المحاضـرة الرابعـة :

الفعل في العربية من حيث التجريد و الزيادة :

(مفهوم المجرّد  ،ومفهوم المزيد ،المجرّد الثلاثي ،المجرّد الرباعي ، المزيد الثلاثي مع معاني حروف الزيادة ، مزيد الرباعي ، أبنية الفعل المزيد ،....).

تقديــــم :

   إنّ ما لا يختلف فيه اثنان أنّ من خصائص مجموعة اللغات السامية أنّ مفرداتها المشتقة من أصل واحد تخضع لمبدأ "التجريد و الزيادة "، وبما أنّ اللغة العربية إحدى هذه اللغات ،فإنّها قد خضعت لهذا المبدأ ، بل إنّه فيها أظهرُ منه في أخواتها من اللغات السامية ،ومبدأ التجريد و الزيادة مرتبط ارتباطا وثيقا بمبدأ "الاشتقاق"، فمثلا الأصل :"كتب"عند تصريف مشتقاته نرى من استعمالاته  كاتب ، مكتوب ، استكتب ،......

فكلّ كلمة من هذه الكلمات تشترك في حروف معينة هي : الكاف و التاء و الباء ،ولكن بعض هذه المفردات في هذه المجموعة يشتمل على حروف أخرى ، بجانب هذه الحروف الثلاثة ،التي زيدت في بعض التصريفات تُعرف :" بحروف الزيادة".

كما يلاحظ أنّ الأحرف المزيدة في بعض التصريف تخضع لقياس خاص ونظام مُعيّن ،ومن هنا دخلت مباحثَ علم الصرف،كما أنّها تدور في فلك حروف معيّنة محدودة من الأبجدية العربية .

    ومبدأ التجريد و الزيادة في علم الصرف العربي يدخل في "الأسماء الأفعال" ،أمّا الحروف فليست من مباحث علم الصرف، لأنّها تلزم حالة واحدة ،وكذلك الأسماء المبنية كالموصولات   وأسماء الشرط و الاستفهام......

   لقد اهتمّ الصر فيون العرب القدامى بالحروف الزائدة في الأبنية الصرفية ، مُبيّنين دور الزيادة في تحقيق المعاني الزائدة عن المعنى الأصلي للصيغة الصرفية المجردة ، ليبقى البحث في باب الحروف الزائدة وعلل الزيادة مصدرا لمعرفة أسرار العربية على مدى الزمان ، لا سميا وأنّها ظاهرة جديرة بالاهتمام و المتابعة للكشف عن عواملَ مهمّةٍ في تنمية اللغة العربية .

   وانطلاقا من ذلك كلّه تشكّل الزيادة في الكلمات بنيةً حرفيةً عربيةً لها بٌعد دلاليٌّ رائد في مجال توليد الأبنية اللغوية ،وصنع المصطلحات العربية الكثيرة للجذر الواحد ، وهي الظاهرة التي استوقفت اللغويين العرب قديما وحديثا ...فألّفوا  فيها المصنفاتِ في تحديد الحروف الزائدة  وبيان المعاني التي تُقدُّمها زيادةً عن المعاني الأصلية ،لذلك تراهم قد أفاضوا في دراستهم للمعاني المحصلّة من البنية جراء الحروف الزائدة ،حين وقفوا على المواطن التي تُزاد فيها الحروف في الكلمة بناء على مشتقاتها المختلفة....فما معنى الزيادة عند الصرفيين لغة واصطلاحا ؟ ,ما طبيعة الكلمات دون هذه الحروف في باب التجريد ؟ ,ما هي أنواع الفعل المجرّد بناء على أصلية حروفه  وجذوره ؟ ,فيمَ تكمن ضروب كلّ نوع من هذه الأنواع ؟ , مع التعريج على أهم المعاني المستفادة من وراء حروف الزيادة ؟؟؟؟؟؟.

أولا :المجرد و المزيد من الأفعال :

   من الكلمات في اللغة العربية ما حروفه كلّها أصلية ،، ومنها ما يكون مع حروفه الأصول بعض حروف الزيادة ـ كما أشرنا في الميزان الصرفي سابقا ـ ؛و حين نقول إنّ الفعل يتكوّن من حروف أصلية معناه أنّه لا يمكن أن يكون للفعل معنى إذا سقط منه حرف واحد في صيغة الماضي فالمثال :كتب ـ لا يدل على معنى ما، إلا بهذه الأحرف الثلاثة مجتمعة، فلا نستطيع حذف الكاف,أو التاء ,أو الباء ,أمّا إذا قلنا :كاتب ,استكتب ,فإننّا نستطيع حذف الألف من الفعل ،وألف الوصل و التاء من "اكتتب" ،و ألف الوصل و السين و التاء من "استكتب" و  يبقى مع ذلك للفعل معنى ....[1].

