3. ملامح السياسة الاعلامية التعددية

نستشف فهذه الملامح من قانون الإعلام 1990 والذي تماشيا ومرحلة التحول الديمقراطي الذي ولجته الجزائر يكون قد جاء لإحداث القطيعة مع الماضي، وندرجها في النقاط التالية:

1- الحق في الإعلام:يتجلى ذلك بوضوح من مضمون المادتين الثانية والثالثة، فالمادة الثانية نصت على أن: "الحق في الإعلام يجسده حق المواطن في الاطلاع بكيفية كاملة وموضوعية على الوقائع والآراء التي تهم المجتمع على الصعيدين الوطني والدولي وحق مشاركته في الإعلام بممارسة الحريات الأساسية في التفكير والرأي والتعبير طبقا للمواد 35، 36، 39، 40 من الدستور"، أما المادة الثالثة فقد جاء فيها "يمارس حق الإعلام بحرية مع احترام كرامة الشخصية الإنسانية ومقتضيات السياسة الخارجية والدفاع الوطني".

2- إقرار التعددية الإعلامية: يتجلى ذلك أولا من خلال الوسائل التي يمارس بها الحق في الإعلام والتي حددتها المادة الرابعة فيما يلي:

        عناوين الإعلام وأجهزته في القطاع العام

  •  العناوين والأجهزة التي تمتلكها أو تنشئها الجمعيات ذات الطابع السياسي.
  •  العناوين والأجهزة التي ينشئها الأشخاص الطبيعيون والمعنويون الخاضعون للقانون الجزائري.
  •   أي سند اتصال كتابي أو إذاعي صوتي أو تلفزي.

وثانيا من خلال حرية النشر إذ نصت المادة 14 على:"إصدار نشرية دورية حر غير أنه يشترط لتسجيله ورقابة صحته تقديم تصريح مسبق في ظرف لا يقل عن ثلاثين يوما من صدور العدد الأول"، وتعد هذه المادة ثورة في تاريخ الصحافة الجزائرية ذلك أنها وضعت حدا لاحتكار الدولة للصحافة منذ الاستقلال، غير أنه واستنادا إلى مضمون المادة 12 من القانون 1990، يكون الانفتاح الإعلامي هذا قد اقتصر على الصحافة المكتوبة فقط واستثنى قطاع السمعي البصري بحيث لم يسمح للقطاع الخاص بولوج هذا المجال على الرغم مما نصت عليه المادة الرابعة المذكورة أعلاه ونستشف هذا الاستثناء من مضمون المادة 12والتي نصت على أن "تنظم أجهزة الإذاعة الصوتية و التلفزة ووكالة التصوير الإعلامي ووكالة الأنباء التابعة للقطاع العام في شكل مؤسسات عمومية ذات طابع صناعي وتجاري طبقا للمادتين 44 و47 من القانون رقم 88-01 المؤرخ في 12 جانفي 1988"، ما يعني احتكار الدولة للقطاع الإعلامي السمعي البصري، وهذا الاحتكار يعني سيطرتها على مخرجات هذا القطاع وتوظيفه لخدمة السلطة في معظم الأحيان، وآلية التحكم والمراقبة هذه تقيد حرية الصحافة، ويعد هذا القطاع قطاعا حساسا واستراتيجيا لأنه يحظى بأكبر نسبة من المشاهدين والمتلقين. 

3-استقلالية الصحفي: حدد قانون الإعلام الجديد المقصود بالصحفي المحترف من خلال نص المادة 28 والتي أشارت إلى أن "الصحفي المحترف هو كل شخص يتفرغ للبحث عن الأخبار وجمعها وانتقائها واستغلالها وتقديمها خلال نشاطه الصحافي الذي يتخذه مهنته المنتظمة ومصدرا رئيسيا لدخله، وهذا عكس ما تضمنته المادة 35 من قانون 1982 التي نصت على أن الصحفي المحترف ينبغي أن يكون تابعا لوسائل الإعلام التابعة للدولة أو الحزب، وبذا يكون هذا القانون قد أسس لعهد جديد يقوم على استقلالية الصحفي عن التبعية لأجهزة الدولة والحزب، والاحتكام للمهنية فقط وهو ما تعكسه الماد 33 والتي نصت على أن: "تكون حقوق الصحافيين المحترفين في الأجهزة الإعلامية العمومية مستقلة عن الآراء السياسية والانتماءات النقابية، يكون التأهيل المهني المكتسب شرطا أساسيا للتعيين والترقية والتحويل شريطة أن يلتزم الصحافي بالخط العام للمؤسسة الإعلامية".

4- إنشاء مجلس أعلى للإعلام:حسب الباب السادس من قانون الإعلام 1990، أوكل تنظيم قطاع الإعلام إلى جهاز قائم بذاته يرتكز على المهنية بالدرجة الأولى وهو المجلس الأعلى للإعلام، فقد نصت المادة 59 على: "يحدث مجلس أعلى للإعلام وهو سلطة إدارية مستقلة ضابطة تتمتع بالشخصية المعنوية والاستقلال المالي تتمثل مهمتها في السهر على احترام هذا القانون". وبالنظر إلى الصلاحيات الكثيرة المخولة إليه والتي أشارت إليها المواد من 59 إلى 76يكون قد عوض عمليا وزارة الإعلام والتي ألغيت لاحقا في تشكيلة حكومة 1991.

  على الرغم من الايجابيات الكثيرة التي جاء بها هذا القانون خاصة ما تعلق برفع احتكار الدولة لقطاع الإعلام إلا أن ما تضمنه الباب السابع من أحكام جزائية جعلته قانون عقوبات أكثر منه قانون إعلام، حيث أن عقوبة السجن قد تصل إلى غاية عشر سنوات وهذا تماشيا وطبيعة المخالفة المرتكبة.