Aperçu des sections

  • المحاضرة الاولى :مدخل إلى الثّقافة العربية

    تنبيه:كل محاضرة قدمت للطلبة حضوريا لكنها حجبت على مستوى المنصة لن تكون مادة للامتحان.

     

    الإجابة المقترحة

    اختبار السّداسي الأول في مقياس :مصادر اللغة والأدب والنّقد  (الأستاذة  سعدون زكية

    مراعاة سلامة اللغة وحسن السّبك وتجنب الأخطاء المعرفية

     

    س 01 ) : كان لاكتمال صورة الخطّ العربي الأثر الكبير في ازدهار التّدوين القائم على الاختراع والتّأسيس و التّثبيت ثمّ التّقعيد والتّسنين .حلّل هذا القول مستدلا بأمثلة .

    قبل التّدوين : الحديث عن أسباب نقص التّدوين مع الاهتمام بالرواية الشّفوية للأخبار و الأنساب و الاشعار و الأيّام ................................1.5

     

     

    من أسباب ازدهار التدوين : أولا :اكتمال صورة الخطّ العربي الذي مرّ بمراحل : نقط الإعراب ............نقط الإعجام ..............................1.5ن

     

    ثانيا : تطوّر الفكر العربي الإسلامي خاصة في العهد العباسي الأول  ، انتشار علم الكلام ، تطوّر علوم اللغة و الشّريعة ،اهتمام الخلفاء ، وجود بيت الحكمة ، التّرجمة ، الطب ، الرياضيات ، الفلك .......أصبح كلّ علم وفن قائما على قواعد ومناهج محددة  كثُرت الاختراعات و الاكتشفات كلّ هذا احتاج توثيقا وتدوينا ............... 02 ن.

     

    توالت العصور...تفرّعت العلوم ..كثرت المصنّفات في شتّى العلوم ...مثل :إعجاز القرآن للرماني ،البخلاء للجاحظ ،المختصر للخوارزمي ، المعاجم المختلفة  كالعين للخليل الفراهيدي ، سنن النسائي............ز  02ن

     

     

    س02) متى يصبح" الشّاهد اللّغوي " في الاحتجاج " مثالا " يُستأنس به ؟ أشرح مع التّمثيل

    تعريف الشّاهد: اللّغوي ........................................01ن

     

    مصادره : القرآن الكريم ، الحديث الشريف ، كلام العرب شعرا ونثرا .............01ن

    متى يصبح مثالا  يُستأنس به : إذا افتقد شرط من الشروط الصارمة التي وضعها علماء البصرة لضبط الشاهد خاصة الشاهد النّحوي  وهي .... الشرط المكاني  الجغرافي .......02ن

      الشّرط اللتّاريخي الّزماني  ......................................02ن  

     

     

    س03    يُـعدّ المعجم العربي – لسان العرب خاصة – موسوعة حضارية تعكس وجه الثّقافة ومركّباتها عبر عصور  ،كما تعكس  ثقافة جامعه وعبقريته في التّأليف و التّصنيف  .وضّح ذلك مركزا على بعض العلوم التي استعان بها صاحب المعجم لشرح مفرداته .    

     

    تعريف المعجم ............... 01ن

    تعريف الثّقافة ......................ز01ن

    يعكس المعجم طريقة تفكير جامعه وعبقريته في التّصنيف :مثلا ابن منظورلم  يُقص كتبا سابقة لعصره

    استفاد منها مثل : المحكم لابن سيده ،الصّحاح للجوهري اتبع خطوات منهجية واضحة في شرح مادته اللغوية  طريقة التبويب ، اختيار المقدمة ،الاهتمام بالستشهاد من القرآن والحديث وكلام العرب مع استحضار سلسلة الرواة  المقابلة بين لغات العرب ، الإشارة إلى غريب اللغة ....02ن

    كما يعكس المعجم وجه الثّقافة العربية  كلّ مفردة كانت معبرة عن مفهوم مرتبط بثقافة العرب منذ العصر الجاهلي حتى زمن تأليف المعجم من عادات وتقاليد و أعراف وسلوك وعلوم واداب وجمال وصناعة ....مثلا  شرح كلمة " ثقف ":في لسان العرب :ثقف الشيء حذ قه ..الثّقاف :الخشبة التي تسوى الرّماح بها إذن من خلال هذا الشرح المعجمي نتبيّن ملامح العصر وكيف كان أهله يستخدمون آلاتهم وأسلحتهم

    كلمة رواية : تقال للبعير الذي يسقى عليه الماء " إشارة إلى طريقة العيش ومشاقها

    كلمة عجمي .عجم : خلاف العرب  دليل على احتكاك العرب بغيرهم من الأقوام  " مثاقفة "

    المصدور : الذ ي يشتكي صدره  إشارة إلى معرفتهم الدّاء والدّواء ......03ن

    .

    ملخّص

          يهدف هذا المقياس من خلال محاوره إلى التعريف بالثقافة و أنواعها  ومصادر اكتسابها،

    كما يهتم بالثقافة العربية والإسلامية وعلاقتها بالرواية والتّدوين انطلاقا من رواية الأشعار وذكر الأخباروالأنساب حتّى رواية الحديث ومنهج العلماء في تدوينه .

    التركيز على الرواية والتّدوين لدى مدرستي البصرة و الكوفة.

    عرض أهم أمّهات الكتب في اللغة والأدب والنّقد مع الاهتمام بالمعاجم العربية  ومصادر غريب اللغة.

     

    الأستاذة   سعدون زكية    الرّتبة :أستاذ مساعد - أ –

    البريد الإلكتروني :gongasaad@yahoo.fr

    مقياس : مصادر اللغة والأدب والنّقد 2023م -2024 م

    الفئة المستهدفة :

    السنة الأولى ماستر       التّخصص : لسانيات عامة –لسانيات تطبيقية –

    مفردات المقياس :

    مدخل إلى الثّقافة العربية

    الرّواية

    عصر التّدوين

    حركة التّرجمة

    مصادر الأدب العربي

    أمّهات الكتب العربية

    مصادر اللّغة العربية

    من الجمع إلى التّدوين

    المعاجم العربية

    اللّغة العربية والاحتجاج

    مصادر غريب اللّغة

    مصادر النّقد العربي

    مصطلحات النّقد القديم

    خصائص النّقد العربي

                                 

    المحاضرة الأولى  

         مدخل إلى الثقافة العربية

     

    مصادر يستعان بها: الثقافة العربية لعباس محمود العقاد

                       الثقافة العربية بين الأصالة والمعاصرة لفرحان السّليم 

                      الثقافة العربية الإسلامية بين الأصالة والمعاصرة ليوسف القرضاوي

     مفهوم الثقافة :

            يقول ابن منظور في لسان العرب :ثقِفَ الشيءَ ثَقْفاً وثِقافاً وثُقُوفةً: حَذَقَه. ورجل ثَقْفٌ كضخم كما في الصّحاح  للجوهري .وثَقِفٌ وثَقُفٌ: حاذِقٌ فَهِم.

    والثقاف هي الخشبة التي تُسوَّى الرّماح بها .  تثقيف الرّمح يعني تسويته  و تشذيبه بآلة الثقاف. ومنه تثقيف الرّجل يعني تهذيب ذوقه وتأديب سلوكه.