لذلك قال الصرفيون : الكاف , التاء , الباء , هي الحروف الأصلية التي يتكوّن منها الفعل كتب  أمّا الحروف الأخرى فتسمى حروف الزيادة ,مع التذكير أنّها لا تزاد اعتباطا ،وإنّما تزاد لتؤدي وظائف معينة ،ومعاني خاصة حسب طبيعة الفعل وسياقه الوارد فيه ، لذلك فالفعل "كتب" يطلق عليه مصطلح :"فعلٌ مجرّدٌ" ، لأنّ المصطلح يُطلق على الكلمات التي تتألّف من الحدّ الأدنى من الأحرف المعبّرة عن الدلالة العامة للكلمة ...، إذ أنّ الفرق بين الأحرف الأصلية لكلمة:"كتب" و الأحرف الزائدة أنّ الأولى خاصة بالكلمة نفسها ، وتحمل معناها الأساسي المعجمي المتفرّد ،أمّا الثانية فهي تتكرّر في نظائر كثيرة لهذه الكلمة تشترك معها في البناء   والتركيب .. ،فالفعل الذي يتكوّن من الأحرف الأصلية ـ باعتباره لا يقل عن ثلاثة أحرف،  ولا يكون لأيّ فعل معنى إذا سقط منه حرف واحد من أحرفه الأصلية ،يسميه الصرفيون  "مجرّدا" ، وعليه يُضبط تعريف المجرد ضبطا صرفيا بقولهم :" الفعل المجرد :هو ما كانت جميع أحرفه أصلية ، بحيث إذا سقط حرف منها أخلّ بالمعنى و المبنى .."  ، وقد عرفه الشيخ "الحملاوي ":المجرد هو ما كانت جميع حروف ماضيه أصلية ، لا يسقط حرف منها في تصاريف الكلمة بغير علّة ..."[2]،كما عُرّف  الفعل المجرد "بأنّه ما جُرد من أحرف الزيادة ، فكانت جميع حروفه أصلية ، لا يسقط منها حرف بغير علّة تصريفية ؛.."[3]،( قد يحذف حرف أو حرفان من الثلاثي المجرد وذلك نحو :عِد وعدا حسنا ، قِف ،اسْع َفي الخير ، عِ الأمر جيدا ....ويكون ذلك في الأفعال المعتلة ، ومع ذلك فالفعل ثلاثي مجرد ) .

  و المجرد من الأفعال قسمان :" ثلاثي ور باعي "لأنّ الأفعال لا تتجاوز عدد حروفها الأصول أربعة أحرف ،أماّ مجرد الأسماء فمنه ثلاثيّ ،رباعيّ ، خماسيّ ،لأنّ عدد حروف الاسم الأصلية يصل إلى خمسة  ولا يتجاوزها كما عرفت في الميزان الصرفي ، لذلك فالمجرد الثلاثي هو ما تكوّن من ثلاثة أحرف وكلّها أصلية ، نحو:كتب ،فتح ،درس ، شرب ،ومجرد رباعي :نحو :دحرج زلزل ،عربد ، وسوس....

ملاحظـــة : يجب التنبيه إلى أنّ اللواصق التي تتّصل بالأفعال و الأسماء كالضمائر المتّصلة وعلامات التثنية و الجمع و التأنيث ،ونحو ذلك ،لا يحتسب في الأحرف التي يصبح بها البناء في الكلمة مزيدا ، لذلك حريٌّ بنا أن نعرف أبنية الأفعال المجردة و المزيدة .

1ـ أوزان الفعــل المجــرد :

1ـ أ: المجــــرد الثلاثــــي :

للفعل الثلاثي  المجرد في اللغة العربية  ـ باعتبار ماضيه فقط ـ ثلاثة أبواب ، لأنّه دائما مفتوح الفاء ، في صيغة "فعل" ، أمّا ثانيه أو عينه إمّا أن تكون مفتوحة ،أو مكسورة ،أو مضمومة ،لذلك له أوزان ثلاثية فقط هي:

ـ فَـَعـلَ :نحو : نصَر ، كتَبَ ، دَرَسَ ، عاد (عَوَدَ) .......

ـ فَـعُـلَ :نحو : كرُم  ، شرُف ، يمُن ، لؤُم .........

ـ فَـعِـلَ :نحو : فرِح ، حسِب ، ورِث ، رضي .......

