مصدر ضجيج عالي، وموجهة لأقصى استضاءة وتصل مساحتها إلى 100م2.

      غرفة المعلمين:

      يجب أن تكون قريبة من الحجرات الدراسية ومنفصلة جزئيا عن الإدارة وتحتوي على طاولات، مكاتب، مقاعد، دواليب لحفظ الأوراق وتجهيزات للمعلمين، ومناسبة في الاتساع فالمدرسة الابتدائية التي عدد تلاميذها 1350 تلميذ يجب أن تخصص غرفتان للمعلمين مساحة كل منها 68 م2.

      المطعم المدرسي:

      يجب أن يكون بعيدا عن المراحيض ومصادر التلوث، جيد الإنارة والتهوية وألا تقل مساحته عن 16م2، وأرضيته مبلطة بالسيراميك مع توفير مغسلة أو مجرى مربوط بالمجاري العامة للمدرسة.

      - المرافق الصحية في المدرسة:

      أ‌- الموارد المائية:

      يجب توفيرها بالقدر المناسب لأعداد الطلبة (1م3 لكل 50 طالب في المدرسة (، وأن تكون بعيدة عن مصادر التلوث. كما أن كمية المياه المتوقع استعمالها بناء على التوصيات الموجودة في دليل اليونيسيف والمنبثقة عن المنظمة العالمية للصحة OMS هي 05 لتر لكل شخص في اليوم للتلاميذ والمستخدمين، و20 لتر لكل شخص يوميا للشرب والنظافة للمؤسسات التربوية ذات النظام الداخلي.

      - والأصح أن يكون ماء الإسالة ويتطلب قياس نسبة الكلور الحر المتبقي في مياه الشرب. أما إذا لم يتوفر ماء الإسالة، فتؤخذ من مصدر خاص يكون بعيدا عن مياه القاذورات، وأن يتم ترسيب الماء من العوالق.

      ب‌- حنفيات المياه: المعيار حنفية واحدة لكل (50- 100) طالب.

      ج- خزان حفظ المياه في المدرسة: يجب ان يكون من مادة لا تصدأ كالألمنيوم والألياف الزجاجية وان يكون الغطاء محكم، ويتم متابعة تنظيفه دوريا، وتحتاج المدرسة الى 10 لتر للفرد الواحد يوميا.

      المراحيض وأحواض الغسيل:

      توصي المعايير الدولية بتوفير مرحاض واحد لكل 25 -30 تلميذا، ومغسلة لكل 50-100 تلميذ. ويجب توصيل المرافق بشبكة المجاري العمومية، وتقام المراحيض في أماكن مناسبة موزعة على مجموعات متفرقة دورة مياه، ويراعي فيها الشروط الحية التالية:

      إضاءة وتهوية ومنع دخول الذباب والحشرات بوضع أسلاك على الشباك، وتكون مطلية بالدهان الزيتي لسهولة التنظيف، مجهزة بماء الإسالة، مع توفير السيفون، وتوفير المطهرات والمنظفات، ومراعاة تنظيفها بشكل مستمر، ويكون حوض الغسل على ارتفاع مناسب وقريب من التواليت مع توفر الصابون الأفضل الصابون السائل.

      النفايات:

      تصريف النفايات يتطلب وجود حاوية لجمعها في كل حجرة وفي الممر و ساحة المدرسة مع وجود حاوية كبيرة لجمع النفايات، ويتم التخلص من النفايات يوميا بطمرها في مناطق بعيدة عن المدرسة والمساكن وعدم حرقها.

    • يولي علم النفس البيئي لبعض المؤثرات البيئية كالضوضاء، والحرارة، والتلوث والازدحام وغيرها، اهتماما خاصا في دراساتهم للعلاقة بين البيئة والسلوك.

      وفي ذلك سوف نعرض نماذجا من هذه المؤثرات ذات الدلالة بالنسبة للبيئة في عالمنا العربي وخاصة مع تعاظم ظاهرة التحضر.

      1- الضوضاء والسلوك:

      تمثل الضوضاء أحد المتغيرات الفريدة في البيئة الطبيعية لأن هذا المتغير البيئي الذي يؤثر في السلوك الإنساني هو من صنع الانسان ذاته وكنتاج لمدنيته وليس مصدره البيئة الطبيعية.

      إن التعريف البسيط والشائع للضوضاء هو أنها "صوت غير مرغوب".

      (مثال: قد تستمتع بصوت موسيقى كلاسيكية ولكن إذا تطرق إلى مسامعك هذا الصوت وأنت منكب على القراءة أو منهمك في عمل عقلى أو مهيأ للنوم، فإن هذا الصوت نفسه سوف يسبب لك ازعاجا وبالتالي يكون "صوتا غير مرغوب"، كذلك فإن الأصوات العالية التي تصدر عن آلات المصانع وغيرها تحدث الضوضاء، ولكن الفرد لا يحس بهذه الأصوات إلا إذا أدركها على أنها أصوات غير مرغوبة).

      هكذا، يتضمن مفهوم الضوضاء مكونا نفسيا هاما وهو اللامرغوبية "غير مرغوب" بالإضافة إلى المكون الفيزيائي، هذا المكون الفيزيائي ندركه بالأذن وبالعمليات العصبية العليا في الدماغ.

      ويعرفها شحاته (2000) بأنها: "تلك الأصوات غير المرغوب فيها نظرا لزيادة حدتها وشدتها وخروجها عن المألوف من الأصوات الطبيعية التي اعتاد على سماعها كل من الانسان والحيوان". وكذلك تم التطرق الى مصطلح التلوث الضوضائي ويمكن تعريفه كما ذكر شحاته أيضا بأنه: "الضوضاء التي إذا زادت عن حدها وشدتها وخرجت عن المألوف والطبيعي الى الحد الذي يسبب الأذى والضرر للإنسان والحيوان والنبات، وكل مكونات البيئة".

      كما يعرف التلوث السمعي أو التلوث الضوضائي بأنه:" جميع الأصوات التي تتجاوز في شدتها المستوى المقبول عند الإنسان وهو 60 ديسبل".

      وتختلف الضوضاء عن غيرها من ملوثات الهواء من عدة نواحي:

      • متعددة المصادر وتوجد في مكان ولا يمكن السيطرة عليها.
      • ينقطع أثرها بمجرد توقفها، فلا يبقى منها شيء حولنا.
      • تختلف عن عوامل التلوث الأخرى في أنها محلية إلى حد كبير بمعنى أننا لا نحس بها إلا بجوار مصدرها.

      يحدد "كرايتر" (1970) و"جلاس وسنجر" (1972) ثلاثة أبعاد رئيسية تؤثر في جعل الضوضاء كظاهرة بيئية مزعجة:

      - ارتفاع الصوت:

      فكلما ازداد حجم الصوت كلما أدى الى إعاقة الاتصال اللفظي، وإلى ازدياد الاستثارة والتوتر، وإلى تمركز الانتباه على الضوضاء ذاتها.