    كما ورد في البيان والتبيين عند الجاحظ إن لفظ تثقيف له دلالة تتضمن التلقين المعرفي والتهذيب السلوكي معا.
    وقد أورد ابن قتيبة في عيون الأخبار بان عملية الثقافة تدل على تخليص الشيء وتنقيته من خبثه وكدورته، مثلما يُخلّص المعدن من الرّغام.
         يستنتج مما سبق أنّ العرب عرفوا المصطلح وما يدل عليه ، عكس ما يشاع من قبل بعض الباحيثين  القائلين إنه مصطلح حديث أخذ معناه من الكلمة اللاتينية Cultus  و التي تعني  في الأصل العبادة والولاء التبجيلي، ثم أخذت تُستعمل في الدلالة على زراعة التربة و استنباتها، ليتطور المفهوم في وقت لاحق ليدل على عملية  نمو العقل .

      الثقافة في علم الاجتماع :

           يرى علماء الاجتماع  أن الثقافة هي ذلك المركب الكلّي الذي يشتمل على المعرفة، والمعتقد، والفن، والأدب،  والأخلاق، والقانون، والعُرف، والقدرات، والعادات الأخرى التي يكتسبها الإنسان بوصفه عضوا في مجتمع.

       إنَّ أدق  تعريف اصطلاحيٍّ لكلمة ثقافة في اللُّغة العربيَّة  حديثا - حسب بعض النقاد - هو تعريف مالك بن نبيّ  الذي يراها أَنَّها "مجموعة من الصِّفات الخلقيَّة، والقيم الاجتماعيَّة الَّتي تؤثِّر في الفرد منذ ولادته وتصبح لا شعوريَّاً العلاقة الَّتي تربط سلوكه بأُسلوب الحياة في الوسط الَّذي  ولد فيه "  

    حيث يشير في كتابه (مشكلة الثقافة) إلى أن الثقافة هي التركيب العام لتراكيب جزئية أربعة هي الأخلاق والتي تحدد السلوك الاجتماعي، والجمال الذي يحدد أسلوب الحياة، والمنطق العملي الذي يحدد العناصر المتحركة كالحركة والنشاط والتي تحدد فعالية المجتمع. وأخيرا الصناعة وهي  العنصر المادي المرتبط بعالم الأشياء في المجتمع

     و أأقرّ  بأ نَّه لا أَثر  لمعنى  "ثقافة "في لغة ابن خلدون الَّذي يعدّ مؤسس علم الاجتماع العربي في العصر الوسيط،  " فالكلمة وردت مرَّتين أَو ثلاثاً بصورة أَدبيَّة بوصفها مفردة لغويَّة دون الوقوف عند ها بوصفها مفهوماً "

         الثقافة قوة فاعلة من قوى البناء الحضاري  الأدبي، السياسي ،الاجتماعي، الاقتصادي. تمكّن الإنسان من أن يكون بانيا مؤثرا ، ساعيا من أجل تحقيق الرقيّ والتقدّم لكل محيطه . ولكي تستنبت هذه الثقافة وتثبت جذورها في بيئتها الأصلية لابدّ من توفر مرتكزات تضمن تأثيرها واستمرارها .

     أوّلاً: أن تكون الثقافة ذات مبادئ تقوم عليها لها هوية و أصول  تميزها   .

    ثانياً: أن تكون  لها قابليةٌ للتفاعل مع الثقافات  الإنسانية الأخرى .

     ثالثاً: أن تكون  قادرة على التعامل مع باقي الثقافات  دون إقصاء و دون تخل عن عن خصوصيتها.  للفائدة اقرأ: https://www.balagh.com/article/مصادر-قوة-الثقافة-العربية

          الباحث في هذا الموضوع  لايمكنه أن يتجاهل كتابا  قيّما لعباس محمود العقاد عنوانه " الثقافة العربية "
    ففي هذا الكتاب يستعرض العقاد صورة الثقافة التي كونها العرب وامتلكوها على مرّ  العصور من اللّغة والكتابة والشعر والدين، مقارنا بينها وبين   الثقافة اليونانية و العبرية  ليثبت أنّ الثّقافة العرببية وجذورها الآرامية لها فضل السّبق على باقي الثقافات. حيث قال: "وجملة القول أن الثقافة الآرامية عربية في لغتها ونشأتها ونسبتها إلى عنصرها، ولا يمكن أن تعرف لها نسبة إلى أمة غير الأمه العربية في عهودها الأولى، فكل ما استفاده العالم من جانبها فهو من فضل هذه الأمة على الثقافة العالمية"

       وقد طرح بعض الحقائق التي تثبت قدم  الثقافة العربية  وكيف اقتبست منها  باقي الحضارات سواء في الأبجدية أو معالم الحضارة كالصناعة والملاحة وغيرها مصرّحا :" أقدمها في التاريخ هي الثقافة العربية   قبل أن تُعرَف أمّة من هذه الأمم باسمها المشهور في العصور الحديثة"

           الثقافة العربية الإسلامية:  مصطلحٌ يصف كلّ ما يتعلّق بالعرب والمسلمين من مظاهر اجتماعية ، دينية ،عرفية ،لغوية ... وقد استمدت هذه الثقافة أصولها من القرآن الكريم الذي خلَّد اللغة العربية(وعاء الفكر ) ، و سطّر منهجا للحياة صالحا لكل زمان ومكان. إلى جانب السّنة النبوية الشريفة التي خلّدت إرث النبي- صلى الله عليه سلم –   إضافة إلى العادات والتقاليد العربية الحميدة التي أبقى الإسلام عليها فهذبّها ووجَّهها نحو طريق الخير والصّلاح بعد أن كان فيها الكثير من التطرف و المغالاة ؛ كالفصاحة، والفروسية، والكرم وغير ذلك.
         يقول الكاتب ت. كولر يونغ (Young)أن الدَّ يْن الثـقافي العظيم الذي نديــن به للإسلام منذ أن كنا نحن المسيحيين، داخل هذه الألف سنة، نسافر إلى العواصم الإسلامية وإلى المعلمين المسلمين ندرس عليهم الفنون والعلوم وفلسفة الحياة الإنسانية، يجب التذكير به دائماً.

     هدا إقرار من عالم غير عربي وغير مسلم بأنّ الثقافة العربية قد ساهمت في بناء الفكر الغربي  بما نقلته من أفكار وعلوم وابتكارات  في مجال الفلسفة و الطب والبصريات

    فبينما كانت أوروبا  تعيش  عصورها الوسطى المظلمة  كانت الحضارة الإسلامية في أوج ازدهارها  .

      وقال Will Durant ويل ديورانت في كتابه "عصر الإيمان"   The Age of faith  إن المسلمين قد ساهموا مساهمة فعالة في كلّ المجالات الإنسانية  الفكرية والعلمية التي خدمت الإنسانية على مرّ العصور إذ  كان ابن سينا من أكبر العلماء في الطب ، والرازي اعظم الأطباء، والبيروني أعظم  الجغرافيين وابن الهيثم اكبر علماء البصريات، وابن جبير أشهر الكيميائيين. "وكان العرب رواداً في التربية والتعليم  في الشرق. و وما نبغ  العلماء في عصر النهضة الأوروبية إلا بوقوفهم على  على اكتاف العمالقة من العالم الإسلامي.

         للثقافة العربية الإسلامية   دعائم  و أسس تقوم عليها ا وتميزها عن غيرها من الثقافات ذكرها المفكر ابن نبي في كتابه (مشكلة الثقافة ) بقوله إنّ الثقافة هي التّركيب العام لتراكيب جزئية أربعة هي الأخلاق  والتي تحدد السلوك الاجتماعي ، والجمال الذي يحدد أسلوب الحياة  و المنطق العملي  الذي يحدد العناصر المحركة لفاعلية المجتمع ، وأخيرا الصناعة وهي العنصر المادي المتحكم بعالم الأشياء في المجتمع . 