ملاحظة : إذا جاء فعل ماضي أحد حروفه الثلاثة "ألفا"(أجوف ، ناقص) فلا بد أن يكون أصل هذه الألف واوا أو ياء ، فلابد أن يكون الفعل على أحد هذه الأوزان ، كما عرفت في وزن المعتل سابقا ،نحو: قال ،يقول ـ قَوَلَ (فَعَلَ) ،باع ،يبيع  ـ بَيَعَ (فَعَلَ) .

ـ أما أوزانه ـ باعتبار ماضيه مع مضارعه ـ   فله ستة أبواب ،وذلك لما يتميّز به الفعل المضارع من مجيء حركة عين فعله إماّ مضمومة ، أو مفتوحة ، أو مكسورة ، كما يمتنع كسر العين مع ضمها في المضارع ، وضم العين في الماضي مع كسرها في المضارع أو فتحها ،ولذلك تكون أوزان المجرد وأبوابه ستة "[4]، وأنّ هذه الأوزان كلّها سماعية لا تُبنى على قياس معين..."[5]   وهذه الأبواب يمكن تحديدها من خلال قولنا :[6]

فتحُ ضمٍ ، فتحُ كسرٍ ، فتحتـان                   كَسْرُ فتْحٍ ، ضَمُ ضَمٍ ، كسرتان

   1           2            3                               4        5          6

 ولذلك يكون المضارع على ستة أبواب هي :

الباب الأول :" فعَلَ ـ يفعُل":(فتح،ضم):ويكون بفتح العين في الماضي وضمها في المضارع ، نحو :نصر ينصُر ،(صحيح سالم) ،أخذ يأخُذ (صحيح مهموز) ،قال ،يقول(يقول بعد الإعلال بالنقل) أجوف واوي ، دعا يدعو (ناقص واوي) ، مدّ ،يمدّ(مضعف ثلاثي يمدد).....

الباب الثاني :"فعَل ـ يفْعِل ":(فتحُ ،كسْرِ): بمعنى فتح العين في الماضي وكسرها في المضارع ، نحو:ضرب ،يضرِب ،(صحيح سالم) ،وعد،يعِد (مثال واوي) ،باع ،يبيع(أجوف يائي) طوى ،يطوي(لفيف مقرون) ،فرّ ،يفِرّ(ثلاثي مضعف) وقى ،يقي (لفيف مفروق).

3ـ الباب الثالث :"فعَلَ ـ يفْعَل":(فتحتان ) :أي بفتح العين في الماضي و المضارع ، نحو الفعل فتح ،يفتَح (صحيح سالم ) ،سعى ،يسعَى (ناقص يائي) ،وضع ،يضَع (مثال واوي) ،قرأ ،يقرَأ( صحيح مهموز) ،سأل ، يسأَل (صحيح مهموز)....

4ـ الباب الرابع :"فعِلَ ـ يفْعَل ":(كسر فتح) : ويكون بكسر العين في الماضي وفتحها في المضارع ، نحو:فرِح ،يفرَح(صحيح سالم) ،يبِس، ييبَس(مثال واوي) ،بقِي ،يبقَى(ناقص يائي)  شرب ،يشرَب ، ضجر ،يضجَر (صحيح سالم) ،ملّ ،يملل(يملّ) ثلاثي مجرد.....

5ـ الباب الخامس :"فعُلَ ـ يفْعُل": (ضم ،ضم):فيها يضم الفعل في الماضي و المضارع معا  وهي زمرة من الأفعال قال عنها الصرفيون لا تكون إلّا لازمة ،غير متعدية ،كما أنهّا تدل على الأوصاف الخلقية الثابتة ،وهما صفتان مميزتان لأفعال هذا الباب  ،نحو :شرُف ،يشرُف ، حسُن  يحسُن ،وسم ،يوسم ،جرُؤ ، يجرُؤ ، لؤُم ، يلؤُم ..... [7].

6ـ الباب السادس :"فعِلَ ـ يفْعِل" :(كسرتان) :بكسر العين في الماضي و المضارع معا ،نحو  حسِب ،يحسِب،نعم ،ينعم (صحيح سالم) ،وأفعال هذه الباب قليلة في الصحيح ،كثيرة في المعتل نحو :وثِق ،يثِق ، ورِع ـ يرِع ، ورِم ـ يرِم ،ولِي ـ يلِي ، ورِك ـ يرِك ......[8]

.