      - الضوضاء غير المتوقعة وغير المنتظمة:

      فعدم التوقع يؤدي إلى زيادة الاستثارة والشدة لأن الضوضاء غير المتوقعة يجري تقييمها على أنها جديدة وباعثة على التهديد، ولأنها تستحوذ على انتباه الفرد كي يفهمها ويقيمها فلا ينتبه للأنشطة الأخرى، وكذلك لأنه يصعب التكيف معها.

      -إدراك عدم القدرة على التحكم في الضوضاء:

      فنقص التحكم المدرك كأن تعوزنا وسائل التحكم في الضوضاء، يكون مهددا وباعثا على الضيق والازعاج.

      بجانب هذه العوامل الأكثر أهمية في تحديد تأثير الضوضاء على السلوك، تفترض بعض البحوث (بورسكي) عدة عوامل أخرى تزيد من الازعاج المصاحب للضوضاء، وذلك في الحالات التالية:

      - إذا كان الشخص يدرك الضوضاء على أنها غير ضرورية.

      - إدراك الأشخاص الذين يحدثون الضوضاء على أنهم غير مبالين بصالح الآخرين الذين يتعرضون للضوضاء.

      - كما أن الشخص الذي يسمع الضوضاء قد يعتقد أنها خطيرة بالنسبة للصحة. ويربطها بالخوف.

      - ويكون غير راض عن جوانب أخرى من بيئته.

      كخلاصة:

      العوامل التي يتوقف عليها ثاثير الضوضاء، هي:

      طول فترة التعرض للضجيج حيث يتناسب التاثير وشدة الخطورة طرديا مع طول فترة التعرض.

      الصوت المفاجئ هو اكثر تاثيرا من الضجيج المستمر.

      انتظام الضوضاء: الصوت المنتظم اكثرازعاجا وضيقا من الضوضاء غيرالمنتظم.

      شدة الصوت ودرجته حيث كلما اشتد الصوت كان تاثيره اكبر واحيانا يؤدي الى فقدان السمع الكلي .

      حدة الصوت فالأصوات الحادة اكثر تاثيرا من الاصوات الغليظة.

      موقع السامع من مصدر الصوت: فكلما قرب السامع من مصدر الصوت تاثر به بشكل اكثر.

      - التركيب العمري للمتعرض الى الضوضاء: فالاطفال أكثر تحملا.

      - مهنة الشخص وبيئته.

      2- تأثيرات الضوضاء:

      للتلوث الضوضائي عدة تأثيرات سلبية، ويمكن أن نحدد عدة جوانب للتأثيرات التي تحدثها الضوضاء في السلوك:

      أولا- التأثيرات الفسيولوجية: وتتضح في النواحي التالية:

      - فقدان السمع:

      ويحدث في حالة الارتفاع الشديد للصوت، كأن يصل إلى150 ديسبل، حيث يؤدي إلى تمزق في طبلة الأذن أو غيرها من أجزاء الأذن، أما إصابة السمع نتيجة للضوضاء الزائدة فتحدث عادة عند مستويات أقل من الضوضاء (90 إلى 120 ديسبل) بسبب الإصابة المؤقتة أو الدائمة للخلايا الشعرية الدقيقة في قوقعة الأذن الداخلية.

      وفي الواقع أن فقدان السمع الذي يؤثر في ملايين الناس، يمثل مشكلة خطيرة، فتقدر "وكالة حماية البيئة" على سبيل المثال أن ما يقرب من ثلاث مليون أمريكي يعانون من فقدان السمع بسبب الضوضاء.

      - الصحة البدنية:

      وهى تتأثر بازدياد الاستثارة والضغط الناتجين من التعرض للمستويات العالية من الضوضاء، ورغم أن بعض الدراسات (كوهين، جلاس، فيليبس) لم تتوصل إلى نتائج قاطعة بشأن العلاقة بين حدوث بعض الأمراض الجسمية وازدياد التعرض للضوضاء، إلا أنه من الواضح أن الضوضاء عامل مَرضي يؤدي إلى ازدياد النشاط الكهربي وانقباض الأوعية الدموية وارتفاع ضغط الدم وازدياد إفرازات الغدد وغير ذلك من التغيرات الفسيولوجية المرتبطة بردود الأفعال إزاء الضغط والشدة.

      ومع ذلك، فقد وجدت بعض الدراسات المسحية والارتباطية أن التعرض المتكرر للضوضاء يرتبط بتقارير عن أمراض شديدة (كدراسة كاميرون، روبرتسون، زاكس) وبازدياد استهلاك الحبوب المنومة وبالحاجة إلى التردد على الطبيب (دراسة جراندجين وآخرون)، لكن الدراسات في هذا الميدان ينقصها الكثير من الضبط للعوامل والمتغيرات العديدة المرتبطة بالظاهرة مثل ظروف السكن والدخل والتعليم.

      لذا جاءت نتائج الدراسات متناقضة أو غير محددة:

      مثلا: وجدت بعض الدراسات علاقة بين تعرض الأمهات الحاملات لضوضاء الطيران وازدياد نسبة وفيات أطفالهن (آندو، هاتوري)، كما أظهرت دراسات أخرى ارتباط تعرض العمال المشتغلين بالصناعة للضوضاء بظهور اضطرابات في القلب وبأمراض الحساسية والحنجرة وبالاضطرابات المعدية (كوهن، ‏جانسن).

      إلا أن ثمة دراسات (مثل فينكل، يوين، جلوريج) تقرر أنه لا يوجد ارتباط بين التعرض لضوضاء الصناعة والكثير من الاضطرابات الجسمية السالفة الذكر.

      هكذا، يصعب علينا الخروج بنتيجة عامة مفادها أن للضوضاء تأثيرا سلبيا مباشرا على الصحة الجسمية، ولكن يحتمل كثيرا أن هذا التأثير يحدث ارتباطا بعوامل ضاغطة أخرى (مثل الملوثات الصناعية، والتوتر في العمل، والضغوط الاقتصادية وغيرها) أو يزداد لدى أولئك الأشخاص الذين لديهم استعداد للإصابة باضطرابات فسيولوجية معينة (كوهن وآخرون).

      - الصحة العقلية:

      إذا كان التعرض للضوضاء المرتفعة يؤدي إلى زيادة النشاط الفسيولوجي المميز لحالات الضغط أو الشدة، وإذا كان الضغط أو الشدة عاملا سببيا للأمراض العقلية، فإننا نتوقع أن التعرض الزائد والمتكرر للضوضاء يرتبط بالأمراض العقلية كما يتضح من بعض الدراسات المسحية (كرايتر، كوهن وآخرون).

      وفي المجال الصناعي توضح دراسات عديدة (ستراكوف، كوهن، ميلر) أن التعرض للضوضاء الشديدة يرتبط بأعراض مرضية مثل كثرة الصداع والغثيان، وعدم الاستقرار والثرثرة، والقلق، والتقلب المزاجي أو الوجداني.