       أقوال في الثقافة :

     - المثقفون يأتون لحلّ المشاكل بعد وقوعها ، والعباقرة يسعون لمنعها قبل أن تبدأ .البرت انشتاين

      - الثقافة هي ما يبقى بعد أن تنسى كل ما تعلمته في المدرسة. البرت انشتاين
      - إنّ الثقافة تعني تحوّل الكائن من مجرّد الوجود الطّبيعي إلى  الوعي بهذا الوجود.نصر حامد أبو زيد
     -إن الاستعمار الثقافي حريص على إنشاء أجيال فارغة لاتنطلق من مبدأ ولا تنتهي لغاية يكفي أن تحركها الغرائز التي تحرك الحيوان مع قليل أو كثير من المعارف النظرية التي لا تعلو بها همّة . محمد الغزالي .

        تـطــبــيــق 

     يقول القرضاوي  :

      " إنّ الدّين هو المكوّن اّلأوّل لثقافة الأمة  ،أيّ أمة. فهو الذي يخطّ مجراها في تفكيرها و ضميرها و أغوار وجدانها  . وهو الذي يحدّد لها فلسفتهاالأساسية عن سرّالحياة  ،  وغاية   الوجود  ويجيبها عن الاسئـلة الخالدة التي فرضـت نفـسها على الإنسـان في كلّ زمان ومكان  : من أ نا؟  ومن أيـن جئت  ؟و إلى  أين أذهب  ؟ ولماذا أحيا  ولماذا أموت  ؟"   

    المطلوب : حلّل هذا الرّأي مبينا أثر الدّين الإسلامي في الثقافة العربية 

    المقالة الطلوبة تكون وفق الاستقصاء بالوضع بإصدار الأحكام وتعليلها مع التّمثيل 

  • ملخص المحاضرة الثّانية :الرواية

                                                 الـّروايــة

       مصادر المحاضرة : 

    -ابن الأثير: الكامل في التاريخ     -  المبرد: الكامل في اللغة والأدب-   هني عبد القادر: التّراث العربي من الرّواية الشّفوية الى التدوين والتأليف –محمد عابد الجابري  : تكـوين العـقل العربي  -محمود الفاخوري: مصادر التّراث والبحث في المكتبة العربية.

    تعريف الرواية :

    - لغة : ورد في لسان العرب  لابن منظور (ت630ه)عن ابن سيده في معتل الياء:  روي من الماء بالكسر،...والرّواية المزادة فيها الماء ، ويسمى البعير رواية على تسمية الشّيء باسم غيره لقربه منه قال أبو النجم:

                  تمشي من الرّدة مشي الحفل     مشي الرّوايا بالمزاد الأثقل

    والرواية أيضا البعير أو البغل أو الحمار يسقى عليه الماء ، والرجل المستقي أيضا رواية .روى فلان فلانا شعرا إذا رواه له حتى حفظه للرواية عنه قال الجوهري (ت 393 ه): رويت الحديث والشعر رواية فأنا راو  في الماء والشعر. ورويته الشعر تروية أي : حملته على روايته ، وأرويته أيضا . وتقول : أنشد القصيدة يا هذا  ولا تقل اروها إلا أن تأمره بروايتها أي : باستظهارها .(لسان العرب لابن منظور (روي))

    -اصطلاحا : تختلف دلالة الكلمة " رواية " حسب العلم او الفن الذي تنتسب إليه ،مثلا لو قلنا " علم الرواية  " يتجلى في ذهن السّامع مباشرة علم الحديث الشّريف وقسميْه :علم الرّواية وعلم الدّراية .ولو قلنا فن الرواية سيكون المقصود ذلك الفن الأدبي القائم على عناصر بنائية والمتفرع إلى أنواع متعددة.

    أمـا الرّوايــة المعنـــية بالبحث هـنا هي الرّواية الشفوية  التي تعـدّ حامـلة للمـوروث الثّــقـافي للـــشّعوب.

      جاء في قاموس “ لاروس "أن التراث الشفوي هو مجموعة التقاليد من أساطير ووقائع ومعارف ومذاهب وآراء وعادات وممارسات. أما قاموس “روبير” فيعرف التراث الشفهي بأنه انتقال غير مادي للمذاهب والممارسات الدينية والأخلاقية المتوارثة من عصر إلى آخر بواسطة الكلمة المنطوقة.

    الرّوايـة الشّــفـوية عــنـد العــرب

    يقول  شوقي ضيف في كتابه :تاريخ الادب العربي –العصر الجاهلي ( إنّ النهر الذي فاض بالشعر الجاهلي إنّما هو الرّواية الشفوية التي كانت الأداة الطيّعة لنشره وذيوعه)

        إذن ماهي الرواية ؟ وما مدى مساهمتها في حفظ الموروث العربي الجاهلي؟ وماهي مجالاتها وخصائصها بعد مجيء الإسلام؟

       ارتبط مفهوم الرّواية في العصر الجاهلي  بنقل  وحفظ أخبار القبائل وأيامها  وأنسابها وأشعارها ،فكانت الوعاء الحافظ لكلّ مظاهر الحياة الاجماعية والسّياسية والدّينية  رغم ما يشوبها أحيانا من تهويل وتعظيم للأمور .

       اهتمّ العرب برواية الشّعر الذي أخذ مكانة رفيعة  في حياتهم ، يقول ابن سلام الجمحيّ (ت232ه ) في ذلك: "كان الشعر في الجاهليّة عند العرب ديوان علمهم، ومنتهى حكمهم "، و يقرّ ابن رشيق( ت 456 ه )أنّ الشّعر عند العرب  علم لم يكن لهم علم أصح منه.

    أفرز هذا الاهتمام ظهور حلقات من الشعراء الرواة الذين يأخذ بعضهم عن بعض، مّما يمكن أن يسمى اليوم بالمدارس الشعرية، وأشهرها تلك التي تبدأ بأوس بن حجروعنه أخذ الشّعرَ ورواه زهير بن أبي سلمى. ولزهير راويتان: ابنه كعب، والحطيئة . وكان هدبة بن الخشرم راوية الحطيئة، وعن هدبة تلقن الشّعر ورواه جميل بن معمر، وراوية جميل هو كثير عزة، الذي يُعد آخر من اجتمع له الشعر والرّواية.

     للاستفادة أكثر اطلع على :

     

          كذك :يراجع كتاب الاغاني للأصفهاني

     ولم يكن الاهتمام بالشعرفقط بل تعدّاه إلى الخطب والأمثال والحكم وأيّام العرب  وأنسابها  وقد أشار الجاحظ  في " البيان والتّبيين "  أن القبائل العربية عرفت العديد من " النّساّبة " أخذوا على عاتقهم رواية أيام العرب ومعاركها . ذكر ابن حجر العسقلاني  في "الإصابة" الجزء 03 بعضا منهم :عقيل بن أبي طالب ،حويطب بن العزى .

      بعد مجيء الإسلام أصبح اهتمام المسلمين موجها إلى القرآن الكريم والحديث النبوي الشريف حيث وضعوا شروطا وقواعد للاستفادة من رواية الحديث  فكان الإسناد والجرح والتّعديل...

     ما إن حلّ  العصر العباسيِّ  حتّى ظهرت طبقة من الرواةِ المحتَرفين عرباً وغيْر عربٍ، اتخذوا رواية الشعر الجاهلي عملاً أساساً لهم، وجعلوا حلقات المسجد وسيلة  يتناقلون من خلالها الشعر وأخبار الشعراء يشرحونَ الألفاظ الغريبةَ وظروف النَّصِّ التاريْخيةِ، منهم (حَمَّاد الرواية) و(خَلَف الأحْمر) و(الْمُفضَّل الضَّبِّي).

