الأدب الافريقي القديم
لقد كانت المشافهة وسيلة الاتصال الرئيسية في الحضارة القديمة، وكانت الأخبار والأساطير والأشعار تنتقل من قبيلة إلى أخرى عبر الأجيال عن طريق الرواية الشفوية، وكان الراوي ذا مكانة خاصة في قبيلته، المتالكه قدرات بالغية خاصة، وقوة الذاكرة، وإن مجمل ما وصلنا من اآلداب الشفوية يدور حول الخرافات والأساطير التي تشوبها المبالغة، ويختلط فيها الواقع بالخيال، إضافة إلى بعض الأشعار المروية بلغة البوهل وأشعار اليوربا والتراكاراس، كما أسهمت الفنون الإحتفالية )المسرحية( بدور مميز في هذه الآداب متضمنة نقدا اجتماعيا.
لقد انتشر التراث الشفوي الإفريقي في العالم الجديد مع تجارة العبيد، يشمل هذا التراث أنماطا شعرية وقصصية غنية ومتنوعة لمعظم القبائل الإفريقية وتعد الأساطير وقصص الخلق الأكثر تنوعا وخيالا، أما الأشعار فتطغى عليها عبارات التمجيد والتبريك التي تشمل الآلهة والإنسان والنبات والبقاع، كتلك التي تمجد زعيم الزولو "شاكا العظيم" .
فكل جوانب الحياة في افريقيا تترافق مع الأناشيد والشعر: الرعي، الحرب، الصيد، الكوارث، األفراح... وإلى جانب الشعر والأساطير تنتشر قصص الحيوانات الماكرة، والألغاز والأمثال حيث لا يخلو حديث أو جدل من المثل، "فالأمثال هي إدام الكلام وهي زيت النخيل الذي تؤكل به الكلمات".
تعريف الأدب الإفريقي: إن الأدب الإفريقي مصطلح يعني أدب مناطق جنوب الصحراء حتى التقاء القارة بالمحيط الهندي في أقصى الجنوب الأطلسي. الأدب الإفريقي: هو الأدب الوليد في البيئة الإفريقية ومن أبناء هذه القارة أنفسهم معبرا عن مشاعرهم وانفعالاتهم، والمفهوم السائد أن كلمة إفريقي كوصف مرتبطة فقط بثقافات وحضارات الشعوب السوداء.
الأدب الإفريقي ومشكلة اللغة:
حصرت اللغات الافريقية في عشر مجموعات أساسية، تضم كل مجموعة عددا كبيرا من اللغات: كالمجموعة الكونغولية- الماندية/ البمبارا/ السواحلية/ الحوصة/ واألمهرية والتغرانية/ األمازيغية )البربرية في المغرب العربي( / العربية التي تعد أوسع اللغات انتشارا، حيث شجع االستعمار هذه اللغات ليزيد القبائل فرقة، وحارب العربية وفرض لغاته الاستعمارية واضمحلال اللغات المحلية، لكن بعد االستقلال ازدادت الدعوة إلى إحياء اللغات المحلية كالأفريكانية القديمة.
أهم الآداب المكتوبة باللغات المحلية:
- أدب السواحلية: تعد لغتها من لغات البانتو وهي لغة أهل السواحل والجزر الشرقية بين كينيا وتنزانيا في الجنوب، تكتب بالحروف العربية، وتضم كثيرا من مفرداتها، وتعود أقدم المدونات بها إلى أواخر )ق 17م(، نصوصها مستوحاة من التراث العربي أو الفارسي. ومعظم آداب السواحلية شعر ملحمي تأليف من رباعيات وأشهرها: المحمدية )6280 رباعية(، وهي أطول ملحمة باللغة االفريقية. والملحمة "الحسينية" )1209 رباعية(، أحصي منها أكثر من 70 ملحمة حتى .1972
- أدب البانتو: لم تعرف لغات البانتو - ما عدا السواحلية - الكتابة إلا في النصف الثاني من )19م( بفعل نشاط البعثات التبشيرية، حيث ترجم "الكتاب المقدس" و"رحلة الحج" إلى بعض لغات البانتو.
- آداب اليوروبا: قبائلها تعيش في نيجيريا وبعضها في بنين، بدأ أدبها المكتوب بالظهور منذ 1844 بترجمة مقاطع من الكتاب المقدس. أهم كتابها: الزعيم اليوروبي الشعبي فاكونوا من رواد القصة له "غابة الإله" 1947 والتي تولدت عنها آلاف القصص منذ ،1970 تحكي مغامرات أسطورية شعبية عن السحر والتقمص والوحوش. دالنو: كتب دالنو أول سلسلة قصصية واقعية: "إنّه عالم الرجل الأبيض" 1955م. أما بالنسبة للمسرح، فأهم كتابه: هوبرت أوغند له مسرحية "العقلية األوروبية" ،1964 مسرحياته هزلية ناقدة.