      وقد حاولت سلسلة من الدراسات أن تبحث العلاقة بين الضوضاء في المناطق المحيطة بالمطارات والصحة العقلية:

      فقد قارنت دراسة "آبي، ويكراما وآخرون" معدل التردد على المستشفيات والمصحات العقلية بين المناطق ذات الضوضاء المرتفعة والمنخفضة المحيطة بمطار "هيثرو" بلندن، أوضحت نتائج هذه الدراسة أن المعدل المرتفع من نزلاء المستشفيات والمصحات العقلية كان من بين سكان المناطق التي تعاني من ضوضاء زائدة نتيجة لقربها من المطار.

      وقد توصل "هريدج" إلى نتائج مماثلة تقريبا، وفي الواقع أن تفسير نتائج مثل هذه الدراسات ينبغي أن يؤخذ بحذر، لأن ثمة عوامل ومتغيرات أخرى ينبغي أن تؤخذ في الاعتبار في هذا الصدد.

      ثانيا- التأثيرات السلوكية:

      إن الضوضاء، التي يتراوح مداها بين 90 إلى 110 ديسبل، لا تؤثر في الأداء الخاص بالأعمال الحركية أو العقلية البسيطة في معظم الظروف، إلا أنه في نطاق هذا المدى، إذا كانت الضوضاء من النمط غير المتنبأ به (أي تتداخل في فترات غير منتظمة)، فإنها تتداخل مع الأداء في الأعمال التي تستلزم انتباها ويقظة، وتقلل من فاعلية الذاكرة، وإنجاز الأعمال المعقدة التي تستلزم من الفرد القيام بنوعين من النشاط في آن واحد.

       من ناحية أخرى، وجد "جلاس وسنجر"  أن إعاقة الأداء على هذا النحو كانت تقل لدى الأفراد الذين أدركوا أن في مقدورهم التحكم في الضوضاء (كأن يوقفوها إذا أرادوا ذلك).

      ويظهر من دراسات أخرى (برودبنت) أن الضوضاء المفاجئة والعالية والغير متنبأة تؤدي الى تشتيت انتباه الفرد وإلى وقوعه بالتالي في أخطاء إذا كان العمل يتطلب يقظة وتركيزا.

      ولكن تأثير الضوضاء على الأداء يتوقف إلى حد ما على تكوين الشخصية، كما يتبين من نتائج دراسات "أوبل وبريتون"  التي أوضحت أن الأشخاص الذين يعاق أداؤهم بالضوضاء كانوا يعانون من ازدياد القلق.

      ولا تنطوي الضوضاء فحسب على تأثيرات مباشرة وفورية على الأداء ولكن أيضا على تأثيرات لاحقة وبعيدة المدى، كما تكشف دراسات "جلاس، سنجر فريدمان وشيرود وآخرون، في هذه الدراسات طلبوا من المفحوصين أداء أعمال بعد 25 دقيقة من التعرض لضوضاء ذات 108 ديسبل بعض هذه الأعمال عبارة عن ألغاز غير قابلة للحل تعتبر مؤشرا لتحمل الإحباط وللمثابرة، والآخر قراءة "بروفة تصحيح (تجربة مسرحية قبل عرضها على الجمهور) " لبعض النصوص وهو عمل يستلزم يقظة وتركيز انتباه عاليين. ويتضح من النتائج أن نسبة تتراوح مابين النصف إلى الثلث فقط من المفحوصين، مقارنة بغيرهم من المجموعة الضابطة التي لم تتعرض لضوضاء، قد أظهروا قدرة على تحمل الإحباط، ومن ناحية أخرى كانت نسبة الأخطاء التي وقعوا فيها كبيرة بما يدل على تشتت انتباههم.

      للضوضاء كذلك تأثيرات سلبية على العمل والإنتاج، فمن المشكلات الحادة المترتبة على وجود خلفية من الضوضاء في مواقع العمل والإنتاج والتجارة هو تداخلها مع العمليات الاتصالية وإعاقتها للسلوك الاتصالي. (نيميكيك، جراندجين، ماكينزي)

      وقد اتضح أنه حينما كانت هذه الخلفية الضوضائية عبارة عن محادثة فإنها تعوق الأداء أكثر من الضوضاء التي لا يتم إدراكها على أنها محادثة، ومن الواضح أننا نحاول أن نسمع المحادثة الخلفية كاتصال لذا فإننا نركز قدرا كبيرا من انتباهنا عليها، الأمر الذي قد يعوق الأعمال أو الأنشطة التي نقوم بها.

       وتكشف بعض البحوث (آكتون) عما يعرف بظاهرة "التكيف الاتصالي للخلفية الضوضائية"، التي تبدو في مقدرتنا على تعلم الاتصال بفاعلية في حالة وجود أنماط كثيرة من الخلفية الضوضائية.

      فالمستويات المقبولة من الخلفية الضوضائية تتراوح ما بين 55 إلى 70 ديسبل، والكثير من المصممين البيئيين يستخدمون هذه المعايير في هندسة البيئة.

       وقد ظهر من دراسات "برودبنت وليتل" أن خفض الضوضاء يؤدي إلى زيادة الإنتاجية عند العمال.

      وقد أدى الاهتمام بتأثير الضوضاء على الكفاية الانتاجية والحالة المعنوية والصحية للعاملين بالكثير من الهيئات الحكومية والصناعية إلى التخطيط لتخفيف عوامل الضوضاء في مواقع العمل والإنتاج، ومن بين هذه الاجراءات:

      استخدام السجاد السميك، ومواد عازلة للصوت في بناء الأسقف والجدران، وكذلك تصميم الآلات بطريقة تخفف من ضوضائها أو اصطناع أساليب مكيانيكية لامتصاص ضوضاء الآلات، وغير ذلك من الإجراءات.

      3- مقياس التلوث الضوضائي (السمعي):

      هو مقدار ما يتحمله الإنسان من ضوضاء، ويقاس معدل الضوضاء بوحدة تسمى الديسيبل أو الهرتز، ويشار لها بالحرفين اللاتينيين  dB وكل ديسيبل واحد يمثل عتبة يمكن سماعها بالأذن البشرية. يمكن للأذن البشرية أن تتحمل الاستماع إلى ضجيج يساوي 91 ديسيبل لمدة ساعتين، والاستماع إلى ضجيج يساوي 100 ديسيبل لمدة 15 دقيقة، وإلى ضجيج يساوي 112 ديسيبل لمدة دقيقة واحدة؛ أما الضجيج الذي يزيد على 140 ديسيبل، فلا يمكن للبشر تحمل الاستماع إليه، وقد يؤدي ذلك إلى تلف عصبي فوري لديهم.

       وطبقا لمنظمة الصحة العالمية WHO يعادل مستوى التكلم الطبيعي لدى الإنسان 60 ديسيبل مثلا، ومستوى الضوضاء المسموح في البيئات المدرسية ينبغي أن لا يتعدى 35 ديسيبل داخل الصف في أثناء التدريس وأن لا يتجاوز مستواها من المصادر الخارجية 55 ديسيبل في أثناء فرصة الاستراحة في ساحة المدرسة. أما إذا تجاوز التعرض للضوضاء بمستوى85  ديسيبل لأكثر من ست ساعات في اليوم الواحد، فمن المحتمل أن تسبب خطرا على الصحة.

