: المقاولاتية من منظور التخصصات وحقول المعرفة :
تشغل المقاولاتية حيز اهتمام كبير من طرف الباحثين نظرا لكونها تلعب دورا مهما في الاقتصاد كونها أفضل وسائل الإنعاش الاقتصادي و لكن لا يوجد إجماع حول تحديد مفهومها و لا يمكن وضعها في إطار مفهوم واحد و تم تعريفها كالتالي:
أ- التعريف الاقتصادي للمقاولاتية:
هي تلك الخطة الاقتصادية أو النشاط المنظم المبرمج المبني على تصميم و تنظيم إدارة بشرية و كذا كل التجهيزات اللّازمة من رأس مال ثري و يد عاملة مؤهلة ، و الوسائل المالية و المعنوية و القانونية لتحقيق مكسب صناعي أو تجاري أو حرفي أوخدماتي.[1]
ب- التعريف القانوني للمقاولاتية:
اختلف رجال القانون بدورهم في تحديد مفهوم المقاولة باختلاف مجالات القانون على النحو التالي:
- مفهوم المقاولة في قانون الشغل:
- مفهوم المقاولة في القانون التجاري:
يختلف هذا المفهوم عما إذا كان النظام رأسمالي أو اشتراكي:
ج- التعريف الإجتماعي للمقاولاتية:
د- تعريف المختصين للمقاولاتية:
تعرف المقاولة حسب تصورات ووجهات نظر مختلفة و متعددة نذكر منها:
المقاولاتية هي القدرة و الرغبة في تنظيم و إدارة الأعمال بكافة أنواعها ، عن طريق إنشاء شيء جديد ذو قيمة، و تخصيص الوقت و الجهد و المال اللازم للمشروع ، و تحمل المخاطرة المصاحبة و استقبال المكافئة الناتجة بغرض الإسهام في تحقيق التنمية الاقتصادية و الاجتماعية .[12]
: مفهوم المقاول من منظور مختلف التخصصات:
نظرا لاهتمام علماء الاقتصاد و الإدارة و علماء النفس و العديد من الباحثين بالمقاول تعددت التعاريف و نذكر منها:
و حسب شومبيتر دائما بالإضافة إلى أنه الشخص المبدع الذي يحرك و يدفع عجلة النمو الاقتصادي ، فإنه يقوم بإيجاد توليفات جديدة لوسائل الأنتاج تأخذ الأشكال التالية : إنتاج سلع أو خدمات جديدة ، إدخال طرق إنتاج جديدة ، فتح أسواق جديدة ، إيجاد مصادر تموين جديدة، وصف طريقة تنظيمية جديدة .[14]
إن إقامة تنظيم جديد هو في حد ذاته ابتكار و تحديث يتلاقى بذلك مع آراء شومبيتر السالفة الذكر الذي يبين أن المقاول هو الشخص يدخل الأفكار الجديدة من مصادر مختلفة إلى منظمته.[20]
من جهة أخرى اعتمدت بعض الدراسات التي تطرقت إلى موضوع المقاول على أسلوبين أساسيين لتعريف المقاول و هما[21]:
1- الأسلوب الوظيفي: و هو يرتكز على أعمال المقاول و سلوكه ووظائفه و هذه الطريقة تعرف المقاول على حسب سلوكياته و أفعاله ، حيث أنها تصف وظائف المقاول التي على أساسها يتم تحديد المقاول من غيره.
2- الأسلوب الوصفي: هو الذي يصف المقاول في حد ذاته أي صفاته و خصائصه، و الفرق بينهما أن النظرة الوظيفية أكثر واقعية من النظرة الوصفية التي تميل إلى التجريد و المثالية.
و كما يعرف المقاول على أنه الشخص الذي يبادر في تبني الأفكار الجديدة، و هو من يسعى إلى اكتشاف الفرص و تعظيمها و من يمتلك روح المخاطرة ، و الرؤية الواضحة و القدرة على التخطيط و التعامل مع الظروف الغامضة ، من أجل إضافة قيمة أو تطوير منتجات لتحقيق الربح و النمو.