     وكان هذا النّشاط بين مدرسة " البصرة "  وعلى رأسها  (أبو عمرو بن العلاء) شيخ الرواة  وأحد القرَّاء السّبعة،و مدرسة الكوفة  بقيادة (حَمَّاد الرواية) .

  • ملخص المحاضرة الثالثة :عصر التدوين

     

       عصر التدوين بداية انطلاق الحضارة الإسلامية

       يقول يوسف المساتي متحدثا عن  رأي محمد عابد الجابري في عصر التدوين العربي  الذي عرضه في كتابه – نقد العقل العربي- : " كان عصر التدوين مفهوما نحته الجابري. ويقصد بعصر التدوين تلك الحركة الكبرى التي تشكلت ما بين منتصف القرن الثاني الهجري والرابع الهجري، لتدوين وتقعيد اللغة العربية خوفا من ضياع اللغة القرآنية ".

     

                             علاقة التّدوين بالكتابة

        أشرنا في الدّرس السابق إلى أنّ العرب تبنّوا الرواية الشفوية  وجعلوها الوسيلة الأمثل لحفظ أشعارهم و أيّامهم وأنسابهم  فلم  يدوّنوا إلاّ في النادر لأسباب منها:

    - صعوبة توفّر وسائل الكتابة من  أوراق البردي  والمهارق  ،وإن توفّرت فاستخدامها يكون لأمر هام،

      مهرق :اسم فارسي معرب :قطعة من الحرير تصقل ويدوّن عليها

     - قلّة من العرب من كانت تكتب  خاصة في البوادي التي كان أهلها يّتخذون الحلّ والتّرحال نمط حياة.          -وجود مواد محلية للكتابة لكنها لاتكفي لتدوين الكمّ الهائل من أخبارالعرب و أنسابهم وأيّامهم،مثل السعف ،الحجارة ،عظام الحيوانات وجلودها . وفي شعر الجاهليين إشارات لبعض مواد الكتابة كقول  امرىء القيس:        لمن طللٌ أبصرتُهُ فشجاني *** كوحي زبورٍ في عسيب يماني 

       العسيب: جريد النخل، واحدته: عسيبة وجمعه: عسبان.

      وإن عرفت العرب الكتابة إلا أن الخطّ الذي كتبت به لم يأخذ شكله الحالي إلا بمروره بمراحل :

    نقط الإعراب أو التّشكيل :

       واضعها أبو الأسود الدؤلي( ت 69 ه) خدمة لكتاب الله بعد أن ظهر اللحن على ألسنة النّاس  ، وقصص لحنهم في القرآن معروفة أشهرها قراءة الآية ﴿ وَأَذَانٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ إنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ ﴾ [التوبة: 3]  قرأت :ورسولِه" بجر اللام  .صنع الحركات الإعرابية على شكل نقط، فالنقطة أسفل الحرف تعني الكسرة، وأعلى الحرف تعني الفتحة، وأمام الحرف تعني الضمة، أما التنوين فكان بنقطتين.

    نقط الإعجام :

       أما نقط الإعجام فقد وضعه نصر بن عاصم ( ت قبل 100 ه)  ويحيى بن معمر(90 ه )تلميذا أبي الأسود في عهد عبد الملك بن مروان بعدما انتشر التصحيف. ولاختلاط نقط الإعراب بنقط الإعجام قام الفراهيدي( ت170 ه ) بتحويل نقط الإعراب إلى الحركات المعروفة .

     مفهوم عصر التدوين عند النّقاد :

       يطلق عصر التدوين عند المؤرخين، والباحثين - غالبًا - على القرن الثاني الهجري، حيث دونت المعارف، والعلوم كأخبار العرب و أشعارها و أنسابها ،  علوم الشريعة كالحديث، وفتاوى الصحابة والتابعين.

    وقد مثل هذا العصر حلقة مهمة في معرفة التراث فهو حلقة الوصل للعصور اللاحقة بالعصور الأولى. وهذا جعل الحديث عن هذا العصر لا يتصل به وحده على وجه الحقيقة، وإنما يتصل بطريقة وصول تلك العصور، إلينا وبتكوينها، وبالصورة التي استقرت في أذهاننا عنها.

     والملاحظ أنّ هذا العصر لم يكن عملية تسجيل ولا عملية تفريغ ، بل عملية إنتاج وبناء وتنظيم للثقافة العربية الإسلامية. فما من شيء كان جاهزاً، بل كان كل شيء برسم الاختراع والتأسيس والتثبيت، ثم التقعيد والتقنين والتسنين. والحال أن كل ما يمكن أن يدل عليه تعبير "عصر التدوين" هو أن ثقافة بعينها – هي هنا الثقافة العربية الإسلامية – قد انتقلت في ذلك العصر من طور شفاهي إلى طور كتابي

    ينظر :الجابري : نقد العقل العربي 

      يعدّ العصر العباسي عصر التّدوين بامتيازحيث  شمل كلّ المجالات  الثقافية الحضارية ، و قد كان للدراسات  القرآنية النصيب الأكبر..
    فألف في تفسير القرآن سفيان الثوري (ت 161 هـ، ووكيع بن الجراح ( ت197 هـ،) وشعبة ابن الحجاج (ت160 هـ،)  وكانت تفاسيرهم جامعة لأقوال الصحابة والتابعين.
    ابن جرير الطبري (ت310ه )ـ أول من تعرّض لتوجيه الأقوال، وترجيح بعضها على بعض .
    وقد شملت هذه الحركة التأليفية كل نوع من أنواع علوم القرآن تقريبا فألف في أسباب النزول، عليّ بن المديني، شيخ البخاري المتوفى سنة 234 هـ.
    وفي الناسخ والمنسوخ: القاسم بن سلام المتوفى سنة 224 هـ، و أحمد بن محمد النحاس المتوفى سنة 338 هـ، وابن حزم المتوفى سنة 456 هـ.
    وألف في مشكله وغريبه عبد الله بن مسلم بن قتيبة المتوفى سنة 276 هـ كما ألف في غريبه ومفرداته أبو عبيدة معمر بن المثنى المتوفى سنة 209 هـ،

    وألف في إعرابه: محمد بن سعيد الحوفي المتوفى سنة 430 هـ، عبد الله بن الحسين العكبري المتوفى سنة 616 هـ.
    كما ألف في إعجاز القرآن: الرماني المتوفى سنة 384 هـ، والخطابي المتوفى سنة 388 هـ،والباقلاني المتوفى سنة 403 هـ وغيرهم.

        لقد كان اهتمام الخلفاء العباسيين بالعلوم والفنون والآداب من أهم الأسباب  المساعدة على وفرة التّأليف ، نذكر منهـم أبا جعفر المنصور (ت 158هـ)،  وهارون الرشـيد (ت 193هـ)، و ابنه المأمـون (ت 218هـ)،  الذين جلبوا من بلاد الرّوم والهند وفارس ومصر واليونان الكثير من الكتب، وأجزلوا العطاء للعلماء والمترجمين وبنوا المدارس والمكتبات "بيت الحكمة " مثلا .

    ومما دوّن في هذا العصر:

    التنبيه والإشراف : تأليف علي بن حسين المسعودي (ت346 هـ) ويعد من أبرز مؤرخي العصر العباسي الثاني . تناول فيه بعضاً من تاريخ الأمم السابقة ،وحديثا عن الأفلاك والنجوم ولاقتها بفصول السنة وطقسها.

