1- خصائص التخطيط التربوي: من خصائص التخطيط التربوي ما يلي:

- انه أسلوب موضوعي في التفكير (تقدير مشكلة معينة واقتراح الحلول المناسبة لها).

-  انه تفكير تحليلي ديناميكي لا يتخذ قرار دون تحليل سابق للبيانات والمعلومات ذات الصلة.

و التخطيط التربوي يهدف إلى تحقيق الأهداف التالية:

الأهداف الاجتماعية: إن السياسة التعليمية تهدف إلى مقابلة احتياجات الأفراد، ومقابلة احتياجات المجتمع، إلا أنه قد يكون هنا تعارض بين احتياجات الأفراد واحتياجات المجتمع، ففي المجتمعات الديمقراطية، يجب أن يهدف التخطيط التربوي إلى إتاحة الفرص لجميع أفراد المجتمع للحصول على أقصى درجات التعليم، على حسب إمكانياته وقدراته، وأن تتاح لهم الفرصة في اختيار نوع التعليم الذي يناسبهم، ومقابلة احتياجات المجتمع من القوى العاملة اللازمة (تطوير المجتمع وتحويله إلى أعلى مراحل النمو الاجتماعي)، وكثيرا ما يكون التعارض القائم بين احتياجات الأفراد واحتياجات المجتمع.

أما في الدول النامية يهدف التخطيط التربوي إلى تحويلها من أشكال التقليدية العتيقة إلى مجتمعات حديثة تتمتع بدرجة كبيرة من المرونة والحركة الاجتماعية، وان يهدف في الوقت ذاته إلى الحفاظ على تقاليد المجتمع ومثله، ومنح جميع أفراد المجتمع فرصا متكافئة للتعليم، وتوفير احتياجات المجتمع من القوى العاملة اللازمة لتطور الاقتصادي والاجتماعي، والمساهمة في تطوير المجتمع وتحويله إلى مجتمع حديث يتميز بالمرونة والحركة الاجتماعية، والحفاظ على المفيد من تقاليد المجتمع وتراثه ومثل أفراده، وتوفير فرص متكافئة للتعليم (خير، 1999).                                                                 

- الأهداف السياسية: تشمل المحافظة على الكيان السياسي والاجتماعي للدولة، وتنمية الروح الوطنية والقومية بين أفراد المجتمع، وتطوير المجتمع بما يحــق الانسجام بين الفرد والمجتمع، وتنمية المواطن الصالح وإتاحة جميع الفرص التعليمية له، والعمل على زيادة التفاهم والتعاون بين الأفراد والشعوب، والمحافظة على الكيان السياسي للدولة، وتربية المواطن الصالح وتنمية الروح القومية في أفراد المجتمع.

الأهداف الثقافيةالمحافظة على الثقافة الإنسانية، والعمل على تطويرها عن طريق البحث العلمي، والعمل على رفع مستوى الثقافة بين أفراد المجتمع وذلك برفع مستوى التعليم في جميع مراحله، وحل مشكلات الثقافة بإزالة التعارض بين أهداف السياسة التعليمية بما يحقق وحدة الثقافة ومحاولة القضاء على اختيار نوع من الثقافة أو التعليم على نوع أخر.

 - الأهداف الاقتصادية: يعتبر التعليم عامل من عوامل أحداث التنمية الاجتماعية والاقتصادية، ولكن في منظور الأفراد والحكومات ما هو إلا نوع من الاستهلاك يتميز عن السلع الأخرى انه سلعة معمرة يبقى مع الإنسان طيلة حياته وهو الذي ينمي شخصية الفرد ويزيد من خبراته، له تأثير كبير على أنواع الاستهلاك الأخرى حيث أن نوع التعليم ومستواه يحدد نوع السلع التي يستهلكها المتعلم، ويؤدي إلى تغير في طبيعة العمل الذي يقوم به الفرد فكلما ازدادت درجة التعليم الفرد، كلما زادت فرص القيام بأعمال تحتاج إلى مجهود ذهني اكبر ومجهود عضلي اقل، كما انه استهلاك له قيمة ذاتية يؤثر في شخصية الفرد، بما يضفيه عليه من ثقافة ومعرفة ويعلمه كيف يحيا حياته الكاملة، والعمل على توفير قوي عـامـلة ذات مستويات وظيفية مختلفة لتوفير احتياجات البلاد، وزيادة الكفاية الإنتاجية للفرد عن طريق إكسابه المهارة والخبرة، والعمل على زيادة قدرة الفرد على التحرك الوظيفي لكي يستطيع أن يغير عمله بسهولة تبعا لظروف الاقتصاد، وبتنشيط البحث العلمي والاستفادة منه في تطوير البلاد (قسايمه، 1995).

