العوامل المؤثرة على اختيار وتصميم النظام الانتخابية
بعد استعراض جل النظم الانتخابية المعتمد في دول العالم، تبين سبب اختلافها وتعددها يعود إلى مجلة من العوامل التي تؤثر على تصميم هذه النظم الانتخابية، أم اختيار أحدها وتطبيقها على أي دولة. فالنظام الانتخابي يكون مناسب لدولة ما ولا يتناسب مع دولة أخرى. ومن مجمل هذه العوامل يمكن عرض أهمها في العوامل التالي:
 العوامل السياسية:
تعتبر العوامل السياسية من أهم المحددات التي تؤثر بشكل مباشر على تصميم أو النظام الانتخابي الذي يمكن أن تتبناه أي دولة. وأهم هذه العوامل ما يلي:
- الإرادة السياسية: تلعب الإرادة السياسية عنصرا مهما في اختيار النظم الانتخابية، ففي الكثير من البلدان التي اجتاحتها موجات التحول الديمقراطي بمختلف أشكاله – سواء من الأعلى أو من الأسفل أو من خلال الضغوطات الخارجية-  عملت على تبني نظم انتخابية تكرس الديمقراطية داخل الدولة. إلا أن الإرادة السياسية للنظام الحاكم كان لها أثر كبير في تحديد هذه النظم. فالنخب السياسية التي كانت ترغب فعلا في إحداث تحول ديمقراطي حقيقي كانت تقوم بمشاورات واسعة بين مختلف التركيبات السياسية والاجتماعية حول اختيار النموذج الأنسب من النظم الانتخابية التي تقوم على الإرساء الحقيقي للديمقراطية للبلاد. 
أما النخب الحاكم التي لم تكن لها الرغبة في إحداث ديمقراطية حقيقية فكانت تمارس ما يسمى بديمقراطية الواجهة، أي أنها تسعى لضمان استمرارية النظام السياسي بمختلف عصبه الحاكمة بطرق يسودها جو من الديمقراطية المزيفة. وبالتالي كانت تختار النظم الانتخابية التي تضمن لها تواجدها واستمراريتها وضمان نفوذها داخل الدولة.
المكونات السياسية للدولة: في الكثير من البلدان يلاحظ تفاوت في مكانة وحجم وقوة المكونات السياسية المتمثلة في الأحزاب السياسية، هذا بالإضافة إلى طبيعة النظم الحزبية التي تتبناها هذه الدول. وبالتالي يعتبر عمال المكونات السياسية عنصر مهم في اختيار النظام الانتخابي. وهذا تم تم توضيحه في عرض أنواع النظم الانتخابية.
الاستقرار السياسي: يلعب الاستقرار السياسي دورا مهم في عملية اختيار النظم الانتخابية، ففي البلدان التي تشهد استقرارا سياسيا تعمل على تصميم أو تبني أحد النظم الانتخابية في ظروف أكثر أريحية من البلدان التي ينعدم فيها عامل الاستقرار السياسي.
 العوامل الاجتماعية:
تلعب العوامل الاجتماعية دورا كبيرا في تصميم أو اختيار النظم الانتخابية. فالبلدان التي يسودها الانسجام والتوافق في تركيبتها الاجتماعية، تختلف اختلافا كبيرا مع الدول التي تتكون من العديد من الأقليات والإثنيات والتقسيمات الدينية. ففي حين يلاحظ الاستقرار في البلدان ذات التركيبة الاجتماعية المنسجمة، يلاحظ التوتر والصراع المزمن في البلدان ذات التركيبة الاجتماعية المتنوعة.
لذلك ما يصلح من نظم انتخابية في البلدان المنسجمة اجتماعيا لا ينسجم مع غيرها من البلدان المركبة من عرقيات وأقليات. لذلك يلاحظ في اعتماد النظم الانتخابية، غالبا ما يتم الاعتماد على نظم الأغلبية التي لا تراعي هذه الفوارق الاجتماعية لأنها تغيب عندها. أما البلدان غير المنسجمة غالبا ما تعتمد على نظم التمثيل النسبي من أجل ضمان حق كل المكونات الاجتماعية في التمثيل.
إذ تؤدي النظم الانتخابية، في المجتمعات التي كانت تعاني صراعات داخلية إلى ما يسمى بالانتخابات ما بعد الصراع Post Conflict Elections. وتقوم هذه الانتخابات بوظيفة الاندماج الاجتماعي. لأن المصلحة الوطنية تتطلب لم شمل الفئات والطبقات والمناطق في المجتمع  وضمان تمثيلها بشكل عادل مما يكفل لها المشاركة في الحياة السياسية والدفاع عن مصالحها بطرق سلمية. 
 العوامل الاقتصادية:
إن الأوضاع الاقتصادية لأي دولة تعتبر عامل حاسما ومؤثرا على باقي المجالات الأخرى. ومن بين هذه المجالات، إشكالية اختيار النظم الانتخابية. وبعد استعرض جل هذه النظم اتضح أن هناك نظم انتخابية تستدعي إمكانيات مادية ضخمة ترهق كاهل الدولة. وبالتالي فهي تصلح في الدول الاقتصادية الكبرى والغنية ولا تصلح في البلدان الفقيرة، لأن إمكانياتها الاقتصادية لا تسمح لها باعتماد هذا النوع من النظم وبالتالي تعمل على اختيار أحد النظم الانتخابية الأقل تكلفة.
 العوامل الثقافية:
كما سبق وما تم التطرق إليه، ن خلال استعراض النظم الانتخابية هناك عدد من النظم الانتخابية التي تشترط مستوى كبير من الثقافة العامة عموما والثقافة السياسية بالخصوص. وبالتالي فالبلدان التي تعاني من ارتفاع نسبة الأمية والجهل لا يناسبها هذا النوع من النظم لأنها أكثر تعقيدا والاختيار فيها بين المرشحين أو ترتيب الأفضليات، يعتمد فقط على الثقافة العالية للتمييز بين الناخبين.
 الموروث الاستعماري:
يعتبر الموروث الاستعمار عامل مهم لدى الدول التي كانت تحت وطأة الاستعمار. فعند نيل استقلالها. تحافظ على نمط التسيير الإداري والسياسي وحتى النظام السياسي في بعض الدول التي توارثته عن الاستعمار. بل أكثر من ذلك، تحافظ على النظم الانتخابية المعمل بها في الحقبة الاستعمارية.
Last modified: Thursday, 22 December 2022, 9:38 PM