      معدل الضوضاء المقرر عالمیاً ھو كالتالي :

      من 25 -40 مقبولة في المناطق السكنیة.

       من 30 -60 مقبولة في المناطق التجاریة.

      من 40 -60 مقبولة في المناطق الصناعیة.

      من 30 -40 مقبولة في المناطق التعلیمیة.

      من 20 -35 مقبولة في المستشفیات.

      4- الضوضاء في الوسط المدرسي:

      يمكن حصر مصادر الضوضاء في البيئة التعليمية، على النحو التالي:

      - مصادر موجودة داخل غرفة الصف:

      من مصادر الضوضاء داخل غرفة الصف والتي يمكن ملاحظتها ما يلي: حركة واهتزاز الأثاث داخل الصف، الصحف والأوراق المعلقة بالحائط، ألعاب الحاسوب، كلام الطلاب داخل الفصل بشكل غير منظم..

      - مصادر موجودة داخل المدرسة :

      هناك مصادر ضوضاء يمكن حدوثها داخل غرفة الصف، فإن هناك بعض مصادر الضوضاء خارج غرفة الصف. فمن مصادر الضوضاء داخل المدرسة ما يلي :

      قاعات الدروس المجاورة، الممرات المزدحمة بالأصوات، مناطق الازدحام مثل المطعم أو الصالات الرياضية، وأجهزة التكييف.

      عدد التلاميذ:

      يرتبط هذا العامل حسب هيجي وآخرون (1996) بشكل أساسي بمساحة القسم الذي يتواجد فيه التلميذ، أي أن توفير مساحة مناسبة لعدد التلاميذ المتواجدين في القسم يساهم وبشكل فعال في التخفيض من مستوى الضوضاء بشرط أخذ تصميم البناء الهندسي المدرسي بالاعتبار.

      الفئة العمرية للتلاميذ:

      بينت دراسة وورلد وآخرون (1999) أن معدل مستوى الضوضاء للفئات العمرية (6- 8) سنوات أعلى من مستويات الضوضاء الصادرة من الفئات العمرية المتقدمة في السن والتي تكون بين (11- 12) سنة.

      خبرة المعلمين:

      بينت دراسة دوكرل وآخرون (2002) أن الخبرة الكافية في مجال التعليم، تساهم في تخفيض مستويات الضوضاء الصادرة عن التلاميذ المتواجدين في الأقسام الدراسة.

      - مصادر ضوضاء خارج المدرسة:

      إن موقع المدرسة من أهم الأمور التي لابد من أخذها بعين الاعتبار عند التفكير في بناء مدرسة. فمن الأفضل وجود المدرسة في مكان هادئ بعيد عن مصادر الضوضاء. وبينت دراسة هانز وآخرون (2000) أن موقع المدرسة المتواجد بالقرب من الطرقات والسكك الحديدية والمطارات يعتبر السبب الرئيسي في ارتفاع مستويات الضوضاء في المدارس.

        ويمكن تلخيص مصادر الضوضاء خارج المدرسة، فيما يلي:

      أصوات الطائرات، أصوات السيارات أو حركة مرور السير المزدحمة، أصوات متعلقة بأجهزة ومعدات البناء والمصانع.

      ويسهم تصميم البناء الهندسي للمدرسة في التخفيض في مستوى الضوضاء، من خلال توفير المعالجات الصوتية التي تساهم في التخفيض من الضوضاء، كاستعمال الجدران العازلة للصوت والتي تمنع دخولها إلى الأقسام الدراسية، بالإضافة إلى اختيار الموقع المناسب لفتحات النوافذ والأبواب.

      -        تأثيرات الضوضاء في الوسط المدرسي:

      وتؤثر الضوضاء بشكل كبير على إعاقة التحصيل الدراسي والنمو التعليمي للتلاميذ، حيث يؤثر مستوى الضوضاء على:

      - تؤثر الضوضاء على المستوى الفيزيولوجي حيث تسبب للمتعلمين اضطرابات النوم، واضطراب ضغط الدم والكورتيزول.

      - تؤدي الضوضاء إلى ظهور فرط النشاط والإجهاد، كما تتأثر كل من الذاكرة والانتباه. 

      - بما أن الضوضاء تسبب مشكلات في السمع، وبالتالي تزداد المشكلات التعليمية واضطرابات التعليم وصعوباته.

      - عدد ونوعية ومحتوى الاتصالات اللفظية، كما يسبب مشكلات في اللغة المكتوبة أو الملفوظة، وكذا التأخير في اكتساب اللغة وثراء المفردات المستخدمة.

      - عدم القدرة على التركيز وبالتالي عدم الانتباه للفرد الآخر، وعدم القدرة للاستماع لشروحات الدرس، كما تسبب عدم القدرة على القراءة والحساب.

      - تأثر الحالة المزاجية للمتعلم.

      - الرغبة في الابتعاد عن مصدر الضوضاء واختيار الأماكن الهادئة وقد يكون أحد أسباب التسرب الدراسي.

      - الدراسات التي أجريت حول تأثيرات الضوضاء على المتعلمين:

      (01): قام "كوهن سنجر، جلاس" بدراسة على أطفال يعيشون مع أسرهم في بعض المباني العالية الواقعة في طرق رئيسية بمدينة نيويورك، حيث تزداد الضوضاء نتيجة لحركة المرور في الأدوار المنخفضة وتقل في الأدوار العليا، وقد اتضح من هذه الدراسة أن الأطفال في الأدوار المنخفضة يعانون أكثر من صعوبات السمع والقراءة، وكذلك من عدم وصولهم إلى مستويات متقدمة في الدراسة.

      (02): في دراسة (برونزافت، ماكارثي) قارنوا مهارات القراءة لدى التلاميذ بين جهتين في المدرسة -جهة بجوار إحدى طرق السكك الحديدية والأخرى أكثر هدوءا لبعدها عن هذا الطريق، وقد تبين أن التلاميذ الذين يتعرضون للضوضاء أثناء العملية التعليمية تقل مهاراتهم في القراءة وينخفض مستوى تحصيلهم الدراسي بصفة عامة.

      (03): تمثل الضوضاء عاملا مؤثرا في انتشار ظاهرة العدوان، في ذلك تتنبأ نظريات عديدة في تفسير العدوان (بركوفيتز، وباندورا) أنه في الظروف التي يكون فيها العدوان سلوكا مسيطرا في الدرج الهرمي السلوكي، فإن زيادة مستوى الاستثارة عند الفرد سوف يؤدي أيضا إلى زيادة شدة السلوك العدواني، أي أنه بقدر ما تؤدي الضوضاء إلى زيادة الاستثارة، فإنها أيضا تؤدي إلى زيادة العدوان بين الأفراد الذين لديهم استعداد بالفعل للعدوان.

