المحاضـرة العاشــرة:

المشتقـــات في العـربيــة :

       (تمهيد ، الاشتقاق في العربية بين اللغة و الاصطلاح ،أصل الاشتقاق بين البصرة و الكوفة، أنواع الاشتقاق ، الفائدة من الاشتقاق ).

تمهيد :لقد امتازت اللغة العربية كغيرها من اللغات ،بأنّها لغة تصريفية،تعتمد على خصائص ومزايا ذاتية في سدّ عَوزها من المستجدات الحضارية ، وباعتبار الاشتقاق عملية خلق و إبداع في اللغة ،وهو رافد مهم لها يسعى إلى تزويدها بما تحتاج إليه من المفردات و الصيغ ، فهو عامل من عوامل نمو اللغات وتطورها ، ووسيلة من وسائل إثرائها بالمفردات لتتمكّن من التعبير عن مستجدات الحياة من الأفكار و العلوم و الفنون وغيرها .

لذلك تُعدُّ ظاهرة "الاشتقاق"من أهمّ خصائص اللغة العربية ، ومن أهم الظواهر اللغوية التي اعتمدت عليها في توليد الألفاظ وإنتاجها ، سعيا إلى الزيادة في الثروة المعجمية ،وتكثير مفرداتها اللغوية ،فهو بذلك من أغزر الموضوعات اهتماما وأوفرها رعاية في نطاق البحث اللغوي ،إذ لا يكاد يخلو مدوّن متخصص في اللغة من مبحث تحت عنوان :"الاشتقاق" لا سيما وأنّه يمدُّ اللغة بمفردات لا يجد المتكلم إليها سبيلا بسواه .

  إنّ دراسة أولية لموضوع الاشتقاق في اللغة العربية ، قد تستوقف كلَّ باحث يريد النظر في سعة هذه اللغة وديمومتها ،لا سيما وأن ّموضوع الاشتقاق" مزيةٌ فارقةٌ للغة العربية عن كثير من اللغات الأخوات ،فضلا عن كونه موضوع خلاف في جوانبه المتعددة من أصل وفرع وأنواع ..، لذلك  كان تقسيم المحاضرة إلى نقاط أساسية تشكّل تساؤلات هي كالتالي :(ما تعريف الاشتقاق في اللغة و الاصطلاح ؟ وكيف تبلورت مباحثه عند علماء العربية في قوالب صرفية ونحوية ولغوية؟ ما أصل الاشتقاق في العربية ،وما مدى الخلاف القائم بين البصريين و الكوفيين حول مسائل الاشتقاق ؟ وما هي أنواع الاشتقاق في العربية؟ ، ثم ما الفائدة من الاشتقاق؟؟؟؟؟.

أولا  :مصطلح الاشتقاق بين اللغة و الاصطلاح :إنّ موضوع الاشتقاق من أغزر الموضوعات اهتماما وأوفرها رعاية في نطاق البحث اللّغويّ ، وباعتبار العربية لغة للجمال و التفرد ، تتميز بخصائص منحتها تلك المكانة العالية ، ومن تلك الخصائص التي تكتسي بها نضارة وبهاء وثراء "خاصية الاشتقاق"، لذلك فهو خاصية في اللغة العربية ، وبفضلها تتميز بالحياة التي تنمو بها ألفاظها ودلالاتها ،وينتج عن ذلك كلّه بقاء اللغة وحفاظها على أصولها وفروعها .

   وبما أنّ العربية تنمو وتتكاثر مثل أي كائن حيّ ؛وذلك عن طريق ألفاظ وأساليب جديدة تدخل في الاستعمال ، فالاشتقاق من أهم هذه الأساليب على الإطلاق ؛إذ عن طريقه تنمو اللغات وتتسع ،حتى تتمكن من التعبير عن الجديد من الأفكار و المستحدث من وسائل الحياة المتطورة ،خاصة وأنّ اللغة توصف بأنّها اشتقاقية حين تتجسد قابليتها للتصرف و التجدد و توليد الأبنية المختلفة، فتخلق الألفاظ وتتجدد الدلالات وتنمو لتواكب مطالب الحياة المتجدّدة ،فما تعريف الاشتقاق في اللغة و الاصطلاح ، وما هي أنواعه ؟و ما الفائدة منه ؟وما الأصل في عملية الاشتقاق عند مؤسسي اللغة العربية من الكوفيين و البصريين ؟؟؟؟؟  .

