الوحدة التاسعة: التحليل الاستراتيجي للعمل ميشال كروزيي

* ميشال كروزييه والتحليل الاستراتيجي:

         عالم اجتماع فرنسي( 1922- 2013) ، يعتبر كروزييه المؤسس الرئيسي للتحليل الاستراتيجي في علم اجتماع المنظمات، أصبح منذ 1999 عضوا في أكاديمية العلوم الأخلاقية والسياسية. تحصل على شهادة الدراسات العليا في الاقتصاد بباريس وليسانس في الحقوق . وفي عام 1949 سافر إلى الولايات المتحدة الأمريكية حيث درس فيها الحركات النقابية واكتسب مهارات البحث الميداني. نشر نتائج بحثه بعد عودته إلى فرنسا ثم حصل على شهادة دكتوراه في الحقوق وانضم إلى المركز الوطني للبحث العلمي بفرنسا بهدف دراسة لماذا لا يتمتع العمال بالوعي الطبقي الذي تفترضه فيهم النظرية الماركسية؟

        حلل كروزييه ظاهرة السلطة داخل التنظيم وبين أن علاقات السلطة لا تتوقف عند العلاقات الرسمية التسلسلية حيث بين أن الفاعلين في الموقف البيروقراطي قد تنقصهم الفعالية والمبادرات بسبب القوانين التي لا يمكن أن تتوقع كل المواقف وهو ما يسمح للبعض بأخذ جزء من السلطة خارج  أو بالإضافة إلى ما تسمح به القوانين، فكل موظف يحاول استرجاع بعض مساحات الظل «  sources d’incertitude ou zones d’ ambre »   لممارسة التأثير وتطوير استراتيجياته ليصبح عاملا فاعلا في التنظيم. بالمقابل يحاول التنظيم وضع قوانين جديدة للحد من هذه السلطة التي لا تخضع  للمراقبة. تضاف هذه القوانين الجديدة إلى القوانين السابقة لتصبح معرقلة وهو ما يترتب عنه روتين مضر بفعالية العامل. ومنه يستنتج كروزييه أن البيروقراطية نظام لا يمكنه تصحيح أخطائه.

          رفض كروزييه  وفريدبيرغ  فكرة العامل السلبي وحاول في كتابه «  L’acteur et le système » أن يبين الدور الفاعل للعامل برفضه النموذج البيروقراطي القائم  حسبه على علاقات السلطة التي تمنع التنظيم من القضاء على الاضطرابات وتتجاهل تأثير العلاقات والاستراتيجيات التي يمكن أن يطورها العامل كونه عاملا فاعلا في التنظيم. يرى كروزييه وفريدبيرغ في هذا الصدد أن العامل لا يستجيب سلبيا لمحيطه بل يتصرف كعنصر فعال في التنظيم فيحاول الاستفادة من عمله ومركزه ومنه فإن السلطة الحقيقية للفرد داخل التنظيم تتمثل في  قدرته على استغلال مناطق الارتياب أو الشك في محيطه. توجد في كل تنظيم ثغرات أو معارف أو قدرات  مفقودة أو لم يحددها التنظيم بدقة فمثلا  لا توجد آجال زمنية لإصلاح العطب في الآلات أو أن التنظيم لا يحدد حجم الرقابة التي يمارسها المشرف على العمال، ومن هنا فإن العامل الفاعل أو الفاعل الاستراتيجي هو من يستفيد من هذه النقائص والثغرات ويتحكم فيها لممارسة نفوذه على ا آخرين وتحقيق أهدافه- فهو  يكتسب هامش حرية أكبر أي استقلالية أكثر تزيد من قدرته على إخفاء نواياه. يقيم العمال من أجل ذلك علاقات مبنية على التعامل اليومي تكون نسقا معدلا لأنماط الاتصال الرسمي التي يفرضها التنظيم الرسمي وهو نسق مبني على التفاعل الاجتماعي اليومي.

          قد لا تتطابق السلطة التي يكتسبها العمال من خلال التفاعل الاجتماعي اليومي مع السلطة التنظيمية وقد يكون مصدرها التمتع بكفاءة معينة وهو ما عرفه كرووزييه  وفريدبيرغ (1977) بسلطة الخبير أو التحكم في المعلومات أو القدرة على الاتصال. ومن هذا المنطلق ميز فريدبيرغ  وكروزييه أربعة مصادر للسلطة هي:

-  سلطة الخبير.

-  السلطة المرتبطة بالتحكم في المعلومات.

-  السلطة الرسمية التي يخولها التنظيم لصاحب المركز.

-  السلطة المرتبطة بالقدرة على التحكم واستعمال مناطق الظل التي تعطي صاحبها النفوذ والاستقلالية.

Modifié le: jeudi 28 novembre 2024, 23:39