أولا:النظرية الشخصية
يعتبر الالتزام رابطة شخصية و المقصود بهذه الرابطة أن الالتزام لا يمكن أن يقوم إلا إذا كان هناك مدين و لا يكتمل إلا إذا كان هناك دائن، وبهذه الخاصية الأساسية يختلف الحق الشخصي عن الحق العيني. وقد عرفه الفقيه سافيني " سلطة للدائن على المدين"، وينتج عن هذا المذهب جملة من النتائج نذكر منها: _ يلزم وجود كل من الدائن و المدين وقت نشوء الالتزام. _ عدم تصور تغيير أحد طرفي هذه الرابطة دون أن تتغير الرابطة نفسها وبالتالي لا يمكن انتقال الالتزام سواء عن طريق حوالة الدين من جانب المدين أو عن طريق حوالة الحق من جانب الدائن، كما لا يمكن الاعتداد بالإرادة المنفردة كمصدر من مصادر الالتزام و لا بالاشتراط لمصلحة الغير.
ثانيا:النظرية الموضوعية
ينظر هذا المذهب للالتزام كرابطة مادية بين ذميتين ماليتين ، ولا يولي شخصية الدائن او المدين أي اعتبار في هذه الرابطة. وكنظيره الشخصي أسفر المذهب المادي على جملة من النتائج تعد عكس نتائج المذهب الشخصي منها: _ إمكان نشوء الالتزام حتى ولو لم يوجد الدائن منذ البداية متى كان من الممكن وجوده في المستقبل خاصة عند تنفيذ الالتزام. _ إمكان تغيير أطراف الالتزام وانتقاله عن طريق حوالة الدين وحوالة الحق . _ كما تعتبر الإرادة المنفرة وفقا لهذا المذهب مصدر من مصادر الالتزام.
ثالثا:موقف المشرع الجزائري
لقد اعتنق القانون المدني الجزائري النظرية الشخصية كالقوانين العربية و اللاتينية وجعلها في الأصل لكنه، لم يهمل الأخذ بالنظرية المادية" الموضوعية" بل أعطاها نصيب من أحكامه، وهذا بالاعتماد على بعض الحلول المستمدة من هذه النظرية وذلك نظرا لأهميتها مثل الاعتداد بالإرادة المنفردة كمصدر من مصادر الالتزام، وحوالة الحق، و حوالة الدين و الاشتراط لمصلحة الغير. وبذلك يكون المشرع الجزائري قد اخذ بالاتجاه الموفق بين النظريتين الشخصية و الموضوعية و قد ذهب رواد هذا الاتجاه إلى تعريفه على أنه" رابطة قانونية بمقتضاها يلتزم شخص معين اسمه المدين بالقيام بأداء مالي ابتغاء تحقيق مصلحة مالية أو غير مالية لشخص أخر معين أو قابل للتعين اسمه الدائن يكون له عند عدم تنفيذ المدين لإلتزامه السلطة إجباره على ذلك التنفيذ".
وتتميل صوره في الالتزام باعطاء شيء او بالقيام بعمل أو المتناع عن القام بعمل
يستخلص مما سبق أن الالتزام يقوم على عنصرين أساسين هما المديونية و المسؤولية و هو الذي يعرف بالالتزام المدني، على عكس الالتزام الطبيعي الذي يفتقر إلى عنصر المسؤولية.