تُستخدم تقويمات الأداء بشكل أساسي لتحقيق أربعة أنواع من أهداف التعلم؛ الفهم العميق، والتفكير المنطقي، والمهارات، والنتاجات، ويتضمن الفهم العميق والتفكير المنطقي تفكيراً معمقاً ومعقداً حول ما هو معروف وتطبيق المعارف والمهارات بطرق جديدة وأكثر تعقيداً، وتشمل المهارات كفاءة الطالب على التفكير والتواصل والمهمات الحس حركية، والنتاجات عبارة عن أعمال منجزة، مثل أوراق القسم، والمشاريع، والواجبات الأخرى التي يستخدم فيها الطلاب معارفهم ومهاراتهم.
يبرهن الطالب في تقييم الأداء على معارفه ومهاراته من خلال الانخراط في عملية أو بناء منتوج، وبشكل واسع تقويم الأداء هو نظام يتكون من غرض التقويم، والمهمات (أو المحفزات) التي تثير الأداء، وطلب استجابة (تعليمة) يركز على أداء الطالب، وقواعد تقدير الأداء (Johnson, Penny & Gordon, 2009). وبناء على المكونات الأربع؛ الغرض، والمهمة، والتعليمة، وقواعد التقدير يتضح بأن تقويم الأداء ينقسم إلى قسمين أساسيين، وهما: مهمة الأداء، وقواعد التصحيح Scoring Rubrics.
1. تعريف قواعد التصحيح:
بعد إعداد مهمات الأداء يجب تحديد قواعد التقدير أو التصحيح Scoring Rubrics أو محكات الحكم على جودة الأداء، حيث يعتمد تقويم الأداء على تقدير درجات مستويات متعددة من أداء الطلاب أو استجاباتهم، وذلك لأنه لا توجد إجابة محددة صحيحة أو خاطئة في مهمات الأداء، فعلى العكس من تصحيح اختبارات الاختيار من المتعدد أو أي اختبارات مقننة تعتمد على إجابات واحدة، حينها يكون الاتفاق بين المقدرين أو داخل المقدّرين مرتفعاً، في حين أثناء تصحيح مهمات تقويم الأداء من المحتمل أن يوجد تباين أكبر بسبب تعقّد عملية تصميم التصحيح وذاتية الأحكام الصادرة عن المصححين (علام، 2004؛ Gipps, 1994).
تُعدّ مرحلة تطوير قواعد التصحيح من الخطوات الأساسية المهمة لضمان اتساق تطبيق محكات التصحيح (مثلا: قائمة المراجعة، قواعد التصحيح) التي تكون واضحة وشاملة ومفصلة بمستويات الأداء، ويساعد استخدام قواعد التصحيح المفصلة جيّدا ومراقبة عمليات التصحيح يمكن أن تؤدي إلى مستويات مقبولة من ثبات عملية التصحيح بالنسبة لكل أنواع الاستدلالات(Johnson, Penny & Gordon, 2009) .
وقواعد التقويم الطريقة الأكثر استخداماً وشيوعاً والأكثر فعالية في تصحيح تقويمات الأداء(Linn, 2013 ; Bronkhart, 2013) فقاعدة التصحيح هي دليل تصحيح يتضمن مقياساً يمتد عبر مستويات مختلفة من الكفاءة، ويتم استخدام هذا المقياس مع المحكات لإعداد جدول ثنائي الأبعاد تكون المحكات في جانب والمقياس في جانب آخر، وتوجد في الجدول أوصاف لكيفية تمييز المعلمين بين نقاط المقياس المختلفة لكل محك، أي أن قاعدة التصحيح تستخدم أوصافا لمستويات الجودة المختلفة لكل محك من المحكات المختلفة، وتنظم قاعدة التصحيح، وتُعطي تفاصيل أكثر عن المحكات، ويتم صياغتها بطرق تسمح للطلاب بالتوصل إلى كيفية تقويم معلمهم لجوهر ما يتم تقويمه، والمحكات هي عبارة عن فئات محددة من السلوكات أو الأبعاد المستخدمة لتقويم الطلاب (McMillan, 2018).