أ ـ تعريف الاشتقاق لغة : لقد ذكر اللغويون الاشتقاق في معاجمهم ,و قواميسهم قديما و حديثا  وذلك ما نصّ عليه "ابن منظور" في  معجمه لسان العرب قوله: "ش ,ق , ف" الشـق :مصدر قولك :شققت العود شقاً,و الشق :الصدع البائن ...و شقّ الصبح شيقٌ شقاً :إذ طلع , و يقال  اشتقاق الشيء،بيانه من المرتجل ، واشتقاق الكلام الأخذ فيه يمينا وشمالا ، واشتقاق الحرف من الحرف الأخذ منه ،..واشتقّ الخصمان وتشاقّا : تلاحّا في الخصومة..ويقال:شقق الكلام إذا أخرجه أحسن مخرج.."[1]  

 وأورده "الفيروز أبادي"في "قاموسه المحيط"قائلا :"ش ق ق :يقال شقّه أي:صدغه ،وشقق الحطب شقّه فتشقّق ،والكلام أخرجه أحسن مخرج ، وانشقت العصا بمعنى تفرقّ الأمر..   والاشتقاق  هو أخذ شق الشيء و الأخذ في الكلام ، وكذا في باب الخصومة يمينا وشمالا ..وأخذ الكلمة من الكلمة ...."[2] ، أمّا "ابن فارس"فقد أورد الاشتقاق"في مادة:"ش ق ق": الشقاق  الخلاف ،وذلك إذا انصدعت الجماعة وتفرقت ، ويقال :شقوا عصا المسلمين، وانشقّت عصا القوم بعد التآمها: إذا تفرّق أمرُهم ،و الشق :الشقيق ،يقال هذا أخي وشقيقي شقّ نفسي...ّ[3].

   فما نلاحظه في هذه التعريفات اللغوية أنّ الاشتقاق في اللغة هو الأخذ من الشيء ، وفي الكلام هو أن يذهب اللفظ يمينا وشمالا  مع وجود الأصل المنبثق عنه ،فأخذ الشيء من الشيء واشتقاق الحرف من الحرف أخذه منه ، وكذلك أخذ الكلمة من الكلمة و اشتقاق الكلام إخراجه  أحسن مخرج ،وليس أدل على ذلك ما ورد في الحديث القدسي ّقوله عليه الصلاة والسلام حاكيا عن ربه :"أنَا الرحمن خلقت الرحمَ ،وشققت لها من اسمي ، فمن وصلها وَصَلته ، ومن قطعها قطعته....."[4].

ب ـ تعريف الاشتقاق في الاصطلاح :لقد عرّف العلماء القدامى الاشتقاق رغم اختلاف عصورهم  في تعريفات تباين بعضها واختلف ، وتناغم بعضها الأخر وائتلف ، فمن منطلق نظرة كلّ واحد منهم للاشتقاق ، وهذه التعريفات التي سنورد بعضَها تعكس كلُّها إجماع أهل اللغة ـ إلاّ من شذّ منهم ـ أنّ للغة العربية قياسا ، وأنّ العرب تشتقّ بعض الكلم من بعض..، لذلك نجد في بعض تعاريف الاشتقاق على أنّه :"أخذ صيغة من أخرى ، مع اتفاقهما معنى ومادة أصلية وهيئة تركيب لها ، ليدل بالثانية على معنى الأصل بزيادة مفيدة ،لأجلها اختلفا حروفا وهيئة، ك ضارب من ضرب ، وحذرٌ من حَذِرَ.."[5]،كما عرفّه "ابن دريد"ذاكرا في كتابه أنّ الاشتقاق "أخذُ كلمة من كلمة أو أكثر ،مع تناسب بينهما في اللفظ و المعنى" [6]، إذ يفهم منه أنّ المقصود من الاشتقاق ردّ كلمة في سبيل الكشف عن معناها إلى ما يعتقد أنّه أصل لها ، لذا يكفي عنده وجود وشيجة معنوية بين لفظتين متشابهتين في اللغة العربية لفظا ومعنى ليتم بينهما الاشتقاق .أمّا "السكاكي" في مفتاحه:فقد أشار إلى تعريف الاشتقاق بقوله :"هذا نزع لفظ من آخر بشرط تناسبهما معنى وتركيبا ، ومغايرتهما في الصيغة ..."[7].

