فن شعبي قديم ينتمي لصنف مسرح الدمى وإن كان يسبقها تاريخيا، تمثل الشخصيات فيه دُمى تتحرك من وراء ستارة بيضاء شفافة يُسلّط الضوء عليها من الخلف فيرى المتفرجون ظلالها ممّا يفسّر التسمية، ويُـطلق على الدّمى في عروضه اسم الشخوص، والذي يحركها اسم "المـُخايِل" أو"المحرِّك"، تسمى الواحدة من تمثيليات خيال الظل "بابة" وتجمع لغتها عادة بين الفصحى والعامية، وبين الشعر والسجع...
شخصيات خيال الظل:
هي مجموعة من الأشكال المسطحة مصنوعة من الجلد أو الورق الملوّن، تمثّل كائنات إنسانية و حيوانية و بعض قطع الإكسسوار، تكون مجهزة بثقوب يدفع فيها اللاعب عيدان الخشب أو غيره بحيث يمكن تحريكها و جعلها تؤدي أدوارها بدقة.
أصول خيال الظل و انتشاره
نشأ خيا«خيال الظل » في الشرق الأقصى، و يعتقد من التسمية التي تطلق عليه أحيانا " الخيالات الصينية" أنّ موطنه الأصلي هو الصين، حيث عُرف منذ القرن العاشر كتسلية للإمبراطور، تطور خيال الظل الصيني و تحوّل إلى شكل فرجة جوالة و إلى تسلية من تسالي مسرح الأسواق ممّا رفد نصوصه بمواضيع و أساطير و ملاحم مستمدة من التراث الشعبي، كذلك أنّ عروضه كانت في كثير من الأحيان تُهدى إلى الآلهة في المواسم الزراعية و في مناسبات اجتماعية ( زواج، وفاة، أو ولادة)
انتقل خيال الظل إلى الهند وإلى جزيرة « جاوة» الأندونيسية، ومنها إلى المنطقة العربية بفضل حركة التجارة، و يُفترض أنّه عُرف في العراق و سورية بداية ثم في مصر (أقدم إشارة إلى خيال الظل في مصر تعود إلى عهد السلطان صلاح الدين الأيوني في القرن الثاني عشر )، و منها انتقل إلى تركيا في زمن حكم السلطان سليمان الأول لمصر في القرن السادس عشر.
انتشر خيال الظل في فترة الحكم العثماني أيضا في شمال إفريقيا و دول البلقان، و أخذ في كل منطقة طابعا محليا، لأنّ المواضيع مستمدة من الحياة اليومية . كذلك عرف في ايطاليا و فرنسا منذ القرن الثامن عشر حيث كانت عروضه تقدم في الحانات (كباريه القطة السوداء في باريس ). وقد انتقل بسرعة إلى بقية دول أوروبا مثل انجلترا و ألـــــمانيا و من ثم إلى أمريكا، و أخذ هذا الفن بالتراجع مع دخول السينما.
خيال الظل في العالم العربي
تعتبر عروض خيال الظل من أقدم الأشكال الدرامية في العالم العربي و أكثرها قربا من المسرح، كما أن التصاقها بالواقع وخلوها من أي طابع ديني يجعل منها أكثر الأشكال المسرحية تعبيرا عن الأدب الشعبي بما فيه من وضوح و صراحة، خاصة وأنها كانت تقدم في المقاهي حيث يجتمع الناس من مختلف الفئات. و بالفعل فإنّ نصوص خيال الظل ذات طابع نقدي واضح يطل الحياة الاجتماعية و السياسية و يتطرق إلى كل الممنوعات في لغة فجة لا تخلو من المباشرة.
و كانت عروضه وسيلة تعبير شعبية عن مشاكل الساعة يمكن أن تصل إلى حد التحريض(المسرح التحريضي)
خصائص مسرح الظل
يقوم مسرح الظل على التحريك كمسرح الدمى، ويعتمد على الحوار الذي يؤديه الحكواتي من وراء الكواليس، يستند إلى التراث الشعبي، هدفه ترفيهي تربوي، من أهم مقومات مسرح خيال الظل وخصائصه أنه: يقوم على تتبع حركات الخيال، وربطها مع النص المقدم الإدراك المعني، كذلك بالضوء و الضلال المصورة ... للأشياء عبر هذا الضوء بغية نقل فكرة معينة أو رسالة هادفة ، وتحرك عرائس خيال الظل في اتجاه مواز لشاشة العرض، حيث يلصقها المقدم خلف الشاشة لتؤدي جميع الحركات في بطء شديد.