ظهر شعر المقاومة الفلسطينية منذ ظهور النوايا الأولى لتهويد فلسطين.. منذ بداية تهجير سكانها، وتشريدهم وسلبهم ممتلكاتهم، والسعي إلى طمس هويتهم العربية الإسلامية. أي قبل نكبة 1948... بمعنى آخر: بديهي جدا أن يترافق ظهور الظلم بظهور الرفض، وإذا كانت الثورة الجزائرية قد انتزعت الاهتمام والفخر والتمجيد، فإنّ الثورة الفلسطينية قد استحوذت على قلوب وعقول الشعوب العربية بمساندتها، وتمسكها بعدالة قضيتها، وانبهارها بقوّة صمود شعبها الأبيّ الحرّ.

       I.            أبرز شعراء القضية الفلسطينية:

    الشعراء الذين ناضلوا في سبيل القضية الفلسطينية لا حصر لهم، كل يوم يولدون ويبعثون، لا يمكن عدهم أو إحصاؤهم...باعتبار فلسطين قلب الأمة العربية/ )بل يتضح من شكل خارطتها الجغرافية أنّها فعلا (خنجر في قلب الأمة العربية)، ولعل أشهرهم:

 محمود درويش، سميح القاسم،فدوى طوقان، ابراهيم طوقان، نزار قباني، مفدي زكرياء، يوسف العظم، الجواهري، أمل دنقل، عز الدين المناصرة، تميم البرغوثي، محمد العيد أل خليفة، عز الدين المناصرة، توفيق زياد، سالم جبران، رشيد سليم الخوري، راشد حسين، عصام العباسي، سليم يوسف جبران، نايف صالح سليم، حبيب زيدان شويري، وشادي الريف، عمر أبو ريشة...إلخ  

     II.            أهم الخصائص :

1.   تمجيد الهوية:

 يقول الشاعر نزار قباني: «

 يا قدس يا منارة الشرائع

 يا طفلة جميلة محروقة الأصابع

حزينة عيناك يا مدينة البتول

يا واحة ظليلة مرّ بها الرسول

حزينة مآذن الجوامع

حزينة حجارة الشوارع

من يغسل الدماء عن حجارة الجدران؟

من ينقذ الانجيل؟

من ينقذ القرآن؟

     ونلاحظ طغيان النزعة الإسلامية،  يقول الشاعر مفدي زكرياء:

"فلسطين.. يا مهبط الأنبياء، ويا قبلة العرب الثانية/ ويا حجة الله في أرضه، ويا هبة الأزل السامية/ فلسطين... والعرب في سكرة قد انحدروا بك للهاوية !/..... /بكيت فلسطين في حائط به –قبل- قد كانت الباكية/ فيا لك من معبد نجسوا حناياه بالسوءة البادية/ ويا لك من قبلة كدّسوا بمحربها الجيف البالية/ ويا لك من حرم آمن جياع ابن آوى به عاوية.

2.     الاعتماد على الرمز: (الزيتون - الحمام ): 

 يقول صلاح عبد الصبور:

"كانت له أرض وزيتونة / وكرمة وساحة دار/ وعندما أوفت به سفائن العمر/ إلى شواطئ السكينة/ وخطّ قبره على ذرى التلال/ انطلقت كتائب التتار/ تذروه على أرضه الحزينة/ لكنه، خلف سياج الشوك والصبار/ ظل واقفا بلا ملل / يرفض أن يموت قبل الثار/ يا حلم يوم الثار.

3.                 الصمود والتحدي:

 ونمثل لذلك بقصيدة محمد العيد آل خليفة "فلسطين العزيزة"،  ويقول الشاعر  عبد الوهاب البياتي: "أنا لن أموت/ ما دام في مصباح ليل اللاجئين/ زيت ونار عبر مقبرة الحدود/ حيث الخيام الباليات / كأنها في الريح تشير إلى طريق العودة/ الدامي القريب.

