مفهوم التنظير المسرحي:

     التنظير المسرحي هو أن يضع المبدع أو عالم المسرح مشاريع أو أوراق أو دراسات أو بيانات تحمل تصورات نظرية، الهدف منها فهم ماهية المسرح ومقوماته الفكرية والجمالية... مع تحديد الهدف من هذا التنظير الجديد، بهدف إحداث قطيعة مع المسرح الغربي، والتأسيس لمسرح عربي أصيل.

بدايات التنظير في المسرح العربي:

      اشتغل الكثير من المنظرين العرب على إصدار بيانات تنظيرية للمسرح العربي قصد السير به نحو حداثة حقيقية لا تتعارض مع الهوية العربية، ويُعد يوسف إدريس من السباقين إلى التفكير في التأصيل المسرحي من خلال المقالات التي كان ينشرها تحت عنوان "نحو مسرح مصري"، و التي غُيرها فيما بعد إلى (نحو مسرح عربي).

في سنة 1967م (ثلاث سنوات بعد بيانات يوسف إدريس) أصدر "توفيق الحكيم" تصوّرا تأصيليا للمسرح العربي تحت عنوان"قالبنا المسرحي" دعا فيه إلى تجريب أشكال التراث الشعبي والمتمثّلة في المقلد والقصاص والراوي و الحكواتي و استثمارها في المسرح العربي.

أمّا سعد الله ونوس  فقد أصدر كتابه" بيانات لمسرح عربي جديد" دعا فيه إلى هدم فكرة الجدار الرابع، قصد إقامة علاقة جديدة يندمج فيها الممثل بالمتفرج.   

وإذا كان سعد الله ونّوس قد دعا إلى فكرة هدم الجدار الرابع فإن "علي الراعي" أورد في كتابه (الكوميديا المرتجلة) قضية جديدة تقوم على فكرة الارتجال في المسرح بغية التوصل إلى تأصيل المسرح العربيز

التنظير المسرحي المغاربي:

      شهدت بلدان المغرب العربي منذ ستينيات و سبعينيات القرن الماضي عديد النظريات والبيانات والعروض المسرحية التطبيقية، والتي استهدفت إرساء تصور مسرحي جديد، من شأنه  التأسيس لمسرح عربي و خصوصية تراثية أصيلة، و كانت باكورة هذا هذا التوجه من وهران بالجزائر مع فرقة "مسرح البحر"  بقيادة قدور النعيمي الذي أصدر بيانه الأول عام 1968 م، يقوم هذا المسرح على الارتجال ومشاركة الكل  في العرض المسرحي خلقا وإبداعا...

  و في سنة 1979 م أصدر عبد الكريم برشيد  مجموعة بيانات سميت "بيان المسرح الاحتفالي العربي الأول"، أكّد فيه أنّ المسرح احتفال ولقاء جماهيري بين الممثلين والمتفرجين، فيه تمرد عن الفضاءات المؤسساتية لتتوالى  بعد ذلك البيانات و التنظيرات المسرحية تأليفا وإخراجا وتمثيلا ورؤية، نذكر منها:

- المسرح الثالث/ المسرح الفقير: ظهرت نظرية المسرح الثالث سنة 1980م في المهرجان الواحد والعشرين لمسرح الهواة بتطوان، ويسمى ببيان تطوان

- مسرح النقد والشهادة:

      يعدّ محمد مسكين الممثل والمخرج والناقد واحدا من أعلام المسرح المغاربي، أنشأ توجها جديدا أطلق عليه اسم مسرح:« النقد والشهادة » سنة 1987 م  كمقالات نُشرت  في مجلة " التأسيس " المغربية في عددها الأول، و يتميز هذا بالمسرح بالمزج بين المسرح الاحتفالي والمسرح الملحمي، هدفه خلق جمهور ثوري ينفعل، يسأل و يبحث ويربط ما يجري فوق الخشبة .

- مسرح الكوميديا الصادمة

الكوميديا الصادمة "تسمية حديثة ظهرت مع غياب التراجيديا كنوع، و استخدمت لتوصيف مسرحيات لا علاقة لها بالكوميديا إلا من حيث الاسم لأنّ طابعها مأساوي و النظرة التي تحملها نظرة متشائمة، و إن كانت تعتمد السخرية لإظهار هذه المأساوية. و الخاتمة [فيها] ليست سعيدة، و إن حصل ذلك فبمحض الصدفة"، و يعتبر المغربي لحسن قناني  من أهم المنظرين المسرحيين للكوميديا السوداء في كتابه القيم (الكوميديا الصادمة) الصادر عام  2012 م.

- مسرح المرحلة

       مسرح المرحلة "هو مسرح يسترشد بحركة التاريخ ، و يحرص على أن يتحول الفعل المسرحي إلى صرخة لتمكين المتفرج من اتّخاذ موقف تجاه الحياة و تلركيبتها الاجتماعية المعقدة و ليتحرر من عقده و إحباطاته وفق شروط الفرجة المتكاملة التي يجب أن تتم في الأحياء الجامعية و المعامل و الساحات العمومية

نظرية مسرح القوال:

   تعتمد هذه النظرية على مناهضة المسرح الغربي بمفهومه الأرسطي، وتوظيف التراث الشعبي، ومحاولة تأسيس مسرح عربي على أساس الموروث الشعبي و تأصيله على مقومات محلية باعتبار الحلقة فرجة شعبية منفتحة في تواصلها مع الجمهور الذي يعتبر هو الآخر مشاركا فعالا بقدرته على التخييل؛ "هذه الفرجة لا يمكن أن تكون شيئا آخر غير الريبورتوار التقليدي الذي يقوم على الحكايات والأساطير العجيبة التي تشدّ المارة، وفي غالب الأحيان يكـون المـداح أو القوال شـاعرا ومؤلفا للنص الدرامي الذي يعرضه.

- نظرية المسرح التراثي

    يعد عز الدين من أهم المنظرين العرب الذين انشغلوا بقضية التنظير المسرحي، والاهتمام بهوية المسرح تأسيسا وتجريبا وتأصيلا، فقد نشر سنة 1978م في مجلة الحياة الثقافية بتونس مقالا نظريا بعنوان" نحو كتابة مسرحية عربية حديثة" مدافعا عن نظرية مسرحية عربية جديدة تقوم على تشغيل التراث بطريقة إبداعية هادفة قوامها التجديد وتحقيق الحداثة الحقيقية.

Modifié le: Friday 19 April 2024, 21:18