ركزت أغلب التعاريف التي أوردناها سابقا على مجموعة من الخصائص و السمات الشخصية التي يتميز بها بعض الأشخاص منها الفطري و منها المكتسب ، و عليه فالمقاول هو الشخص الذي لديه الإرادة و القدرة و بشكل مستقل – إذا كان لديه الموارد الكافية- على تحويل فكرة جديدة أو اختراع إلى ابتكار يجسد على أرض الواقع بالاعتماد على معلومة مهمة ، من أجل تحقيق عوائد مالية ، عن طريق المخاطرة ، و يتصف بالإضافة إلى ما سبق بالجرأة ، الثقة بالنفس ، المعارف التسييرية ، و القدرة على الإبداع ، و بهذا يقود التطور الإقتصادي للبلد.[22]
ثانيا: تطور مفهوم المقاول عبر التاريخ:
المقاول هو أهم حلقة في سيرورة المقاولة و له دور هام عبر التاريخ ، فالمقاول إذا أتيحت له الفرصة فإنه سوف يبرز من حيث لا تدري في مجتمعات بلا تاريخ من المقاولة كما تقول بريجيت بيرجير ،فقد برز كقوة إجتماعية و هو"... ليس منتجا من الناحية الإقتصادية إلى حد كبير فحسب، بل إنه أيضا واحد من أدوات النقل الرئيسية لطرق حديثة مميزة عن المعرفة و السلوك التي تعد أساسية لمجتمع صناعي حديث ".[23]
لقد قام روبرت هيزريش و مايكل بيترز بتحديد تطور نظرية المقاولة و مصطلح المقاول فيما يلي :
أصل الكلمة فرنسي ومعناها : الشخص الذي يذهب بين إثنين أو يأخذ بين إثنين .
- في العصور الوسطى: الشخص المسؤول عن المشاريع الإنتاجية الضخمة .
- في القرن السابع عشر: شخص يتحمل المجازفة في الحصول على أرباح أو تكبد خسائر في عقد ثابت القيمة مع الحكومة.
- سنة 1725م: ريتشارد كانتلون :الشخص الذي يتحمل المخاطر مختلف عن الشخص الذي يمول رأس المال.
- سنة 1797م: بودو: شخص يتحمل المخاطر و التخطيط و الإشراف و التنظيم و التملك.
- سنة 1803م: جين باتيست سين: قصلت ارباح المنظم عن أرباح رأس المال .
- سنة 1876: فرانسيس والكر: ميّزت بين هِؤلاء الذين مولوا المشاريع و حصلو على فوائد
و بين هؤلاء الذين حصلوا على فوائد من خلال قدراتهم الإدارية .
- سنة1934م: جوزيف شومبيتر: المنظم مبدع و يطور التقنيات التي لم تجرب في السابق.
- سنة 1961م: جوزيف مكلايلاند: المنظم إنسان نشيط ، معتدل في المجازفة.
- سنة 1975م: ألبرت شابيرو : يأخذ المنظم بزمام المبادرة ، ينظم بعض التقنيات الإجتماعية و الإقتصادية و يتقبل مخاطر الفشل .
- سنة 1980: كارل فيسبر : يختلف الإقتصاديون ، علماء النفس و رجال الأعمال و السياسيون في نظرتهم للمنظم.
- سنة 1983م: جيفور بينشوت : تنظيم المشروعات داخا الشركات و المنشاة أصلا .
و بذلك اكتسى المقاول على مر التاريخ عدة وجوه و لعب عدة أدوار، قديمة قدم تأسيس المقايضة و التبادل بين أفراد المجتمع و بالمقابل أعطي للمقاول دورا محددا لكل فترة تاريخية حيث، حتى و في العصور الوسطى تمتع بمكانة خاصة في المجتمع و الاقتصاد ، ليتطور تدريجيا و يصبح الممثل الرئيسي للرأسمالية ، فهو التاجر في القرن السابع عشر ، المقاول الصناعي في القرن الثامن عشر ، المقاول الأجير في نهاية القرن التاسع عشر ، و اليوم هو مقاول اجتماعي على الرغم من أن قدرته على المبادرة محدودة مقارنة بالمؤسسات الكبرى.[24]
[1] )-عبد الغفور الخرازي،"تعريف و تأسيس المقاولة" ديسمبر 2012:
Abdelghafour19.Blogspot.com/blog-post-html.
[2] )- حمزاوي حسيبة " المقاولاتية النسوية في الجزائر بين آليات الدعم و الواقع (2000-2016)"، رسالة ماستر في سياسات عامة و إدارة محلية، قسم العلوم السياسية ، جامعة مولود معمري-تيزي وزو-(2017-2018)ص(16-17).
[3] )- شلوف فريدة:"المرأة المقاولة في الجزائر"،رسالة ماجستير،تخصص علم اجتماع تنمية و تسيير الموارد البشرية،جامعة قسنطينة،2008-2009،ص(9).
[4]-(Fayolle,entrepreunariat,dunod,paris,2004,p29.