       (04): تؤثر الضوضاء في تناقص التفاعل الاجتماعي القائم على السلوك التعاوني، فالضوضاء الباعثة على الضيق وعدم الارتياح تجعلنا أقل ميلا إلى تقديم العون إلى الأشخاص الذين يحتاجون الى مساعدة، ففي المواقف التي تستلزم من شخص معاونة للآخر أو مساعدته على حل مشكلة ماء، كانت هذه الظاهرة الاجتماعية (تقديم العون للآخرين وتعضيدهم) تتناقص كلما ازدادت الضوضاء المصاحبة لهذه المواقف. حسب دراسة (ماثيوس، كانون، بيج) فالضوضاء لا تجعل المفحوصين ينتبهون إلى الأمارات أو العلامات الدالة على حاجة شخص أو أشخاص إلى العون.

      والخلاصة أن الضوضاء قد تؤدي إلى زيادة الاستثارة والضغط والشدة، وتضييق الانتباه، وتقييد السلوك، هذا الأثر السلبي للضوضاء يتوقف على حجم الضوضاء ومقدرة الفرد على التنبؤ بها، وإدراكه لإمكانية التحكم فيها، وإذا تضافرت عوامل أخرى بجانب الضوضاء مثل درجة تعقيد العمل أو المهمة وخصائص شخصية الفرد وغير ذلك من العوامل، كان للضوضاء آثارا معطلة أو محبطة لفاعلية سلوك الفرد.

    • -     التلوث البيئي (تلوث الهواء/ الماء/ التربة):

      يعتبر التلوث مشكلة عالمية وذلك لترابط النظمة البيئية والدورات الطبيعية مع بعضها البعض. وللتلوث أنواع كثيرة منها تلوث الماء والهواء والتربة والغذاء، هذا بالإضافة الى التلوث الضوضائي والشعاعي.

      ومنذ مائتي عام كان من الممكن مضت أن تتم ملاحظة التلوث والتعامل معه على نطاق ضيق. أما الآن فان مصنعا يبعد مئات الكيلومترات بمقدوره أن يلوث منظومة بيئية متكاملة من خلال مركبات يصعب تتبعها، كما أن آثارها تستمر عقودا طويلة.

       فعلى سبيل المثال نجد أن الصناعة الألمانية تلوث الدول السكندنافية (الدنمارك، النرويج، السويد)، والأمطار الحمضية في كاليفورنيا تعمل على حرق الأشجار المورقة وتدمير الأسطح البلاستيكية والمطاطية وقتل الأسماك في إنجلترا.

      1-مفهـوم التلـوث البيئـي pollution :

      اختلــف علمــاء البيئــة والمنــاخ في التوصــل إلى تعريــف دقيــق ومحــددا للمفهــوم العلمــي للتلــوث البيئــي، وأيــا كــان التعريــف فــان المفهــوم العلمـي للتلـوث مـرتبط بالدرجـة الأولى بالنظـام الإيكولـوجي، حيـث إن كفـاءة هـذا النظـام تقـل بدرجـة كبـيرة وتـصاب بـشكل تـام عنـد حــدوث تغــير في الحركــة التوافقيــة بــين العناصــر المختلفــة، فــالتغير الكمي أو النوعي الذي يطرأ على تركيب عناصر هذا النظام يـؤدي بـه إلى الخلـل، ومـن هنـا نجـد أن التلـوث البيئـي يعمـل علـى إضـافة عنصر غير موجود في النظام البيئي، أو انـه يزيـد أو يقلـل مـن وجـود أحـد عناصـره بـشكل يـؤدي إلى عـدم اسـتطاعة النظـام البيئـي علـى قبول هذا الأمر الذي يؤدي إلى إحداث خلل في هذا النظام.

      وقـــد تعـــددت مفاهيم التلـــوث البيئـــي، كما يلي:

      هو مصطلح يعنى بكافـة الطـرق الـتي يتـسبب النـشاط البـشري في إلحــاق الــضرر بالبيئــة الطبيعيــة، والتلــوث قــد يكــون مرئيا كالنفايات، أو بصورة دخان اسود ينبعث مـن أحـد المـصانع، وقد يكون غير مرئي ومن غير رائحـة أو طعـم.

      كما يعرف بأنه: "الحالة القائمة في البيئة والناتجـة عـن التغـيرات المـستحدثة فيهـا والـتي تـسبب للإنـسان الإزعـاج أو الأمـراض أو الوفـاة بطريقـة مباشـــرة أو عـــن طريـــق الإخـــلال بالأنظمـــة البيئيـــة وتعـــرف مـسببات التلـوث بالملوثـات، وتعـرف الملوثـات بأنهـا المــواد أو الميكروبات التي تلحق الضرر بالإنسان".

      ويشمل المفهوم الحديث للتلوث:" كل مـا يـؤثر علـى جميـع العناصـر الحيوية بما فيها من نبات وحيوان وإنسان، وكذلك ما يؤثر في تركيـــب العناصــــر الطبيعيـــة غــــير الحيــــة مثـــل الهــــواء والتربــــة والبحـيرات والبحــار".

      ولقد صار تلوث الهواء أحد المشكلات البيئية الخطيرة، وخاصة في العقدين الأخيرين، ونعلم الآن جيدا أن غازات عادم السيارات، والجسيمات المتطايرة من نفايات المصانع، وازدحام المناطق السكانية وغيرها تنطوي على تأثيرات خطيرة على الصحة، وفي مقدمة هذه الملوثات: أول أكسيد الكربون، ثاني أكسيد الكبريت، ثاني أكسيد النتروجين، المواد الدقيقة، الهيدر كاربونات، والملوثات الكيميائية الضوئية (تتكون من الأوزون "غاز سام" ومن مكونات كيميائية مشعة تكونت بفعل تأثير ضوء الشمس على أكسيد النيتروجين والكربوهيدرات وخصوصا ما ينبعث من عوادم السيارات) المتكونة من أثر الضوء والحرارة في إحداث التغيرات الكيمائية.

      ورغم ازدياد "الوعي البيئي" بهذا الشكل الخطير من أشكال التلوث ومحاولة التقليل من حدته، إلا أن الهواء بشكل خاص لايزال عرضة لمزيد من التلوث واستفحاله.

      ونعتمد في إدراك تلوث الهواء على حاسة الشم وعلى إمكانية الرؤية، هذا الإدراك لتلوث الهواء غير كاف لأن الكثير من التلوثات الخطيرة للهواء لا يتم تكشفها على هذا النحو، فأول أكسيد الكربون، مثلا، بلا رائحة وبلا لون.

      وبما أننا لا يتأتى لنا في الغالب إدراك الأنواع الخطيرة من التلوث بواسطة رائحتها أو رؤيتها، إذن كيف نستطيع إدراك وجود التلوث؟

      رغم توفر أجهزة الكشف الكيميائي للتلوث، إلا أن ثمة طرقا أبسط يمكن لأي شخص أن يستخدمها لاستنتاج وجود التلوث، يؤكد خبراء التلوث أن ازدحام السيارات دليل رئيسي لاستنتاج التلوث، حيث أن ما يزيد على 50% من أسباب تلوث المدن يرجع إلى ظاهرة ازدحام السيارات (هاميل وآخرون).