   III.            أهم مواضيعها:

1.        الفخر والتحدي:

قال الشاعر تميم البرغوثي:

"سنحمي الغريبين من كل سيف/ بريش الحمام وأوهى البيوت/ سنبقي المآذن في المشرقين/ بخيط رفيع وخبز فتيت"

2.       قداسة الوطن: 

 يقول الشاعر الأردني "جميل علوش":

"يا أمتي ذوبت روحي نائحا/ أواه لو تدرين بعد مزافري/ زحفت عليك الحادثات فرابطي/ وعدت عليك العاديات فصابري/ وترقبي الغد إنّ فيه بشائرا/ للزاحفين مع الصباح الباكر.

3.      صور المعاناة:  

 قول الشاعر الجزائري " أزراج عمر" في قصيدة بعنوان "حدثتني حبيبتي":

"حدثتني عن بكاء الطفل في (يافا) الغريقة/ عن جريح عانق التربة مشتاقا إلى صدر الوطن/ عن دنا الحزن وعن ذكر المحن/ حدثتني... وهي تبكي، وتمد الرمش جسرا للزمن/ قتلوا لكن: وعدنا لو عظاما سوف نأتي."

4.       الاهتمام بموضوع المرأة ودورها النضالي:

 شكلت المرأة أهم موضوعات القصيدة على مرّ العصور.. وبالنسبة لحضورها في النضال الشعري الفلسطيني، فإنه لم يقتصر على كونها موضوعا للقصيدة فحسب؛ بل كانت بالإضافة إلى ذلك منشئة القصيدة/ شاعرة، فكانت الفاعل والمفعول لأجله... 

 تقول الشاعرة "ريتا عبده":

"أشعر أنني / بحاجة إلى شيء/ لا يتعلق بالمحبة/ ولا يتعلق بالكراهية/ بشيء لا يمكن البحث عنه أكثر/ لأنه غالي الثمن.. لأنه شبه معدوم/ ......../ ما أحتاج إليه أنا/ موجود داخل أعمق أعماقي/ ما أحتاج إليه أنا/ ما هو إلاّ .. العودة.

5.       صورة( المجاهد/ الشهيد )البطل:

يقول الشاعر أحمد محمد الشامي:

"بالأمة نقسم والجمهور،/ والعزّة.. والقدر المقدور/وبما في صفحتنا مسطور/ سنحارب كي نحيا سعدا/ ونضحي بالأرواح فدا/ بدماء الأحرار الشهداء... سنحقق النصر.

6.       صمود الطفولة المعذبة:  تقول فدوى طوقان:

"وشرعت جهنم أبوابها/ وابتلعت براعم الصبي الطري في أقبائها/ ولم تزل هنالك الغنوة/ على شفاه الفرسان/ حمراء مزهوة/ تخترق الظلام والجدران.

يقول عز الدين ميهوبي:"كفى يا ابني/ فقد أتعبتني يا ابني/ وتعرف أنني عاطل/ رغيف من عجين المرّ/ يطلع في يدي اليمنى/ وخلف الباب سفاح/ ومستوطنة تبنى/ فحلمك يا بني باطل.

 

    ختاما، يتأكد أنّ شعر القضية الفلسطينية ما زال يباشر النمو والنضج والتطور، دون الحياد عن مبادئ القضية ومرتكزاتها، مما جعله حافلا بتعدد الثقافات و المعارف ووجهات النظر، و تجدر الإشارة إلى تزامن كتابة هذه الصفحات مع الحدث الأعظم "طوفان غزة" : "الله أكبر هذا الفجر قد فلقا/ وزلزل الكفر والطاغوت قد خرقا/ من غزّة المجد طوفان يفجره/ القسّام نصرا...ووعد الله قد صدقاويقول الشاعر "باشراحيل":"ارم الطغاة ولا يؤدي بك الأسف/ فقوم صهيون جاروا اليوم واعتسفوا/ وانثر دماءهم كما دمنا الذي نثروا/ تصلاهم النار في أعماقها قذفوا/ صبرا فلسطين ليل الظلم مرتحل/ والضيم بعد شروق الشمس ينصرف وما أبلغ قول تميم البرغوثي، قبل هذا: "في القدس لو صافحت شيخا أو لمست بناية/ لوجدت منقوشا على كفيك نص قصيدة يا ابن الكرام أو اثنتين."...

Modifié le: Friday 3 May 2024, 12:05