تعرّف(Brookhart, 2013) قواعد التقدير بأنّها مجموعة مترابطة من المحكات لعمل الطالب تتضمن أوصافاً لمستويات جودة تلك المحكات، ويتضح من التعريف أن قواعد التقدير لها جانبان رئيسيان وهما: مجموعة من المحكات مترابطة، وأوصاف لمستويات أداء هذه المحكات، وقواعد التقدير الفعالة لها محكات مناسبة وأوصاف مكتوبة جيداً للأداء.
ويشير Brualdi (2002) إلى أن قاعدة التقدير هي نظام تصحيح يمكن للمعلمين بواسطته تحديد مستوى كفاءة أو أداء الطالب وقدرته على إنجاز المهمة أو إبراز مفهوم معين، وتحديد مختلف مستويات الكفاءة في كل محك.
ويعرف السعودي (2016) قواعد التصحيح بأنها مقياس ذو مستويات أداء متدرجة يحدد للمعلم والطالب بشكل واضح كيف تبدو مستويات الأداء المقبول وغير المقبول، ويتضمن صيغاً كيفية وكمية تصف بشكل دقيق محتوى المهارات وعمليات ممارستها، وعادات العمل، ونتائج التعلم.
يقصد بقواعد تقويم الأداء الجوانب المعينة التي يجب أن يؤديها الطالب من أجل تنفيذ مهمة أو نشاط أو نتاج معين تنفيذاً مناسباً، أو تشير إلى نظام تقدير يمكن باستخدامه تحديد مستوى كفاءة الطالب في أدائه لمهمة معينة، أو توظيفه للمعارف أو المفاهيم، ويحدد هذا النظام المستويات المختلفة للكفاءة لكل محك من المحكات المحددة تحديداً إجرائياً واضحاً ودقيقاً (عـلام، 2004).
ويعرفها Roegiers (2004) بأنَها جدول ثنائي المدخل يأخذ في نفس الوقت محك بمحك مؤشرات كل سؤال أو جزء من المهمة وعدد الدرجات المخصصة، وتوجد لكل مهمة تقويم قاعدة تقدير خاصة بها.
فعندما يريد المعلم تقويم أداء الطالب فانّه يركز على انجازات عامة، مثل: كتابة تقرير عن تجربة، حل مشكلة حسابية، كتابة تقرير عن تجربة، وهذه الأداءات يصعب تقويمها دون تحليلها إلى عناصر أو مكونات نوعية يمكن ملاحظتها وتقديرها، وهذه العناصر أو المكونات هي بمثابة محكات الأداء Performance Criteria يقوم المعلم بصياغتها في عبارات تفصيلية وصفية توضح طبيعة الأداء المتوقع.
2.أنواع قواعد التصحيح:
يتم تصميم قواعد تصحيح النتائج لتغطية الخصائص الأساسية للمنتج أو الأداء، ويعمل على تفعيل أو توضيح مستويات الأداء المختلفة الممكنة لمحكات المحتوى، ومن ثم فان تطوير قائمة مراجعة سليمة أو قواعد تصحيح يبدأ بمواءمتها مع المحكات الموضوعة لمجال أو مهارات أو قدرات معينة. فاذا تم فصل أوصاف الأداء إلى أجزاء أو جوانب (المحكات التقويمية، الأبعاد، المجالات، الخصائص أو السمات) فان نظام التصحيح يُشار إليه بقاعدة تصحيح تحليليةAnalytic Rubric ، وإذا تم تعيين تقدير أو تصنيف واحد فان دليل التقويم يكون قاعدة تصحيح شاملةHolistic Rubric .