ولعلّ أوضح ما قيل في توثيق الاشتقاق ما ذكره"الجرجاني"من أنّ الاشتقاق هو:"نزع لفظ من أخر بشرط تناسبهما في المعنى و التركيب ، وتغايرهما في الصيغة بحركة أو بحرف ، وأن يزيد المشتق على المشتق منه بشيء :كضارب أو مضروب يوافق ضربا في جميع ذلك ..."[8]، وما يوثّق مقولة الجرجاني أن يُطلق على الأصل (المشتق منه) وعلى الفرع (المشتق) ،وفيه يقول "ابن عصفور الاشبيلي:"أمّا المشتق فيقال للفرع الذي صيغ من الأصل ، وأمّا المشتق منه فهو الأصل.."[9]،إذ يتضح مما سبق أنّه يشترط أن يتّفق المشتقّ و المشتقّ منه في المادة الأصلية و المعنى العام وترتيب الحروف ،فتقول :درس،يدرس،ادرس،دارس،مدروس،مدرسة ،دراسة....فهي كلّها صيغ تشتق من أصل واحد يجمع الأصول الثلاثة للمادة تسمى"الجذر"درس"، أي بينه وبين الأسماء المشتقة صلة من حيث الشكل ، ومما جاء في تعريف الاشتقاق عند المحدثين ما ذكره" الميداني" من أنّه لابد من مطابقة اللفظ للمعنى، إذ يقول:"الاشتقاق هو أن تجد بين اللفظتين تناسبا في المعنى و التركيب   فتردّ أحدهما إلى الآخر،نحو ردّك:"ضرب" إلى الضرب" و المضروب و المضرب إليه أيضا،للمناسبة التي بينهما  في اللفظ و المعنى ..أمّا إذا اتفقا في المعنى ولم يتفقا لفظا نحو :"ذئب و سرحان "نَصَرَ وأعان" ، فلا يقال هذا مشتق من ذاك ، لأنّ نصر" ليست من تركيب"أعان" ، ولا في "ذئب من حروف سرحان" وإن اتفقا في المعنى ...[10]، أمّا الدكتور"إبراهيم أنيس" فقد أورد تعريف الاشتقاق مؤكدا على شرط المأخوذ و المأخوذ منه ،في قوله:"الاشتقاق هو استخراج لفظ من لفظ آخر متّفق معه في المعنى و الحروف الأصلية .."[11]،أمّا "راجي الأسمر"فيعرف الاشتقاق على أنّه :"اقتطاع فرع من أصل ،يدور في تصاريفه حول ذلك الأصل.."[12]،وفي تعريفه إشارة إلى شروط الاشتقاق  إذ لا بد للمشتق أن يكون له أصل باعتباره مأخوذا من لفظ آخر،في وقت يجب أن يناسب المشتق الأصل في الحروف،"فالأصلية و الفرعية" لا يتحقّقان بدون التناسب بينهما .

كما يُعرَف الاشتقاق أيضا على أنّه :"أخذ كلمة من كلمة أو أكثر مع تناسب بين المأخوذ  والمأخوذ منه في اللفظ و المعنى جميعا...."[13].

