الصّرف وميدانـــــــــــــــــــــــــــــــــــــه
تعريف الصّرف: (التّصريف).
لغة: قال ابن فارس: " الصّاد والرّاء والفاء معظم بابه يدلّ على رجع الشّيء."[1]، ومن المعاني الّتي ذكرها[2]:
-صرفت القوم وانصرفوا: رجعوا.
-الصّريف: اللّبن ساعة يحلَب ويُنصرف به.
-الصّرف في القرآن: التّوبة، لأنّه يُرجع به عن رتبة المذنبين.
-والصِّرفة نجم، سمّيت بذلك لانصراف البرد عند طلوعها.
-والصّرف: فضل الدّرهم على الدّراهم في القيمة.
-وصرف الكلام: تزيينه والزّيادة فيه.
-والصّرف: حدث الدّهر، سمّي بذلك لأنّه يتصرّف بالنّاس.
وصرفُ الكلمة إجراؤها بالتّنوين، وتصريف الآيات تبيينها.[3]
والصّرف في معناه العامّ يفيد مطلق التّغيير، ومنه قولُه تعالى: ﴿وتصريف الرّياح ﴾[البقرة 164]؛ أي: تغييرها.
اصطلاحا:
قال ابن الحاجب: "التّصريف علمٌ بأصول يُعرف بها أحوال أبنية الكلم الّتي ليست بإعراب."[4]
و قال ابن مالك ت(672هـ): "التّصريفُ علم يتعلّق ببنية الكلمة، وما لحروفها من زيادة وأصالة، وصحّة واعتلال، وشبه ذلك."[5]
وقد نقل ابنُ عقيل التّعريف نفسه، قال: هو "عبارة عن علم يُبحث فيه عن أحكام بنية الكلمة، وما لحروفها من أصالة، وزيادة، وصحّة وإعلال، وشبه ذلك."[6]
الصّرفُ و ميدانه:
قال ابنُ مالك:
حَرْفٌ و شِبْهُه مِن الصّرْفِ بَرِي وما سِواهما بتَصْريفٍ حَرِي
يدرس علم الصّرف:
1-الاسم المتمكّن.
2- الفعل المتصرّف.
فهو لا يدرسُ الحرف، ولا الاسمَ المبني كالضّمير، ولا الفعلَ الجامد.
فائدُته:
من فوائد علم الصّرف:
- صونُ اللّسان عن الخطأ في المفردات.
- حفظُ اللّغة وإثراؤها بوجودِ المشتقات المتكاثرة.
واضعُه: أبو مسلم معاذ بن مسلم بن رجاء الهراء (ت 187هـ).
وأوّل من دوّن علم الصّرف أبو عثمان بكر بن حبيب المازني، وكان قبل ذلك مندرجا في علم النّحو[7].
2-الميزان الصّرفي
مفهوم الميزان الصّرفي:
الميزانُ الصّرفي مقياس وضعه علماء العرب لمعرفة أحوالِ بنية الكلمة، وجعلوه مكوّنا من ثلاثةِ أحرف، (ف ع ل)، وجعلوا الفاء تقابلُ الحرفَ الأوّل، والعينَ تقابلُ الحرفَ الثّاني، واللّام تقابلُ الحرفَ الثّالث:
دَخَلَ: فَعَلَ.
حَسُنَ: فَعُلَ.
فُتِحَ: فُعِلَ.
كُتُبٌ: فُعُل.
اسْتَنْتَجَ: اسْتَفْعَلَ.
فائدةُ الميزانِ الصّرفي:
- التّمييزُ بين الثّلاثيّ و الرّباعيّ والخماسيّ من الأسماءِ و الأفعال.
-معرفةُ أصولِ الكلمة من زوائِدها.
-معرفةُ الأصول المحذوفةِ من أحرفِ الكلمة.
-معرفةُ التّقديم والتّأخير في الأحرف، وذلك في حالةِ القلب المكاني.
وجُعل الميزان الصّرفيّ من (ف ع ل) وذلك لأسباب:[8]
-جعلوه فعلا، لأنّ الفعلَ هو الّذي يكثرُ فيه التّغيير.
-جعلوه من (ف ع ل)، وكلّ الأحداث تُسمّى فِعْلا.
-مخارج الحروف ثلاثة: الشّفتان، الحلق، اللّسان، فأخذوا من كلّ مخرج حرفا: أخذوا من الشّفتين الفاء، ومن الحلق العين، ومن اللّسان اللام.
-وجاء الميزان ثلاثيّا، لأنّ الثّلاثيّ أكثر الأوزان العربيّة.