ملاحظات حول الأبواب : في باب :(فتحتان):حين يفتح عين الفعل في الماضي و المضارع معا يشترط فيه أن تكون عينه أو لامه من حروف الحلق ، وحروف الحلق :(الهمزة ،الهاء ،العين  الحاء   العين ، الخاء) ، "أمّا ما جاء في هذا الباب من غير أن تكون العين أو اللام من حروف الحلق فشاذّ في العربية ،نحو:أبي ـ يأبى ،هلك ـ يهلك ، ركن ـ يركن ....[9]

ـ باب (كسر ،فتح) معظم أفعال هذا الباب تدل على الفرح وتوابعه ،و الامتلاء و الخلو   والألوان و العيوب ،نحو : فرح /يفرح ، طرب /يطرب ،غضب/ يغضب ، عطش /يعطش ، سود  عور ،عمش .....[10].

ـ أبواب هذا التقسيم تكون الأربعة الأولى إضافة إلى السادس ، أي عدا الخامس منها ، تكون أفعالها تتراوح بين التعدّي و اللزوم ، أماّ الباب الخامس فيكون خاصا فقط بالأفعال اللازمة .

ـ ليس الغرض من دراسة أبواب الفعل الثلاثي المجرد الستة مجرد معرفة الأوزان التي جاءت في اللغة العربية من أفعال هذا النوع فحسب ،بل تُعين معرفة هذه البواب أيضا على التوصل إلى معرفة بعض الأوزان الغامضة التي لا يمكن معرفتها إلاّ بتعيين الباب الذي تنتمي إليه ،وطريقة تعيين الباب تكون بتعيين صيغتي الماضي و المضارع معا.

ـ بمعرفة الأوزان الستة المذكورة نتوصل إلى التمييز بين الأوزان المختلفة التي يبدو في الظاهر أنهاّ من باب واحد،أو كأنهّا وزن واحد ،فالفعل المضعف مثلا نحو"شدّ ، شذّ ، ملّ" ، فشدّ يشدّ من باب "نصر ينصر" ،و الأصل :شدد ،يشدُد ، وهو متعدٍ ،بخلاف :شذّ اللازم من باب "ضرَب" ومضارعه يشِدّ(فعل يفعِل) ،أمّا ملّ فمن باب"فرِح" ،بدليل مضارعه مفتوح العين يمَلّ" لأنّ الأصل بعد فك الإدغام  ّيملُل " ، ودلت حركة الفاء على حركة العين المدغمة ، فالأوّلان على وزن فَعَلَ في الماضي وإن كانا من بابين مختلفين ، والثالث على وزن  "فَعِلَ" في الماضي ، هذا مع اتحاد صُوَرِ الجميع في الظاهر .

ـ إنّ المتأمل في الأفعال الواردة في هذه الأبواب ،يجد في كل باب منها سمات تميّز أفعاله ، وتجعل الفعل الواحد منها يكاد يتبيّن من أيّ الأبواب هو بمجرد النظر إليه ، ومن أهم سمات أفعال الأبواب الستة المختلفة مايلي :

أ :الفعل الذي ماضيه على وزن (فعَلَ) المفتوح العين ،إن كان أوله همزة أو واوا  فالغالب أنّه  من باب ضرب ، نحو :أسر،يأسِر ،أتى ،يأتِي ،وزن ، يزِن ،وعد،يعِد ،وإذا كان مضعّفا فالغالب أنّه من باب (نصر،ينصُر)إن كان متعديا ، نحو:مدّ ،يمُدّ ،صدّ،يصُدّ ، ومن باب (ضرب)إن كان لازما  نحو:خفّ ،يخِفّ ،شذّ ،يشِذّ.

ب :الفعل المعتل الوسط إذا كان بالألف في الماضي وبالواو في المضارع فهو من باب "نصر"نحو:قال ،يقول ،عدا طال يطول "فإنّه من باب "شرُف" ، وإن كان بالألف في الماضي وبالياء في المضارع فهو من باب "ضرب"،يضرب" باع ، يبيع "، وإن كان بالألف أو بالياء أو الواو فهو من باب "فرح،يفرح" نحو:خاف يخاف،غيد ،يغْيِد ، عور،يعوِر.....      