مما نلحظه من خلال التعاريف أنّ المحدثين لم يخرجوا في تعريفهم للاشتقاق عمّا ذهب إليه القدامى  وربما زادوا في التعريف شيئا من الدلالة البيانية ،لأنّ توليد الألفاظ بعضها من بعض لا ينشأ إلّا من الألفاظ التي بينها أصل واحد ترجع إليه وتتولد منه .

    ليبقى الاشتقاق عملية استخراج لفظ من لفظ ،أو صيغة من أخرى بحيث تظل الفروع المولّدَة متصلة بالأصل ،ومعنى هذا أنّ أخذ لفظ من آخر مع تناسب بينهما في المعنى وتغيير في اللفظ يُقدّم لنا زيادة على المعنى الأصلي ،وهذه الزيادة هي سبب الاشتقاق ،لذلك:

نحن ندرس الاشتقاق في ظلّ دلالته الوضعية على انّه توليد بعض الألفاظ من بعض   والرجوع بها إلى أصل واحد يحدّد مادتها و يوحي بمعناها المشترك الأصيل، مثلما يوحي بمعناها الخاص  الجديد .

 

 

 

 

 

 

 

 

ثانيـا: أصـل الاشتقــاق : اختلف النحاة العرب وعلماؤهم في أصل المشتقات ،فقال البصريون الأصل في الاشتقاق أن يكون من المصدر (وهذا ما ذهب إليه معظم اللغويين..)[14]، أمّا الكوفيون فقالوا :أنّه من الفعل ...وفي هذا الباب يشير "الحملاوي :" وأصل المشتقات عند البصريين "المصدر" ، لكونه بسيطا أي يدلّ على الحدث فقط ،بخلاف الفعل ،فإنّه يدلّ على الحدث و الزمن ، وعند الكوفيين الأصل هو :"الفعل" لأنّ المصدر يجيء  بعده في التصرّف  والذي عليه جميع الصرفيين الأوائل ...."[15].

   لذلك ،فإنّ مسألة الاختلاف في أصل الاشتقاق من المسائل التي لم يُتوصّل فيها إلى حلّ أو رأي قطعيٍّ،وأصل الخلاف فيها بين نحاة البصرة والكوفة ، إذ وقف كلُّ فريق على رأيه داعما ما ذهب إليه  مُقدّمًا أدلته لإثبات معتقده ..، وهي القضية التي عرضها "أبو البركات الانباري" حين تعرض للمسألة بعرض مفصل في كتابه المشهور: (الإنصاف في مسائل الخلاف بين البصريين  والكوفيين)موضحا آراء الطرفين ، حيث يقول :"ذهب الكوفيون إلى أنّ المصدر مشتق من الفعل وفرع عليه نحو:ضرب ضربا،وقام قياما .. وذهب البصريون إلى أنّ الفعل مشتق من المصدر وفرع عليه...."[16]، وقد لخّص "ايميل بديع يعقوب"آراء وحجج البصريين و الكوفيين في أصل الاشتقاق في كتابه :"موسوعة النحو و الصرف "بناء على ما جاء في كتاب "ابن الانباري" ما نصّه [17]:

1ـ حُجـج البصـريين وأدلتـهم :

ـ استدل البصريون على ما ذهبوا إليه أنّ المصدر أصل للاشتقاق ،بأنّ المصدر يدلّ على زمان   مطلق ،والفعل يدلّ على زمان مُقيّد ، وما كان مطلقا فهو أصل للمُقيّد ، فالمصدر أصل للفعل ـ  ـ استدلوا أن المصدر أصل للفعل هو أنّ المصدر اسم ،و الاسم يقوم بنفسه ويستغني عن الفعل لكن الفعل لا يقوم بنفسه ، بل يفتقر إلى غيره ،ومن يقوم بنفسه و لا يفتقر إلى غيره هو أولى بأن يكون أصلا ممّا لا يقوم بنفسه ويفتقر إلى غيره .