      ومن الدلائل الأخرى لاستنتاج تلوث الهواء: عدم نزول الأمطار (فالمطر ينظف الهواء)، وكثرة المباني العالية (التي تعوق حركة الهواء وتجدده)، وكثرة إشارات المرور، واختناق حركة السيارات (فالتوقف أو التباطؤ ثم الإسراع بحركة السيارات يؤدي إلى ازدياد عادم السيارات، في حين أن السيارات التى تتحرك بسرعة منتظمة لا تفعل مثل هذه الآثار في افساد الهواء في البيئة) (هاميل).

      كذلك فإن تدخين السجائر يحمل آثاره الضارة على صحة المدخنين، وعلى الأشخاص غير المدخنين الذين يستنشقون الهواء الملوث بالتدخين وخاصة في الأماكن المغلقة، حيث يعانون تقريبا من نفس هذه الآثار المرضية، فدخان السجائر يحتوي على كميات كبيرة من أول أكسيد الكربون والفومالديهايد (غاز عديم اللون نافذ الرائحة) وبعض المكونات الضاة الاخرى.

       ولقد أوضحت دراسات كثيرة، منها على سبيل المثال دراسة "ليكويت، لانديس، ميركي" عن أثر بيئة التدخين على صحة الأطفال في سن المدرسة الابتدائية، أن الأشخاص غير المدخنين الذين يستنشقون دخان السجائر المتطاير في بيئتهم يعانون بأعراض مرضية كثيرة مثل ازدياد معدل ضربات القلب وارتفاع ضغط الدم، واضطراب التنفس.

      وبالإضافة إلى ذلك، قد يؤثر التدخين في العلاقات الاجتماعية بين الأشخاص. فلقد اتضح من دراسة "بليدا وساندمان" أن الأشخاص غير المدخنين يقيمون الأشخاص المدخنين تقييما سلبيا، فالاستجابات الاجتماعية والعاطفية نحو المدخنين تتسم بالتباعد الاجتماعي وبالفتور العاطفي.

      عموما فإن ملوثات البيئة الهوائية عديدة ومتتوعة، وهي ما أسماها "ريتشارد دول 1992 باسم "التلوث الكامل".

      ويقول إن الفائدة التي عادت علينا من هذا أقل بكثير من الأضرار التي لحقت بالهواء ولوثته، والتي تؤدي إلى انقلاب درجات الحرارة الناتجة عن الضباب والدخان الصادر من الملوثات، هذا الضباب إذا زادت حدته يؤدي إلى الوفاة.

      إن الهواء الملوث يؤثر فى الناس مباشرة من خلال تدميره للبيئة فعلى سبيل المثال يزيد الهواء الملوث من تاكل المعادن وتدمير المحاصيل الزراعية والخضروات.

      هذا وللهواء الملوث آثار على الصحة، فقد وجد ارتباط بين التلوث والإصابة بالالتهاب الشعبي وسرطان المعدة والرئتين وأمراض القلب ومعدلات وفيات الأطفال الصغار وغير ذلك.

      2-  أشكال التلوث:

      يُقسم التلوث لعدة أنواع، كما يلي:

      حسب نوع المادة التي تسبب التلوث، ومنها:

        *التلوث الكيميائي:

      التلوث الكيميائي هو التلوث بالمواد الكيميائية المصنّعة من قِبَل الإنسان أو الناتجة عن مخلفات المصانع كمصانع مواد التنظيف وزيوت السيارات أو الملوثات التي تَنتج كمخلفات جانبية لعملية الصناعة، وهذه المواد تُلقَى في المجاري المائية أو تنتشر في الهواء مما يسبب تلوثًا بيئيًا، وهذا النوع من التلوث ذو آثار شديدة الخطر على البيئة والكائنات، فقد ظهرت آثار هذا النوع من التلوث بوضوح في النصف الثاني من القرن العشرين.

       وقد تصل آثار التلوث الكيميائي إلى الغذاء عن طريق استخدام المواد الحافظة والألوان والصباغ والمنكّهات والروائح الصناعية المُستخدمة في الأغذية وقد أثبتت الدراسات أن كل هذه المواد تسبب الأورام السرطانية الخبيثة.

      ومن أكثر المواد الملوثة للبيئة التي تضر بصحة الإنسان الرَّصاص وكبريت الهيدروجين ومركبات الزئبق والكادميوم والزرنيخ ومركبات السيانيد والمبيدات الحشرية والأسمدة الكيماوية والنفط.

      *التلوث الإشعاعي:

      وهو تسرب المواد المشعّة إلى الماء والهواء والتربة ويُعدُّ من أخطر أنواع التلوث البيئي بسبب عدم إمكانية رؤيته أو شمه أو الإحساس به، حيث تنتقل الإشعاعات وتتسلل بسهولة إلى الكائنات الحية في كل مكان دون ترك آثار عند انتشارها، ولكن عند وصول المواد المشعة إلى خلايا أجسام الكائنات تُحدث أضراراً ظاهرة وباطنة قد تودي بحياة الناس، ومصادر التلوث الإشعاعي طبيعية كالأشعة الصادرة من الفضاء الخارجي والغازات المشعّة المتصاعدة من قشرة الأرض أو صناعية كمحطات الطاقة النووية والمفاعلات الذرية والنظائر المشعة المستخدمة في الصناعة أو الزراعة أو الطب أو غيرها.

      *التلوث البيولوجي:

      يُعدُّ هذا التلوث من أقدم أنواع التلوث الذي عرفه الإنسان، وينشأ نتيجة وجود بكتيريا وفطريات وغيرها في الماء أو الهواء أو التربة. تختلط هذه الكائنات بالطعام الذي يأكله الإنسان أو الماء الذي يشربه أو الهواء الذي يستنشقه مما يؤدي إلى الإصابة بالأمراض.

      ويحدث التلوث البيولوجي عند تصريف مياه الصرف الصحي دون معالجتها كيميائيًا في موارد المياه العذبة أو بسبب انتشار القمامة المنزلية في الشوارع دون مراعاة القواعد الصحية في جمعها ونقلها والتخلص منها بطريقة علمية، أو بسبب ترك الحيوانات النافقة في العراء أو إلقائها في موارد المياه أو عدم إتباع طرق صحية في حفظ الأطعمة وتصنيعها مما يعرضها للتلوث.

      *التلوث الصوتي:

      تتسبب الضوضاء بأضرار نفسية وعصبية وفيزيولوجية كإحداث الضرر بالقدرة على السمع والتسبب باضطرابات نفسية في صورة قلق وارتباك أو حدوث اضطرابات فيزيولوجية نتيجة الحالة النفسية مثل آلام الرأس، وتسبب تناقص بقدرة الإنسان الإنتاجية فالضوضاء تسبب حوالي 50% من الأخطاء الميكانيكية مما يعادل 20% من الحوادث المهنية.

      *التلوث الحراري:

      يُقصد بالتلوث الحراري التغير في درجة حرارة المسطحات المائية الطبيعية نتيجة النشاط البشري.