ج ـ الفعل المعتل الأخر (الناقص)إذا كان بالألف في الماضي وبالواو في المضارع فهو من باب  "نصر ينصر" نحو:دعا يدعو "، وإن كان بالألف في الماضي و بالياء في المضارع فهو من باب  "ضرب،يضرب" كرمى،يرمي" ،، وإن كان الألف فيهما فهو من باب "فتح،يفتح"نحو :سعى يسعى ،وإن كان بالياء فيهما فهو من باب :حسب"نحو :ولي يلي ،وإن كان بالياء في الماضي وبالألف في المضارع فهو من باب :"فرح" نحو:رضي ،يرضى ....و الأمثلة ذلك للتوضيح :

الماضي

وزنه

المضارع

وزنه

الباب

قال

فعَل

يقول

يفعُل

نصر،   فتح ضم

باع

فعَل

يبيع

يفعِل

ضرب ،فتح كسر

خاف

فعِل

يخاف

يفعَل

فرح ، كسر فتح

نام

فعِل

ينام

يفعَل

فرح،  كسر فتح

صار

فعَل

يصير

يفعِل

ضرب، فتح كسر

صام

فعَل

يصوم

يفعُل

نصر ، فتح ضم

طال

فعُل

يطول

يفعُل

شرف ،ضم ضم

شقّ

فعَل

يشقّ

يفعُل

نصر ،فتح  ضم

خفّ

فعَل

يخفّ

يفعِل

ضرب ،فتح كسر

ملّ

فعِؤل

يملّ

يفعَل

فرح ،كسر فتح

مرّ

فعَل

يمرّ

يفعُل

نصر ،فتح ضم

فرّ

فعَل

يفرّ

يفعِل

ضرب ، فتح كسر

سعى

فعَل

يسعى

يفعَل

فتح ،فتح فتح

نهى

فعَل

ينهى

يفعَل

فتح ،فتح فتح

نجا

فعَل

ينجو

يفعُل

نصر ،فتح ضم

رمى

فعَل

يرمي

يفعِل

ضرب ،فتح كسر

نسي

فعِل

ينسى

يفعَل

فرح ،كسر فتح

1 ـ ب : المجــرّد الرباعــي:

  إذا كان الثلاثي المجرد يأتي في العربية على أوزان مختلفة حسب طبيعة الفعل أو معناه،أو ماضيه ومضارعه ،فإنّ للفعل الرباعي المجرد بناءً واحدا على وزن "فعْلَلَ"..." [11]، نحو:عربد ، دحرج  غربل ،زلزل ،بعثر ، وسوس ....، وغالبا ما يكون متعديا ، نحو: زلزلت البناءَ ، دحرجت الحجرَ ،... وقد يكون لازما نحو قوله تعالى:"... الآنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ...." يوسف 51 ،وقوله تعالى "وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ..." ق 16  ، فكلّ حرف من الأحرف في الأفعال السابقة أصليّ بعيد عن الزيادة في الفعل ، ويتكرّر في جميع مشتقات الفعل .

  ومن هذا القبيل لهذا النوع من الأفعال في وزن الرباعي المجرد تدخل أفعال "نحتها" العرب تسمى   "أفعال النحت"، وهي الأفعال المنحوتة التي تدل  على معنى مأخوذ من كلمتين فأكثر ،ويغلب ذلك في الفعل الرباعي  ،وفي "النسب" ، ففي الفعل الرباعي :

بسمل :(بسم الله الرحمن الرحيم) ، حمدل :(الحمد لله رب العالمين ) ،  حَوْقَلَ:(لا حول و لا قوة إلا بالله ) ،طَلْبَقَ :(أطال الله بقاءك ) ، دَمْعَزَ :(أدام اله عزك) ، جَعْفَلَ: (جعلني الله فداك)  حَسْبَلَ:(حسبي الله ونعم الوكيل)[12] ..... ، وفي النسب فينظر للمنسوب بكسر ما قبل آخره مع إضافة ياء مشدّدة (وستعرف ذلك في درس النسب...) ،فتقول :عبشميٌّ ـ حين تنسب عبد شمس ، درعميٌّ ـ إلى دار العلوم ......

ـ قد يشتق فعل رباعي من أسماء للدلالة على المعاني التالية:

أ : الاتخاذ : نحو قمْطَرْتُ الكتابَ "فعلل" ، أي وضعته في القِمطر، وهو وعاء الكتاب .

ب : مشابهة المفعول به لما أُخذ منه : نحو :بندَقْتُ الطين ـ جعلته كالبندقية ، علقَمْتُ الطعام ـ جعلته وصيرته كالعلقم  ، فلفَلْتُ الطعام ـ وضعت فيه الفلفل ، نرجَسْتُ الدواء ـ وضعت فيه النرجس .....[13]

وهذا الوزن "فعلل"منه أوزان تعتبر ملحقة بالرباعي  نظرا لأنّ بعض حروفها ـ وإن لم يخضع للسقوط في بعض التصاريف إلاّ أنّه من جهة الاشتقاق الكبير يعتبر زائدا ، ومن هذه الأوزان أي ملحقات الرباعي المجرد :

ـ فعلل ـ جلبب :أي البسه  الجلباب ، شملل :أي أسرع.