ـ واستدلوا أيضا على أنّ المصدر هو الأصل ، أنّ المصدر إنمّا سُمّي كذلك لصدور الفعل عنه .

ـ إنّ المصدر يدلّ على شيء واحد هو الحدث ، أمّا الفعل فيدل بصيغته على شيئين اثنين : "الحدث و الزمن" المحصّل ، وكما أنّ الواحد أصل الاثنين ،فكذلك المصدر أصل الفعل .

ـ إنّ المصدر له مثال واحد نحو :"الضرب و القتل"و الفعل له أمثلة مختلفة ،كما أنّ الذهب نوع واحد ، وما يوجد منه أنواع وصور مختلفة .

ـ إنّ الفعل بصيغته يدلّ على ما يدلّ عليه المصدر ، فالفعل ّضرب"مثلا يدل ّعلى ما يدلّ عليه الضرب هو المصدر ،وليس العكس صحيحا ،لذلك كان المصدر أصلا و الفعل فرعا ، لأنّ الفرع لابد أن يكون فيه الأصل .

ـ لو كان المصدر مشتقا من الفعل لكان يجب أن يجري على سنن في القياس ، ولم يختلف كما لم يختلف أسماء الفاعلين و المفعولين، ولوجب أن يدلّ على ما في الفعل من حدث وزمان ، وعلى معنى ثالث كما دلت أسماء الفاعلين و المفعولين على الحدث وذات الفاعل و المفعول به ،فلما لم يكن المصدر كذلك دل على أنّه ليس مشتقا من الفعل .

ـ  المصدر هو أصل الفعل وأنّه ليس مشتقا من قولهم :"أكرم إكراما" بإثبات الهمزة ، ولو كان مشتقا من الفعل لوجب أن تحذف منه الهمزة كما حذفت في اسم الفاعل واسم المفعول نحو "مكرِمٌ ، مكرَمٌ".

ـ دليلهم بأنّ المصدر هو أصل الفعل تسميته مصدرا،فإنّ المصدر هو الموضع الذي يصدر عنه  ولهذا قيل للموضع الذي تصدر عنه الإبل مصدرا،فكما سمّي مصدرا دلّ على أنّ الفعل صدر عنه.

2 ـ حُجـج الكوفييـن وأدلتهـم :

  استدل أهل الكوفة في ما ذهبوا إليه على أنّ الفعل أصل و المصدر مشتق منه ،وفرع عليه:

ـ أنّ المصدر يصحّ لصحة الفعل ، ويعتلّ لاعتلاله ،نحو:"قاوم ،قواما ،قام ،قياما ....".

ـ  استدلوا على أنّ الفعل أصل للمصدر ،أنّ الفعل يعمل في المصدر ، نحو:"ضربت ضربا" ، وبما أنّ رتبة العامل قبل رتبة المعمول ؛وجب أن يكون المصدر فرعا على الفعل .

ـ  أنّ المصدر يذكر تأكيدا للفعل نحو:"ضربت ضربا"ورتبة المؤكَد قبل رتبة المؤكِد.

ـ  استدلوا أنّ الفعل أصل للمصدر ،أنّ ثمة أفعالا لا مصادر لها ، وهي "نعم ،بئس، ليس  عسى،وفعلا التعجب"أفْعِلْ ، ما أفعل، حبذا.."، فلو كان المصدر أصلا لما خلا من هذه الأفعال لاستحالة وجود الفرع من غير الأصل .

ـ أنّ المصدر لا يُتصور معناه ما لم يكن فعل فاعل ، والفاعل وضع له "فعَلَ يفْعَلُ" فينبغي أن يكون الفعل الذي يعرف به المصدر أصلا للمصدر .