وبالتالي تستخدم طريقتان في تقدير كفاءة الطالب ونتاجاته، وهما الطريقة الكلية والطريقة التحليلية (قوائم مراجعة، موازين تقدير "رقمية"، "بيانية"، "وصفية"). تقوّم الطريقة الكلية جميع جوانب محكات الأداء أو الاستجابة دون فصل بينها، وإعطاء درجة كلية واحدة لهذه الجوانب مجتمعة على اعتبار أن مكونات مهمة معينة مترابطة (عـلام، 2004). وتزود فقط بمقياس واحد للتقدير الشامل، تنقصه نوع من الدقة لكن ذات فعالية إضافية، وتستخدم على نحو مشترك أكثر في التقويمات واسعة النطاق (Perlman, 2002) في حين تعتمد الطريقة التحليلية على تجزئة الوصف العام للعملية أو النتاج الكلي إلى عناصر منفصلة ويُعطي تقديرا لكل عنصر منها. ويتم ذلك بإجراء تحليل سلوكي للعملية أو النتاج المراد تقييمه، وذلك بهدف تحديد مكونات المهمة وصياغتها صياغة وصفية واضحة في مستويات متدرجة وفقا لميزان تقدير قيمي لكل من هذه المكونات (عـلام، 2004). كما يأخذ ميزان التقدير التحليلي بالاعتبار النتاج أو الأداء الذي يجب تقديره في خصائص متعددة، ويقدَم تفاصيل عن نوع من المعلومات التي تساعد على التواصل مع الطلاب وتصميم وتحسين التدريس (Perlman, 2002).
3. فوائد قواعد التقدير:
قواعد التصحيح ومحكات الأداء تصف ما نبحث عنه في النتاجات أو الأداءات للحكم على جودتها، ولقواعد التصحيح بالأساس استخدامين أساسيين في القسم؛ جمع معلومات عن الطلاب بهدف تخطيط التدريس، وتتبع تقدم الطلاب نحو أهداف التعلم المهمة، والابلاغ عن التقدم للآخرين؛ ومساعدة الطلاب ليكونوا أكفاء بشكل أكبر في الأداءات والنتاجات التي يتم تقويمها أيضا، وبمعنى آخر تزوّد قواعد التصحيح بمحكات يمكن استخدامها لتحسين جودة أداء الطالب، وليس فقط تقويمه(Arter, 2002) .
يهتم العديد من المدرسين في تعلم كيفية استخدام قواعد التصحيح أداء الطالب في القسم، وقواعد التصحيح يمكن أن تساعد المدرسين والطلاب في التركيز على العناصر الأكثر أهمية في مهمة التعلم وتشجيع المهارات الميتامعرفية للتقويم الذاتي، ويمكن أن تكون مفيدة في خفض الذاتية لبعض طرق منح العلامات. ولإجراء التقويم الصفي جيدا فان المدرسين بحاجة إلى الفهم العميق عن كيفية تنظيم المعارف في مواضيعهم الدراسية، وتقديم صورة واضحة حول ما يحتاج الطلاب معرفته وقادرين على القيام به للاستدلال على تعلمهم وإدراك كيف يتقدم الطلاب بشكل نموذجي في التعلم أثناء انتقالهم من عديمي الخبرة أو مبتدئين إلى ذوي خبرة أو الإتقان(Boston, 2002) .