الآداب الإفريقية المكتوبة باللغات الأجنبية:
أ- الآداب المكتوبة باللغة الفرنسية: لقد انتشرت اللغة الفرنسية بين المثقفين الأفارقة الذين نشأوا في المناطق
الخاضعة للنفوذ الفرنسي أو الذين تلقوا تعليمهم في فرنسا، فنجم عن ذلك ظهور عدد من الكتاب ذوي الشهرة
الكبيرة ومنهم: عثمان سوسيه )السنغال(/ بول هازومي )راهومي(/ رونيه ماران )غينيا( بكتابه )باتوال( بداية
حقيقية الأدب االفريقي المكتوب بالفرنسية.
د. جان برس مارتن: له: "هكذا تكلم العم" في هايتي .1928
صحيفة الطالب الزنجي: صدرت في فرنسا ،1934 تولى تحريرها سنغور وداماس وسيزير.
ليون غونترات داماس )غويانا(: له "الأصباغ" .1937
اميه سيزير )المارتيني(: "دفتر العودة إلى لوطن" .
ب- الآداب الإفريقية المكتوبة باللغة الإنجليزية: - في القرن 18م: تعدد تالكتابات التي نشرت في انجلترا والتي كتبها أفارقة بيعوا هناك ولدوا عبيدا ثم أعتقوا، من أوائل ما كتبه الأفارقة باإلنجليزية: رواية )إفريقي 1789( وهي أول سجل كتبه إفريقي عن وطنه الأصلي. - في القرن 19م: مع انتشار المدارس التبشيرية، نشر بعض الأفارقة أعمالهم بالإنجليزية في موطنهم الأصلي ومنهم: )صموئيل ادجاي(، )كروثر(، )إدوارد بليدن(. - في القرن 20م:
في مطلع هذا القرن كتب: - كارل كريستين رايندروف reindorf Christian Cal: وهو وزير العقائد الغاني الثائر: "تاريخ ساحل الذهب وأوشانتي" .1911 - جوزيف كاسلي هايفورد hayford casely .E Joseph: له "اثيوبيا غير المقيدة" وهي مزيج من القصة والسيرة الذاتية وبشر فيها بظهور حركة الزنوجة.
- في الثلاثينات من القرن :20 صدرت في نيجيريا مجلة "بالك أورفيوس" Orpheus Black عنيت بنشر أعمال الكتاب الأفارقة المكتوبة بالفرنسية مترجمة إلى اللغة الإنجليزية.
- في مطلع الستينيات: ظهرت حركة معارضة لأسلوب سنغول المغالي في المثالية مع التخلي عن نهج الكتاب الأفارقة الذين يكتبون بالفرنسية ومن دعاة هذا الإتجاه وول سوينكا soyinka Wile فظهرت عدة روايات ودواوين شعرية تهتم بالأوضاع السياسية بعد الاستقالال وتنتقد الأوضاع السائدة في المستعمرات الانجليزية القديمة وتنبه إلى خطر المبشرين الأوربيين,
من أبرز كتاب هذه المرحلة: - الروائي النيجيري شينوا اتشييي achebe Chinua: رواية أشياء تتداعى 1958 من أفضل أعماله.
- أموس تيوتوال )نيجيري(: له رواية "شيب بنيز النخيل" .1952 - ألكس الغوما: من جنوب افريقيا تعكس أعماله روح النضال ضد التفرقة العنصرية.
- كايبر منسا )غاني(: شاعر حاز على جائزة المارغريت الأدبية .1970 ويضاف إلى هؤلاء مجموعة أخرى كبيرة من الأدباء الزنوج الذين وطنوا أمريكا أو استوطنوها، ويعد أدبهم في عداد الأدب الأمريكي لدى معظم الدراسين. ولقد انطلقت في الثلاثينيات حملة أدبية تستهدف خلق أدب إفريقي جديد لم يقتصر فقط على القاطنين داخل الخريطة الجغرافية للقارة الإفريقية وإنما أطلقها كتاب سود من الولايات المتحدة الأمريكية ومن البحر الكاريبي، ومن أقوى هذه الحمالت صيحة "إيميه سيزير" cesaire Aime قائال في قصيدته 1939 au retour un’d cahier :pays natal
- مرحى لأولئك الذين لم يخترعوا على الإطلاق شيء
- أولائك الذين لم يرتادوا على االإطلاق أي شيء
- أولئك الذين لم يغزو على االإطلاق أي شيء
- مرحى للفرح - مرحى للحب
- مرحى للألم والدموع المتجسدة.
وعلى العموم فإن الأدب الإفريقي إبان الاستعمار اتصف بالشمولية)في مستوى القارة(، ثم بدأت تتضح بعد االاستقلال الخصائص النوعية المميزة لكل بلد أو مجموعة عرقية. ويبقى القاسم المشترك بين مختلف أدباء القارة في انشغالهم بمواجهة المشكلات التي تواجهها هذه الدول الفتية فطبع الأدب بطابعها.
ملاحظة: النص منقول.