2- المراحل العامة للتخطيط التربوي: التخطيط عملية متصلة ومستمرة من الصعوبة بمكان الفصل بين جزئياتها، وليس من المنطقي أن يتم التخطيط في وقت واحد ودفعة واحدة ومن أهم هذه المراحل:

مرحلة التحضير والإعداد: تتضمن هذه الخطوة تقويم التجارب (الخطط) السابقة وجوانب نجاحها أو فشلها وأسباب ذلك، وتشخيص الواقع الراهن والعوامل المؤثرة فيه سلبا وإيجابا، ثم القيام بدراسات تفصيلية لواقع النظام التربوي، في بيئته الاجتماعية ومتطلبات تطويره واتجاهات توسعه كما وكيفا وتتضمن هذه المرحلة جمع الدراسات التفصيلية للسكان من حيث تركيبهم وتوزيعاتهم العمرية المختلفة وعمل التقديرات اللازمة واحتمالات النمو المتوقع وذلك لتحديد العبء الملقى على التعليم مستقبلا، وتقدير الاحتياجات اللازمة لخطط التنمية من حيث الكم والكيف على المدى القريب (اقل من سنة والمتوسط من 1- 5 سنة والبعيد من 10- 15 سنة)، ودراسة التغيرات التي يمكن أن تحدث في الجوانب الاجتماعية والاقتصادية، وأثرها على التعليم والتنبؤ باتجاهاتها وعمقها ومداها، ومسح دقيق لنظام التعليم وإمكاناته والإسقاطات المتوقعة بهدف تحديد مجالات التطوير والإجراءات اللازمة، وتوزيع دليل لنتائج الدراسات السابقة على وحدات الجهاز التعليمي لوضع تصور لمخطط مبدئي لما تحتاجه من نمو وتطور لتكون نابعة من كل وحدات الجهاز التعلمي ومعبرة عن المتطلبات الفعلية لها، ورصد الإمكانيات البشرية والمادية على مستوى كل المناطق في الدولة (عليوة، 1995).

مرحلة تحديد أهداف الخطة: يتم وضع مجموعة من الأهداف العامة في ضوء ما سبق ومستمدة من فلسفة المجتمع وسياسة الدولة وتوجهها الاقتصادي والاجتماعي وتحديد الأهداف تحديدا دقيقا باعتبارها المحدد الرئيسي لاتجاه سير عملية التخطيط، كما أنها تحدد الأساليب الواجب إتباعها، وتصاغ في عبارات عامة، تكون معبرة عن الواقع وتستجيب له وقابلة للتحقيق،وأن تأتي في شكل اتجاهات غير محددة في صور رقمية أو كمية، متناسقة ومتكاملة فيما بينها، وأن تكون واضحة ومحددة ومختصرة بقدر الإمكان.

مرحلة وضع إطار الخطة: تتضمن ترجمة الأهداف إلى صورة رقمية ومؤشرات في هيئة برنامج عمل مفصل لأولويات المشاريع، وبرامج العمل والحركة بناء على ما تقترحه كافة وحدات التعليم وتتخذ في هذه المرحلة، تقويم أوضاع نظام التعليم، وحصر مشكلاته وما ينبغي إحداثه من اجل تحقيق الأهداف المرسومة، وصياغة الاحتياجات في ضوء الإمكانيات المتاحة والمتوقعة، وتحديد الوسائل واختيار انسبها لتحقيق الأهداف، وتحديد الأسس والمعدلات الخاصة بسياسة القبول ومعدلات نموها في كل مراحل التعليم والتنبؤ باحتمالات التغيير المختلفة في المجتمع، ووضع برنامج مفصل لما يجب إحداثه من تطوير في نظم ومؤسسات التعليم، وما يلزم تغييره من المناهج والمقررات والأنشطة المختلفة، باعتبار كل ذلك من محددات المستوى المهارى والمعرفي والثقافي، والتنسيق بين المشروعات زمانيا ومكانيا لتجنب التضارب فيما بينهما، ووضع المواصفات الكاملة للبرنامج التنفيذي للخطة،وتحديد الزمن والتكلفة ومصادر التمويل والتوقع بمتغيراتها، ودراسة الاحتمالات المتوقعة في تنفيذ الخطة والاستعدادات لمواجهتها بوضع البدائل (خير، 1999).  