ـ فوْعل ـ جورب : أي البسه الجوارب ، وحوقل :كبر وعجر .

ـ فيْعَل ـ بيطر  :أي عالج الحيوانات ،وسيطر : أي استولى  .

ـ  فَعْوَل ـ رَهْوَك في مشيته ، أي :أسرع ، دهور :أي جمعه وقذفه من علٍ.

ـ فَعْيَل ـ شرنف الزرع : أي قطع شرنافه(ورقه) . ـ فَعْلَى ـ سلقى  ، أي : استلقى على ظهره .ـ فَعْنَل ـ قلنسه ، أي :البسه القلنسوة على رأسه.  فَنْعَلَ ـ سنبل الزرع  أي : اخرج سنبله.....".[14]

ملاحظــــة :

هذا ما يتعلق بالفعل المجرد في العربية وأنواعه بناء على ماضيه و مضارعه وعدد حروفه ،وأقسامه بين الثلاثي و الرباعي وأنواع وأوزان كلّ واحد منها ،...وهذا الفعل سرعان ما يخضع لمبدأ الزيادة ، بزيادة حرف أو حرفين أو ثلاثة أحرف ، فيصبح الفعل مزيدا بعد أن كان مجردا  .

فما معنى الزيادة ؟، وما هي أوزان الأفعال المزيدة باعتبار ما زيد فيها من حروف ؟ ثم ما هي جملة المعاني المستفادة من حروف الزيادة في الفعل الثلاثي ؟ و في الرباعي ؟...

  ثانيا :  الفعـــــل المزيــــد :

    سبقت الإشارة في بداية المحاضرة إلى اهتمام الصرفيين العرب القدامى بالحروف الزائدة في الأبنية الصرفية ، والبحث عن هذه الحروف من أجل بيان مدى دور الزيادة في تحقيق معاني أرادها   العرب من الصيغة الصرفية المجردة ،ليبقى البحث في هذا الباب مصدرا من مصادر معرفة أسرار العربية على مدى الزمان ، لذلك نالت هذه الظاهرة باب الاهتمام و المتابعة عند اللغويين ،فحري بنا أن نتساءل :ما تعريف الزيادة عند القدامى من النحاة و اللغويين ؟ ، ما هي الحروف المزيدة ؟  ما هي أوزان الثلاثي المزيد وكذا الرباعي ؟؟ ،ما المعاني المستفادة  من وراء حروف الزيادة ؟ ،ما هي أشهر الدلالات التي تأتي عليها صيغ الزيادة في الثلاثي و الرباعي؟ ،هل تحافظ الصيغ المزيدة على معنى واحد أم تتعدّد بتعدّد السياق و التركيب الذي ترد فيه ؟ ....

1 الزيادة عند النحـاة و اللغـويين :

    إنّ البحث عن الجذر اللغوي لمصطلح الزيادة عند الصرفيين من اللغويين القدامى نجد في معناه اللغوي في مادة "زاد" كما نص عليه (الزمخشري)في قوله :"زاد الماء و المال وازداد ،وازددت مالا   وازداد الأمر صعوبة ، وازداد من الخير ازديادا ، وزاده الله مالا ...وزاد على الشيء :ضعفه  واستزاد :طلب الزيادة ..وتزايدوا في ثمن السلعة حتى بلغ منتهاه ....وزايد أحد المتبايعين الآخر مزايدة ...وهو يتزيّد في حديثه........[15]

وجاء في "لسان العرب" :"...نقول:استزدته:أي طلبت منه الزيادة خلاف النقصان،ومنها الزائد  ومن قال الزوائد يعني قوائم الدابة ،وزوائد الأسد :أظافره وأنيابه وزئيره وصولته ..."[16].

فما يمكن ملاحظته من خلال التعاريف السابقة أنّ هذه الكلمات مشتقة من حروف أصلية واحدة ، تعني "النمو و الزيادة و الزكاء "، يقول الزبيدي ":الزيادة بالكسر و المزيد و المزاد  الزيدان ،بفتح و سكون كلّ ذلك بمعنى النمو و الزكاء...."[17] .

 فالمعاجم العربية تتفق على المعنى اللغوي لهذه الكلمة ، فمعناها لا يخرج عن دائرة الكثرة و النمو  و الامتداد ، وكلّها توحي بمعنى الزيادة والزكاء.

وقد جاء الفعل"زاد" في القران الكريم في مواضع عديدة في مقابل الفعل:"نقص" كما في قوله تعالى " في قُلُوبِهم مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا...البقرة 10 .