[5] )- الملتقى الوطني حول" إشكالية إستدامة المؤسسات الصغيرة و المتوسطة في الجزائر"،كلية العلوم الاقتصادية و التجارية و علوم التسيير، جامعة الشهيد حمة لخضر الوادي يومي 06-07 ديسمبر 2017 ص(5).
[6] )- نفس المرجع السابق، ص(5).
[7] )-لفقير حمزة,"تقييم البرامج التكوينية لدعم المقاولة" رسالة ماجستير، تخصص علوم التسيير،جامعة أمحمد بوقرة بومرداس،2008-2009 ص(31).
[8] )- عمر علي اسماعيل"خصائص الريادة في المنظمات الصناعية و أثرها على الإبداع التقني"مجلة القادسية، مجلد12،العدد الرابع،2010،ص(72).
[9] (- Mory siomy,développement des compétences des leaders en promotion de la culture entrepreneuriale et de l’entrepreneursship : le cas de de rendez vous entrepreneuriat de la francophone, Thèse pour l’obtention de philosophie doctorat (ph.D), Université Laval, Québec,octobre,2007,p94
[10] )- عبد الكريم القبيعي الإدريسي:"الثقافة المقاولاتية من نظريات المدارس إلى آليات المقاربات مقدمات في سوسيولوجيا التنظيم"،(المغرب)، منشورات مقاربات المغرب العربي،2013،ص(81).
[11] )- محمد علي جعلوك:"أعمال المقاولات"،دار الراتب الجامعية، لبنان، الطبعة1،1999،ص(6).
[12])- النجار جمعة صالح، العلي عبد الستار محمد"الريادة و إدارة الأعمال الصغيرة"، الطبعة الثانية ، دار الحامد، عمان، الأردن،2008.
[13] -(Mokhtar Lakehal : dictionnaire d’économie contemporaine et des principaux faits politique et sociaux,édition 3,2002,p299.
[14] )- سايبي منيرة:" المقاولة و إستراتيجية تنمية المؤسسات الصغيرة و المتوسطة في الجزائر" ، رسالة دكتوراه غير منشورة، جامعة منتوري، قسنطينة، 2014،ص(31).
[15])- عباوي الزهرة: "المرأة و إعادة إنتاج الاقتصاد العائلي في المجتمع الجزائري" ، رسالة دكتوراه تخصص علم اجتماع تنظيم و عمل ، قسم علم اجتماع، جامعة محمد لمين دباغين سطيف2، 2018-2019ص(21).
[16])- ملتقى دولي حول المقاولاتية "الريادة و الإبداع في المشروعات الصغيرة"، زايد مراد ، جامعة بسكرة،2010،ص(7).
[17] )- عبد الرحمان عبد الله،"ج2 في ضوء النظام الاقتصادي العالمي الجديد"، علم الاجتماع، دار المعرفة الجامعية، 1997، ص(414).
[18] )- محمد أبي بكر بن عبد القادر الرازي : مختار الصحاح،ط جديدة، مكتبة لبنان، بيروت، 1995،ص(232).
[19] )- - مجلة المنتدى للدراسات و الأبحاث الاقتصادية، قواسمي رشيدة، "التأصيل النظري للمقاولاتية كمشروع و النظريات و النماذج المفسرة للتوجه المقاولاتي"، مجلد04، العدد 02،2020،ص(161).
[20] )- مروة أحمد ، نسيم برهم"الريادة و إدارة المشروعات الصغيرة، الشركة العربية المتحدة للتسويق و التوريدات، القاهرة 2008، ص(7).
[21] )- نفس المرجع السابق، مجلة المنتدى للدراسات و الأبحاث الاقتصادية،ص(162).
[22] )- مجلة إدارة الأعمال و الدراسات الاقتصادية، الدكتورة الحدي نجوية "المقاولاتية كرهان لامتصاص البطالة"، جامعة زيان عاشور الجلفة، الجزائر، العدد الرابع،ص(95).
[23] )-نيار نعيمة:"الخلفية المهنية و الإجتماعية للشباب المنشئ للمؤسسات الصغيرة"رسالة ماجستير في علم الإجتماع التنظيم و العمل ، قسم علم الإجتماع ، جامعة الجزائر،2007-2008 (ص 27-28).
[24] )- مجلة العلوم الاقتصادية و التسيير و العلوم التجارية، نجاة شدلي،"قراءات تاريخية لتطور الفكر المقاولاتي"، جامعة فرحات عباس-سطيف1- المجلد 11، العدد01، 2018 ص(288).