      *التلوث الجوي:

      يُعدُّ تلوث الهواء خطرًا على صحة الإنسان، وبحسب الدراسات البيئية فإن أغلب سكان المدن في الدول النامية معرضون لمستويات غير صحية من ثاني أكسيد الكربون حيث يعد الكربون الأسود من الملوثات الخطرة التي أصبحت منتشرة في الهواء بشكل كبير في الآونة الأخيرة.

      حسب مصادر التلوث: يوجد مصدرين للتلوث، وهما:

      *التلوث الطبيعي:

      هو تلوث لا دخل للإنسان فيه بل سببته ظواهر طبيعية تحدث من وقت لآخر كالبراكين والصواعق والعواصف التي قد تحمل معها كميات هائلة من الرمال والأتربة وتتلف المزروعات والمحاصيل، ومن الصعب مراقبة هذا التلوث أو التنبؤ به والسيطرة عليه.

      *التلوث الصناعي:

      يحدث هذا التلوث نتيجة لأنشطة البشر الصناعية والخدماتية والترفيهية وغيرها، ثم أن استخدام التقنية بشكل زائد فاقم حدوث هذا التلوث، إذ تُعدُّ الصناعات التقنية السبب الرئيسي للتلوث في عصرنا الحاضر وباتت تهدد حياة الكائنات على وجه الأرض.

      وأهم مصادر التلوث الصناعي المخلفات الصناعية والتجارية وما تنفثه عوادم السيارات ومداخن المصانع التي تخلف مركبات الكلور والفلور والكربون السامة.

      وتنقسم الملوثات الصناعية إلى ملوثات صلبة ناجمة عن بعض الصناعات كالأتربة الناتجة عن صناعة الأَسمنت، وملوثات سائلة كمحاليل المواد الكيماوية التي تُلقى في المجاري المائية، وملوثات غازية كالغازات والأدخنة الضارة المتصاعدة من مداخن المصانع التي تكرر النفط.

      حسب البيئة التي يحدث فيها التلوث:

      *تلوث الهواء:

      تُعدُّ أغلب ملوثات الهواء غازية وتشمل أول أكسيد الكربون وثاني أكسيد الكبريت وأكسيد النيتروجين التي تنتج من الدخَان المتصاعد من عوادم السيارات ومداخن المصانع بالإضافة إلى بعض الشوائب وأبخرة الفلزات الثقيلة كالرصاص حيث تبقى هذه الأدخنة معلقة في الجو لعدة أيام على شكل ضباب دخاني، وآثار هذا التلوث لا تظهر على الإنسان بشكل مباشر لكنها تؤدي على المدى البعيد إلى اضطراب في الجهاز التنفسي والكثير من الأمراض.

      ثم إن التلوث الهوائي يتسبب في الأيام الماطرة بالأمطار الحمضية وهي ظاهرة ألحقت الأضرار الكثيرة بالثروة الزراعية والحيوانية والسمكية.

      وسائل مكافحة تلوث الهواء

      • استخدام وقود يسبب أقل ضرر للبيئة كالغاز الطبيعي.
      • تركيب مرشحات لأدخنة المداخن وعوادم السيارات.
      • استخدام طاقة الشمس وهي طاقة نظيفة لا ينتح عنها ملوثات.
      • إنشاء المصانع والمعامل خارج المدن مع أخذ الاحتياطات للتقليل قدر الإمكان من كَمّيَّة الملوثات.

      *تلوث التربة:

      وينتج من المخلفات والنفايات والمواد الكيميائية التي تُلقى في التربة فتتغير خصائصها الطبيعية والحيوية وتتغير تركيبتها بشكل يجعلها تؤثر سلبًا على من يعيش فوق سطحها من إنسان وحيوان ونبات، ومن أهم مسببات تلوث التربة المعادن الثقيلة، كما وقد تتلوث التربة نتيجة سقوط الأمطار الحمضية عليها أو نتيجة سقوط الغبار الذري الناتج عن التفجيرات النووية التي أحدثها الإنسان.

      وقد تتلوث التربة أيضًا بالمبيدات الزراعية وهذا ينعكس بشكل سلبي على غذاء الكائنات الحية.

      - وسائل مكافحة تلوث التربة

      • إنشاء المصانع والمعامل بعيدًا عن الأراضي الزراعية ومعالجة مخلفاتها قبل تصريفها.
      • التقليل من استخدام المبيدات والأسمدة الزراعية قدر الإمكان.

      *تلوث الماء:

      يُعدُّ الماء عصب الحياة لأغلب الكائنات الحية، وتمثل المياه العذبة 3% من الحجم الكلّي لمياه الأرض وهذه النسبة بالرغم من ضآلتها فهي تواجه خطر التلوث نتيجة رمي المخلفات الآدمية واختلاط الصرف الصحي بالمياه العذبة. وتلوث الماء هو تغيُّر طبيعته وخصائصه الكيميائية والفيزيائية فيصبح غير صالح للاستخدام وخطر على البيئة والكائنات الحية، ويوجد ثلاث أنواع لتلوث المياه:

      • تلوث طبيعي وهو الذي يُغيّر خصائص الماء الطبيعية فيجعله غير صالح،
      • وتلوث كيميائي نتيجة وجود مواد سامة كيميائية مثل الرَّصاص،
      • والتلوث البكتيري نتيجة وجود ميكروبات في الماء تُسبب المرض.

      - وسائل مكافحة تلوث الماء:

      • معالجة المخلفات الناتجة عن النشاط البشري والصناعي قبل تصريفها في موارد المياه.
      • معالجة مياه المجاري ومياه مخلفات المصانع لإعادة استخدامها.
      • إجراء فحوص دورية لعينات من المياه الصالحة للاستخدام للتأكد من عدم تلوثها وأخذ الإجراءات اللازمة لمعالجة التلوث إن وجد.

      3-   بعض مظاهر التلوث:

      1/ ثاني أكسيد الكربون: خطورته على الإنسان أشد بكثير من آثار خطورته على الكائنات الأخرى، وقد كشفت الدراسات عن أن هذا الملوث الغازي يصيب رئتي الإنسان وأجزاء أخرى من جهازه التنفسي إلى جانب ما يسهم به من انتشار أمراض العيون والأمراض الجلدية التي تتميز بأنها مزمنة وغير قابلة للعلاج.

      2/ أول أكسيد الكربون: هو الملوث الهوائي الوحيد الذي ينفرد الإنسان بصنعه وهو يتكون من الأكسدة غير الكاملة للوقود، خصوصا في محركات السيارات وعلى الرغم من أن نسبته تقل عن ثاني أكسيد الكربون إلا أنه يتصف بسميته الشديدة، فهو يكون مع الدم مركب صلبا يقلل من كفاءة الدم في نقل الأكسجين، وعندما تزيد كميته قليلا يتسبب في إنسداد الأوعية الدموية محدثا الوفاة.

      3/ دخان السجائر: في دراسة لاوبورن وجد أن هناك علاقة بين دخان السيجارة وبين انخفاض الأداء على أحد اختبارات القدرات المعرفية الإدراكية.