وإذا كانت المعاجم العربية والمصادر اللغوية القديمة قد تَوحّد فيها معنى الزيادة ،فإنّ المراجع العربية الحديثة لم تبتعد في تحديدها للزيادة عماّ قرّره القدامى ،فصاحب " الإفصاح في فقه اللغة "يقرر أنّ الزيادة :"زاد الشيء يزيد شيئا ، وزيادة ومزيدا ، ومزيدا زيدان ،وازداد وتزايد:نما وكثر ، وزاده وزيده جعله يزيد، والتزيد :طلب الزيادة في الكلام وغيره.....[18].هذا عن المعنى اللغوي ، فما تعريف الزيادة اصطلاحا ؟؟؟؟.

ـ تعريـف الزيـــادة اصطــلاحا :إن تعريف الزيادة اصطلاحا يحدِّدُ مفهومَها من منطلق تحديد وضعها في اللغة العربية بشقيها الصرفي و التركيبي ، لذلك فهي على المستوى الصرفي قد حظيت بقسط وافر من اهتمام اللغويين قديما وحديثا ،لتبقى على مستواها التركيبي محلّ جدال بين النحاة و الصرفيين في ما يتعلق بمفهومها، وبتحديد الحرف الزائد ومدى تأثيره على التركيب اللغوي .

فالزيادة عند الصرفيين كثيرا ما تدور حول إلحاق الكلمة ما ليس فيها ، أي بمعنى إضافة حرف أو أكثر إلى أصل الكلمة بقصد إفادة معنى جديد ، إذ يعرف الحرف الزائد عندهم بسقوطه في أصل الوضع تحقيقا أو تقديرا. 

وهنا تجدر الإشارة إلى حقيقة مفادها :أنّ الصرفيين انكبّوا على دراسة أحوال الزيادة وشروطها  ودلالة الحروف التي يُتوصّل بها إلى معرفة الزيادة من الأصل ،لكنهم لم يعرفوا مصطلح الزيادة في المستوى الصرفي واكتفوا بتحديدها وسرد الزائد من الأسماء و الأفعال  و الصفات على نحو ما نجده في كتبهم من أمثال "ابن عصفور"في " الممتع في التصريف".

ومع ذلك يضطلع أحد اللغويين المحدثين بهذا الدور ، فنراه يعرف الزيادة الصرفية " بأنهاّ تتحقّق بإلحاق الكلمة ما ليس منها من الحروف لأغراضٍ معنوية ولفظية...."[19]

 • لقد تمّ استقراء أحرف الزيادة في العربية فوجدوها لا تتعدّى في حال من الأحوال عشرة أحرف :(السين و الهمزة و اللام و التاء والميم و الواو و النون و الياء و الهاء و الألف )، وقد جمعها  العرب في قولهم "سألتمونيها"، وقد صُنفت في تراكيبَ مختلفة ،"فأبو عثمان المازني"يصنفها في قوله:"هويت السّمان"[20]،في وقت يذكر فيه "بحرق الحضرمي"في شرح لامية الأفعال لابن مالك "أنّ من اللغويين من صنّف هذه الحروف الزائدة فيما يزيد عن مائة وثلاثين تركيبا ؛إذ يقول:"...وصنف بعضهم  فيها تأليفا سماه:"إلحاق أهل السيادة بضوابط حروف الزيادة " ذكر فيه ما ينيف على مائة وثلاثين تركيبا..."[21]، وقد أشار "ابن مالك"إلى بعض هذه التراكيب في قوله

ولما بدت في خـــده أحرف            مزيدة لجمال منه دمع سحوم

فرحت بها جهلا وقلت مهنئـا             "هناء وتسليم" فلا من يلـوم

وكنت حسبتـها غرورا وغفلة            "أمانا وتسهيلا" لوصل يـدوم

"فأسلمــني وناء" بعد تعطف            "تلا يوم أنسي" جلاء عظيم .[22]

ولقد لخّص "الزمخشري" ـ في ما كتبه "ابن يعيش "ـ أشهر التراكيب التي صيغت فيها حروف الزيادة دون أن ينصّ على الأجود منها، حين أورد هذه الحروف في أمثلتها المتواضع عليها قائلا "والحروف الزوائد هي التي يشملها قولك :"اليوم تنساه ، وأتاه سليمان ،السمان هويت ..."[23].

 ولعلّ أجود تركيب يجمع حروف الزيادة جمعا دقيقا قول ابن مالك" :" أمان وتسهيل" من قوله:

              هناء وتسليم تلا يوم أنسه    نهاية مسؤول أمان وتسليم [24].