ملاحظة: اختلف الباحثون العرب المعاصرون أيضا حول هذا الأصل (الانتصار للكوفة أو للبصرة)، ولعلّ دليل هذا الاختلاف :

ـ أن أصل الاشتقاق في العربية ليس واحدا ، فاشتقت العرب من الأفعال ؛أي اشتقوا أفعالا من أفعال (علم علّم ،استعلم،تعالم ....)، واشتقوا من الأسماء (أي اشتقوا أسماء من أفعال كاشتقاق الأسماء المشتقة كاسم الفاعل و اسم المفعول "كتب، كاتب ،مكتوب ..من الفعل كتب ،وكذا من الحروف :أي اشتقوا أفعالا من الحروف نحو:"لا ليت لي" بمعنى قلت لي ، نحو:"ساوفت  سوّفت " أي قلت:"سوف "،كما اشتقوا أسماء من الحروف نحو:الكشكشة ، الكسكسة( إبدال كاف المخاطب المؤنث شينا أو سينا ،وزيادة السين والشين بعد كاف المخاطب المؤنث في بعض اللهجات العربية) ، لكن بصورة تتفاوت في الاشتقاق ، إذ تأتي في الأفعال ثم الأسماء ثم الحروف.

ـ  إنّ ما ندعوه بالمشتقات بما فيها المصادر فقد اشتقت من الأفعال بصورة عامة .

ـ  إنّ هذه الأفعال بدورها قد تكون أصلية مرتجلة ، وقد تكون اشتقت من أسماء جامدة، أو ما يشبه الأسماء الجامدة من أسماء الأصوات و الحروف ....".[18].



[1]  ابن منظور ، لسان العرب / مرجع سابق ، مادة :ش ق ق

[2]  الفيروز أبادي ،القاموس المحيط ،ترتيب خليل ميمون شيما ، دار المعرفة بيروت لبنان ،ط:4/ 2009/ مادة :ش ق ق .

[3] ابن فارس، مقاييس اللغة ،تح عبد السلام هارون ،دار الجيل بيروت ،1991/ مادة :ش ق ق .

[4] أخرجه الترمذي ،  سنن الترمذي مراجعة وضبط صدفي محمد جميل العطار، دار الفكر للطباعة 1994 /ج3ص:363

[5] السيوطي ، المزهر في علوم اللغة ،مطبعة الحلبي، القاهرة ،مصر ،ج1 /ص: 346.

[6] ابن دريد ، الاشتقاق ،تح محمد عبد السلام هارون ،دار الجيل بيروت ،ط/1 ،1411 هـ ،ص:26.

[7] السكاكي ، مفتاح العلوم ،تح عبد الحميد هنداوي ، د/ت ، ص:48.

[8] الجرجاني ، المفتاح في الصرف ،تح علي توفيق الحمد،مؤسسة الرسالة ،ط1/1987 ، ص:62.

[9] ابن عصفور ، الممتع في التصريف  ، ص:44.

[10] أحمد بن إبراهيم الميداني ،نزهة الطرف في علم الصرف ،مؤسسة الرسالة للطباعة ،بيروت ،ط1/1991  ص:240.

[11] إبراهيم أنيس ،من أسرار العربية ،مكتبة الأنجلو مصرية ،القاهرة ،،ط/6 ،1978 ،ص: 62.

[12] راجي الأسمر ،المعجم ا لمفصل في علم الصرف ،دار الكتب العلمية، بيروت  لبنان ،ط:1،1993 ،ص: 193.

[13] عبد الله أمين ،الاشتقاق ،مطبعة لجنة التأليف و النشر ، القاهرة ،ط1/ 1956، ص:01

[14] ينظر الممتع في التصريف ، المزهر في علوم اللغة ، شذا العرف ... وغيرها من كتب الصرف

[15] أحمد الحملاوي ، شذا العرف ، ص: 74/75.

[16] أبو البركات الانباري ،الإنصاف في مسائل الخلاف ، دار الجيل بيروت  1982 ،المسألة رقم:28 ، ص:86.

[17] ايميل بديع يعقوب ، موسوعة النحو و الصرف و الإعراب ،دار العلم للملايين  ، بيروت  ، لبنان ،ط1 /1988.ص90

[18] المرجع نفسه ، صفحة : 90 .

Modifié le: Friday 2 June 2023, 22:24