يسمح استخدام موازين التقدير في تقويم الأداء بتحقيق فوائد عديدة، منها ما يرتبط بتحسين اتساق التقديرات بين أو داخل المقدَرين، ومنها ما يرتبط بتحسين عملية التعلَم والتدريس، مثل زيادة الاتساق في التصحيح، وإمكانية إصدار أحكام صادقة عن كفاءات الطلاب (Smit & Birri, 2014)، ويساهم في تحقيق الدقة، وعدم التحيَز، والاتساق في التصحيح، وتوثيق العمليات المستخدمة في إصدار أحكام هامة حول أداء الطلاب (Perlman, 2002). وتُعتمد كذلك في تحسين ثبات أحكام المقدرين وتعزيز الإنصاف في التصحيح (Shumate, Surles, Johnson & Penny, 2007). وتهدف موازين التقدير أيضا إلى ضمان تقدير ثابت لأداء الطالب بين المقدرين، وبين مهام التقييم، وبين مواضع التقييم، وغيرها من الشروط الأخرى(Johnson, Penny & Gordon, 2009 ; Shavelson, Baxter & Pine, 1992 ; Gipps, 1994). ومن الممكن كذلك أن تقدَم موازين التقدير معايير تستخدم ليس فقط في تقييم أداء الطالب، وإنما أيضا لتعزيز جودة أدائه (Arter, 2002).
وتستخدم موازين التقدير في القسم حسب Arter (2002) من أجل جمع بيانات حول الطلاب بهدف تصميم التدريس لمتابعة تقدم الطالب نحو أهم أهداف التعلم، ونقل التقدم نحو الآخرين، وكذلك مساعدة الطلاب أن يصبحوا أكثر كفاءة في الأداء والنتاجات التي سوف يتم تقييمها. وبتعبير آخر تقدَم موازين التقدير معايير يمكن بواسطتها أن تستخدم لتعزيز جودة أداء الطالب، وليس فقط من أجل تقييمه، فهي أيضا وسائل تساعد الطلاب على اكتساب كفاءات معقَدة (Smit & Birri, 2014). وقد توصلت مراجعة Jonsson & Svingby, 2007) لأدبيات البحث عن فوائد استخدام موازين التقدير في العديد من البحوث التجريبية، ففي مجموع (75) دراسة توصلت إلى أنه يمكن تعزيز ثبات تقييمات الأداء باستخدام موازين التقدير خاصة إذا كانت تحليلية، ومتضمنة تفاصيل الموضوع، وأنجزت أمثلة وبتدريب المقدرين، وتسهَل عملية إصدار أحكام صادقة لتقييمات الأداء، وتأييد الصدق على ميزان التقدير، وإمكانية في تعزيز التعلم وتحسين التدريس، ويُحدث توقعات ومعايير واضحة تسهَل أيضا التغذية الراجعة والتقييم الذاتي.
تساعد قواعد التقدير الطلاب على توضيح الخصائص التي يجب أن يكون عليها عملهم بفهم أهدافهم التعلّمية ومحكات النجاح وتساعدهم على التعلم، كما تساعد المدرسين على التعليم وفي ربط التدريس بالتقويم.
- تساعد المدرسين في التدريس: وتكمن فائدتها في تحسين التدريس من خلال التركيز على المحكات التي بواسطتها يتم تقويم التعلم أي على ما ينوي الطلاب تعلّمه بدلاً مما ينوي المعلم تدريسه، فهي تساعده على تفادي الخلط بين المهمة أو النشاط بالهدف التعلّمي، وبالتالي التركيز على المحكات وليس المهمات.
- تساعد على ربط التدريس بالتقويم: عندما تُستخدم قواعد التقدير باعتبارها وصفا للمحكات ومستويات الجودة التي تُظهر التعلم بشكل متكرر لمدى من الزمن وللعديد من المهمات أثناء التدريس فإنها تجعلهم يشرعون في العمل، ويتلقون تغذية راجعة، ويمارسون، ويراجعون، ويستمرون في المراجعة.
- تساعد الطلاب على التعلّم: تساعد المحكات ومستويات الأداء الطلاب على أن يفهموا ما الأداء المرغوب، وكيف يبدو أداؤهم؟ وتوضح قواعد التقدير للطلاب مدى ايفاء أدائهم بالغرض في كل محك، وتبيّن لهم الخطوات القادمة التي تعزّز من جودة أدائهم(Brookhart, 2013) .