مفهوم التنقيب الاثري

Site: Plateforme pédagogique de l'Université Sétif2
Cours: مدخل الى علم الاثار والتنقيب الاثري
Livre: مفهوم التنقيب الاثري
Imprimé par: Visiteur anonyme
Date: Sunday 28 April 2024, 15:28

Description

 ستجدون في هذه المحاضرة مفاهيم عامة حول كلمة الاثار نشأة هذا العلم ومجالاته واختصاصاته وفروعه

1. مقدمة

تأتي التنقيبات الاثرية في مقدمة الوسائل التي يجمع بواسطتها الباحث التاريخي مصادره عن التاريخ القديم والوسيط، سواء كانت تلك البقايا مادية، كالأبنية والأدوات و الأسلحة و النقود و الاختام...و غيرها، أو المصادر المدونة بالخطوط القديمة كالخط الهيروغليفي و المسماري و اللاتيتيني و الخطوط العربية القديمة.

تزودنا التنقيبات الاثرية بمعلومات هامة عن عصور ما قبل التاريخ و ذلك عن طريق دراسة البقايا المادية، على اختلاف أنواعها و يمكن من خلال بقايا الهياكل العظمية البشرية و الحيوانية الاستدلال على الأنواع و الاجناس البشرية و الحيوانية المختلفة.

و في حالة بقايا النباتات يستطيع الباحث أن يستنتج أمورا مهمة عن حالة المناخ التي أثرت تأثيرا واضحا في حياة الجماعات البشرية القديمة و في سير تطورها الحضاري.

  الباحث عن الاثار يسعى في عمله الى تحقيق أمرين أساسين هما: أولا الكشف عن مخلفات الماضي بأفضل الوسائل العلمية و أحدثها. ثانيا دراسة و تحليل هذه المخلفات و تقديمها للمؤرخ مادة خام لكتابة التاريخ و معرفة أحوال الشعوب القديمة.

 

2. مفهوم التنقيب الاثري

يطلق  مصطلح التنقيب الاثري على اعمال الحفر التي يقوم بها علماء الأثار في الحقل الأثري لاستخراج التحف واللقى والبقايا الاثرية المدفونة تحت الأرض،وتتم هذه الاعمال بطريقة منتظمة وممنهجة تختلف عن أي اعمال الحفر اخرى،وهي الأسلوب والمنهج العلمي للبحث عن الأثار ،بهدف استخراج واستخلاص الاثر من باطن الارض،وتسجيل اوصافها واشكالها والمحافظة عليها وترميمها لاستنباط التاريخ منها،والقاء اضواء جديدة على الحضارة الانسانية الماضية وتطورها،باعتبارها شاهدا ماديا لها.

وانطلاقا من هذا التعريف يتضح الفرق الشاسع بين اعمال الحفر التي يقوم بها الحفر الذي يبحث عن الكنوز في باطن الارض،وبين العالم الاثري الذي يعتمد على اسلوب علمي في حفره،فهوفضل عن  استمتاعه بالعثور على الأشياء النادرة الجميلة، فانه يريد ان يعرف كل شيء عما يعثر عليه،ثم انه في جميع الحالات يفضل الحصول على المعرفة اهم من حصوله على الأشياء الثمينة التي يعثر عليها.

 

 

3. نشأة التنقيب الأثري

لقد سبق الاهتمام بالآثار وجمعها ظهور مصطلح اركيولوجيا، حيث يعد الملك البابلي نابونيد في القرن 6ق.م ،اول من اهتم بجمع الثار والتحف القديمة، كما يعد هوميروس الذي عاش خلل القرن 5ق.م اب علم الثار واول من ضمن كتاباته معطيات ووصف جد هام لمعالم اثرية، ثم زاد الاهتمام بالثار خاصة عند المؤرخين، مثل الكاتب بلينوس في القرن الاول ميلدي، وديدور الصقلي، واسترابو، وفيترو فيوس )ق 1م(. ولم يقتصر الاهتمام بالاثار على الكتاب فقط بل حتى الملوك والباطرة، وقد سبق وان ذكرنا الملك نابونيد، ومنهم ايضا قيصر يوليوس الذي يقول فيه استرابو بانه كان مولع بجمع التحف القديمة خاصة الاحجار الكريمة المنقوشة، كما يعد هادريان ايضا من المهتمين بالثار القديمة، ويذكر بانه قام بتجديد وتزيين منشآت معمارية كبرى اغريقية، وبنى في قصره مدرسة واكاديمية ورواقا لحفظ الرسوم، واول من انشأ متحفا للهندسة المعمارية ومتحفا للنحت.

اما في العصر السلمي فان الاهتمام بقي مستمرا سواء عند الكتاب او الامراء والسلطين، فاما الكتاب فان

الكثير منهم –خاصة الرحالة والجغرافيين- من جاءت نصوصه مطعمة باوصاف لمعالم اثرية واطلال مدن قديمة واوصاف دقيقة لمنشآت معمارية، ومن أولئك الكتاب الدريسي والمقريزي والمقديسي وابن رسته والبكري، ومن الكتاب من دعى الى حفظ الثار وصيانتها، كابن خلدون وعبداللطيف البغدادي، باعتبارها من تراث الأمة. اما الحكام فقد عمدو الى جلب وجمع البقايا الأثرية القديمة واعادة استعمالها في بناء منشآتهم الجديدة وتزيينها كالأعمدة والتيجان، واحيانا احتفظوا بعمائر واعادوا استعمالها دون تهديمها، واحيانا اخرى لم يتعرضوا لمعالم اثرية لتصل الينا سالمة من أي تخريب.