    البخلاء : عمرو بن بحر الجاحظ  كتاب أدبي طريف ساخر.

    أحسن التقاسيم في معرفة الأقاليم : لبهاء الدين بن عبد الرحمن المقدسي (ت375 هـ ) الكتاب تضمن مشاهداً مما رأى أو سمع خلال رحلاته الكثيرة إلى الهند والسند والأندلس على مدى عشرين عاماً مدعماً بالصور الملونة .. وإليه ينسب بعض المؤرخين الانطلاقة الكبرى لعلم الجغرافيا في أوربا خلال عصر النهضة .

    الفصل في الملل والنحل : تأليف أبي محمد بن حزم ت(456 هـ )الكتاب يتناول مذاهب الفلاسفة ومعتقداتهم وفصل الكلام في الفرق الإسلامية .

    كتاب الأغاني :لأبي فرج الأصفهاني(ت356ه)

    كتاب المختصرفي حساب الجبر والمقابلة:  مُحَمَّد بن موسى الخَوارِزمي( ت242ه) بالتقدير.
     

     

  • ملخص المحاضرة الرابعة :من الجمع إلى التدّـوين

     

      أولا : جمع القرآن الكريم 

         ثانيا :جمع الحديث الشّريف 

     ثالثا :جمع اللغة العربية  

    أولا : جمع القرآن الكريم

      «الجمع» هو الحفظ مع دقة الترتيب  ذكر في القران الكريم كما في قوله تعالى :(لاَ تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ *إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقرآنهُ *فَإِذَا قرآناهُ فَاتَّبِعْ قرآنهُ *ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَه)ُ القيامة: 16 ـ 19 وهو كذلك  الكتابة والتّدوين  .

         وجمع القرآن اصطلاحًا: يطلـق في علوم القرآن على معنيـين: الأوّل: جمـعه، بمعنى حـفظه في الصّدور عن ظهر قلب، ودليل ذلك قول الله تعالى: {إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ } أي جمعهُ في الصّدور وإثبات قراءته في الألسن. والثّاني: جمعه بمعنى كتابته، ودليل ذلك حديث قصّة جمع القرآن في عهد أبي بكر الصّديق.

       اختلف الرواة في مسألة كتابة القرآن الكريم ، الفريق الاول  قال بأنّه لم يجمع زمن  الرسول - صلى الله عليه وسلم- لأنه يتنزل منجّما حسب الوقائع والحوادث، وقد حفظ في صدورالصحابة أولا .

    أما الفريق الثاني فرأى أنّه  كلّما نزل الوحي  دعا الرسول الكريم  كتّابَ الوحي، ليملي عليهم  فيكتبونه.
    أي أنّه كان مسموحًا للصّحابة بكتابة القرآن الكريم، بينما غيره فلا، ولم يتمّ جمع القرآن الكريم في عهده -صلى الله عليه وسلّم- بسبب ترقّبه لتتابع نزول الوحي، لأنّه كان يتنزّل عليه على فترات متقطّعة، وبآيات من سور متنوّعة، ولم يكن ترتيب السّور على حسب النّزول.

    جمع القرآن في عهد الصحابة:

        بعد حروب الردّة التي استشهد فيها الكثير من الصحابة الحافظين لكتاب الله  ،خاصة بعد معركة اليمامة كلّف أبو بكرالصّديق زيد بن ثابت -رضي الله عنهما- بمهمة الجمع لأنّه كان كاتبًا للوحي في عهد النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم . و أودعت الصّحف التي جمعها زيد في مصحف واحد عند أبي بكر  حتّى توفاه الله، ثمّ نقل إلى بيت عمر بن الخطّاب، وبعد وفاته نقل إلى بيت حفصة رضي الله عنهم أجمعين.

      وفي عهد الخليفة عثمان بن عفّان -رضي الله عنه- أُحضر المصحف من عند حفصة -رضي الله عنها- وشكّلت لجنة من الصّحابة: زيد بن ثابت وسعيد بن العاص وعبد الله بن الزّبير وعبد الرّحمن بن الحارث بن هشام  لنسخ العشرات من  النسخ وتوزيعها على الأمصار ، دفعًا للخلاف الذي ظهر بسبب وجوه القراءات.ومنه سمي المصحف العثماني .

    (PDF) استراتيجيات التدوين التاريخي عند العرب (researchgate.net)


    ثانيا :جمع الحديث الشّريف .

       قال ابن حجر العسقلاني  في كتابه " فتح الباري بشرح صحيح البخاري: (أوَّلُ مَنْ دَوَّنَ الحديثَ ابنُ شهابٍ الزهري على رأسِ المائة بأمرِ عمرَ بنِ عبد العزيز، ثم كَثُرَ التَّدوين، ثم التَّصنيف، وحصل بذلك خيرٌ كثير فلله الحمد)

    فتدوين الحديث الشريف قد تأخّر بسبب أن النّبي نهى عن كتابته كي لا يختلط بالقرآن الكريم . وعندما جُمع القرآن واطـمأنت النّـفوس لعدم اختـلاطه بغـيره أمر عـمر بن عـبد العزيز (ت101هـ) محـمد بن مسلم الزهري( ت123 ه) عالم الحجاز والشام بتدوين الحديث مراعيا فيه شروط الّرواية الصّحيحة.

    بحلول منتصف القرن الثّاني للهجرة نشطت حركة التّدوين والتّصنيف في الحديث النّبوي الشريف فظهرت

      المُصنَّفات: مصنف عبد الرزاق  الصنعاني(ت 211هـ)؛ ومصنف ابن أبي شيبة (ت 235هـ)

      المسانيد: مسند الحميدي (ت 219هـ)؛ ومسند أحمد  بن حنبل (ت 241هـ )

      الجوامع: جامع" الصّحيح "البخاري (ت 256هـ)؛ وجامع " الصحيح "مسلم (ت 261هـ)؛ وجامع التّرمذي (ت 279هـ)

      السُّنن: سنن أبي داود (ت 275هـ)؛ وسنن ابن ماجه (ت 273هـ)؛ وسنن النسائي (ت 303 هـ)

     

     

    ثالثا :جمع اللغة العربية

     

       - أغلب الظّن أن بدء تدوين اللغة كان بجمع نوادرها و غرائبها لجهل معظم الناس بها، وأول كتاب تذكره المصادر هو نوادر أبي عمرو بن العلاء (145ه  )وهو شيخ رواة اللغة كانت رواياته عن أعراب قد أدركوا الجاهلية.  

      - جمع اللغة العربية وتصنيف مفرداتها مرّ بمراحل هي :

    المرحلة الأولى : هي مرحلة تدوين ألفاظ اللغة وتفسيرها دون ترتيـب سماعا من الأعراب  في بواديهم. 

