المحاضرة 08: التـــقنيــــــن standardization

       التقنين هو المرحلة الأخيرة من مراحل تصميم الاختبار وإعداده للاستخدام ويساهم التقنين من خلال القواعد التي يتبعها في إجراءات إعداد الاختبارات، في حسن تفسير الدرجة التي يحصل عليها المفحوص، وتعميم النتائج إلى المجتمع الأصلي للعينة، وظهرت أول قواعد مكتوبة للتقنين في مجال القياس النفسي سنة 1905 في أمريكا؛ عندما تولت لجنة شكلتها جمعية علم النفس الأمريكية؛ تعريف وتحديد الإجراءات الموحدة التي يبغي إتباعها والالتزام بها عند قياس الذاكرة (معمرية، ب، 2002، ص 221).

   وتستخدم كلمة " تقنين " في مجال القياس النفسي بمعنيين:

-      المعنى الأول: أن تكون إجراءات إعداد الاختبار وصياغة بنوده، طريقة  تقديمه وأسلوب تصحيحه موحدة في كل المواقف، بحيث تكون تدخلات الفاحص في أضيق الحدود، وإمكان الحصول على النتائج نفسها إذا استخدمه فاحص آخر على نفس المفحوص؛ ويفقد الاختبار أساسه العلمي  والموضوعي إذا لم يكن مقننا بهذا المعنى

-      المعنى الثاني: أن يقنن الاختبار على عينة ممثلة للمجتمع الذي يستخدم فيه بهدف الحصول على معايير معينة، تحدد معنى الدرجة التي يحصل عليها الفرد وكيف تفسر هذه الدرجة وفقا لتشتت درجات أفراد المجتمع على الاختبار، وهو ما نجده في اختبارات الذكاء. (المرجع السابق، ص 221-222)، إنه ليس مقبولا استخدام اختبار غير مقنن بالمعنى الأول؛ كما لا يوجد اختبار مقنن بالمعنى الثاني دون أن يكون مقننا بالمعنى الأول.

   إن إجراءات التقنين في معظمها ميدانية وإحصائية، تنفذ هذه الإجراءات في شكل دراسات استطلاعية تجريبية على عينات محددة، تكون " ممثلة " للمجتمع الذي يعد الاختبار للتطبيق عليه، فمثلا إذا كان الباحث بصدد تصميم اختبار لقياس ذكاء أطفال المدارس الابتدائية، فينبغي أن تكون العينة التي تجرى عليها دراسات التقنين، تشمل كل الخصائص النفسية والاجتماعية والاقتصادية المختلفة السائدة في المجتمع؛ أن تشمل الذكور والاناث والمستويات الدراسية المختلفة في التعليم الابتدائي، الريف والحضر، والطبقات الاجتماعية والاقتصادية المختلفة، والمهن المختلفة، وثقافات مختلفة...أي ينبغي أن تكون عينة التقنين صورة مصغرة للمجتمع الأصلي الذي أخذت منه وتحمل أهم ملامحه، ولا ينبغي أن ينشر الاختبار إلا بعد أن يستكمل عمليات تقنينه، ويقوم معد الاختبار بنشر جميع إجراءات عملية التقنين، ونتائج الدراسات التي أجريت لهذا الغرض في كتيب خاص يسمى " تعليمات أو دليل الاختبار" (المرجع السابق، 222-223).

    يقترح كونراد Conrad (1948)  أن تجرى أكثر من دراسة استطلاعية وتجريبية للاطمئنان لعمليات التقنين، فاقترح إجراء ثلاث دراسات متتالية على النحو الآتي:

-      الدراسة الاستطلاعية التجريبية الأولى: يجرب الاختبار في صورته الأولية على حوالي 100 فرد، لمعرفة مدى وضوح تعليماته وصلاحية بنوده من الناحية اللغوية بالنسبة للعينة المعنية، مدى وضوح تعليماته، واستخرج بعض الخواص الإحصائية له كحساب صعوبة البنود وتدرجها، وغيره.

-      الدراسة الاستطلاعية التجريبية الثانية : تعاد صياغة بنود الاختبار وتعليماته وفقا لنتائج الدراسة التجريبية الأولى على ، ويجرب على عينة تتكون من حوالي 400 فرد للحصول البيانات العددية اللازمة للتحليلات الإحصائية للبنود، ولمعرفة بعض الأخطاء التي لم تكشف عنها الدراسة التجريبية الأولى.

-      الدراسة الاستطلاعية التجريبية الثالثة والنهائية : يعاد تنظيم بنود الاختبار وفقا لنتائج الدراسة التجريبية الثانية، وإمكان تقسيمه إلى اختبارات فرعية، ثم يجرب على عينة مناسبة من الأفراد لا تقل عن 200 فرد لاستخراج الخصائص السيكومترية له (الصدق والثبات) للاختبارات الفرعية إن وجدت والاختبار ككل، ضبط التعليمات والزمن المحدد للإجابة وطريقة التصحيح، واستخراج المعايير الخاصة به وغير ذلك من الخواص الإحصائية الضرورية Conrad, 1948 ) في المرجع السابق، ص 224-225 (.