مرحلة إقرار الخطة: بعد وضع الصورة النهائية لمشروع الخطة تقوم الجهة العليا المخولة باتخاذ القرار بدراسة الخطة بدقة مع غيرها من مشاريع الخطط القطاعية الأخرى ومناقشتها وتعديلها في ضوء الاعتبارات الخاصة بظروف كل قطاع، وغالبا ما تعرض الخطة على السلطة التشريعية لإقرارها تمهيدا لاعتمادها من جانب السلطة المختصة.

مرحلة التنفيذ: بعد إقرار الخطة تتخذ القرارات الداخلية لقطاع التعليم ومحددة مؤشرات وملامح التنفيذ لكل الوحدات الإدارية بما فيها الوظائف الأدنى مستوى بحيث توزع المسؤوليات والأعباء ويظل التنفيذ مستمرا حتى بعد الانتهاء من الخطة، وتتطلب هذه المرحلة، وجود جهاز مركزي للتخطيط على درجة عالية من الكفاءة يتولى إجراء الدراسات التفصيلية، وجمع وتنظيم وتصنيف البيانات التي سوف يعتمد عليها في بناء التخطيط وإقرارها ومتابعة تنفيذها وتقويمها، ولهذا الجهاز سلطة اتخاذ القرارات، وإعداد خطة متكاملة، وفقا لمعاير موضوعية وموصفات واقعية ومشاركة ايجابية رسمية، والمتابعة المستمرة لتنفيذ الخطط،وتقيم ما تحقق وفقا للمدى الزمني المحدد والواجبات والمسؤوليات الملقاة على وحدات التنفيذ، وتهيئة كل مكونات النظام التربوي لتنفيذ الخطة، وحشد القوى المنفذة والعمل على تعديل أنماط سلوكها، بما يتفق ومتطلبات تنفيذ الخطة، وسرعة اتخاذ الحلول المناسبة للمشكلات التي تعترض التنفيذ، وإمكان تعديل بعض الأهداف والوسائل على المستوى التنفيذ يكلما دعت الحاجة إلى ذلك، وتنمية المسؤولية وبناء مستويات مختلفة من الخبرة للمنفذين (عليوة، 1995).   

مرحلة المتابعة والتقويم: هناك نوعان من المتابعة، متابعة التنفيذ للتعرف على منجزات وأداء الأفراد والبرامج، وفقا لقواعد رقابية معينة، ومتابعة جهاز التخطيط لتعديل الخطة بما يضمن تحقيق أهداف الخطة، وعموما تحقق المتابعة التعرف على الأهداف التي تجاوزت التحقيق، والتعرف على مدى الانحراف عن أهداف الخطة وتحديد أسبابها وتصحيحها،وتبني حدود التعديل وشروطه الجديدة لتتلاءم معها ومع بعضها على أساس منسق مع الحفاظ على الأهداف الأساسية للخطة، كما توفر المتابعة معلومات مهمة ودقيقة تفيد في وضع الخطط القادمة (خير، 1999).

3- العوامل المؤثرة في التخطيط التربوي: أن أهم العوامل المؤثرة في التخطيط التربوي:

- السياسات التربوية: التي تمثلها التوجهات العامة لوضعي السياسـة التربويـة العامة فـي عملية التخطيط من وزير التربية وتوجهاته وتوجهات معاونيه تؤثر بشكل مباشر في تخطيط التربية دون النظر أحيانا إلى الحاجة الملحة في بعض الجوانب دون الأخرى.  

- الجهات الممولة للخطط التربوية: تفرض هذه الجهات الممولة للخطط التربوية رؤيتها وشروطها على عملية التخطيط التربوي، وبذلك يتأثر التخطيط بهذه الشروط التي قد تكون غير ملائمة للواقع أو لأهداف التربية التي يتطلع إليها المجتمع أو التي قد تمس معتقداته ومبادئه.