    المرحلة الثانية : جمع الكلمـات المتعلقة بموضوع واحـد  في رسائل متعددة، فلأبي زيـد الأنصاري – مثلا -  كتاب " المطر " وللأصمعي كتاب  " النبات والشجر" و " الإبل "   
    المرحلة الثالثة : وهي مرحلة وضع معجم يجمع كلّ الكلمات العربية  حسب منهج معين يختاره صاحبه لييسر للباحث شرح ما استُغلق عليه من معان.
    ومنذ المرحلة الأولى وضع الرواة شروطا صارمة لجمع وتدوين اللغة من مصادرها الموثوقة  أهمها انتقاء القبائل المناسبة للرواية عنها وهي قليلة جدا لأسباب يذكرها السّيوطي في كتابة " المزهر " قائلا  :

    " فإنه لم يؤخذ  عن حـضري قط، ولا عن سكان البراري ممن كان يسكن أطراف بلادهم المجاورة لسائر الأمـم الذين حولهم ، فإنّه لم يؤخذ لا من لخم ولا من جذام لمجاورتهم أهل مصر والقـبط ، ولا من قضاعة وغسّان وإياد لمجاورتهم أهل الشّام و أكثـرهم نـصارى يقرأون بالعبرانية، ولا من تغلب و اليمن فإنهم كانوا بالجزيرة مجاورين لليونـان ، ولا مـن بكر لمجاورتهم للقبط و الفرس ، ولا من عبد قيس وأزد عمان لأنهم كانوا بـالبحرين مخالطين للهند و الفرس ، ولا من أهل اليمن لمخالطتهم للهند و الحبشة ، ولا من بني حنيفة وسكان اليمامة ، ولا من ثقيف وأهل الطائف لمخالطتهم تجار اليمن المقيمـين عندهم ، ولا من حاضرة الحجاز ... و الذي نقل اللّغة و اللّـسان العربي عن هؤلاء وأثبتها في كتاب فصيرها علما وصـناعة هـم أهـل البـصرة  و الكوفة فقط من بين أمصار العرب "

       أما القبائل التي اعتُمدعليها  عند جمع اللغة خاصة  في الغريب وفي الإعراب وفي التّصريف  فهي قيس ، تميم ، وأسد ، ، وتأتي بعد هذه القبائل هذيل ، وبعض كنانة ، وبعض الطائيين

       رأى الرواة أنّ توثيق اللغة العربية الخالصة بشواردها ونوادرها لا يكون إلا بجمع أشعارها مما أدّى إلى ظهور المنتخبات الشّعرية   (الاختيارات ) مثل :المفضليات للمفضل الضّبي –الأصمعيات للأصمعي –الحماسة لأبي تمام - جمهرة أشعار العرب لأبي زيد القرشي .

     كما توجّه  العديد من علماء اللغة  إلى جمع الأمثال العربية عبر العصور  لإيمانهم الشديد بأن هذا الموروث هو أصدق صورة للتّعبيرعن الإنسان ولغتة  . يصرح ابن عبد ربه  في العقد الفريد  عن رأيه في الأمثال  بأنّها :" هي وشي الكلام وجوهر اللفظ، وحلي المعاني والتي تخيرتها العرب وقدمتها العجم ونُطق بها في كلّ مكان، وعلى كلّ لسان، فهي أبقى من الشّعر وأشرف من الخطابة ".

    لقد عرف جمع الأمثال خلال القرون الخمسة الأولى للهجرة تطورا مرحليا تجلى في ثلاثة اتجاهات:

    ـ الجمع والتدوين.

    ـ التصنيف الموضوعاتي.

    ـ التصنيف المعجمي (أي الترتيب حسب حروف المعجم).

    من أوائل الكتب التي أشارت إليها الفهارس والمصادر اللغوية، كتاب أمثال العرب لعبيد بن شرية (ت 81هـ) وكتاب أمثال العرب للمفضل الضبي (ت 171هـ) الذي اهتم بتفسير السياق الذي جاء فيه المثل مع شرح ألفاظه.

    كان الاعتناء بالمثل القديم (الصحيح ) لتأكيد الحُجّة اللغوية خاصة في الإعراب ، لذا كان لزاما على الرّواة  وضع شروط ومعايير للأخذ بمثل دون الآخر.  يشير أبو هلال  العسكري في مقدّمة كتابه( جمهرة الأمثال ) إلى ذلك  قائلا "وميزت ما أورده حمزة الأصفهاني من الأمثال المضروبة في التناهي والمبالغة، وهي الأمثال على أفعل من كذا، فأوردت منها ما كان منها عربيا صحيحا، ونفيت المولّد السّـقيم ليـبرأ كتـابي من العيب الذي لزم كتاب" حمزة "في اشتماله على غثّ من أمثال المولدين وحشو الحضريين، فصارت العلماء تلقيه وتسقطه وتنفيه "

     

    تاريخ القبائل العربية فى العصر الإسلامى: منذ الفتح الإسلامى حتى القرن ... - الدكتور/ محمود محمد خلف, دار التعليم الجامعى - Google Livres


     

  • ملخص المحاضرة السـادسة:حركـة التّـرجمـة

    :مفهو م الترجمة

    . ترجم على وزن فعلل   ترجمة جمعها “تراجم”  والتاء والميم أصليتان

    "وقال الجوهري أن التاء زائدة و أورده في كتاب “ر جم”..

      جاء في لسان العرب: التُّرْجُمانُ والتَّرْجَمان: المفسِّر للسان. وفي حديث هِرَقْل قال لترجمانه. الترجمان، بالضم والفتح: هو الذي يُتَرْجِم الكلام أَي ينقله من لغة إلى لغة أُخرى، والجمع التَّراجِم .

    وقد وردت كلمة ترجمان في الأحاديث النبوية الصحيحة نذكر منها ما رواه البخاري ومسلم

    رُوي في الصحيحين  : "  عَنْ عَدِىِّ بْنِ حَاتِمٍ قَالَ :قَالَ رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – : « مَا مِنْكُمْ أَحَدٌ إِلاَّ سَيُكَلِّمُهُ رَبُّهُ ، لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ تَرجُمان  "

    وفي رواية للبخاري :" ... وَلَيَلْقَيَنَّ اللَّهَ أَحَدُكُمْ يَوْمَ يَلْقَاهُ ، وَلَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ تُرْجُمَانٌ يُتَرْجِمُ لَهُ "

    :: ومنه الترجمة اصطلاحا

    تفسير الكلام بلغته ، ومنه ما قيل في عبد الله بن عباس - رضي الله عنه - إنه ترجمان القرآن  

    تفسير الكلام بلغة غير لغته حسب ما جاء في لسان العرب

    هي نقل نص من لغة  إلى نص مماثل في لغة  أخرى دون المساس بمعانيه الأصلية و بمقاصده

    :الترجمة في العهد الجاهلي

        يرى المستشرق الألماني "كارل بروكلمان" أنَّ العرب عرفوا الترجمة و النّقل منذ العهد الجاهلي وخير دليل على ذلك وجود ترجمة عربية للإنجيل قبلَ حرب الإمبراطور( هرقل ) ضد القدس.

    إلى جانب ترجمة  أخرى نقلت عن الآرامية الفلسطينيَّة المسيحيَّة. ينظر كارل بروكلمان: تاريخ الأدب العربي

    ."هرقل (هركليوس نحو 575 - 641م/ 21هـ): إمبراطور بيزنطي، انتصر عليه المسلمون في موقعة اليرموك أواخر سنة 13هـ/ 636م"

    كما كان هناك يهود عرب يقرؤون التوراة بالعربية في يثرب وتيماء وخيبر واليمامة ونجران ومناطق أخرى من شبه الدزيرة العربية .