ويدل هذا الاهتمام على الحساس الكبير بقيمة تلك الثار سواء الجمالية او التاريخية عند القدماء، غير انه لم يرق ذلك الاهتمام الى دراسة هذه الاثار والتنقيب عنها، حتى الكتاب انذاك لم يقدموا سوى اوصاف ، ويبدوا ان الاهتمام الصريح بدراسة الاثار كان في ايطاليا، خلل القرنين 15 و 16 م، عندما انصبت البحاث حول الاثار الاغريقية والرومانية، وفي القرن 18 م تم اكتشاف حضارات اقدم من الحضارة الاغريقية والرومانية، وبدأ يتوسع مجال البحث الاثري خاصة بعد اكتشاف مراحل ما قبل التاريخ وما رافقها من جدل حول اصل ظهور النسان والحيوانات المنقرضة، وتم اجراء العديد من الحفريات في كبريات المدن الاثرية، مثل هرقولنوم" واتسع التنقيب بعدها لتشمل مناطق عديدة لبلد الرافدين ومصر ،"POMPEI" وبومبي "HERCULANUوغيرها.

وعلى الرغم من اهمية هذه التنقيبات التي كانت بمثابة الخطوات الساسية لتطور علم الاثار، ال انها لم تخلو من اخطاء كثيرة، فقد تعرضت المواقع التي اجريت فيها الحفريات الى تخريب جوانب كثيرة منها، بسبب الاهتمام بالتحف الثمينة واهمال غيرها من اللقى، التي اصبحت تعد في علم الثار الحديث ذات اهمية بالغة ل تقل عن تلك التحف، حيث اصبح عالم الاثار ليفرق بين تحفة من طين وتحفة من ذهب، وبين بقايا عظمية وأخرى فضية، وبين بقايا حجرية واخرى رخامية.

4. مجالات وميادين علم الاثار والتنقيب الاثري

يدرس علم الاثار البقايا والمخلفات المادية للنسان، من هياكل عظمية وعمائر وصناعات على اختلاف

انواعها، وفضل عن ذلك فهو يهتم ايضا بدراسة المحيط الذي كان يعيش فيه النسان، وما يرتبط به من ظواهر طبيعية، كالزلزل والبراكين والفيضانات والمناخ والتضاريس، باعتباران لها تأثير مباشر في حياة النسان واستقراره، ومن ثم من الضروري دراستها، ونفس الشيئ بالنسبة للثروة النباتية والحيوانية التي الفها النسان واستأنسها. ومن ثم ل يمكن حصر مجال علم الثار في دراسة البقايا الصناعية والفنية والعظمية للنسان، بل لبد من توسيع افقه ليشمل النسان ومخلفاته والبيئة التي عاش فيها، ليتعرف في الخير ومن كل ذلك على مختلف جوانب حضارته القتصادية والسياسية والثقافية والجتماعية... ومن ناحية اخرى، فان المجال التاريخي لعلم الثار ليمكن حصره بفترة زمنية محدودة، كما كان سائدا، اذ حسب بعض الاراء يبدأ مجال علم الاثار من بداية ظهور النسان وصناعته اول اداة الى غاية القرن 18 م، لكن في الحقيقة ل يمكن تحديده بفترة معينة، لان الحياة متواصلة، وكلما استمرت توسع مجال البحث الثري، حتى اذا اردنا ان نعرف الثر فان بعض القوانين والشرائع  لتحدد فترة زمنية معينة ينبغي ان يجتازها الاثر ليصبح اثرا، وانما هو كل ما خلفه النسان وله قيمة تاريخية وسياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية وفنية.

5. فروع و اختصصات علم الاثار

يقسم علم الاثار عادة الى مجموعة من الفروع والقسام، وهي تختلف من منطقة الى اخرى، حسب الفترات

التاريخية والحضارات التي عرفتها، وفي الغالب لنجد مجال للثار السلمية في الدول التي لم تشملها الحضارة السلمية، كما ان الاثار الاغريقية والرومانية تعد فرعا قائما بذاته بالنسبة لمناطق، وفي مصر ايضا تعتبر الاثار 3الفرعونية فرعا، بينما في الجزائر هناك فروع معتمدة وتدرس على اساس انها تخصصات مستقلة عن بعضها البعض، نذكرها فيما يلي:

-1 آثار ما قبل التاريخ:

وهو يهتم بدراسة الىثار العائدة الى بداية ظهور النسان والى غاية ظهور الكتابة.

-2 الاثار القديمة:

في هذا الفرع يتم دراسة آثار الحضارات القديمة بداية من الحضارة الفرعونية، بلاد الرافدين والحضارة

الاغريقية ثم الرومانية والساسانية، بالضافة الى باقي الحضارات الخرى في مختلف انحاء العالم.

ج- الاثار الاسلامية:

يدرس هذا الختصاص مختلف الثار التي خلفها المسلمون، منذ ظهور السلم الى غاية نهاية الخلفة السلمية العثمانية، واحيانا تقسم هذه الثار الى فترتين فترة العصر الوسيط وفترة العصر الحديث، ويقابل هذا في اوربا العصر الوسيط ثم عصر النهضة او العصر الحديث.

بينما تدرس ضمن ما قبل التاريخ آثار فجر التاريخ: وهي المرحلة التي تفصل بين ما قبل التاريخ والفترات التاريخية، والتي فيها بدأت تظهر البوادر الولى للكتابة، كما نظيف الى الفروع السابقة الصيانة والترميم، والذي  يدرس كتخصص مستقل هو الخر، اضافة الى تخصص آخر حديث لم يدرس بعد في الجزائر، وهو آثار ما تحت الماء  وهو يهتم بالثار الغارقة في البحار والمحيطات والتي تحت الماء بصفة عامة