      كما يتسبب التدخين في فقدان الشهية والتعرض للإصابة بالقرحة وانخفاض قدرة الرئتين على تبادل الغازات مع الدم.

      - بعض الملوثات الأخرى:

      هناك العديد من الملوثات الضارة جدا والمهلكة لصحة الإنسان قبل الحيوان من هذه الملوثات:

      التلوث الإشعاعي - تلوث الغذاء - التلوث الحراري، وهذه الملوثات لها آثار بدنية ووراثية، ولها تأثيرات خلوية بالإضافة إلى الآثار السلوكية.

      وبالإضافة لأنواع التلوث السابقة هناك أنواع أخرى من الملوثات نذكرها فيما يلي:

      الالمونيوم - الزرنيخ - الرصاص - المنجنيز - الزئبق - النيكل - الثاليوم – القصدير - الكاديوم – البرون.

      تلك الملوثات والسموم لها آثار صحية نجملها فيما يلي:

      فقدان حاسة الشم – فقدان الشهية – الهياج والاضطرابات العنيفة –الاكتئاب – الدوار (الدوحة) – التعب والكسل – الصداع – الارق – الهياج العصبي البالغ – التأخر العقلي – الشلل – النعاس – الارتجاف أو الرعشة – الاضطرابات البصرية.

      4-  التأثيرات المترتبة على ظاهرة تلوث الهواء:

      لقد صارت هذه التأثيرات موضع اهتمام الباحثين في الميادين المختلفة، كما يتضح مما يلي:

      أولا: التأثيرات الصحية:

      وهي ذات دلالات خطيرة في هذا العصر، فقد تبين أن ازدياد معدل الوفيات في المناطق الحضرية يرجع إلى ازدياد الملوثات البيئية، ومثال ذلك: كارثة ديسمبر1952 في لندن، حيث توفي ما يقرب من 3500 شخص بسبب تزايد مستويات ثاني أكسيد الكبريت في الهواء (جولد سميث).

      ويعتبر أول أكسيد الكربون أكثر الملوثات شيوعا وأكثرها خطرا على الصحة فهو يحول بين أنسجة الجسم (بما فيها أنسجة المخ والقلب) وبين استقبال الأكسجين الملائم، وقد يؤدي استمرار التعرض لهذا الملوث إلى مشكلات صحية حادة، مثل إصابات السمع والبصر، والشلل الرعاشي والصرع، والصداع والتعب واضطرابات الذاكرة، بل وازدياد الأعراض الدالة على التأخر العقلي والمرض العقلي (شولتي، جارلاند، بيرس، روز وروز). ومن المحتمل أن يكون كبار السن والمرضى هم أكثر ضحايا تلوث الهواء.

      وقد توصل الأطباء إلى تحديد مايعرف ب "زملة تلوث الهواء" التي تتضح في أعراض معينة مثل:

      الصداع والتعب، والأرق، وسرعة الاستثارة، والاكتئاب، والتهاب العينين، وآلام الظهر، والاضطرابات المعدية، واضطرابات التفكير والأحكام (لافرني، هارت) ويعتقد كثير من الاخصائيين أن نسبة تتراوح بين 50% إلى 90% من الإصابة بالسرطان تعزى إلى التلوث -تلوث الهواء والماء والغذاء. والواقع أن ما يترتب عن التلوث من أضرار صحية أكثر وأخطر مما هو معروف لدينا.

      ثانيا- التأثيرات السلوكية:

      يقوم قدر كبير من الدراسات في هذا الصدد على دراسة تأثير أول أكسيد الكربون، الذي ينتج من عدم الاحتراق الكامل لبعض المواد التي تحوي الكربون (كاحتراق الخشب، الفحم، البنزين..)، ولقد وجدوا أن تركز هذا الملوث بنسبة تتراوح بين 25 إلى 125 جزءا لكل مليون من هذه النواتج الكيميائية يظهر خاصة في فترات ازدحام حركة مرور السيارات.

       في إحدى الدراسات (بيردوفرتهايم) جرى تعريض المفحوصين (متطوعين) لتركيز أول أكسيد الكربون بنسبة تتراوح بين 50 إلى 250 جزءا في الجو لفترات مختلفة من الوقت، وسألوهم أن يأتوا بأحكام يميزوا فيها بين فترات الوقت المختلفة، ولقد وجدا أن التعريض لمدة تسعين دقيقة لتركز الكربون بنسبة 50% جزءا في الجو يؤدي إلى الاخلال بأداء المفحوصين في إدراك الوقت، وكلما ازدادت نسبة تركز أول أكسيد الكربون يزداد معدل الاخلال بأداء الأفراد.

       وحينما استخدم الباحثان الفئران في تجاربهما، وجدا أن احدى عشرة دقيقة من التعرض لتركيز أول أكسيد الكربون بنسبة 100 جزءا في الجو يؤدي إلى إعاقة التعلم عند هذه الحيوانات في موقف للتعلم الشرطي الإجرائي.

      وقد أوضحت دراسات "برايساشر" أن ملوثات الهواء، بما فيها أول أكسيد الكربون تؤثر بشكل ضار في بعض جوانب السلوك الإنساني، وبخاصة زمن الرجع والمهارة اليدوية والانتباه.

      لذا يفترض أن تلوث الهواء المرتبط بحركة المرور وكثرة الاختناقات في شوارع وأماكن مزدحمة بالسيارات، قد يؤدي إلى إعاقة القدرة على القيادة بما قد يؤدي إلى زيادة معدل حوادث السيارات.

      يتضح ذلك خاصة من نتائج دراسة "لويس، بادلي، بنهام، لوفيت" عن "التلوث الناتج من حركة المرور، والكفاية العقلية"، في هذه الدراسة تعرض المفحوصون لنوعين من الهواء: هواء نقيا، وهواء ملوثا في موقع فوق منطقة مزدحمة يبلغ معدل المرور فيها بحوالي 830 سيارة في الساعة، وقد تبين أن أداء المفحوصين الذين استنشقوا الهواء الملوث قد أخفق في ثلاثة أنشطة من أربعة أنشطة عقلية تستلزم تشغيلا للمعلومات، هذه النتائج تؤيدها أيضا دراسات "هورفاث»، دامز، أوهانلون"، ومؤداها أن أول أكسيد الكربون ينطوي على آثار ضارة بمستوى فاعلية الأداء الإنساني، وقد أوضحت دراسات "روتون وآخرون" أن تعرض المفحوصين للروائح الكريهة (مركب الايثيل) يؤدي إلى زيادة ظاهرة العدوان بينهم.

      والخلاصة أن تلوث الهواء ينطوي على آثار ضارة وخطيرة بالنسبة لفاعلية السلوك الانساني فهو قد يعجل ببعض العلل الجسمية أو يسبب حدوث أمراض جسمية حادة، ويمثل أول أكسيد الكربون الناتج من عادم السيارات الخاصة، أكثر ملوثات الهواء شيوعا وخطورة.