    :الترجمة في العهد الإسلامي 

          زمن النبوة أرسل الرسول - صلى الله عليه وسلم – مبعوثين  إلى ملوك  الفرس  و الروم وا لحبشة داعيا إياهم إلى اعتناق الدّين  الإسلامي . وكانت الرسائل باللغة العربية ثم تنقل إلى لغات المُرسَل إليهم عن طريق المترجمين، وفي لسان العرب لابن منظور إشارة إلى ذلك  في شرحه لمعنى  "ترجمان "ا 

        عرف زيد بن ثابت الأنصاري بأنه أول مترجم في الإسلام،  إذ كان يكتب إلى الملوك ويجيب بحضرة النبي  - صلى الله عليه وسلم - لإيتقن اللغة السريانية والفارسية واليونانية، .كما أن هناك بردة عتيقة يرجع تاريخها إلى سنة 22هجرية، وعليها نص باسم عمرو بن العاص وبه ثلاثة أسطر باليونانية ومن تحته الترجمة بالعربية

     

     .ظهرت التّرجمة بشكلها العلمي في العصر الأموي حيث بدأ فيه نقل بعض العلوم إلى العربية   

      تذكر المصادرالأدبية  أن خالد بن يزيد بن معاوية  (ت85 هـ ) الملقب بحكيم آل مروان أول من  أرسل إلى الإسكندرية في طلب بعض الكتب في الطب وعلم الكيمياء لترجمتها إلى   العربية لاهتمامه الكبير بهذا المجال العلمي .كما طلب من علمائها نقل كتب أرسطو في المنطق إلى العربية

    يقول فيه  ابن النديم البغدادي ( ت 380 هـ) في الفهرست  :"وكان فاضلاً في نفسه، وله همة ومحبة للعلوم، خطر بباله الصنعة (الكيمياء) فأمر بإحضار جماعة من فلاسفة اليونانيين ممن كان ينزل مدينة مصر، وقد تفصّح بالعربية، أمرهم بنقل الكُتب في الصنعة من اللسان اليوناني والقبطي إلى العربي. وهذا أول نقل كان في الإسلام من لغة إلى لغة".

     

         نشطت حركة الترجمة في العصر العباسي بصورة كبيرة بداية من عصر أبي جعفر المنصور(136 ه- 158 ه ) الذي اهتم بترجمة الكتب إلى العربية من اليونانية أو الفارسية،  مثل كتب ابوقراط و جالينوس في الطب، وكتاب "كليلة و دمنة

             ليأتي بعده هارون الرشيد (17هـ -194 ﻫ) الذي  استعان بمترجمين  من أعراق مختلفة مسلمين و غير مسلمين ممن كانوا يتقنون لغة أخرى إلى  جانب العربية.  كما أنشأ دار الحكمة في بغداد،  وزوّدها بالكتب التي نقلت من آسيا الصغرى و من القسطنطينية .

     

     أما المأمون (  198هـ -218 ﻫ) : فقد كان حريصا على  إرسل البعثات  العلمية إلى القسطنطينية لجلب ما تيسّر من الآثاراليونانية لترجمتها والاستفادة منها في شتى العلوم والفنون .

     

    :وقد مرت حركة التّرجمة بمراحل عدة :

      النقل والترجمة                                الشرح والتفسير

    النقد والتصحيح                                 الإضافة والابتكار

     

    :أشهر المترجمين في العهد العباسي :

     حنين بن إسحاق ( ت260 هـ)

     ولد في الحيرة عام (194هـ   لأب مسيحي يشتغل بالصيدلة ،مؤرخ ومترجم من الأطباء النقلة الذين نقلوا كتب الطب وغيره من اللسان اليوناني إلى اللسان العربي .تعلّم  السريانية واليونانية والفارسية وبرع فيها . وقد جاء في كتاب “سير أعلام النبلاء” للإمام الذهبي  أنه  "العِباديُّ النصرانِي علاَّمة وقته في الطِب، وكان بارعا في لغة اليونان. عرّب كتاب إِقليدس وله تصاننيف عدة..... وكان ابنه إسحاق بن حنين من كبار الأطباء أيضا "

    تتلمذ على يد الطبيب" يوحنا بن ماسويه"، ومن أهم الكتب التي قرأها عليه كتاب فرق الطب لجالينوس. وكان واحداً من أعظم المترجمين الذين انتسبوا إلى مدرسة جنديسابور وعلى .يديه تخرج عدد من أشهر المترجمين

    .وكان حنين بشهادة المؤرخين جيد الأسلوب واضح المعنى. يستخدم المصطلحات العلمية بألفاظها الأجنبية  ثم يتبعها بشرح معناها حتى يتحدد مدلول الكلمة في العربية

     ولاه الخليفة المأمون " بيت الحكمة "  وهو أعظم معهد ثقافي  نشأ بعد " المتحف الإسكندري  "الذي أسس في القرن الثالث قبل الميلاد. وشجع الخلفاء المترجمين على نقل مختلف .أنواع العلوم والمعارف التي كانت لدى الأمم التي سبقتهم..

    وكان (بيت الحكمة) حجر أساس  "لمدرسة بغداد " التي ظل تأثيرها مستمرا حتى العصر الأندلسي حيث كان داعما للحركة الثقافية في الأندلس  خاصة في قرطبة وطليطلة

    دوافع التّرجمة

    أولًا: حثُّ القرآن الكريم على التفكير والتدبر في خلق السموات والأرض، و الإنسان و الانعام    

     : يقول الله تعالى:

    النّساء 82 )) (أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ  وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا )﴿

    ( محمد24) (أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَىٰ قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا) ﴿

    بوجود الدين الإسلامي أخذ العقل العربي في النمو والتّطور ، فبدأ نقاش و جدال حول كُنه الله تعالى، في أسمائه وصفاته فلجأ علماء الكلام من المسلمين إلى النظريات اليونانية للإفادة منها في الدفاع عن  أفكارهم  ومعتقداتهم ، فكان لا بد لهم من أن يطَّلعوا على علومهم العقلية،

     

     ثانيا : احتياج  العربي المسلم إلى علوم تعينه على تنظيم شؤون العبادات، ، كتوقيت الصلوات، وتقويم الأيام والشهور، وترتيب الخراج والزكاة، جعله   يستعين  بمعارف وعلوم أمم أخرى

     

    ثالثا : دعم الخلفاء والولاة للمؤلفين والمترجمين  إالى حدّ مكافأتهم بوزن مؤلفاتهم ذهبا كالخليفة العبَّاسي أبي جعفر المنصور وهارون الرشيد

    رابعا :  أمم كثيرة دخلت تحت حكم العرب المسلمين ،  جزء كبير  منهم لجأ إلى نقل بعض  من آثارهم الفكرية  والأدبية  على سبيل  التّفاخر والمباهاة؛ ليبرزوا للعرب ما كانوا عليه من حضارة ورُقِيٍّ.

  • ملخص المحاضرة السّابعة

     

    الاحتجاج باللغة العربية 

       جاء في المعجم المفصل في علم الصّرف لراجي الأسمر : الاحتجاج مصدر احتجّ: أتى بالحجّة، واحتجّ بالشيء: اتّخذه حجّة. " وهو يستخدم لإثبات قاعدة أو غيرها باعتماد السماع أو الإجماع "

    مصادر الاحتجاج باللغة 

     أولًا: القرآن الكريم

     

     المصدر الاول للاستشهاد به عند جمهور العلماء ولو بالشاذ منه

    يقول السّيوطي: أمّا القرآن فكلّ ما ورد أنه قرئ به جاز الاحتجاجُ به في العربية، سواء أكان متواترًا، أم آحادًا، أم شاذًّا، وقد أطبق الناسُ على الاحتجاج بالقراءات الشاذة في العربية إذا لم تخالف قياسًا معلومًا، بل ولو خالفته يحتج بها في مثل ذلك الحرف بعينه، وإن لم يجُزِ القياس عليه

     

     ثانيًا: الاحتجاج بالحديث النبوي الشريف

       انقسم  فيه  العلماء إلى فريقين:

      فريق الرّافضين  الذي  يمنع الاستشهاد بالحديث النّبوي  في مسائل اللغة لأنّ الأحاديث تجُوز روايتها بالمعنى، كما أن كثيرًا من الرّواة كانوا من المولَّدين الذين عاشوا بعد عصور الاحتجاج.

