3. نشأة التنقيب الأثري

لقد سبق الاهتمام بالآثار وجمعها ظهور مصطلح اركيولوجيا، حيث يعد الملك البابلي نابونيد في القرن 6ق.م ،اول من اهتم بجمع الثار والتحف القديمة، كما يعد هوميروس الذي عاش خلل القرن 5ق.م اب علم الثار واول من ضمن كتاباته معطيات ووصف جد هام لمعالم اثرية، ثم زاد الاهتمام بالثار خاصة عند المؤرخين، مثل الكاتب بلينوس في القرن الاول ميلدي، وديدور الصقلي، واسترابو، وفيترو فيوس )ق 1م(. ولم يقتصر الاهتمام بالاثار على الكتاب فقط بل حتى الملوك والباطرة، وقد سبق وان ذكرنا الملك نابونيد، ومنهم ايضا قيصر يوليوس الذي يقول فيه استرابو بانه كان مولع بجمع التحف القديمة خاصة الاحجار الكريمة المنقوشة، كما يعد هادريان ايضا من المهتمين بالثار القديمة، ويذكر بانه قام بتجديد وتزيين منشآت معمارية كبرى اغريقية، وبنى في قصره مدرسة واكاديمية ورواقا لحفظ الرسوم، واول من انشأ متحفا للهندسة المعمارية ومتحفا للنحت.

اما في العصر السلمي فان الاهتمام بقي مستمرا سواء عند الكتاب او الامراء والسلطين، فاما الكتاب فان

الكثير منهم –خاصة الرحالة والجغرافيين- من جاءت نصوصه مطعمة باوصاف لمعالم اثرية واطلال مدن قديمة واوصاف دقيقة لمنشآت معمارية، ومن أولئك الكتاب الدريسي والمقريزي والمقديسي وابن رسته والبكري، ومن الكتاب من دعى الى حفظ الثار وصيانتها، كابن خلدون وعبداللطيف البغدادي، باعتبارها من تراث الأمة. اما الحكام فقد عمدو الى جلب وجمع البقايا الأثرية القديمة واعادة استعمالها في بناء منشآتهم الجديدة وتزيينها كالأعمدة والتيجان، واحيانا احتفظوا بعمائر واعادوا استعمالها دون تهديمها، واحيانا اخرى لم يتعرضوا لمعالم اثرية لتصل الينا سالمة من أي تخريب.

ويدل هذا الاهتمام على الحساس الكبير بقيمة تلك الثار سواء الجمالية او التاريخية عند القدماء، غير انه لم يرق ذلك الاهتمام الى دراسة هذه الاثار والتنقيب عنها، حتى الكتاب انذاك لم يقدموا سوى اوصاف ، ويبدوا ان الاهتمام الصريح بدراسة الاثار كان في ايطاليا، خلل القرنين 15 و 16 م، عندما انصبت البحاث حول الاثار الاغريقية والرومانية، وفي القرن 18 م تم اكتشاف حضارات اقدم من الحضارة الاغريقية والرومانية، وبدأ يتوسع مجال البحث الاثري خاصة بعد اكتشاف مراحل ما قبل التاريخ وما رافقها من جدل حول اصل ظهور النسان والحيوانات المنقرضة، وتم اجراء العديد من الحفريات في كبريات المدن الاثرية، مثل هرقولنوم" واتسع التنقيب بعدها لتشمل مناطق عديدة لبلد الرافدين ومصر ،"POMPEI" وبومبي "HERCULANUوغيرها.

وعلى الرغم من اهمية هذه التنقيبات التي كانت بمثابة الخطوات الساسية لتطور علم الاثار، ال انها لم تخلو من اخطاء كثيرة، فقد تعرضت المواقع التي اجريت فيها الحفريات الى تخريب جوانب كثيرة منها، بسبب الاهتمام بالتحف الثمينة واهمال غيرها من اللقى، التي اصبحت تعد في علم الثار الحديث ذات اهمية بالغة ل تقل عن تلك التحف، حيث اصبح عالم الاثار ليفرق بين تحفة من طين وتحفة من ذهب، وبين بقايا عظمية وأخرى فضية، وبين بقايا حجرية واخرى رخامية.