                  المعايير Norme

لقد ذكرنا سابقا أن كلمة تقنين تشمل معنيين المعنى الذي شرحنا والمعنى الذي يؤدي غرض المعايير، وكما أسلافنا أن  كونراد Conrad (1948)  أشار إلى التقنين في آخر مرحله عليه أن يفضي إلى إعداد معايير للاختبار،إذ أن إعداد جدول المعايير يعتبر خطوة مكملة في تقنيين الاختبارات (عبد الرحمن، س، 2008، ص 234) والمعيار هو مرجع مقنن يسمح لنا بفهم معنى الاختبار ومقارنة درجة الفرد بدرجات أفراد عينات التقنين، أي أن المعايير تحدد لنا دلالة الدرجة في الاختبار (مقدم، ع، 1993، ص 163)، ويعني توزيع الدرجات في اختبار من الاختبارات المطبق على مجموعة مرجعية؛ تم اختيار أفرادها بصورة تمثل المجتمع الأصلي (Sax, 1980، في الطريري، 1997، ص 114)، فالدرجة الخام التي يُحصل عليها من اختبار سيكولوجي ليس لها معنى في حد ذاتها، إذ لابد من مقارنتها بمستوى معين أو بمعيار معين (العيسوي، ع، 2000، ص 183-184)، فمثلا لنفرض أن طالبا تحصل على درجة في اختبار ما (نفسي، مهني، تربوي) هذه الدرجة ليس لها معنى (ارتفاعا أو انخفاضا) إلا بمقارنتها بدرجات أفراد آخرين اجتازوا نفس الاختبار  وينتمون لنفس المجتمع الاحصائي (الجنس، الفئة العمرية، المستوى الثقافي)، وبالتالي نقارن درجة هذا الطالب بمتوسط درجات أقرانه، فمثلا لا يعقل الحصول على نفس النتائج بين الذكور والاناث في اختبار التحمل البدني، ولا يمكن مقارنة درجة طالب في مستوى الثالثة ثانوي بطالب مهندس سنة ثانية في اختبار رياضي، إذ يجب مقارنته بأقرانه (نفس العمر، المستوى، الجنس...) ومجموعة الاقران هذه تسمى المجموعة المرجعية Groupe de   (Balicco, C,2002, P 48) Référence  وهناك حزمة من المعاييرNormes  التي تسمح بمقارنة المبحوث وتصنيفه في مجموعته المرجعية، وهذه المعايير تكوّن ما يعرف بالمعايرة  L’étalonnage ومن أهمها :

أ‌-      التوزيع الاعتدالي:

    إن الدرجات التي يحصل عليها المبحوثين تتوزع حول قيمة مركزية، التي تمثل متوسط درجات هؤلاء الأفراد ف اختبار ما، كما أن هذه الدرجات ستنحرف (تبتعد) عن المتوسط أو ما يعرف بالانحراف المعياري، فأي درجة يحصل عليها مبحوث ما في اختبار معين يتم مقارنتها بمجموعته المرجعية من خلال المتوسط الحسابي والانحراف المعياري (المرجع السابق، ص 49-50)

ب‌-    المئينيات والاعشريات

   إن أبسط الطرق هي أن نجهز معايير مئينيه للمجموعة، ثم نحول الدرجة الخام لكل فرد إلى الرتبة المئينية المقابلة لها (تايلر، ل، 1988، ص 60)، بنفس المبدأ السابق؛ يقتضي الحال هنا مقارنة درجة المبحوث في سلم من  100 (مئينيات) أو توزيع من 10 (إعشريات) من خلال القانون التالي: الرتبة المئينية=  (عبد الرحمن، س، 1998، ص 219)

حيث س: درجة المبحوث- الحد الادنى للفئة

       د:

                  ت: التكررات التي تسبق الفئة  ، ن: مجموع التكرارات

أ‌-    جدول الرتب:

 يمكن حساب الرتب المئينية من جدول الرتب أي ترتيب الأفراد حسب الدرجات، هنا نتعامل مع الرتب وليس مع الدرجات وذلك باستخدام القانون التالي: 100-   (المرجع السابق، ص219)        حيث ر: رتبة المبحوث ن: عدد أفراد العينة.

ح- الدرجات المعيارية

يمكن تحويل الدرجات الخام إلى درجات انحرافيه بوحدات الانحراف المعياري تسمى درجات زيتا Zita  وتحسب وفق القانون التالي:                                 z =   (المرجع السابق، ص220) 

حيث   الدرجة الخام التي يحصل عليه المبحوث

       : متوسط التوزيع    ،: S الانحراف المعياري للتوزيع

خ- الدرجة التائية :

 اقترحت الدرجة التائية للتغلب على الإشارة السالبة في قيمة Z وتساوي زيتا * 10 +50  (المرجع السابق، ص222)  حيث 10 هو الانحراف المعياري، 50 هو المتوسط الحسابي.

Modifié le: Wednesday 24 May 2023, 10:20