ملاحظة:  إنّ حروف الزيادة ليس معناها أنهّا غير أصلية مطلقا في الكلمة ،بل تكون في بعض الكلمات زائدة ، وفي بعضها الأخر غير زائدة، لأنها قد تأتي أصلية في بعض الكلمات نحو : سأل  نفع ، سما ، هضم ...، أو معناها أنها زوائد يعني أنها لا يزاد سواها إلاّ ما كان عن طريق التضعيف مثلا...

وبناء على ما تقدم ،يمكن القول :إن مفهوم الزيادة في اصطلاح الصرفيين يعني زيادة حرف أو حرفين أو ثلاثة أحرف على أصل بنية الكلمة سواء كانت الكلمة المزيدة اسما أو فعلا ، وذلك من  أجل إنشاء فائدة معينة ..    هذا ، والزيادة عند الصرفيين على نوعين :

ـ زيادة لفظية : الغاية منها إلحاق بناء كلمة معينة ببناء كلمة أخرى ،وتكون إماّ بزيادة حرف من أحرف الكلمة نحو :شمل/شملل ، جلب/جلبب، فزيدت اللام لكي يلحق الفعل ببناء فعل آخر وهو "فعلل" مثل :"دحرج  وبعثر" ،أو بزيادة حرف من أحرف الزيادة نحو: جهر/جهور ،بطر/بيطر ،قلس/قلنس ، وـ زيادة معنوية : هي النوع الثاني من أنواع الزيادة ،وتأتي لإحداث معنى جديد زائد على المعنى الأصلي للفعل ، نحو:"كرم/أكرم ،غلق/غلّق وغيرها من الأفعال،وهي جملة المعاني التي تحقّقها حروف الزيادة ، كما سنعرف في المحاضرة التالية إن شاء الله .



[1] عبده الراجحي ، التطبيق الصرفي ، ص: 27

[2] أحمد الحملاوي ، شذا العرف .. ص: 30.

[3] محمد زرندح ، أسس الدرس الصرفي ، ص : 35

[4] أحمد الحملاوي ، شذا العرف ..ز ص:30.

[5] عبده الراجحي ، التطبيق الصرفي ، ص: 28.

[6]  بهاء الدين بو الخدود ، المدخل الصرفي ، المؤسسة الجامعية للدراسات و النشر و التوزيع ،بيروت ، 1988 ، ص:26

[7] بهاء الدين بو خدود ، المدخل الصرفي ، ص :26.

[8]   المرجع نفسه ، ص ، ن.

[9] أحمد الحملاوي ، شذا العرف ، ص: 32.

[10] أحمد الحملاوي ، شذا العرف ، ص:33

[11] بهاء الدين بوخدود ، المدخل الصرفي ، ص:27.

[12]  أحمد الحملاوي ، شذا العرف ، هامش ص :37

[13] بهاء الدين بوخدود ، المدخل الصرفي  ، ص :27.

3محمد زرندح ، أسس الدرس الصرفي   ، ص :36

[15] الزمخشري أبو القاسم جار الله ،أساس البلاغة ،دار صادر للطباعة ، بيروت 1965 ،ص :280.

[16] ابن منظور ، لسان العرب ، دار احياء التراث العربي ، بيروت ، ط3 / 1999، مادة :زيد ..

[17] الزبيدي ، تاج العروس ، دار مكتبة الحياة ، د/ط ، ج2 ،ص :366,

[18] حسين يوسف موسى ،عبد الفتاح الصاعدي ، الإفصاح في فقه اللغة ،دار الفكر العربي ،ط2،د/ت ،ص:318.

[19] علي أبو المكارم ، في أصول التفكير اللغوي ، منشورات دار المعارف ، 1962/ ص:307.

[20] أبو عثمان المازني ، المنصف ، تح ابراهيم مصطفى ،عبد الله أمين ، مطبعة دمشق ،1974 ،ج2 ، ص:98.

[21] الطالب بن حمدون ،حاشية على شرح بحرق الحضرمي على لامية الافعال لابن مالك ، دار الفكر للطباعة و النشر ، بيروت د/ت ص :30.

[22]  المرجع السابق ،الصفحة نفسها .

[23] ابن يعيش ،شرح المفصل ،عالم الكتب ،بيروت /لبنان ،د،ط ،ج2 ،ص:141.

[24] ابن هشام ، أوضح المسالك لألفية ابن مالك ،تح محمد محي الدين ، دار الفكر ،ط6 ،ج4 ،ص :265.

آخر تعديل: Friday، 2 June 2023، 9:16 PM