    أئمةَ النّحو المتقدّمين من البصرة والكوفة لم يحتجُّوا بشيء منه ..إضافة إلى أن

      من الرّافضين : أبو الحسن بن الضّائع الإشبيلي و تلميذه أبو حيان الأندلسي.

    قال ابن الطيب الفاسي:  "لا نعلم أحدًا من علماء العربية خالَفَ العلماء في الاحتجاج بالحديث الشريف إلا ما أبْداه الشيخ أبو حيّان في شرح التسهيل، وأبو الحسن ابن الضّائع في شرح الجُمل. وتابَعهما على ذلك الجلال السيوطي – رحمه الله – فأولع بنقل كلامهما "

       فريق المجوزين  الاستراباذي ،ابن هشام الأنصاريّ،  الأشمونيّ ،البغداديّ

    وممّن استشهد بالحديث النبوي من النَّحاة: شيخ القرّاء أبو عمرو بن العلاء، سيبويه ، أبو عليّ الفارسيّ، ابن جنيّ، الزّمخشريّ. 

     

     

    ثالثًا: الاحتجاج ( الاستشهاد) بالشِّعر

     

     :وُضع الشّـعراء ضمن  هي طبـقات : 

    طبقة الجاهليين:  منهم زُهير وطَرفة وامرئ القيس وعنترة والنابغة  .

    طبقة المخضرَمين:وهم الذين شهِدوا الجاهلية والإسلام: كحسان ولَبيد والخنساء وكعب بن زهير

      أجمع العلماء على الاسئتشهاد  بشعرهما دون استثناء .

    طبقة الإسلاميين: المتقدِّمون الذين كانوا في صدر الإسلام: كجَرير والفرزدق والأخطل 

    طبقة ا لمولَّدين: ويقال لهم المُحدَثون، وهم مَن بعدهم إلى زماننا: كبشَّار وأبي نُوّاس 

     وـقد قُسّــمت إلى طبـقات: طبقة المولد ين، المحد ثـين و المتأخرين. واختــلف في من يستـشهد

    بشعرهم من هذه الطبقات.  فالسّيوطي مثلا يقول بعدم الاحتجاج بشعرهم كلّهم   وقد ذكر في كتابه  الاقتراح في أصول النّحو : " أجمعوا على أنه لا يحتج بكلام المولدين والمحدثين في اللغة والعربية "

     .ويقصد '  بأجمعوا ' علماء النّحو والصّرف ،لأن علماء البلاغة  يستدلّون بأشعار كلّ الطّبقات .

     وقد  مال الزمخشري إلى استثناء أئمة العربية من ذلك داعيا إلى "جعل الوثوق بكلامهم كالوثوق برواياتهم" حيث استشهد بشعر أبي تمام في عدة مواضع

    رغم هذه الجهود  في التّصنيف   والتّقسيم   من قبل العلماء إلا أن بعضهم كان رافضا لهذا الأمر بحجج نذكر منها قول ابن قتيبة في كتابه الشعر والشّعراء " ولم يقصُرِ اللهُ العلم والشعر والبلاغة على زمن دون زمن، ولا خص به قومًا دون قوم، بل جعل ذلك مشتركًا مقسومًا بين عباده في كل دهر، وجعل كلَّ

     قديم حديثًا في عصره  ... فقد كان جرير و الفرزدق  والأخطل وأمثالهم  يعدون مُحدثين  "

    وكذلك  أيّده  القاضي الجرجاني  بقوله : " أنا أقول - أيدك الله - إن الشعر علمٌ من علوم العرب يشترك فيه الطبعُ والرّواية والذكاء، ثم تكون الدُّرْبَة مادةً له، وقوة لكل واحد من أسبابه؛ فمن اجتمعت له هذه الخصال فهو المحسن المبرِّز؛ وبقدر نصيبه منها تكون مرتبته من الإحسان، ولست أفضّل في هذه القضية بين القديم والمحدث، والجاهلي والمُخضرِم، والأعرابي والمولَّد "  كتاب الوساطة بين المتنبي وخصومه  

    عصر الاحتجاج (زمانا ومكانا ) :

             وضع العلماء في بداية تقعيد اللغة  العربية  - نحوا وصرفا -  شروطا صارمة ارتبطت بالبيئة العربية جغرافيا  وتاريخيا

    أوّلا  جغرافيا : استشهد العلماء من أتباع مدرسة البصرة  بلغة  قلّة  من القبائل العربية    أولاهم لغة قريش، وسمّوها: اللغة الحجازية، ثم لغةُ تميم التي يعدّونها بعدها في الفصاحة .

    كما اهتموا  بلغة قيس، وتميم، وأسَدٍ، و طيء  . ومن مبرّراتهم أنّها قبائل حافظت  على بداوتها وعلى لسانها من اللّحن . يدعم هذا الرأي الفرابي  في قوله : " "ولما كان سكان البرية في بيوت الشعر أو الصوف أو الخيام والأحسية [الأخبية] من كل أمة أجفى وأبعد من أن يتركوا ما قد تمكن بالعادة فيهم وأحرى أن يحصنوا نفوسهم عن تخيل حروف سائر الأمم وألفاظهم وألسنتهم عن النطق بها وأحرى ألا يخالطهم غيرهم من الأمم للتوحش والجفاء الذي فيهم، وكان سكان المدن والقرى وبيوت المدر منهم أطبع وكانت نفوسهم أشد انقياداً لتفهم ما لم يتعودوه ولتصوره وتخيله .... كان الأفضل أن تؤخذ لغات الأمة عن سكان البراري "

    ويحاول إثبات صدق هذه النّظرية  بتطبيقها من قبل  علماء اللغة العربية  أثناء مرحلة الرّواية والتّدوين والتّقعيد إذ يقول  :

     " وأنت تتبين ذلك متى تأملت أمر العرب في هذه الأشياء. فإن فيهم سكان البراري وفيهم سكان الأمصار. وأكثر ما تشاغلوا بذلك من سنة تسعين إلى مئتين. وكان الذي تولى ذلك منهم من بين الأمصار أهل الكوفة والبصرة من أرض العراق. فتعلموا لغتهم والفصيح منها من سكان البراري منهم دون الحضر، ثم من سكان البراري من كان في أواسط بلادهم ومن أشدهم توحشًا وجفاء وأبعدهم إذعانًا وانقيادا، وهم قيس وتميم وأسد وطيء ثم هذيل، فإن هؤلاء هم معظم من نقل عنه لسان العرب."

     

    ثانيا :تاريخيا ( زمنيا )

    السائد عند اعلماء اللّغة منهم أن عصور الاحتجاج عصران، ينتهى أوّلهما في منتصف القرن الثاني في الحواضر،  وأمّا ثانيهما فعصر الاحتجاج في البادية، وهو مختلف فيه، فيرى بعضهم أنه ينتهي بنهاية

    القرن الثالث، ويرى بعضهم أنه منتصف القرن الرابع، وحدّده بعضهم بنهايته .

    وكل ّ  "شاهد   لغوي "خالف هذه الشروط يسمّى  (مثالا ) يُستأنس به

  • ملخص المحاضرة الثامنة : غريب اللغة/ غريب القرآن

  • غيرمدرجة في الامتحان. النقد ومصطلحاته

  • غير مدرجة في الامتحان أمهات الكتب:اللغة،الأدب ،النقد