- التغيرات الاقتصادية والسياسية العالمية والمحلية: تلعب هذه التغيرات دورا مهما في التخطيط التربوي، حيث إن الانتقال من السوق المغلق إلى السوق المفتوح؛ يحتاج إلـى خبـرات جديدة تواكب هذا التغيير الاقتصادي وتزوده بالخبرات اللازمة لسد النقص في سـوق العمـل.

وكذلك التغييرات السياسية على المستوى العالمي؛ حيث تلعب دورا فـي التخطـيط التربـوي.

- الفترة الزمنية: إن تنفيذ أي خطة محكوم بفترة زمنية وأن أي تـأخير فـي التنفيـذ أو إطالة الفترة الزمنية للخطة يؤدي إلى عدم تحقيق الأهداف أو تأخيرها، وتخفيف الحمـاس فـي نفوس العاملين، مما ينعكس سلبا على الخطة، وأن أي تقليل في وقت الخطة قد يعني الاستعجال غير المنطقي، وأن الأهداف التي تم وضعها قد تم وضعها دون تحقيق للفائدة المرجوة.                           

- المشاركة الواسعة لأطياف الشعب في التخطيط: إن هذه المشاركة تؤدي إلـى تحديـد الأولويات التي قد تتعارض مع واضعي الخطط التربوية وتأثيره على عملية التخطيط برمتها.                            

- العوامل الاجتماعية: تؤثر في سير الخطط التربوية؛ كالتقسيمات الطبقيـة والعـادات والتقاليد التي تعيق تنفيذ بعض الخطط؛ كالإحجام عن تدريس الإناث والاكتفاء بقدر ضئيل مـن التعليم.

- العوامل الثقافية: تعرف بالتصورات الجماعية المشتركة التي تنعكس فيهـا فلسـفة المجتمع السائد نظرته إلى الكون والأشياء المختلفة، وإذا ما تعارضـت هـذه النظـرة الثقافيـة الفلسفية مع الخطط التربوية فإنها تشكل عائقاً حين التنفيذ الفعلي.

4- مجالات التخطيط التربوي: أن نجاح أي خطة تربوية يتوقف على المجتمع ومدى إيمانه بها، ولا بد من مراعاة القيم المجتمعية حتى يتحقق النجاح للخطة التربوية. فعند التخطيط للمجتمع لا بد من مراعاة القيم الاجتماعية السائدة من جانب ديني والقيم والعادات والتقاليد، والظروف الاقتصادية والإمكانيـات المادية للبيئة المحيطة التي يخطط لها، ومراعاة ما لـدى المجتمـع مـن طموحـات مسـتقبلية وتطلعات، ومراعاة المشكلات الاجتماعية الراهنة فـي المجتمـع، ومبـدأ الاسـتمرارية فـي التخطيط، والحاجات المجتمعية مثل النقص في بعض التخصصات الفنية. ومن أهم مجالات التخطيط التربوي:

- التخطيط للمتعلم: عند التخطيط للمتعلم يجب مراعاة الفئة المستهدفة، الجـنس، المسـتوى التعليمي، الفروق الفردية، البيئة المحيطة، التراث القيمي الاجتماعي الديني للسكان، وكذلك نوعية التعليم.

- التخطيط للمنهاج: حيث يمر التخطيط للمنهاج بعدة خطوات رئيسة منها توضيح التبريـر المنطقي لعملية التخطيط، تحديد مجال المنهج الدراسي، اختيار الأهداف والمحتـوى وتنظيمـه، اختيار الخبرات التعليمية وطرائق التدريس، تحديد إجراءات التقويم ووسائله، ثم تجريـب المنهاج الذي تم تخطيطه.

- التخطيط للعناصر البشرية القائمة على العملية التعليمية: (المعلم، المدير، المشرف)، حيث إن التخطيط لهذه العناصر البشرية يتطلب العمل على رفع الكفاءات التعليمية والإداريـة لهـذه العناصر البشرية من أجل النهوض بالواقع التعليمي إلى الأفضل.    

- التخطيط لتمويل المباني والتجهيزات التعليمية: من حيث تحديد مصـادر التمويـل، تحديـد مواصفات البناء المدرسي والأجهزة التعليمية، تخطيط تمويل البناء والأجهزة، كيفيـة إشـراك البلديات والمجالس المحلية في الإنفاق على المباني المدرسية، وسبل ترشيد الإنفاق العـام فـي مجال التمويل (مرسي، والنوري، 1975).    

 

Last modified: Friday, 19 May 2023, 10:55 AM