نشأة الاتصال العمومي:

بشكل مجال الاتصال العمومي أحد مجالات البحث الحديثة في دراسات علوم الإعلام والاتصال، وذلك نظرا لحداثة هذا التخصص أكاديميا، وقد ظهر منذ نهاية الثمانينات وبداية التسعينات، نتيجة المجهود الذي قام به فريق بحث بجامعة لافال الكندية،توج بإصدار كتاب جماعي بإصدار ميشال بوشومب،صدر عام 1990،تحت عنوان الاتصال العمومي والمجتمع، معالم للتفكير والفعل"،وتطورت بعد ذلك الأبحاث في هذا المجال.رغيس، ص98

وهناك ما يرجع أن ظهور مفهوم الاتصال العمومي  كان في أعمال  عالم الاتصال الأمريكي  ولبر شرام  سنوات الخمسينات والستينات،  والتي تجسدت في شكل حملات واسعة  سماها بحملات  الاتصال العمومي  تمت مباشرتها  بهدف إقناع الناس بسلوكيات ما يمكن في النهاية قياسها  عبر وسائل منهجية  ولكن هذه الحملات التي جاءت مكهربة  مرتبطة بالحرب الباردة  وكانت السمة الغالبة عليها هي الدعاية  لذلك وجه برنارد مياج إنتقادات للقول بأن شرام يعد المؤسس الفعلي للاتصال العمومي  ودعلا تعقيبا على ذلك إلى ضرورة الفصل  بين الاتصال العمومي والسياسي مبرزا بأنه لا بد من عدم الخلط بين العمومي  والسياسي في الاتصال ، حيث أن الاتصال العمومي  متعدد الأبعاد  ولكن أهدافه متناسقة  ومنسجمة لا مجال  فيها للتنافس ،  والتناقض كخاصية  أساسية للأتصال العمومي إذن هو ليس اتصالا تسويقيا  ولا دعائيا  ولا سياسيا  وإنما هو شيئ مختلف تماما" عواج أخرون، ص 18"

ويرجع ظهور تسمية الاتصال العمومي  لجمعية  الاتصال العمومي walloni Bruxelles ، تم إنشائها  عام 1989 ، حيث سمحت  لهذا الأسم أن يحل محل تسمية الاتصال الإجتماعي  سابقا  ونجاحها في نشر الإسم هو مجاور لمجال  المهنيين والمؤسسات العامة ، "piére zemor,2008 ,)

وقد عرف حقل الاتصال العمومي في التطور نموذجين، النموذج الفرنكوفوني  ويتكرر في  إيطاليا ، بلجيكا وفرنسا، ويعتمد على القطاع العام وإحتكار الدولة للمجال العمومي بكل قضاياه من خذمات ، مواطنة، تنظيم الحريات، تحقيق المصلحة العامة، وتعتمد ميزانية تمويله على موارد الدولة وتحديدا الضرائب، ومن أهم أسباب تطور هذا الحقل ظهور قضايا المثليين، قضايا إنتشار الإيدز في فرنسا والمناداة بحماية حقوقهم حيث تحركت منظمات المجتمع المدني ووجدت الدولة نفسها ملزمة على إحتكار الفضاء العام  وإدارة كل ما هو عمومي ، وبذلك فهو اتصال  مقيد وغير تنافسي

أما الحقل الثاني والذي تطور في الدول الأنجلوسكسونية  وتمثله الولايات المتحدة والملكة المتحدة، يغطي المجال العام  بشكل أوسع مشاركة القطاع الخاص  والمؤسسات والحركات،  والجماعات التي تتدخل في الساحات العمومية ، اما في هذا النموذج فالاتصال العمومي غير مقيد وتنافسي."piere zemor,2008 ,)

 كما ساهمت في تطوير حقل الاتصال العمومي عوامل إقتصادية  وتاريخية وإجتماعية،  وهو خلاصة  تطورات إجتماعية  وسياسية  ترتبط بجملة من المفاهيم  تشمل تطور مفهوم الدولة ، المواطن،  المواطنة، الخدمة العمومية، الحقوق المدنية، الواجبات ، ثقافة المشاركة، الصالح العام، الشأن العام،  القضايا العام

وبما أن الديمقراطية  وإنتشار الحق في الاتصال والحق في الحصول على المعلومة والحق في المساءلة، هي عنصر اساسي في تطوير حقل الاتصال العمومي فإن الثورة الفرنسية بمبادئها الحرية ، العدالة والمساواة من أهم  منعرجات مسار الدولة الحديثة التي بدأت تبحث عن الشرعية من خلال الإعتماد على اتصال خاص هو الاتصال العمومي،  ولعل لأول منعرج تاريخي للاتصال العمومي  هو توقيع معاهدة واست فاليا 1648، التي أسست لمفهوم الدولة  والأمة والمنعرج الثاني  هو ظهور النظام الديمقراطي وم أ ( عواج وأخرون، 2019)

في العالم العربي مؤشرات مختلفة ومتعددة تظهر تطور الاتصالات العامة في العالم العربي خلال الاثنين عقود ، الميزانيات المخصصة للاتصالات العامة شهدت زيادة كبيرة ، كما يتضح من الضرب الحملات باستخدام جميع أنواع الوسائط (بما في ذلك تكنولوجيا المعلومات والإنترنت والهاتف المحمول). أثناء السنوات الثلاث الماضية ، الإنفاق الإعلاني للمنظمات حملات الاتصال للمصلحة العامة والعامة لها تمثل ما يقرب من 27٪ من سوق الإعلان العربي من جهة أخرى، المزيد والمزيد من المنظمات العامة تنشئ خدمات مخصصة للتواصل. أخيرا ، التدريب على التواصل هو تم دمجها الآن في جميع المؤسسات الجامعية ، ويرتبط صعود الاتصالات العامة إلى عملية معقدة: انتصار الاتصال كإيديولوجيا ، تحولات الفضاء العام ،) تشبع الدولة ومؤسساتها بقيم التواصل (الانفتاح ، القرب ...) ، الليبرالية والقطاع خاصة (المنافسة ، الكفاءة ، إلخ) ، أزمة الديمقراطية والنهوض مواطنة سياسية جديدة (مشاركة ...). في العالم اللغة العربية ، نشأة وتطور الاتصال العام،  وفقًا لتقرير نشره مكتب الدراسات والبحوث العربية المركز ، (PARC) ، والإنفاق الإعلاني للمنظمات العامة وصلت إلى 515 مليون دولار عام 2007 ، و 659 عام 2008 ، و 703 عام 2009، (الحمامي، 2019,2009،ص184)

آخر تعديل: Friday، 29 January 2021، 11:42 PM