كيفيّةُ الوزن:
قال ابنُ مالك:
بِضِمْنِ فِعْلٍ قابِل الأصولَ في وَزْنٍ وزائِدُ بِلَفْظِه اُكْتُفي
وضاعِف اللامَ إذا أصْلٌ بَقِي كَراءِ جَعْفَر وقافِ فُسْتُقِ
-إذا كان الموزون يتكوّن من حروفٍ أصول فقط:
فإنْ كان ثلاثيّا فيوزنُ على وزنِ فعل مثل: خرج: فعل.
وإن كان رباعيّا زِدنا لاما ثانية، مثل: دَحْرجَ: فَعْللَ، جَعْفَر: فَعْلَل. فُسْتُق: فُعْلُل.
وإن كان خماسيّا زِدنا لاما ثالثة، مثل: سَفَرْجَل: فَعَلّل، أصلها: (فَعَلْلَلٌ)
-إذا كان الموزونُ فيه حروفُ زيادة:
-فإذا كانت الزّيادةُ ناشئة عن تكريرِ حرف، فيكرّر ما يقابله في الميزان، قال ابنُ مالك:
وإِن يكُ الزّائِدُ ضِعْفَ أصْلِي فاجْعَلْ لهُ في الوزْنِ ما للأَصْلِ
مثل:
قَطَّعَ: فَعّل، جَلْبَبَ: فَعْللَ، اغْدَوْدن: افْعَوْعلَ.
-وإذا كانت الزيادة ناتجةً عن حروفِ الزيادة (سألتمونيها) فيزاد في الميزان ما يقابل الكلمة مثل:
أَقْبَلَ: أَفْعَلَ، سامَحَ: فاعل، اسْتَخْرَجَ: اسْتَفْعَلَ، كاتِب: فاعِل، مأْكول: مفْعول.
-وإذا كانت الزيادةُ ما يلحق الكلمة من: تعريف وتأنيث، وتوكيد، وتثنية و جمع... عُبّر عنه بلفظه:
الوَلَد: الفَعَل، طالِبة: فاعِلة، يَكْتُبَنْ: يَفْعُلَنْ، طالبان: فاعلان، طَلَبَة: فَعَلَة.
-إذا كان في الموزون حذف، فيُحذف ما يقابله في الميزان، مثل: قُلْ: فُلْ، قِ: عِ، رَ: فَ.
-إذا كان في الموزون قلب مكاني، فيقلب ما يقابله في الميزان، مثل: أَيِسَ: عَفِلَ(مقلوب يئس) .
3-الاعتبارات الّتي تدخل في الميزان الصّرفي:
ينبغي عند الوزن مراعاة ما يلي:
-الحركات والسّكنات.
-التّقديم و التّأخير.
-الأصول والزّوائد.
-الحذف و عدمه.
[1] -معجم مقاييس اللّغة، أحمد بن فارس بن زكريا، وضع حواشيه إبراهيم شمس الدّين، منشورات محمّد عليّ بيضون، دار الكتب العلميّة، بيروت، لبنان، المجلّد الثّاني، 38.
[2] -ينظر معجم مقاييس اللّغة، المجلّد الثّاني، ص: 38.
[3] -ينظر لسان العرب المحيط، ابن منظور، قدّم له: العلامة الشّيخ عبد الله العلايلي، أعاد بناءه على الحرف الأوّل من الكلمة: يوسف خيّاط، دار الجيل/دار لسان العرب، بيروت، لبنان، المجلّد الثّالث، 432.
[4] -الشّافية في علم التّصريف، لجمال الدّين الدّويني المعروف بابن الحاجب، ويليها الوافية نظم الشّافية للنّيساري، تحقيق: د. درويش الجويدي، شركة أبناء شريف الأنصاريّ للطّباعة والنّشر والتّوزيع، صيدا-بيروت-لبنان، الطّبعة الأولى، 2008، ص: 11.
[5] -إيجاز التّعريف في علم التّصريف لابن مالك، تحقيق: د. حسن أحمد العثمان، مؤسّسة الرّيان للطّباعة والنّشر والتّوزيع، بيروت، لبنان، الطّبعة الأولى، 2004، ص: 03.
[6] - شرح ابن عقيل على ألفية ابن مالك ومعه كتاب منحة الجليل بتحقيق شرح ابن عقيل، تأليف محمد محي الدين عبد الحميد، ج: 4، ص: 87.
[7] -ينظر مفتاح السّعادة ومصباح السّيادة في موضوعات العلوم، تأليف أحمد بن مصطفى الشّهير بطاش كبري زاده، منشورات محمّد علي بيضون، دار الكتب العلميّة، بيروت، لبنان، المجلّد الأوّل، ص: 128.
[8] -ينظر المغني في تصريف الأفعال ويليه اللّباب من تصريف الأفعال، د. محمّد عبدالخالق عضيمة، دار الحديث، القاهرة، مصر، طبع سنة: 2012، ص: 34.